المنشورات

وهاجرة لا تستريد ظباؤها

البحر: طويل
(وهاجِرةٍ لا تَسْتَرِيدُ ظِباؤها ** لأعلامها من السَّرابِ عمائمُ)
(ترى الكاسعاتِ العفرِ فيها كأنما ** شواها فصرها من النارِ جاحمُ)
(نصبتُ لها وجهي على ظهرِ لاحبٍ ** طَحِينِ الحَصَى قد سَهَّلَتْه المَنَاسِمُ)
(تراه إذا يعلو الأحزةَ واضحاً ** لمن كان يسري وهو بالليل طاسمُ)
(زجرت عليه حرةَ اللِّيطِ رفَّعتَ ** على ربذٍ كأنهنّ دعائمُ)
(تَخَالُ بضَاحِي جِلْدِهَا ودُفوفِها ** عَصِيمُ هِناءٍ أعْقدتْه الحَنَاتِمُ)
(يَظَلُّ حَصَى المَعْزاءِ بين فُروجِها ** إذا ما ارْتَمتْ شَرْواتهنّ القَوَائمُ)
(فضاضاً كما تنزو دراهمُ تاجرٍ ** يُقَمِّصُها فَوْقَ البَنانِ الأَباهِمُ)
(كأنِّي كَسَوْتُ الرَّحْلَ جَوْباً رَبَاعِياً ** تَضَمَّنَه وادِي الجَبَا والصَّرَائمُ)
(أَتَى دُونَ ماءِ الرَّسِّ بادٍ وحاضَرٌ ** وفيها الجِمامُ الطامِياتُ الخَضارِمُ)
(فصَدّ فأَضْحَى بالسَّلِيلِ كأنّه ** سَلِيبُ رِجالٍ فَوْقَ عَلْياءَ قائمُ)
(يقلب للأصواتِ والريج هادياً ** تَمِيمَ النَّضِيِّ بَرَّصَتْهُ المَكَادِمُ)
(وغائرةً في الحنو دارَ حجاجها ** لَهَا بَصَر تَرْمِي به الغَيْبَ سَاهِمُ)
(ورَأْساً كَدَنِّ التَّجْرِ جَأْباً كأنَّما ** رمى حاجبيهِ بالجلاميدِ راجمُ)
(وفوهُ كشرخِ الكورِ خانَ بأسرهِ ** مَسامِيرُه فحِنْوُه مُتَفاقِمُ)
(كلا منخريه سائفاً ومعشراً ** بما انصبّ من ماءِ الخياشيمِ راذمُ)
(فَهُنَّ قِيامٌ يَنتظِرْنَ قَضاءَه ** وهنَّ هوادٍ للركيِّ نواظمُ)
(وفي جانبِ الماءِ الذي كان يَبتَغِي ** به الرِّيَّ دَبَّابٌ إلى الصَّيْدِ عالِمُ)
(ومِنْ خَلْفِه ذُو قُتْرَةٍ مُتَسَمِّعٌ ** طويلُ الطّوى خفُّ بها متعالمُ)
(رَفِيقٌ بتنضِيدِ الصَّفَا ما تَفُوتُه ** بمرتصدٍ وحشيةٌ وهو نائمُ)
(فلمّا ارتدى جلاَّ من الليل هاجها ** إلأى الحائر المسجونِ فيه العلاجمُ)
(فلمّا دَنَا للماءِ سافَ حِياضَه ** وخافَ الجبانُ حَتْفَه وهو قائمُ)
(فوافَيْنَه حتّى إذا ما تَصَوَّبتْ ** أكارعه أهوى له وهو سادمُ)
(طليحٌ من التَّسعاءِ حتى كأنه ** حديثٌ بحمّى أسأرتها سلالمُ)
(لَطِيفٌ كَصُدَّادِ الصَّفَا لاتَغُرَّه ** بمرتقبٍ وحشيةٌ وهو حازمُ)
(أخو قُتُراتٍ لا يَزَالُ كأنّه ** إذا لم يُصِبْ صَيْداً من الوَحْشِ غارِمُ)
(يقلِّبُ حشراتٍ ويختارُ نابلٌ ** من الرِّيشِ ما التَفَّتْ عليه القَوَادِمُ)
(صَدَرْنَ رِوَاءً عن أسِنَّة صُلَّبٍ ** يَقِئْنَ ويَقْطُرْنَ السِّمَامَ سَلاَجِمُ)
(وصفراءَ شكّتها الاسّرةُ عودها ** على الطلِّ والأنداءِ أحمرُ كاتمُ)
(إذا أُطرَ المربوعُ منها ترنّمت ** كما أرزمت بكرٌ على البوّ رائمُ)
(فاوردها في عُكوةِ الليليِ جوشناً ** لأكْفالِها حتّى أتَى الماءَ لازمُ)
(فلما أراد الصوتَ يوماً وأشرعت ** زَوَى سهْمَه عاوٍ من الجِنِّ صارمُ)
(فمرَّ على مُلْسِ النَّواشِرِ قَلَّمَا ** تثبطهنَ بالخبار الجراثمُ)
(ومر بأكنافِ اليدينَ نضَّيهُ ** ولِلْحَتْفِ أَحْياناً عن النَّفْسِ عَاجِمُ)
(يَعُضُّ بإِبْهامِ اليَدَيْنِ تَنَدُّماً ** ولهَّف سِراً أمه وهو نادمُ)
(وقال ألا في خيبةٍ أنتِ من يدٍ ** وجذّ بذي إثرٍ بنانك جاذمُ)
(وأصْبَحَ يَبْغِي نَصْلَه ونَضِيَّهُ ** فَرِيقَيْنِ شَتَّى وهو أَسْفَانُ وَاجِمُ)
(وصاحَ بها جأبٌ كأن نسوره ** نوىً عضَّهُ من تمرِ قرَّان عاجمُ)
(وقفّى فأضحى يالسِتارِ كأنهُ ** خَلِيعُ رِجَالٍ فَوْقَ عَلْيَاءَ صَائِمُ)
(قليلُ التأني مستتبٌّ كأنه ** لَها واسِقٌ يَنْجو بِها اللَّيلَ غانِمُ)
(فَوَرَّكَ قَدْراً بالشَّمالِ وضَلْفَعاً ** وحَاذَتْهُ أعْلامٌ لها ومَخارِمُ)
(وأمّ بها ماء الرّسيسِ فصوّبت ** لِلِينَةَ وانْقَضَّ النُّجُومُ العَوَائِمُ)
(فلم أر موسوقاً أقلَّ وتيرةً ** ولا واسقا ما لم تخنه القوائمُ)












مصادر و المراجع :

١- ديوان كعب بن زهير

المؤلف: كعب بن زهير بن أبي سلمى، المزني، أبو المضرَّب شاعر مخضرم

(ت 26 هـ = 646 م)

حققه وشرحه وقدم له: الأستاذ علي فاعور

الناشر: دار الكتب العلمية

(1417 هـ - 1997 م)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید