المنشورات

كيفَ احتيالُكَ والقضاءُ مدبِّرٌ

كيفَ احتيالُكَ والقضاءُ مدبِّرٌ،
تجني الأذى، وتقولُ إنّك مُجبَرُ

أرواحُنا معنا، وليس لنا بها
علمٌ، فكيفَ إذا حوَتها الأقبرُ؟

ومتى سرى، عن أربعين، حليفُها،
فالشخصُ يصغرُ، والحوادث تكبَر

نفسٌ تُحِسُّ بأمرِ أُخرى، هذه
جسرٌ إليها، بالمخاوف يُعبَر

من للدّفينِ بأن يُفَرَّجَ لحدهُ
عنه، فَينهَضَ، وهو أشعثُ أغبر؟

والدّهرُ يقدُمُ، والمعاشرُ تنقضي،
والعجزُ تصديقٌ بمَينٍ يُخبر

زعمَ الفلاسفَةُ، الذين تنطّسوا،
أنّ المَنيّةَ كَسرُها لا يُجبَر

قالوا وآدمُ مثلُ أوبَرَ، والورى
كبناتِه، جهِلَ امرؤٌ ما أوبر

كلُّ الذي تحكونَ عن مولاكمُ
كذبٌ، أتاكمْ عن يَهودَ يحبَّر

رامت به الأحبارُ نيلَ مَعيشةٍ
في الدّهرِ، والعملُ القَبيحُ يُتَبِّر

عُكِسَ الأنامُ بحِكمةٍ من ربّه،
فتحكّمَ الهَجَرِيُّ فيه وسَنْبَر

كذبٌ يقالُ على المَنابِر دائماً،
أفلا يَميدُ، لما يُقالُ، المنبر؟

وأجلُّ طيبِهِمُ دمٌ من ظبيةٍ،
وقذًى من الحيتانِ، وهو العَنبر

ولعلّ دنيانا كرقدَةِ حالمٍ،
بالعكسِ ممّا نحنُ فيهِ تُعَبَّر

فالعينُ تبكي، في المنامِ، فتجتني
فَرَحاً، وتضحكُ في الرّقاد فتَعبَر

والنّفسُ ليسَ لها، على ما نالَها
صبرٌ، ولكنْ بالكراهةِ تصبر

يغدو المدجَّجُ بازياً أوْ أجْدَلاً،
فيرُوحُ محتكِماً عليه القُبّر











مصادر و المراجع :

١- ديوان أبي العلاء المعري

المؤلف: أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري (363 - 449 هـ)

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید