المنشورات

إن تلتمسني في تميم تلاقني

البحر: طويل
قال يفخر:
(لَعَمرُكَ ما تَجزي مُفَدّاةُ شُقَّتي ** وَإِخطارُ نَفسي الكاشِحينَ وَمالِيا)
(وَسَيري إِذا ما الطِرمِساءُ تَطَخطَخَت ** عَلى الرَكبِ حَتّى يَحسَبوا القُفَّ وادِيا)
(وَقيلي لِأَصحابي أَلَمّا تَبَيَّنوا ** هَوى النَفسِ قَد يَبدو لَكُم مِن أَمامِيا)
(وَمُنتَجِعٍ دارَ العَدُوِّ كَأَنَّهُ ** نَشاصُ الثُرَيّا يَستَظِلُّ العَوالِيا)
(كَثيرِ وَغى الأَصواتِ تَسمَعُ وَسطَهُ ** وَئيداً إِذا جَنَّ الظَلامُ وَحادِيا)
(وَإِن حانَ مِنهُ مَنزِلُ اللَيلِ خِلتَهُ ** حِراجاً تَرى ما بَينَهُ مَتَدانِيا)
(وَإِن شَذَّ مِنهُ الأَلفُ لَم يُفتَقَد لَهُ ** وَلَو سارَ في دارِ العَدُوِّ لَيالِيا)
(نَزَلنا لَهُ إِنّا إِذا مِثلُهُ اِنتَهى ** إِلَينا قَرَيناهُ الوَشيجَ المَواضِيا)
(فَلَمّا اِلتَقَينا فاءَلَتهُم نُحوسُهُم ** ضِراباً تَرى ما بَينَهُ مُتَنائِيا)
(وَأُخبِرتُ أَعمامي بَني الفِزرِ أَصبَحوا ** يُوَدّونَ لَو رَزجو إِلَيَّ الأَفاعِيا)
(فَإِن تَلتَمِسني في تَميمٍ تُلاقِني ** بِرابِيَةٍ غَلباءَ تَعلو الرَوابِيا)
(تَجِدني وَعَمرٌ دونَ بَيتي وَمالِكٌ ** يُدِرّونَ لِلنَوكى العُروقَ العَواصِيا)
(بِكُلِّ رُدَينِيٍّ حَديدٍ شَباتُهُ ** فَأولاكَ دَوَّخنا بِهِنَّ الأَعادِيا)
(وَمُستَنبِحٍ وَاللَيلُ بَيني وَبَينَهُ ** يُراعي بِعَينَيهِ النُجومَ التَوالِيا)
(سَرى إِذ تَغَشّى اللَيلُ تَحمِلُ صَوتَهُ ** إِلَيَّ الصَبا قَد ظَلَّ بِالأَمسِ طاوِيا)
(دَعا دَعوَةً كَاليَأسِ لَمّا تَحَلَّقَت ** بِهِ البيدُ وَاِعرَورى المِتانَ القَياقِيا)
(فَقُلتُ لِأَهلي صَوتُ صاحِبُ نَفرَةٍ ** دَعا أَو صَدىً نادى الفِراخَ الزَواقِيا)
(تَأَنَّيتُ وَاِستَسمَعتُ حَتّى فَهِمتُها ** وَقَد قَفَّعَت نَكباءَ مَن كانَ سارِيا)
(فَقُمتُ وَحاذَرتُ السُرى أَن تَفوتَني ** بِذي شُقَّةٍ تَعلو الكُسورَ الخَوافِيا)
(فَلَمّا رَأَيتُ الريحَ تَخلِجُ نَبحَهُ ** وَقَد هَوَّرَ اللَيلُ السِماكَ اليَمانِيا)
(حَلَفتُ لَهُم إِن لَم تُجِبهُ كِلابُنا ** لَأَستَوقِدَن ناراً تُجيبُ المُنادِيا)
(عَظيماً سَناها لِلعُفاةِ رَفيعَةً ** تُسامي أُنوفَ الموقِدينَ فَنائِيا)
(وَقُلتُ لِعَبدَيَّ اِسعِراها فَإِنَّهُ ** كَفى بِسَناها لِاِبنِ إِنسِكَ داعِيا)
(فَما خَمَدَت حَتّى أَضاءَ وَقودُها ** أَخا قَفرَةٍ يُزجي المَطِيَّةَ حافِيا)
(فَقُمتُ إِلى البَركِ الهُجودِ وَلَم يَكُن ** سِلاحي يُوَقّي المُربِعاتِ المَتالِيا)
(فَخُضتُ إِلى الأَثناءِ مِنها وَقَد تَرى ** ذَواتِ البَقايا المُعسِناتِ مَكانِيا)
(وَما ذاكَ إِلّا أَنَّني اِختَرتِ لِلقِرى ** ثَناءَ المَخاضِ وَالجِذاعَ الأَوابِيا)
(فَمَكَّنتُ سَيفي مِن ذَواتِ رِماحِها ** غِشاشاً وَلَم أَحفَل بُكاءَ رِعائِيا)
(وَقُمنا إِلى دَهماءَ ضامِنَةِ القِرى ** غَضوبٍ إِذا ما اِستَحمَلوها الأَثافِيا)
(جَهولٍ كَجَوفِ الفيلِ لَم يُرَ مِثلُها ** تَرى الزَورَ فيها كَالغُثاءَةِ طافِيا)
(أَنَخنا إِلَيها مِن حَضيضِ عُنَيزَةٍ ** ثَلاثاً كَذَودِ الهاجِرِيِّ رَواسِيا)
(فَلَمّا حَطَطناها عَلَيهِنَّ أَرزَمَت ** هُدوءً وَأَلقَت فَوقَهُنَّ البَوانِيا)
(رَكودٍ كَأَنَّ الغَليَ فيها مُغيرَةً ** رَأَت نَعَماً قَد جَنَّهُ اللَيلُ دانِيا)
(إِذا اِستَحمَشوها بِالوَقودِ تَغَيَّظَت ** عَلى اللَحمِ حَتّى تَترُكَ العَظمَ بادِيا)
(كَأَنَّ نَهيمَ الغَليِ في حُجُراتِها ** تَماري خُصومٍ عاقِدينَ النَواصِيا)
(لَها هَزَمٌ وَسطَ البُيوتِ كَأَنَّهُ ** صَريحِيَّةٌ لا تَحرِمُ اللَحمَ جادِيا)
(ذَليلَةِ أَطرافِ العِظامِ رَقيقَةٍ ** تَلَقَّمُ أَوصالَ الجَزورِ كَما هِيا)
(فَما قَعَدَ العَبدانِ حَتّى قَرَيتُهُ ** حَليباً وَشَحماً مِن ذُرى الشَولِ وارِيا)












مصادر و المراجع :

١- ديوان الفرزدق

المؤلف: أبي فراس همّام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ولقب بالفرزدق لجهامة وجهه وضخامته.

(38 هـ - 658 م) (110 هـ - 728 م)

شرحه وضبطه وقدّم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

بيروت - لبنان

الطبعة: الأولى (1407 هـ - 1987 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید