المنشورات

(غشيت ديارًا)

البحر: طويل
(غَشِيتُ دِياراً بالبَقيعِ فثَهْمَدِ ** دوارسَ، قد أقوينَ من أمِّ معبدِ)
(أربتْ بها الأرواحُ، كلَّ عشيةٍ ** فلم يبقَ إلاّ آلُ خيمٍ، منضدِ)
(وغَيرُ ثَلاثٍ كالحَمَامِ خَوَالِدٍ ** وهابٍ محيلٍ، هامدٍ، متلبدِ)
(فلمّا رأيتُ أنها لا تجيبني ** نهضتُ إلى وجناءَ كالفحلِ جلعدِ)
(جُمالِيّةٍ لمْ يُبْقِ سَيري ورِحْلَتي ** على ظَهرِها مِنْ نَيّها غيرَ مَحْفِدِ)
(مَتى ما تُكَلّفْها مَآبَةَ مَنْهَلٍ ** فتستعفَ، أو تنهكْ إليهِ، فتجهدِ)
(تردهُ، ولمّا يخرجِ السوطُ شأوها ** مروحٌ، جنوحُ الليلِ، ناجيةُ الغدِ)
(كهمكَ، إن تجهدْ تجدْها نجيحةً ** صبوراً، وإنْ تسترخِ عنها تزيدِ)
(وتنضحُ ذفراها، بجونٍ، كأنّهُ ** عَصِيمُ كُحَيلٍ في المراجلِ مُعقَدِ)
(وَتُلْوي برَيّانِ العَسِيبِ تُمِرّهُ ** على فَرْجِ مَحرُومِ الشّرابِ مُجدَّدِ)
(تُبادِرُ أغْوَالَ العَشِيّ وتَتّقي ** عُلالَةَ مَلويٍّ منَ القِدّ مُحصَدِ)
(كخنساءَ، سعفاءِ الملاطمِ، حرةٍ ** مسافرةٍ، مزؤودةٍ، أمِّ فرقدِ)
(غَدَتْ بِسِلاحٍ مِثْلُهُ يُتّقَى بهِ، ** وَيُؤمِنُ جأشَ الخائِفِ المُتَوَحِّدِ)
(وسامِعَتَينِ تَعرِفُ العِتْقَ فيهِمَا ** إلى جَذرِ مَدلوكِ الكُعوبِ مُحَدَّدِ)
(وناظرتينِ، تطحرانِ قذاهما ** كأنّهُما مَكْحُولَتانِ بإثْمِدِ)
(طَبَاها ضَحاءٌ أوْ خَلاءٌ فخالَفَتْ ** إلَيْهِ السّباعُ في كِناسٍ ومَرْقَدِ)
(أضَاعَتْ فلَمْ تُغْفَرْ لها خَلَواتُهَا، ** فَلاقَتْ بَياناً عندَ آخِرِ مَعهَدِ)
(دماً، عندَ شلوٍ، تحجلُ الطيرُ حولهُ ** وبضعَ لحامٍ، في إهابٍ، مقددِ)
(فجالتْ على وحشيها، وكأنها ** مسربلةٌ، في رازقيٍّ، معضدِ)
(وتَنفُضُ عَنها غَيبَ كُلّ خَميلَةٍ، ** وتخشى رماةَ الغوثِ، من كلِّ مرصدِ)
(ولم تدرِ وشكَ البينِ، حتّى رأتهمُ ** وقَدْ قَعَدُوا أنْفاقَها كُلَّ مَقعَدِ)
(وثاروا بها من جانبيها كليهما ** وجالتْ، وَإنْ يُجشِمْنها الشدّ تجهدِ)
(تبذُّ الألَى يأتينها، من ورائها ** وَإنْ يَتَقَدّمْها السّوابقُ تَصْطَدِ)
(فأنقذها، من غمرةِ الموتِ، أنها ** رأتْ أنها إنْ تنظرِ النبلَ تقصدِ)
(نجاءٌ، مجدٌّ، ليسَ فيهِ وتيرةٌ ** وتذبيبها عنها، بأسحمَ، مذودِ)
(وجدتْ، فألقتْ بينهنَّ، وبينها ** غباراً، كما فارتْ دواخنُ غرقدِ)
(بمُلْتَئِماتٍ كالخَذارِيفِ قُوبِلَتْ ** إلى جَوْشَنٍ خاظي الطّريقَةِ مُسنَدِ)
(إلى هَرِمٍ تَهْجِيرُها وَوَسِيجُها ** تروحُ من ليلِ التمامِ وتغتدي)
(إلى هَرِمٍ سارَتْ ثَلاثاً منَ اللّوَى، ** فَنِعْمَ مَسيرُ الوَاثِقِ المُتَعَمِّدِ)
(سَوَاءٌ عَلَيْهِ أيَّ حينٍ أتَيْنَهُ، ** أساعة نحسٍ تتقى أم بأسعدِ؟)
(ألَيسَ بِضرّابِ الكُماةِ بسَيفِهِ ** وفَكّاكِ أغْلالِ الأسِيرِ المُقَيَّدِ)
(كلَيْثٍ أبي شِبْلَينِ يَحمي عَرينَهُ، ** إذا هو لاقى نجدةً لم يعردِ)
(ومدرهُ حربٍ، حميها يتقى بهِ ** شَديدُ الرِّجامِ باللّسَانِ وباليَدِ)
(وثقلٌ على الأعداءِ، لا يضعونهُ ** وحمالُ أثقالٍ، ومأوى المطردِ)
(ألَيسَ بفَيّاضٍ يَداهُ غَمَامَةً، ** ثِمَالِ اليَتَامَى في السّنينَ مُحمّدِ)
(إذا ابتدرتْ قيسُ بنُ عيلانَ غايةً ** منَ المجدِ مَن يَسبِقْ إليها يُسوَّدِ)
(سَبَقْتَ إلَيها كُلّ طَلْقٍ مُبَرِّزٍ ** سَبُوقٍ إلى الغاياتِ غَيرِ مُجَلَّدِ)
(كفِعْلِ جَوادٍ يَسبُقُ الخَيلَ عَفوُهُ ** سراعَ وإن يجهدنَ يجهدْ ويبعدِ)
(تقيٌّ، نقيٌّ، لم يكثرْ غنيمةً ** بنكهةِ ذي قربَى، ولا بحقلدِ)
(سوى ربعٍ، لم يأتِ فيها مخانةً ** وَلا رَهَقاً مِن عائِذٍ مُتَهَوِّدِ)
(يطيبُ لهُ، أو افتراصٍ بسيفهِ ** على دَهَشٍ في عارِضٍ مُتَوَقِّدِ)
(فلو كانَ حمدٌ يخلدُ الناسَ لم يمتْ ** ولكنَّ حمدَ الناسِ ليسَ بمخلدِ)
(ولكنّ منه باقيات وراثة ** فأورثْ بينكَ بعضها، وتزودِ)
(تَزَوّدْ إلى يَوْمِ المَمَاتِ فإنّهُ، ** ولو كرهتهُ النفسُ، آخرُ موعدِ)














مصادر و المراجع :

١- ديوان زهير بن أبي سلمى

المؤلف: زهير بن أبي سلمى

اعتنى به وشرحه: حمدو طماس

الناشر: دار المعرفة، بيروت - لبنان

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید