المنشورات

تعدية الفعل ولزومه الكلام على المفعول به، وأحكامه المختلفة

الفعل التام1 ثلاثة أنواع: أ- نوع يسمى: "المتعدي2"؛ وهو: "الذي ينصب بنفسه مفعولًا به3 أو اثنين، أو ثلاثة؛ من غير أن يحتاج إلى مساعدة حرف جر، أو غيره مما يؤدي إلى تعدية الفعل اللازم4" مثل، سمع - ظن - أعلم، في نحو: لما سمعت الخبر ظننت الراوي مخطئا، لكن الصحف أعلمتنا الخبر صحيحا ب- نوع يسمى "اللازم"1 أو: "القاصر"، وهو: "الذي لا ينصب بنفسه مفعولًا به أو أكثر؛ وإنما ينصبه بمعونة حرف جر، أو غيرها مما يؤدي إلى التعدية" مثل: أسرف - انتهى - قعد - في نحو: إذا أسرف الأحمق في ماله انتهى أمره إلى الفقر، وقعد في بيته ملومًا محسورًا2، فكل كلمة من: مال، فقر، بيت … هي في المعنى - لا في الاصطلاح - مفعول به للفعل قبلها، ولكن الفعل لم يوقع معناه وأثره عليها مباشرة من غير وسيط؛ وغنما أوصله ونقله بمساعدة حرف جر؛ كان هو الوسيط في ذلك؛ فهي في الظاهر مجرورة به، وهي في المعنى في حكم المفعول به لذلك الفعل3. جـ- نوع مسموع، يستعمل متعديًا ولازمًا، مثل: شكر، ونصح4 وقد أراد النحاة تيسير التمييز بين الفعل المتعدي بنفسه والفعل اللازم، وسهولة تعيين كليهما؛ فوضعوا لذلك ضابطين يصلح كل منهما لأداء هذه المهمة - في رأيهم1. أولهما: أن يتصل بالفعل ضمير؛ كالهاء2، أو: ها - يعود على اسم سابق غير ظرف وغير مصدر. وطريقة ذلك: أن يوضع الفعل في جملة تامة، وقبله اسم جامد، أو مشتق؛ بشرط أن يكون هذا الاسم غير مصدر وغير ظرف، وبعد الفعل ضمير يعود على ذلك الاسم المتقدم، وإن صح التركيب واستقام المعنى فالفعل متعد بنفسه، وإلا فهو لازم، فإذا أردنا أن نبين حقيقة الفعل: "أخذ" من ناحية التعدي واللزوم وضعنا قبله اسمًا غير مصدر وغير ظرف، وجعلنا بعد الفعل ضميرًا يعود على ذلك الاسم؛ فنقول: الصحف أخذتها، فنرى المعنى سليمًا، والتركيب صحيحًا "لموافقته الأصول والضوابط اللغوية"؛ فنحكم بأن هذا الفعل متعد؛ ينصب المفعول به بنفسه، إلا إن صار المفعول به نائب فاعل فيرفع3. ومثل هذا يتبع في الفعل "قعد" حيث نقول: الغرفة قعدتها؛ فندرك سريعًا فساد الأسلوب والمعنى، ولا سبب لهذا الفساد اللغوي إلا تعدية الفعل، "قعد" تعدية مباشرة، لهذا نحكم بأنه لازم. ومثل الفعلين "أخذ" و"قعد" غيرهما من الأفعال؛ حيث يمكن التوصل إلى معرفة المتعدي واللازم باستخدام الضابط السالف. وإنما اشترطوا في الاسم السابق أن يكون غير مصدر وغير ظرف؛ لأن الضمير يعود عليهما من الفعل المتعدي واللازم على السواء؛ فلا يصلح الضمير العائد على المصدر أو الظرف أن يكون أداة للتمييز، بين المتعدي واللازم؛ ففي مثل: طلبت منك أن تمشي في الصباح المبكر طويلا، ثم تستريح ساعة، تذهب بعدها إلى مزاولة عملك فماذا فعلت؟ قد يكون الجواب: "المشي مشيته، والساعة استرحتها1، والذهاب ذهبته، والعمل زاولته"، ففي الإجابة ضمائر عاد بعضها على المصدر أو على الظروف، مع أن أفعالها لازمة، كما في الثلاثة الأولى، وعاد بعضها على المصدر أيضًا مع أن الفعل: "زوال" متعد بنفسه. ثانيهما: صياغة اسم مفعول تام2 من الفعل الذي معرفة تعديته أو لزومه؛ فإن أدى اسم المفعول معناه بغير حاجة إلى جار ومجرور كان فعله متعديًا بنفسه، وإلا كان لازمًا، في مثل: فتح - أكل - أعلن … نقول: الباب مفتوح - الفاكهة مأكولة - الخبر معلن … فنرى اسم المفعول مستغنيًا عن الجار والمجرور في أداء لمراد منه، بخلافه عند صياغته في مثل: قعد - يئس - هتف … حيث نقول: الحجرة مقعود فيها - القضاء على أسباب الحرب ميئوس منه - العظيم مهتوف باسمه … فاسم المفعول هنا لم يستغن في أداء معناه عن الجار مع مجروره … 














مصادر و المراجع:

1-المفتاح في الصرف المؤلف: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار (ت ٤٧١هـ)

2- أبنية الأسماء والأفعال والمصادر المؤلف: ابن القَطَّاع الصقلي (المتوفى ٥١٥ هـ)

3-المقدمة الجزولية في النحو المؤلف: عيسى بن عبد العزيز بن يَلَلْبَخْت الجزولي البربري المراكشي، أبو موسى (ت ٦٠٧هـ)

4- الخلاصة في النحو، ألفية ابن مالك المؤلف: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الأندلسي (ت ٦٧٢ هـ)

5-ارتشاف الضرب من لسان العرب المؤلف: أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (ت ٧٤٥ هـ)

6- النحو الوافي المؤلف: عباس حسن (ت ١٣٩٨هـ)

7-الجمل في النحو المؤلف: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (ت ١٧٠هـ)

8-الكتاب المؤلف: عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر، الملقب سيبويه (ت ١٨٠هـ) 9- المقتضب المؤلف: محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالى الأزدي، أبو العباس، المعروف بالمبرد (ت ٢٨٥هـ)

10-الأصول في النحو المؤلف: أبو بكر محمد بن السري بن سهل النحوي المعروف بابن السراج (ت ٣١٦هـ)

11-شرح كتاب سيبويه المؤلف: أبو سعيد السيرافي الحسن بن عبد الله بن المرزبان (ت ٣٦٨ هـ) 12-الإيضاح العضدي المؤلف: أبو علي الفارسيّ (٢٨٨ - ٣٧٧ هـ)

13-علل النحو المؤلف: محمد بن عبد الله بن العباس، أبو الحسن، ابن الوراق (ت ٣٨١هـ)

14-شرح أبيات سيبويه المؤلف: يوسف بن أبي سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان أبو محمد السيرافي (ت ٣٨٥هـ)

15-اللمع في العربية المؤلف: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت ٣٩٢هـ)

16-الخصائص المؤلف: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت ٣٩٢هـ)

17-المفصل في صنعة الإعراب المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت ٥٣٨هـ)

18- المرتجل (في شرح الجمل) المؤلف: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد ابن الخشاب (٤٩٢ - ٥٦٧ هـ)

19- نتائج الفكر في النَّحو للسُّهَيلي المؤلف: أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي (ت ٥٨١هـ)

20-البديع في علم العربية المؤلف: مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد

21- المقدمة الجزولية في النحو المؤلف: عيسى بن عبد العزيز بن يَلَلْبَخْت الجزولي البربري المراكشي، أبو موسى (ت ٦٠٧هـ)

22- شرح المفصل للزمخشري المؤلف: يعيش بن علي بن يعيش ابن أبي السرايا محمد بن علي، أبو البقاء، موفق الدين الأسدي الموصلي، المعروف بابن يعيش وبابن الصانع (ت ٦٤٣هـ)

23-الكناش في فني النحو والصرف المؤلف: أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد ابن عمر بن شاهنشاه بن أيوب، الملك المؤيد، صاحب حماة (ت ٧٣٢ هـ)

24-شرح ابن الناظم على ألفية ابن مالك المؤلف: بدر الدين محمد ابن الإمام جمال الدين محمد بن مالك (ت ٦٨٦ هـ)

25-الشافية في علم التصريف (ومعها الوافية نظم الشافية للنيساري - المتوفى في القرن ١٢)

 

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید