المنشورات

لِدُوا للموتِ وابنُوا لِلخُرابِ

لِدُوا للموتِ وابنُوا لِلخُرابِ
فكُلّكُمُ يَصِيرُ إلى تَبابِ
لمنْ نبنِي ونحنُ إلى ترابِ
نصِيرُ كمَا خُلِقْنَا منْ ترابِ
ألا يا مَوْتُ! لم أرَ منكَ بُدّاً،
أتيتَ وما تحِيفُ وما تُحَابِي
كأنّكَ قد هَجَمتَ على مَشيبي،
كَما هَجَمَ المَشيبُ على شَبابي
أيا دُنيايَ! ما ليَ لا أراني
أسُومُكِ منزِلاً ألا نبَا بِي
ألا وأراكَ تَبذُلُ، يا زَماني،
لِيَ الدُّنيا وتسرِعُ باستلابِي
وإنَّكِ يا زمانُ لذُو صروفُ
وإنَّكَ يا زمانُ لذُو انقلابِ
فما لي لستُ أحلِبُ منكَ شَطراً،
فأحْمَدَ منكَ عاقِبَة َ الحِلابِ
وما ليَ لا أُلِحّ عَلَيكَ، إلاّ
بَعَثْتَ الهَمّ لي مِنْ كلّ بابِ
أراكِ وإنْ طلِبْتِ بكلِّ وجْهٍ
كحُلمِ النّوْمِ، أوْ ظِلِّ السّحابِ
أو الأمسِ الذي ولَّى ذهَاباً
وليسَ يَعودُ، أوْ لمعِ السّرابِ
وهذا الخلقُ منكِ على وفاءِ
وارجلُهُمْ جميعاً في الرِّكابِ
وموعِدُ كلِّ ذِي عملٍ وسعيٍ
بمَا أسدَى ، غداً دار الثّوَابِ
نقلَّدت العِظامُ منَ البرايَا
كأنّي قد أمِنْتُ مِنَ العِقاب
ومَهما دُمتُ في الدّنْيا حَريصاً،
فإني لا أفِيقُ إلى الصوابِ
سأسألُ عنْ أمورٍ كُنْتُ فِيهَا
فَما عذرِي هُنَاكَ وَمَا جوَابِي
بأيّة ِ حُجّة ٍ أحْتَجّ يَوْمَ الـ
ـحِسابِ، إذا دُعيتُ إلى الحسابِ
هُما أمْرانِ يُوضِحُ عَنْهُما لي
كتابي، حِينَ أنْظُرُ في كتابي
فَإمَّا أنْ أخَلَّدَ في نعِيْم
وإمَّا أنْ أحَلَّدَ في عذابِي








مصادر و المراجع :

١- ديوان أبي العتاهية

المؤلف: إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، العنزي (من قبيلة عنزة) بالولاء، أبو إسحاق الشهير بأبي العتاهية (المتوفى: 211 هـ)

(130 - 211 هـ = 748 - 826 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید