المنشورات

بان الشباب

البحر: بسيط تام
(بان الشبابُ وأَمْسَى الشَّيْبُ قد أَزِفَا ** ولا أرى لشبابٍ ذاهبٍ خلَفا)
(عاد السوادُ بياضاً في مفارقهِ ** لا مرحباً هابذا اللونِ الذي ردفا)
(في كلِّ يومٍ أرى منه مبيِّنةً ** تكاد تُسْقِطُ منِّي مُنَّةً أَسَفَا)
(ليت الشَّبَابَ حَلِيفٌ لا يُزَايِلُنا ** بل ليته ارتدّ منه بعضُ ما سلفا)
(ما شَرُّها بعد ما ابيضَّتْ مَسَائحُها ** لا الود أعرفه منها ولا اللَّطفا)
(لو أنها آذنتْ بِكراً لقلتُ لها ** يا هَيْدَ مالِك أو لو آذنَتْ نَصَفَا)
(لولا بنوها وقولُ الناسِ ما عطفتْ ** على العتاب وشرُّ الودِ ما عطَفَا)
(فلن أزالَ، وإنْ جاملتُ، مضطغِناً ** في غيرِ نائرِةٍ ضبَّا لها شنَفَا)
(ولا حبٍ كحصيرِ الراملات ترى ** من المطيِّ على حافاته نَطِفا)
(والمُرْذِياتِ عليها الطّيْر تَنْقُرها ** إمّا لهِيداً وإمّا زاحِفاً نَطِفَا)
(قد ترك العاملاتُ الراسِماتُ به ** من الأحِزَّة في حافاته خُنُفَا)
(يَهْدِي الضَّلُولَ ذَلُولٍ غيرِ مُعْتَرِفٍ ** إذا تَكَاءدَه دَوِّيُّهُ عَسَفَا)
(سمحٍ دريرٍ اذا ما صُوَّةٌ عرضتْ ** له قَريباً لسَهْلٍ مال فانحرَفا)
(يجتازُ فيه القطا الكُدريّ ضاحيةً ** حتّى يَؤوبَ سِمَالاً قد خَلَتْ خُلُفَا)
(يَسْقِينَ طُلْساً خَفِيّاتٍ تَرَاطُنُها ** كما تَرَاطَنُ عُجْمٌ تَقْرَأ الصُّحُفَا)
(جَوَانحُ كالأَفَانِي في أَفاحِصِها ** ينظُرْنَ خَلْفَ رَوَايَا تَسْتَقِي نُطَفَا)
(حمرٌ حواصلها كالمغدِ قد كسيتْ ** فوقَ الحواجبِ مما سبدتْ شعفَا)
(يوماً قطعتُ وموماةٍ سريتُ إذا ** ما ضاربُ الدُّفِّ من جنانِها عزَفا)
(كلفْتُها حرّةَ الليتينِ ناجيةً ** قَصْرَ العَشِيِّ تُبَارِي أَيْنُقاً عُصُفَا)
(أبقى التهجرُ منها بعد ما ابتذلتْ ** مَخِيلةً وهِبَاباً خَالَطَا كَثَفَا)
(تَنْجُو وتَقْطُر ذِفْرَاها على عُنُقٍ ** كالجِذْع شذَّب عنه عاذِقٌ سَعَفَا)
(كأن رَحْلِي وقد لانتْ عَرِيكتُها ** كسوتُه جورَفاً أقرابُهُ خصفَا)
(يجتازُ أرضَ فلاةٍ غيرَ أنّ بها ** آثارَ جنٍّ ووسماً بينهم سلفا)
(تَبْرِي له هِقْلةٌ خَرْجاءُ تحسبَهُا ** في الآلِ مخلولةً في قرطفٍ شرفا)
(ظَلاَّ بأَقْرِيةِ النَّفَّاخِ يومَهما ** يَحْتَفِرَانِ أُصُولَ المَغْدِ واللَّصَفَا)
(والشَّرْيَ حتّى إذا اخضرَّتْ أُنُوفُهما ** لا يألوانِ من التنُّومِ ما نقفا)
(راحا يطيرانِ معوجَّين في سرعٍ ** ولا يريعان حتى يهبطا أنُفا)
(كالحَبَشِيَّيْنِ خافَا من مَلِيكهما ** بعضَ العَذاب فجالا بعدَ ما كُتِفَا)
(كالخاليَيْنِ إذا ما صَوَّبا ارتفعا ** لا يحقرانِ من الخطبان ما نقفا)
(فاغترَّها فشآها وهي غافلةٌ ** حتى رأته وقد أوفى لها شَرفا)
(فشَمَّرَتْ عن عَمُودَيْ بانةٍ ذَبَلاَ ** كأنّ ضاحِيَ قِشْرٍ عنهما انْقَرَفَا)
(وقارَبَتْ من جَنَاحَيْها وجُؤْجُئِها ** سكَّاءَ تثني إليها ليناً خُصفَا)
(كانت كذلك في شأوٍ ممنعةٍ ** ولو تَكَلَّفَ منها مِثْلَه كَلِفَا)
















مصادر و المراجع :

١- ديوان كعب بن زهير

المؤلف: كعب بن زهير بن أبي سلمى، المزني، أبو المضرَّب شاعر مخضرم

(ت 26 هـ = 646 م)

حققه وشرحه وقدم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

(1417 هـ - 1997 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید