المنشورات

لوائح الجنان وروائح الجنان

التائية الكبرى

لوائح الجنان وروائح الجنان (1)
[البحر الطويل] نظم السلوك
سقتني حميّا الحبّ راحة مقلتي، ... وكأسي محيّا من عن الحسن جلّت (2)
... فأوهمت صحبي أنّ شرب شرابهم ... به سر سرّي، في انتشائي بنظرة (3)
... وبالحدق استغنيت عن قدحي ومن ... شمائلها، لا من شمولي، نشوتي (4)
... ففي حان سكري، حان شكري لفتية ... بهم تمّ لي كتم الهوى مع شهرتي (5)
... ولمّا انقضى صحوي تقاضيت وصلها ... ولم يغشني في بسطها، قبض خشيتي (6)
(6) يغشاني: يصيبني وحذفت الفها لوجوب الجزم. بسطها: انطلاقها.
وأبثثتها ما بي، ولم يك حاضري ... رقيب لها، حاظ بخلوة جلوتي (1)
... وقلت، وحالي بالصبّابة شاهد، ... ووجدي بها ما حيّ، والفقد مثبتي: (2)
... هبي، قبل يفني الحبّ منّي بقيّة ... أراك بها، لي نظرة المتلفّت (3)
... ومنّي على سمعي بلن، إن منعت أن ... أراك، فمن قبلي، لغيري، لذّت ... فعندي، لسكري، فاقة لإفاقة، ... لها كبدي، لولا الهوى، لم تفتّت (4)
... ولو أنّ ما بي بالجبال، وكان طور ... سينا بها، قبل التجلّي، لدكّت (5)
... هوى عبرة نمّت به وجوى نمت ... به حرق، أدواؤها بي أودت (6)
... فطوفان «نوح» عند نوحي كأدمعي ... وإيقاد نيران «الخليل» كلوعتي (7)
... ولولا زفيري أغرقتني أدمعي، ... ولولا دموعي أحرقتني زفرتي ... وحزني، ما يعقوب بثّ أقلّه، ... وكلّ بلى أيّوب بعض بليّتي (8)
... وآخر ما لاقى الألى عشقوا، إلى ... الرّدى بعض ما لاقيت، أوّل محنتي (9)
... فلو سمعت أذن الدّليل تأوّهي ... لآلام أسقام، بجسمي، أضرّت (10)
(1) أبثثتها: ضمنتها أو أخبرتها. الحاظي: اسم فاعل من حظي بمعنى حصل أو كسب.
الجلوة: الظهور والبروز.
(2) الصبابة: شدة العشق الوجد: الوله والمرض من الحب.
(3) هبي: افترضي. يفني: يبيد.
(4) الفاقة: الحاجة. الافاقة: الصحو.
(5) طور سيناء: جبل معروف كان يصعد إليه نبينا موسى (ع). التجلي: إشارة إلى تجلي نور الله جل وعلا على جبل سيناء. دكت: تهدمت.
(6) العبرة: الدمعة. نمت من النميمة: وشت. الجوى: الحزن وهوى الباطن. نمت:
كبرت. الأدواء: الأمراض. اودت: أهلكت.
(7) نوحي: بكائي. نيران الخليل: النيران التي القي بها سيدنا إبراهيم الخليل وكانت بردا وسلاما عليه بإذن الله. اللوعة: الحرقة.
(8) بث: أذاع وأعلن والمقصود ان حزن يعقوب على سيدنا يوسف لم يعادل شيئا من حزنه. البلى: المصاب.
(9) الألى: البشر الردى: المنية والهلاك. المحنة: المصيبة.
(10) التأوه: زفرات الحزن. الأسقام: واحدها السقم وهو المرض.
لأذكره كربي أذى عيش أزمة ... بمنقطعي ركب، إذا العيس زمّت (1)
... وقد برح التّبريح بي، وأبادني، ... وأبدى الضّنى منّي خفيّ حقيقتي (2)
... فنادمت في سكري، النحول مراقبي، ... بجملة أسراري، وتفصيل سيرتي (3)
... ظهرت له وصفا، وذاتي، بحيث لا ... يراها لبلوى من جوى الحبّ، أبلت (4)
... فأبدت، ولم ينطق لساني لسمعه، ... هواجس نفسي سرّ ما عنه أخفت ... وظلّت، لفكري، أذنه خلدا بها ... يدور به، عن رؤية العين أغنت (5)
... فأخبر من في الحيّ عنّي، ظاهرا، ... بباطن أمري، وهو من أهل خبرتي ... كأنّ الكرام الكاتبين تنزّلوا، ... على قلبه وحيا، بما في صحيفتي ... وما كان يدري ما أجنّ، وما الذي، ... حشاي من السّرّ المصون، أكنّت (6)
... وكشف حجاب الجسم أبرز سرّ ما ... به كان مستورا له، من سريرتي (7)
... فكنت بسرّي عنه في خفية، وقد ... خفته، لوهن، من نحولي أنّتي (8)
... فأظهرني سقم به، كنت خافيا ... له، والهوى يأتي بكلّ غريبة (9)
... وأفرط بي ضرّ، تلاشت لمسّه ... أحاديث نفس، بالمدامع نمّت (10)
(10) التأوه: زفرات الحزن. الأسقام: واحدها السقم وهو المرض.
لأذكره كربي أذى عيش أزمة ... بمنقطعي ركب، إذا العيس زمّت (1)
... وقد برح التّبريح بي، وأبادني، ... وأبدى الضّنى منّي خفيّ حقيقتي (2)
... فنادمت في سكري، النحول مراقبي، ... بجملة أسراري، وتفصيل سيرتي (3)
... ظهرت له وصفا، وذاتي، بحيث لا ... يراها لبلوى من جوى الحبّ، أبلت (4)
... فأبدت، ولم ينطق لساني لسمعه، ... هواجس نفسي سرّ ما عنه أخفت ... وظلّت، لفكري، أذنه خلدا بها ... يدور به، عن رؤية العين أغنت (5)
... فأخبر من في الحيّ عنّي، ظاهرا، ... بباطن أمري، وهو من أهل خبرتي ... كأنّ الكرام الكاتبين تنزّلوا، ... على قلبه وحيا، بما في صحيفتي ... وما كان يدري ما أجنّ، وما الذي، ... حشاي من السّرّ المصون، أكنّت (6)
... وكشف حجاب الجسم أبرز سرّ ما ... به كان مستورا له، من سريرتي (7)
... فكنت بسرّي عنه في خفية، وقد ... خفته، لوهن، من نحولي أنّتي (8)
... فأظهرني سقم به، كنت خافيا ... له، والهوى يأتي بكلّ غريبة (9)
... وأفرط بي ضرّ، تلاشت لمسّه ... أحاديث نفس، بالمدامع نمّت (10)
(1) الكرب: الحزن والغم. منقطعو الركب: الذين يتخلفون عن القافلة. العيس:
الإبل زفت. جهزت للركوب.
(2) برح: بالغ. التبريح: الأذى. ابادني: اهلكني. الضنى: المرض والضعف.
(3) النحول: الهزال والضعف.
(4) الجوى: حرقة الداخل. أبلت: أصابت.
(5) خلدا بها: سمعا شديدا.
(6) أجن: اخفي. الحشا: الأمعاء وهنا القلب أو الروح المصون: المحفوظ. أكنّت:
سترت.
(7) السريرة: ما تحول به الصدور والله وحده اعلم بالسرائر.
(8) كنت: اخفيت. خفته: كتمته. الوهن: الضعف. النحول: الهزال. الأنة: زفرة الألم.
(9) السقم: الداء. الغريبة: البلوى والمصيبة.
(10) أفرط: أصاب. تلاشت: ضعفت. نمت: أينعت.
فلو همّ مكروه الرّدى بي لما درى ... مكاني، ومن إخفاء حبّك خفيتي (1)
... وما بين شوق واشتياق فنيت في ... تولّ بحظر، أو تجلّ بحضرة (2)
... فلو، لفنائي من فنائك ردّ لي ... فؤادي، لم يرغب إلى دار غربة (3)
... وعنوان شأني ما أبثّك بعضه، ... وما تحته، إظهاره فوق قدرتي (4)
... وأمسك، عجزا، عن أمور كثيرة ... بنطقي لن تحصى، ولو قلت قلّت (5)
... شفائي أشفى بل قضى الوجد أن قضى ... وبرد غليلي واحد حرّ غلّتي (6)
... وبالي أبلى من ثياب تجلّدي، ... به الذّات، في الاعدام، نيطت بلذّة (7)
... فلو كشف العوّاد بي، وتحققوا ... من اللّوح، ما منّي الصّبابة أبقت (8)
... لما شاهدت منّي بصائرهم سوى ... تخلّل روح، بين أثواب ميّت (9)
... ومنذ عفا رسمي وهمت، وهمت في ... وجودي، فلم تظفر بكوني فكرتي (10)
... وبعد، فحالي فيك قامت بنفسها، ... وبيّنتي في سبق روحي بنيّتي (11)
... ولم أحك، في حبّيك، حالي تبرّما ... بها لاضطراب، بل لتنفيس كربتي (12)
(10) أفرط: أصاب. تلاشت: ضعفت. نمت: أينعت.
فلو همّ مكروه الرّدى بي لما درى ... مكاني، ومن إخفاء حبّك خفيتي (1)
... وما بين شوق واشتياق فنيت في ... تولّ بحظر، أو تجلّ بحضرة (2)
... فلو، لفنائي من فنائك ردّ لي ... فؤادي، لم يرغب إلى دار غربة (3)
... وعنوان شأني ما أبثّك بعضه، ... وما تحته، إظهاره فوق قدرتي (4)
... وأمسك، عجزا، عن أمور كثيرة ... بنطقي لن تحصى، ولو قلت قلّت (5)
... شفائي أشفى بل قضى الوجد أن قضى ... وبرد غليلي واحد حرّ غلّتي (6)
... وبالي أبلى من ثياب تجلّدي، ... به الذّات، في الاعدام، نيطت بلذّة (7)
... فلو كشف العوّاد بي، وتحققوا ... من اللّوح، ما منّي الصّبابة أبقت (8)
... لما شاهدت منّي بصائرهم سوى ... تخلّل روح، بين أثواب ميّت (9)
... ومنذ عفا رسمي وهمت، وهمت في ... وجودي، فلم تظفر بكوني فكرتي (10)
... وبعد، فحالي فيك قامت بنفسها، ... وبيّنتي في سبق روحي بنيّتي (11)
... ولم أحك، في حبّيك، حالي تبرّما ... بها لاضطراب، بل لتنفيس كربتي (12)
(1) هم: أصاب. مكروه الردى: الموت.
(2) التولي: الغياب. التجلي: الحضور والظهور والتجلي والتولي ضربان من الرياضات الصوفية.
(3) الفناء الأولى: الهلاك. الفناء الثانية: ساحة الدار.
(4) أبثك: أعلمك. والمعنى ان الاعلان عن حال الأسى يسبب الاسى اكثر من السكوت عليه.
(5) أمسك: أكف عن الأمر.
(6) الغليل: شدة العطش. الغلة: كالغليل العطش.
(7) ابلى: أصبح قديما رثا. الاعدام: واحدها العدم وهو الحرمان. نيطت: ألحقت.
(8) العواد: زوار المرضى. اللوح: عظم الكتف والصدر. الصبابة: العشق الشديد.
(9) البصائر: الانظار تخلل روح: بقايا نفس.
(10) عفا: زال. رسمي: صورتي والمقصود جسدي. همت: ضعت وهمت: تعلقت بنفسي الأوهام.
(11) البينة: الحجة والدليل. البينة: الجسد.
(12) التبرم: الضجر. الكربة: الضيقة والحزن.
ويحسن إظهار التجلّد للعدى، ... ويقبح غير العجز، عند الأحبّة (1)
... ويمنعني شكواي حسن تصبّري ... ولو أشك للأعداء ما بي لأشكت (2)
... وعقبى اصطباري في هواك حميدة ... عليك، ولكن عنك غير حميدة (3)
... وما حلّ بي من محنة، فهو منحة ... وقد سلمت من حلّ عقد عزيمتي (4)
... وكلّ أذى في الحبّ منك، إذا بدا ... جعلت له شكري مكان شكيّتي ... نعم وتباريح الصّبابة، إن عدت ... عليّ، من النّعماء، في الحبّ عدّت (5)
... ومنك شقائي بل بلائي منّة، ... وفيك لباس البؤس أسبغ نعمة (6)
... أراني ما أوليته خير قنية، ... قديم ولائي فيك من شرّ فتية (7)
... فلاح وواش: ذاك يهدي لعزّة ... ضلالا، وذا بي ظلّ يهذي لغرّة (8)
... أخالف ذا، في لومه، عن تقى، كما ... أخالف ذا، في لؤمه، عن تقيّة (9)
... وما ردّ وجهي عن سبيلك هول ما ... لقيت، ولا ضرّاه، في ذاك، مسّت (10)
... ولا حلم لي في حمل ما فيك نالني ... يؤدّي لحمدي، أو لمدح مودّتي (11)
... قضى حسنك الداعي إليك احتمال ما ... قصصت وأقصى بعد ما بعد قصّتي ... وما هو إلا أن ظهرت لناظري ... بأكمل أوصاف على الحسن أربت (12)
(12) التبرم: الضجر. الكربة: الضيقة والحزن.
ويحسن إظهار التجلّد للعدى، ... ويقبح غير العجز، عند الأحبّة (1)
... ويمنعني شكواي حسن تصبّري ... ولو أشك للأعداء ما بي لأشكت (2)
... وعقبى اصطباري في هواك حميدة ... عليك، ولكن عنك غير حميدة (3)
... وما حلّ بي من محنة، فهو منحة ... وقد سلمت من حلّ عقد عزيمتي (4)
... وكلّ أذى في الحبّ منك، إذا بدا ... جعلت له شكري مكان شكيّتي ... نعم وتباريح الصّبابة، إن عدت ... عليّ، من النّعماء، في الحبّ عدّت (5)
... ومنك شقائي بل بلائي منّة، ... وفيك لباس البؤس أسبغ نعمة (6)
... أراني ما أوليته خير قنية، ... قديم ولائي فيك من شرّ فتية (7)
... فلاح وواش: ذاك يهدي لعزّة ... ضلالا، وذا بي ظلّ يهذي لغرّة (8)
... أخالف ذا، في لومه، عن تقى، كما ... أخالف ذا، في لؤمه، عن تقيّة (9)
... وما ردّ وجهي عن سبيلك هول ما ... لقيت، ولا ضرّاه، في ذاك، مسّت (10)
... ولا حلم لي في حمل ما فيك نالني ... يؤدّي لحمدي، أو لمدح مودّتي (11)
... قضى حسنك الداعي إليك احتمال ما ... قصصت وأقصى بعد ما بعد قصّتي ... وما هو إلا أن ظهرت لناظري ... بأكمل أوصاف على الحسن أربت (12)
(1) التجلد: الصبر.
(2) اشكت: ازالت الشكوى.
(3) العقبي: النتيجة المنتظرة.
(4) المحنة: المصيبة. العزيمة: القوة والبأس.
(5) التباريح: أول معالم الشيء أو التباشير. الصبابة: العشق الشديد. النعماء: الفيض والخير. عدت: حسبت.
(6) البلاء: المصيبة المنة: الهبة والاعطية. النعمة السابغة: العطاء الجزيل.
(7) أوليته: أعرته. القنية: ما يقتنيه المرء من الحاجيات.
(8) اللاحي: اللائم. يهذي: يتحدث بكلام غير واضح. الغرة: الغفلة.
(9) التقية: السكوت عن الشيء لخوف وعدم مقدرة على مقاومته.
(10) الهول: الخوف والهلع. الضراء: المصيبة. مست: اصابت.
(11) الحلم: العقل.
(12) اربت: زادت.
فحلّيت لي البلوى، فخلّيت بينها ... وبيني، فكانت منك أجمل حلية (1)
... ومن يتحرّش بالجمال إلى الرّدى، ... رأى نفسه، من أنفس العيش، ردّت (2)
... ونفس ترى في الحبّ أن لا ترى عنا، ... متى ما تصدّت للصبابة صدّت (3)
... وما ظفرت بالودّ، روح مراحة ... ولا بالولا نفس صفا العيش، ودّت (4)
... وأين الصّفا؟ هيهات من عيش عاشق ... وجنّة عدن، بالمكاره، حفّت (5)
... ولي نفس حرّ، لو بذلت لها، على ... تسلّيك، ما فوق المنى ما تسلّت ... ولو أبعدت بالصدّ والهجر والقلى ... وقطع الرّجا عن خلّتي ما تخلّت (6)
... وعن مذهبي، في الحبّ، مالي مذهب ... وإن ملت يوما عنه، فارقت ملّتي (7)
... ولو خطرت لي، في سواك، إرادة ... على خاطري، سهوا، قضيت بردّتي (8)
... لك الحكم في أمري فما شئت فاصنعي ... فلم تك، إلّا فيك، لا عنك، رغبتي ... ومحكم عهد، لم يخامره بيننا ... تخيّل نسخ، وهو خير أليّة (9)
... وأخذك ميثاق الولا حيث لم أبن ... بمظهر لبس النفس، في فيء طينتي (10)
... وسابق عهد لم يحل مذ عهدته، ... ولا حق عقد، جلّ عن حلّ فترة (11)
__________
(1) الحلية: الثوب. البلوى: المصاب.
(2) يتحرش: يتعرض الردى: الموت. أنفس العيش: أحسنه وأرغده.
(3) العناء: التعب. تصدت: واجهت. صدت: جوبهت.
(4) ظفرت: نالت وكسبت. المراحة: الهانئة المطمئنة، ودت: ارادت أو طلبت.
(5) حفت: أحيطت من كل جانب.
(6) الصد: المنع القلى: البغضاء. الخلة: الاجنة ما تخلت: ما قطعت الود.
(7) ملتي: مذهبي او ديني الذي أنا عليه.
(8) الردة: العودة عن المذهب المعتنق إلى مذهب سابق.
(9) محكم عهد: عهد موثوق يخامره: يصيبه. النسخ: الزوغان والإبطال الألية:
القسم والحلفان.
(10) الميثاق: العهد. الولاء: التأييد. لبس النفس: شكها. الطينة: الطبيعة التي جبل عليها.
(11) لم يحل: لم يتغير العقد: الرباط أو الاتفاق. حل الفترة: نهاية العقد.
ومطلع أنوار بطلعتك، الّتي ... لبهجتها، كل البدور استسرّت (1)
... ووصف كمال فيك، أحسن صورة، ... وأقومها، في الخلق، منه استمدّت ... ونعت جلال منك، يعذب دونه، ... عذابي، وتحلو، عنده لي قتلتي ... وسرّ جمال، عنك كلّ ملاحة ... به ظهرت، في العالمين، وتمّت ... وحسن به تسبى النّهى دلّني على ... هوى حسنت فيه، لعزّك ذلّتي (2)
... ومعنى وراء الحسن، فيك شهدته، ... به دقّ عن إدراك عين بصيرتي ... لأنت منى قلبي، وغاية بغيتي، ... وأقصى مرادي، واختياري وخبرتي (3)
... خلعت عذاري، واعتذاري لا بس ... الخلاعة، مسرورا بخلعي وخلعتي (4)
... وخلع عذاري فيك فرضي وإن أبى ... اقترابي، قومي، والخلاعة سنّتي (5)
... وليسوا بقومي ما استعابوا تهتّكي، ... فأبدوا قلى واستحسنوا فيك جفوتي (6)
... وأهلي، في دين الهوى، أهله، وقد ... رضوا لي عاري، واستطابوا فضيحتي ... فمن شاء فليغضب، سواك، ولا أذى ... إذا رضيت عنّي كرام عشيرتي ... وإن فتن النّسّاك بعض محاسن ... لديك، فكلّ منك موضع فتنتي (7)
... وما احترت، حتى اخترت حبّيك مذهبا ... فوا حيرتي، إن لم تكن فيك خيرتي ... فقالت: هوى غيري قصدت، ودونه ... اقتصدت، عميّا، عن سواء محجّتي (8)
... وغرّك، حتى قلت ما قلت، لا بسا ... به شين مين، لبس نفس تمنّت (9)
(11) لم يحل: لم يتغير العقد: الرباط أو الاتفاق. حل الفترة: نهاية العقد.
ومطلع أنوار بطلعتك، الّتي ... لبهجتها، كل البدور استسرّت (1)
... ووصف كمال فيك، أحسن صورة، ... وأقومها، في الخلق، منه استمدّت ... ونعت جلال منك، يعذب دونه، ... عذابي، وتحلو، عنده لي قتلتي ... وسرّ جمال، عنك كلّ ملاحة ... به ظهرت، في العالمين، وتمّت ... وحسن به تسبى النّهى دلّني على ... هوى حسنت فيه، لعزّك ذلّتي (2)
... ومعنى وراء الحسن، فيك شهدته، ... به دقّ عن إدراك عين بصيرتي ... لأنت منى قلبي، وغاية بغيتي، ... وأقصى مرادي، واختياري وخبرتي (3)
... خلعت عذاري، واعتذاري لا بس ... الخلاعة، مسرورا بخلعي وخلعتي (4)
... وخلع عذاري فيك فرضي وإن أبى ... اقترابي، قومي، والخلاعة سنّتي (5)
... وليسوا بقومي ما استعابوا تهتّكي، ... فأبدوا قلى واستحسنوا فيك جفوتي (6)
... وأهلي، في دين الهوى، أهله، وقد ... رضوا لي عاري، واستطابوا فضيحتي ... فمن شاء فليغضب، سواك، ولا أذى ... إذا رضيت عنّي كرام عشيرتي ... وإن فتن النّسّاك بعض محاسن ... لديك، فكلّ منك موضع فتنتي (7)
... وما احترت، حتى اخترت حبّيك مذهبا ... فوا حيرتي، إن لم تكن فيك خيرتي ... فقالت: هوى غيري قصدت، ودونه ... اقتصدت، عميّا، عن سواء محجّتي (8)
... وغرّك، حتى قلت ما قلت، لا بسا ... به شين مين، لبس نفس تمنّت (9)
(1) استسرت: اختفت وفي البيت إشارة إلى آخر ليالي الشهر القمري وهي تدعى السرار.
(2) تسبي: تسحر النهى: العقول. الذلة: المهانة.
(3) غاية بغيتي: أقصى ما أرجو، أو أطلبه. اقصى المراد: أبعده.
(4) العذار: النقاب أو الغطاء. الخلعة: الثوب.
(5) أبى: رفض. سنتي: منهجي وطريقي.
(6) القلى: البغض. الجفوة: القطيعة.
(7) النساك: الواحد ناسك وهو الزاهد المتعبد.
(8) قصدت: سعيت إلى. اقتصدت: لم تسرف. العميا: العمى. المحجة: السبيل.
(9) الشين والمين: العيب. لبس النفس: شكوكها.
وفي أنفس الأوطار أمسيت طامعا ... بنفس تعدّت طورها، فتعدّت (1)
... وكيف بحبّي، وهو أحسن خلّة ... تفوز بدعوى، وهي أقبح خلّة (2)
... وأين السّهى من أكمه عن مراده ... سها، عمها، لكن أمانيك، غرّت (3)
... فقمت مقاما حطّ قدرك دونه، ... على قدم، عن حظّها، ما تخطّت ... ورمت مراما، دونه كم تطاولت، ... بأعناقها، قوم إليه، فجذّت (4)
... أتيت بيوتا لم تنل من ظهورها، ... وأبوابها، عن قرع مثلك، سدّت (5)
... وبين يدي نجواك قدّمت زخرفا ... تروم به عزا، مراميه عزّت (6)
... وجئت بوجه أبيض، غير مسقط ... لجاهك في داريك خاطب صفوتي (7)
... ولو كنت بي من نقطة «الباء» خفضة ... رفعت إلى ما لم تنله بحيلة (8)
... بحيث ترى أن لا ترى ما عددته، ... وأنّ الذي أعددته غير عدّة ... ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى، ... ولكنّها الأهواء عمّت، فأعمت (9)
... وقد آن أن أبدي هواك، ومن به ... ضناك، بما ينفي ادّعاك محبّتي (10)
... حليف غرام أنت، لكن بنفسه، ... وإبقاك، وصفا منك، بعض أدلّتي ... فلم تهوني ما لم تكن فيّ فانيا، ... ولم تفن ما لا تجتلى فيك صورتي (11)
(9) الشين والمين: العيب. لبس النفس: شكوكها.
وفي أنفس الأوطار أمسيت طامعا ... بنفس تعدّت طورها، فتعدّت (1)
... وكيف بحبّي، وهو أحسن خلّة ... تفوز بدعوى، وهي أقبح خلّة (2)
... وأين السّهى من أكمه عن مراده ... سها، عمها، لكن أمانيك، غرّت (3)
... فقمت مقاما حطّ قدرك دونه، ... على قدم، عن حظّها، ما تخطّت ... ورمت مراما، دونه كم تطاولت، ... بأعناقها، قوم إليه، فجذّت (4)
... أتيت بيوتا لم تنل من ظهورها، ... وأبوابها، عن قرع مثلك، سدّت (5)
... وبين يدي نجواك قدّمت زخرفا ... تروم به عزا، مراميه عزّت (6)
... وجئت بوجه أبيض، غير مسقط ... لجاهك في داريك خاطب صفوتي (7)
... ولو كنت بي من نقطة «الباء» خفضة ... رفعت إلى ما لم تنله بحيلة (8)
... بحيث ترى أن لا ترى ما عددته، ... وأنّ الذي أعددته غير عدّة ... ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى، ... ولكنّها الأهواء عمّت، فأعمت (9)
... وقد آن أن أبدي هواك، ومن به ... ضناك، بما ينفي ادّعاك محبّتي (10)
... حليف غرام أنت، لكن بنفسه، ... وإبقاك، وصفا منك، بعض أدلّتي ... فلم تهوني ما لم تكن فيّ فانيا، ... ولم تفن ما لا تجتلى فيك صورتي (11)
(1) الأوطار: مفردها الوطر وهو الرغبة أو الحاجة. تعدت الأولى: تجاوزت. تعدت الثانية: ناصبت العداء أو اعتدت.
(2) الخلة: الصحب والخلة في آخر العجز: العادة.
(3) السهى: الغفلة الأكمه: الأعمى. سها: ضل. العمة: الضلال.
(4) رمت مراما: طلبت حاجة. جذت: قطعت.
(5) ظهور البيوت سطوحها. وفي البيت إشارة إلى منعة هذه البيوت لكرامة أصحابها
(6) النجوى: الطلب سرا. تروم: تطلب. عزت: صعبت.
(7) الداران: الدنيا والآخرة. الصفوة: الحب والوداد.
(8) الخفضة: حركة الكسر.
(9) الأهواء: أعراض النفس. عمت: انتشرت. أعمت: افقدت الأبصار.
(10) آن: حان. ابدي: أظهر. الضنا: المرض.
(11) الفناء في الأمر: الحلول به حتى الزوال تجتلي: تنظر بجلاء.
فدع عنك دعوى الحب، وادع لغيره ... فؤادك، وادفع عنك غيّك بالتي (1)
... وجانب جناب الوصل هيهات لم يكن ... وها أنت حيّ، إن تكن صادقا مت (2)
... هو الحبّ، إن لم تقض، لم تقض مأربا ... من الحبّ فاختر ذاك أو خلّ خلّتي (3)
... فقلت لها: روحي لديك، وقبضها ... إليك، ومن لي أن تكون بقبضتي (4)
... وما أنا بالشّاني الوفاة على الهوى، ... وشأني الوفا تأبى سواه سجيّتي (5)
... وماذا عسى عني يقال سوى: «قضى ... فلان، هوى»! من لي بذا، وهو بغيتي (6)
... أجل أجلي أرضى انقضاه صبابة ... ولا وصل، إن صحّت لحبّك نسبتي (7)
... وإن لم أفز حقا إليك بنسبة ... لعزّتها، حسبي افتخارا بتهمة ... ودون اتّهامي إن قضيت أسى، فما ... أسأت بنفس، بالشّهادة، سرّت ... ولي منك كاف إن هدرت دمي، ولم ... أعدّ شهيدا، علم داعي منيّتي (8)
... ولم تسو روحي في وصالك بذلها ... لديّ لبون بين صون وبذلة (9)
... وإني، إلى التّهديد بالموت، راكن، ... ومن هوله أركان غيري هدّت (10)
... ولم تعسفي بالقتل نفسي، بل لها ... به تسعفي إن أنت أتلفت مهجتي (11)
(11) الفناء في الأمر: الحلول به حتى الزوال تجتلي: تنظر بجلاء.
فدع عنك دعوى الحب، وادع لغيره ... فؤادك، وادفع عنك غيّك بالتي (1)
... وجانب جناب الوصل هيهات لم يكن ... وها أنت حيّ، إن تكن صادقا مت (2)
... هو الحبّ، إن لم تقض، لم تقض مأربا ... من الحبّ فاختر ذاك أو خلّ خلّتي (3)
... فقلت لها: روحي لديك، وقبضها ... إليك، ومن لي أن تكون بقبضتي (4)
... وما أنا بالشّاني الوفاة على الهوى، ... وشأني الوفا تأبى سواه سجيّتي (5)
... وماذا عسى عني يقال سوى: «قضى ... فلان، هوى»! من لي بذا، وهو بغيتي (6)
... أجل أجلي أرضى انقضاه صبابة ... ولا وصل، إن صحّت لحبّك نسبتي (7)
... وإن لم أفز حقا إليك بنسبة ... لعزّتها، حسبي افتخارا بتهمة ... ودون اتّهامي إن قضيت أسى، فما ... أسأت بنفس، بالشّهادة، سرّت ... ولي منك كاف إن هدرت دمي، ولم ... أعدّ شهيدا، علم داعي منيّتي (8)
... ولم تسو روحي في وصالك بذلها ... لديّ لبون بين صون وبذلة (9)
... وإني، إلى التّهديد بالموت، راكن، ... ومن هوله أركان غيري هدّت (10)
... ولم تعسفي بالقتل نفسي، بل لها ... به تسعفي إن أنت أتلفت مهجتي (11)
(1) محاكاة للآية الكريمة: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} *.
(2) جانب: خذ جانب الامر الوصل: الحب.
(3) تقضي: تموت. تقضي مأربا: تحقق غاية. خل: امر من خلى بمعنى دع. المودة:
الصحبة.
(4) قبضها: مصيرها أي ان روحه بيدها. القبضة: اليد.
(5) الشاني: المبغض. السجية: الطبيعة والعادة.
(6) البغية: المطلب والمراد.
(7) الأجل: نهاية العمر. نسبتي: انتسابي.
(8) هدرت: ابحت. المنية: الموت.
(9) البون: المسافة البعيدة. الصون: الحماية.
(10) راكن: مستسلم. الهول: الخوف. الأركان: واحدها الركن وهو الزاوية.
(11) تعسفي: تظلمي. لم تسعفي: لم تعيني. اتلفت: أهلكت. والجناس واضح بين تسعفين وتعسفين.
فإن صحّ هذا القال منك رفعتني، ... وأعليت مقداري، وأغليت قيمتي (1)
... وها أنا مستدع قضاك وما به ... رضاك، ولا أختار تأخير؟ مدّتي ... وعيدك لي وعد، وإنجازه مُنى ... وليّ بغير البعد إن يرم يثبت (2)
... وقد صرت أرجو ما يخاف فأسعدي ... به روح ميت للحياة استعدّت ... وبي من بها نافست بالرّوح، سالكا، ... سبيل الألى قبلي أبوا غير شرعتي (3)
... بكلّ قبيل كم قتيل بها قضى ... أسى، لم يفز يوما إليها بنظرة (4)
... وكم في الورى مثلي أماتت صبابة ... ولو نظرت عطفا إليه لأحيت (5)
... إذا ما أحلّت، في هواها، دمي، ففي ... ذرى العزّ والعليا قدري أحلّت (6)
... لعمري، وإن أتلفت عمري، بحبّها ... ربحت وإن أبلت حشاي أبلّت (7)
... ذللت لها في الحيّ حتى وجدتني، ... وأدنى منال عندهم فوق همّتي ... وأخملني وهنا خضوعي لهم، فلم ... يروني، هوانا بي، محلا لخدمتي (8)
... ومن درجات العزّ أمسيت مخلدا ... إلى دركات الذّلّ من بعد نخوتي (9)
... فلا باب لي يغشى، ولا جاه يرتجى، ... ولا جار لي يحمى لفقد حميّتي (10)
(11) تعسفي: تظلمي. لم تسعفي: لم تعيني. اتلفت: أهلكت. والجناس واضح بين تسعفين وتعسفين.
فإن صحّ هذا القال منك رفعتني، ... وأعليت مقداري، وأغليت قيمتي (1)
... وها أنا مستدع قضاك وما به ... رضاك، ولا أختار تأخير؟ مدّتي ... وعيدك لي وعد، وإنجازه مُنى ... وليّ بغير البعد إن يرم يثبت (2)
... وقد صرت أرجو ما يخاف فأسعدي ... به روح ميت للحياة استعدّت ... وبي من بها نافست بالرّوح، سالكا، ... سبيل الألى قبلي أبوا غير شرعتي (3)
... بكلّ قبيل كم قتيل بها قضى ... أسى، لم يفز يوما إليها بنظرة (4)
... وكم في الورى مثلي أماتت صبابة ... ولو نظرت عطفا إليه لأحيت (5)
... إذا ما أحلّت، في هواها، دمي، ففي ... ذرى العزّ والعليا قدري أحلّت (6)
... لعمري، وإن أتلفت عمري، بحبّها ... ربحت وإن أبلت حشاي أبلّت (7)
... ذللت لها في الحيّ حتى وجدتني، ... وأدنى منال عندهم فوق همّتي ... وأخملني وهنا خضوعي لهم، فلم ... يروني، هوانا بي، محلا لخدمتي (8)
... ومن درجات العزّ أمسيت مخلدا ... إلى دركات الذّلّ من بعد نخوتي (9)
... فلا باب لي يغشى، ولا جاه يرتجى، ... ولا جار لي يحمى لفقد حميّتي (10)
(1) القال: القول.
(2) الوعيد: التهديد. الإنجاز: إتمام الأمر.
(3) السالك: المتعبد. السبيل: النهج والطريق. الألى: الناس. أبوا: رفضوا.
الشرعة: المسلك.
(4) القبيل: القوم ومعشر الناس. قضى: مات.
(5) الورى: الناس. الصبابة: الوجد وشدة العشق.
(6) الذرى: مفردها الذروة وهي القمة. أحلت: وضعت أي رفعت قدرة إلى أعلى المراتب.
(7) اتلفت: أفنيت. أبلّت: شفت.
(8) اخملني: جعلني خاملا أي كسولا. الوهن: الضعف.
(9) الدركات: مفردها الدركة أو الدرك وهو المنزلة السفلى. النخوة، الاندفاع والحمية.
(10) يغشى: يصاب والمعنى يدخله زائر. الجاه: الرفعة والمرتبة العالية.
كأن لم أكن فيهم خطيرا، ولم أزل ... لديهم حقيرا في رخاء وشدّة ... فلو قيل من تهوى، وصرّحت باسمها ... لقيل كنى، أو مسّه طيف جنّة (1)
... ولو عزّ فيها الذّلّ ما لذّ لي الهوى، ... ولم تك لولا الحبّ، في الذلّ عزّتي ... فحالي بها حال بعقل مدلّه، ... وصحّة مجهود، وعزّ مذلّة (2)
... أسرّت تمنّي حبّها النفس حيث لا ... رقيب حجى سرّا لسرّي وخصّت (3)
... فأشفقت من سير الحديث بسائري ... فتعرب عن سرّي، عبارة عبرتي (4)
... يغالط بعضي عنه بعضي، صيانة، ... وميني، في إخفائه، صدق لهجتي (5)
... ولمّا أبت إظهاره، لجوانحي، ... بديهة فكري، صنته عن رويّتي (6)
... وبالغت في كتمانه، فنسيته، ... وأنسيت كتمي ما إليه أسرّت ... فإن أجن من غرس المنى ثمر العنا، ... فلله نفس، في مناها، تعنّت (7)
... وأحلى أماني الحبّ، للنفس، ما فضت ... عناها به من أذكرتها وأنست ... أقامت لها مني عليّ مراقبا، ... خواطر قلبي، بالهوى، إن ألمّت (8)
... فإن طرقت، سرّا، من الوهم، خاطري ... بلا حاظر، أطرقت إجلال هيبة (9)
... ويطرف طرفي، إن هممت بنظرة ... وإن بسطت كفّي إلى البسط كفّت (10)
(10) يغشى: يصاب والمعنى يدخله زائر. الجاه: الرفعة والمرتبة العالية.
كأن لم أكن فيهم خطيرا، ولم أزل ... لديهم حقيرا في رخاء وشدّة ... فلو قيل من تهوى، وصرّحت باسمها ... لقيل كنى، أو مسّه طيف جنّة (1)
... ولو عزّ فيها الذّلّ ما لذّ لي الهوى، ... ولم تك لولا الحبّ، في الذلّ عزّتي ... فحالي بها حال بعقل مدلّه، ... وصحّة مجهود، وعزّ مذلّة (2)
... أسرّت تمنّي حبّها النفس حيث لا ... رقيب حجى سرّا لسرّي وخصّت (3)
... فأشفقت من سير الحديث بسائري ... فتعرب عن سرّي، عبارة عبرتي (4)
... يغالط بعضي عنه بعضي، صيانة، ... وميني، في إخفائه، صدق لهجتي (5)
... ولمّا أبت إظهاره، لجوانحي، ... بديهة فكري، صنته عن رويّتي (6)
... وبالغت في كتمانه، فنسيته، ... وأنسيت كتمي ما إليه أسرّت ... فإن أجن من غرس المنى ثمر العنا، ... فلله نفس، في مناها، تعنّت (7)
... وأحلى أماني الحبّ، للنفس، ما فضت ... عناها به من أذكرتها وأنست ... أقامت لها مني عليّ مراقبا، ... خواطر قلبي، بالهوى، إن ألمّت (8)
... فإن طرقت، سرّا، من الوهم، خاطري ... بلا حاظر، أطرقت إجلال هيبة (9)
... ويطرف طرفي، إن هممت بنظرة ... وإن بسطت كفّي إلى البسط كفّت (10)
(1) كنى: سمي باسمها. مسه: أصابه. طيف الجنة: الجنون.
(2) المدلة: الحائر من اثر الحب والغرام.
(3) أسرت: تكلمت بصوت منخفض. الحجى: العقل.
(4) تعرب عن سرّي: تفصح عنه. العبرة: الدمعة.
(5) المين: الخداع والكذب.
(6) أبت: رفضت. البديهة: سرعة الخاطر. الروية: التعقل والاتزان.
(7) اجني: أحصّل. العناء: التعب. تعنت: أصابها العناء والتعب.
(8) الخواطر: الهواجس. ألمّت: احاطت بالأمر.
(9) طرفت: مرت سريعا. الحاظر: المائع. اطرقت: طأطأت الرأس. الإجلال:
الاحترام. الهيبة: الوقار.
(10) يطرف طرفي: يصاب نظري بسوء. هممت: باشرت. كفت: منعت.
ففي كلّ عضو فيّ، إقدام رغبة، ... ومن هيبة الإعظام، إحجام رهبة (1)
... لفي وسمعي فيّ آثار زحمة ... عليها بدت عندي كإيثار رحمة (2)
... لساني، إن أبدى، إذا ما تلا اسمها، ... له وصفه سمعي، وما صمّ، يصمت (3)
... وأذني، إن أهدى لساني ذكرها ... لقلبي ولم يستعبد الصّمت صمتّ ... أغار عليها أن أهيم بحبّها، ... وأعرف مقداري، فأنكر غيرتي ... فتختلس الرّوح ارتياحا لها، وما ... أبرّىء نفسي من توهّم منية (4)
... يراها، على بعد عن العين، مسمعي، ... بطيف ملام زائر، حين يقظتي (5)
... فيغبط طرفي مسمعي عند ذكرها، ... وتحسد، ما أفنته مني، بقيّتي (6)
... أممت أمامي في الحقيقة، فالورى ... ورائي، وكانت حيث وجّهت وجهتي (7)
... يراها إمامي، في صلاتي، ناظري، ... ويشهدني قلبي أمام أئمّتي ... ولا غرو أن صلّى الإمام إليّ أن ... ثوت في فؤادي، وهي قبلة قبلتي (8)
... وكلّ الجهات الستّ نحوي توجّهت ... بما تمّ من نسك، وحجّ وعمرة (9)
... لها صلواتي، «بالمقام»، أقيمها، ... وأشهد فيها أنّها لي صلّت (10)
... كلانا مصلّ واحد، ساجد إلى ... حقيقته، بالجمع، في كلّ سجدة ... وما كان لي صلّى سواي، ولم تكن ... صلاتي لغيري، في أدا كلّ ركعة
(10) يطرف طرفي: يصاب نظري بسوء. هممت: باشرت. كفت: منعت.
ففي كلّ عضو فيّ، إقدام رغبة، ... ومن هيبة الإعظام، إحجام رهبة (1)
... لفي وسمعي فيّ آثار زحمة ... عليها بدت عندي كإيثار رحمة (2)
... لساني، إن أبدى، إذا ما تلا اسمها، ... له وصفه سمعي، وما صمّ، يصمت (3)
... وأذني، إن أهدى لساني ذكرها ... لقلبي ولم يستعبد الصّمت صمتّ ... أغار عليها أن أهيم بحبّها، ... وأعرف مقداري، فأنكر غيرتي ... فتختلس الرّوح ارتياحا لها، وما ... أبرّىء نفسي من توهّم منية (4)
... يراها، على بعد عن العين، مسمعي، ... بطيف ملام زائر، حين يقظتي (5)
... فيغبط طرفي مسمعي عند ذكرها، ... وتحسد، ما أفنته مني، بقيّتي (6)
... أممت أمامي في الحقيقة، فالورى ... ورائي، وكانت حيث وجّهت وجهتي (7)
... يراها إمامي، في صلاتي، ناظري، ... ويشهدني قلبي أمام أئمّتي ... ولا غرو أن صلّى الإمام إليّ أن ... ثوت في فؤادي، وهي قبلة قبلتي (8)
... وكلّ الجهات الستّ نحوي توجّهت ... بما تمّ من نسك، وحجّ وعمرة (9)
... لها صلواتي، «بالمقام»، أقيمها، ... وأشهد فيها أنّها لي صلّت (10)
... كلانا مصلّ واحد، ساجد إلى ... حقيقته، بالجمع، في كلّ سجدة ... وما كان لي صلّى سواي، ولم تكن ... صلاتي لغيري، في أدا كلّ ركعة
(1) الإحجام: الكف عن الأمر. الرهبة: الخوف والمهابة.
(2) إيثار الرحمة: طلبها.
(3) معنى البيت: إن لساني وسمعي مشغوفان بسماع اسمها فإن ذكرها لسانه أصغى سمعه إلى اسمها وإن سكت لسانه عن ذكرها صمّ سمعه عن باقي الأمور.
(4) أبرئ: اشفي. المنية: الرغبة.
(5) الطيف: الخيال.
(6) يغبط: يفرح ويسرّ. أفنته: اتلفته.
(7) أممت: سرت إلى الامام. الورى: الخلق والناس.
(8) ثوت: اقامت. الفؤاد: القلب.
(9) الجهات الست: الجهات الأربع المعروفة أضاف إليها فوق وتحت.
(10) المقام: مقام إبراهيم في الكعبة.
إلى كم أواخي السّتر؟ ها قد هتكته ... وحلّ أواخي الحجب في عقد بيعتي (1)
... منحت ولاها، يوم لا يوم، قبل أن ... بدت عند أخذ العهد، في أوّليّتي (2)
... فنلت ولاها، لا بسمع وناظر، ... ولا باكتساب، واجتلاب جبلّة (3)
... وهمت بها في عالم الأمر، حيث لا ... ظهور، وكانت نشوتي قبل نشأتي (4)
... فأفنى الهوى ما لم يكن ثمّ باقيا، ... هنا، من صفات بيننا، فاضمحلّت (5)
... فألفيت ما ألقيت عنّي صادرا ... إليّ، ومنّي واردا بمزيدتي (6)
... وشاهدت نفسي بالصّفات، التي بها ... تحجّبت عني في شهودي وحجبتي (7)
... وإني التي أحببتها، لا محالة، ... وكانت لها نفسي عليّ محيلتي (8)
... فهامت بها من حيث لم تدر، وهي في ... شهودي، بنفس الأمر غير جهولة ... وقد آن لي تفصيل ما قلت مجملا ... وإجمال ما فصّلت، بسطا لبسطتي (9)
... أفاد اتّخاذي حبّها، لاتّحادنا، ... نوادر، عن عاد المحبّين، شذّت (10)
... يشي لي بي الواشي إليها، ولائمي ... عليها، بها يبدي، لديها، نصيحتي ... فأوسعها شكرا، وما أسلفت قلى ... وتمنحني برّا، لصدق المحبّة (11)
... تقرّبت بالنّفس احتسابا لها، ولم ... أكن راجيا عنها ثوابا، فأدنت
(10) المقام: مقام إبراهيم في الكعبة.
إلى كم أواخي السّتر؟ ها قد هتكته ... وحلّ أواخي الحجب في عقد بيعتي (1)
... منحت ولاها، يوم لا يوم، قبل أن ... بدت عند أخذ العهد، في أوّليّتي (2)
... فنلت ولاها، لا بسمع وناظر، ... ولا باكتساب، واجتلاب جبلّة (3)
... وهمت بها في عالم الأمر، حيث لا ... ظهور، وكانت نشوتي قبل نشأتي (4)
... فأفنى الهوى ما لم يكن ثمّ باقيا، ... هنا، من صفات بيننا، فاضمحلّت (5)
... فألفيت ما ألقيت عنّي صادرا ... إليّ، ومنّي واردا بمزيدتي (6)
... وشاهدت نفسي بالصّفات، التي بها ... تحجّبت عني في شهودي وحجبتي (7)
... وإني التي أحببتها، لا محالة، ... وكانت لها نفسي عليّ محيلتي (8)
... فهامت بها من حيث لم تدر، وهي في ... شهودي، بنفس الأمر غير جهولة ... وقد آن لي تفصيل ما قلت مجملا ... وإجمال ما فصّلت، بسطا لبسطتي (9)
... أفاد اتّخاذي حبّها، لاتّحادنا، ... نوادر، عن عاد المحبّين، شذّت (10)
... يشي لي بي الواشي إليها، ولائمي ... عليها، بها يبدي، لديها، نصيحتي ... فأوسعها شكرا، وما أسلفت قلى ... وتمنحني برّا، لصدق المحبّة (11)
... تقرّبت بالنّفس احتسابا لها، ولم ... أكن راجيا عنها ثوابا، فأدنت
(1) أواخي: اطلب واتوخى. الأواخي: ما يظهر من الحبل على شكل الحلقة بعد دفن أطرافه في الأرض.
(2) يوم لا يوم: قبل بدء الخليقة.
(3) اجتلاب الجبلّة: اكتساب الطبع.
(4) النشوة: قمة اللذة. النشأة: الولادة.
(5) أفنى: أهلك. ثم: هنالك بفتح الثاء. اضحملت: زالت.
(6) ألفيت: وجدت: ألقيت: رميت. الصدور: الذهاب إلى الماء والورود: العودة منه.
(7) شهودي: ظهوري. حجبتي: غيبتي.
(8) محيلة: داعية إلى الأمر وموجهة إليه.
(9) آن: حان. البسط: التفصيل.
(10) عاد: عادات. شذت: نفرت وكانت غريبة عن الأمر.
(11) أسلفت: قدمت فيما مضى. القلى: البغضاء. البر: الوفاء بالوعد.
وقدّمت مالي في مآلي، عاجلا، ... وما إن عساها أن تكون منيلتي (1)
... وخلّفت خلفي رؤيتي ذاك، مخلصا ... ولست براض أن تكون مطيّتي (2)
... ويمّمتها بالفقر، لكن بوصفه ... غنيت، فألقيت افتقاري وثروتي (3)
... فأثنيت لي إلقاء فقري والغنى ... فضيلة قصدي، فاطّرحت فضيلتي ... فلاح فلاحي في اطّراحي، فأصبحت ... ثوابي، لا شيئا سواها مثيبتي (4)
... وظلت بها، لا بي، إليها أدلّ من ... به ضلّ عن سبل الهدى وهي دلّت ... فخلّ لها، خلّي، مرادك، معطيا ... قيادك من نفس بها مطمئنّة (5)
... وأمس خليّا من حظوظك، واسم عن ... حضيضك واثبت، بعد ذلك تنبت (6)
... وسدّد، وقارب واعتصم واستقم لها ... مجيبا إليها، عن إنابة مخبت (7)
... وعد من قريب، واستجب واجتنب غدا ... أشمّر، عن ساق اجتهاد، بنهضة (8)
... وكن صارما كالوقت فالمقت في «عسى» ... وإيّاك «علّا»، فهي أخطر علّة (9)
... وقم في رضاها، واسع، غير محاول ... نشاطا، ولا تخلد لعجز مفوّت (10)
... وسر زمنا، وانهض كسيرا، فحظّك ... البطالة ما أخّرت عزما لصحّة
(11) أسلفت: قدمت فيما مضى. القلى: البغضاء. البر: الوفاء بالوعد.
وقدّمت مالي في مآلي، عاجلا، ... وما إن عساها أن تكون منيلتي (1)
... وخلّفت خلفي رؤيتي ذاك، مخلصا ... ولست براض أن تكون مطيّتي (2)
... ويمّمتها بالفقر، لكن بوصفه ... غنيت، فألقيت افتقاري وثروتي (3)
... فأثنيت لي إلقاء فقري والغنى ... فضيلة قصدي، فاطّرحت فضيلتي ... فلاح فلاحي في اطّراحي، فأصبحت ... ثوابي، لا شيئا سواها مثيبتي (4)
... وظلت بها، لا بي، إليها أدلّ من ... به ضلّ عن سبل الهدى وهي دلّت ... فخلّ لها، خلّي، مرادك، معطيا ... قيادك من نفس بها مطمئنّة (5)
... وأمس خليّا من حظوظك، واسم عن ... حضيضك واثبت، بعد ذلك تنبت (6)
... وسدّد، وقارب واعتصم واستقم لها ... مجيبا إليها، عن إنابة مخبت (7)
... وعد من قريب، واستجب واجتنب غدا ... أشمّر، عن ساق اجتهاد، بنهضة (8)
... وكن صارما كالوقت فالمقت في «عسى» ... وإيّاك «علّا»، فهي أخطر علّة (9)
... وقم في رضاها، واسع، غير محاول ... نشاطا، ولا تخلد لعجز مفوّت (10)
... وسر زمنا، وانهض كسيرا، فحظّك ... البطالة ما أخّرت عزما لصحّة
(1) المآل: العودة. المنيلة: المنية والعطاء.
(2) المطية: الوسيلة المهيئة للوصول.
(3) يممتها: احطتها.
(4) لاح: بدا وظهر. الفلاح: الفوز والظفر. اطراحي: تركي للأمر وهنا إلقاء الفقر والغنى والانصراف إلى العبادة. المثيبة: التي تجزي الخير.
(5) خل لها: أطعها.
(6) اسم: فعل أمر من سما بمعنى ارتفع. الحضيض: المكان المنخفض.
(7) سدد: سر في الطريق السليم. الإنابة: التوبة. المخبت: الخاشع.
(8) اشمر: اكشف. النهضة: الهمة.
(9) الصارم: الحاد القاطع. المقت: البغضاء. عسى وعل أو لعل تفيدان معنى التمني والرجاء والمقصود إياك ان يثنيك التمني عن القيام بما تريده من الأعمال.
(10) تخلد: تركن وتستسلم. العجز المفوت: العمل الذي لا ينجز.
وأقدم، وقدّم ما قعدت له مع ... الخوالف، واخرج عن قيود التّلفّت (1)
... وجذّ، بسيف العزم سوف، فإن تجد ... تجد نفسا، فالنفس إن جدت جدّت (2)
... وأقبل إليها، وانحها مفلسا، فقد ... وصيت لنصحي، إن قبلت نصيحتي (3)
... فلم يدن منها موسر باجتهاده، ... وعنها به لم ينأ مؤثر عسرة (4)
... بذاك جرى شرط الهوى بين أهله، ... وطائفة، بالعهد، أوفت فوفّت ... متى عصفت ريح الولا قصفت أخا ... غناء، ولو بالفقر هبّت لربّت (5)
... وأغنى يمين، باليسار جزاؤها، ... مدى القطع ما، للوصل، في الحب مدّت (6)
... وأخلص لها، وأخلص بها عن رعونة ... افتقارك من أعمال بر تزكّت (7)
... وعاد دواعي القيل والقال، وانج من ... عوادي دعاو صدقها قصد سمعة (8)
... فألسن من يدعى بألسن عارف، ... وقد عبرت كل العبارات، كلّت (9)
... وما عنه لم تفصح، فإنّك أهله، ... وأنت غريب عنه، إن قلت، فاصمت (10)
... وفي الصمت سمت، عنده جاه مسكة ... غدا عبده من ظنّه خير مسكت (11)
... فكن بصرا وانظر، وسمعا وعه، وكن ... لسانا وقل، فالجمع أهدى طريقة (12)
(1) اقدم: أمر من أقدم بمعنى اندفع. الخوالف: واحدها الخالفة، وهي بمعنى الكسل والتقاعس عن القيام بالعمل.
(2) جذّ: اقطع. السوف: الكذب والمماطلة.
(3) انحها: سر باتجاهها. مفلسا: فارغ الكفين.
(4) يدنو: يقترب. الموسر: صاحب الرغد والسعة في العيش. المؤثر: المفضل.
العثرة: الزلة والسقطة.
(5) عصفت: اشتدت. الولا: الولاء مخففة. ربت: أصلحت.
(6) المدى: مفردها المدية وهي السكين أو الشفرة.
(7) الرعونة: الجهل والطيش. تزكت: تنزهت عن فعل هذا الأمر.
(8) القيل والقال: كلام العامة الذي لا فائدة منه إلا تناول الناس بالباطل.
(9) الألسن: صاحب اللسان الفصيح. كلت: تعبت.
(10) تفصح: تعرب. اصمت: اسكت. أي اجعل لكل مقام مقالا وإذا كنت لا تعرف الأمر فلا تتحدث به.
(11) الصمت: السكوت. السمت: حسن التصرف. المسكة: العقل.
(12) عه فعل أمر من وعى أضيف إليه ضمير النصب الهاء.
ولا تتّبع من سوّلت نفسه له، ... فصارت له أمّارة، واستمرّت (1)
... ودع ما عداها، واعد نفسك فهي من ... عداها، وعذ منها بأحصن جنّة (2)
... فنفسي كانت، قبل، لوّامة متى ... أطعها عصت، أو أعص عنها مطيعتي ... فأوردتها ما الموت أيسر بعضه ... وأتعبتها، كيما تكون مريحتي (3)
... فعادت، ومهما حمّلته تحمّلته ... منّي، وإن خفّفت عنها، تأذّت ... وكلّفتها، لا بل كفلت قيامها ... بتكليفها، حتى كلفت بكلتي (4)
... وأذهبت، في تهذيبها، كلّ لذّة، ... بإبعادها عن عادها فاطمأنّت (5)
... ولم يبق هول دونها ما ركبته، ... وأشهد نفسي فيه غير زكيّة (6)
... وكلّ مقام، عن سلوك، قطعته، ... عبوديّة حقّقتها، بعبودة (7)
... وصرت بها صبّا، فلمّا تركت ما ... أريد، أرادتني لها وأحبّت (8)
... فصرت حبيبا، بل محبّا لنفسه، ... وليس كقول مرّ: (نفسي حبيبتي) ... خرجت بها عني إليها، فلم أعد ... إلي، ومثلي لا يقول برجعة (9)
... وأفردت نفسي عن خروجي، تكرما ... فلم أرضها، من بعد ذاك، لصحبتي (10)
... وغيّبت عن إفراد نفسي، بحيث لا ... يزاحمني إبداء وصف بحضرتي ... وها أنا أبدي، في اتّحادي، مبدئي، ... وأنهي انتهائي في تواضع رفعتي
__________
(1) في البيت محاكاة للآية الكريمة: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمََّارَةٌ بِالسُّوءِ}.
(2) اعد نفسك: امنعها. العدي جمع عدو. عذ: فعل أمر من عاذ بمعنى التجأ. الجنة بضم الجيم: الحصن.
(3) أوردتها: أوصلتها. أيسر: اسهل.
(4) كلفتها: حملتها. بكلتي: بجميع أعضائي.
(5) عادها: المقصود عاداتها.
(6) الهول: الخوف. دونها: في سبيلها.
(7) العبودة: المقصود بها العبادة.
(8) الصب: الشديد التعلق والعشق.
(9) لا يقول برجعة: لا يعود إلى الحياة بعد المنية.
(10) أفردت نفسي أفردتها وجعلتها تخلو وتنفرد عن الناس.
جلت في تجليّها، الوجود لناظري ... ففي كلّ مرئي أراها برؤية (1)
... وأشهدت غيبي، إذ بدت، فوجدتني، ... هنالك، إيّاها، بجلوة خلوتي (2)
... وطاح وجودي في شهودي وبنت عن ... وجود شهودي، ماحيا، غير مثبت (3)
... وعانقت ما شاهدت في محو شاهدي ... بمشهده للصّحو، من بعد سكرتي ... ففي الصّحو، بعد المحو لم أك غيرها ... وذاتي بذاتي، إذ تحلّت تجلّت ... فوصفي، إذ لم تدع باثنين، وصفها ... وهيئتها، إذ واحد نحن، هيئتي (4)
... فإن دعيت كنت المجيب وإن أكن ... منادى أجابت من دعاني، ولبّت ... وإن نطقت كنت المناجي كذاك إن ... قصصت حديثا، إنّما هي قصتّ ... فقد رفعت تاء المخاطب بيننا ... وفي رفعها، عن فرقة الفرق، رفعتي (5)
... فإن لم يجوّز رؤية اثنين واحدا ... حجاك، ولم يثبت لبعد تثبّت (6)
... سأجلو إشارات، عليك، خفيّة، ... بها كعبارات، لديك، جليّة ... وأعرب عنها، مغربا، حيث لات حين ... لبس، بتبياني سماع ورؤية (7)
... وأثبت بالبرهان قولي، ضاربا ... مثال محقّ، والحقيقة عمدتي (8)
__________
(1) جلت: أظهرت بوضوح. التجلي: الكمال.
(2) الجلوة: التزين. الخلوة: الانفراد.
(3) طاح: أهلك. الشهود: البروز والحضور. بنت: ماض من بان بمعنى ابتعد. ماحيا:
زائلا.
(4) في هذه الأبيات تبدو طريقة الحلولية التي اتبعها اكثر الصوفيين ومنها قول الحلاج:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا ... نحن روحان سكنا بدنا
(5) رفعت تاء المخاطب أي حذفت من الضمير أنت فأصبحت أنا وهذا ما يؤكد القول السابق في امر انحدار الذاتين أو ما يسمى بالحلولية.
(6) يجوزه: يجعله جائزا أي حلالا. حجاك: عقلك.
(7) أعرب: افصح. مغربا: قائلا القول الغريب. اللبس: الالتباس.
(8) الحقيقة عمدتي: الحقيقة ما اعتمد عليه.
بمتبوعة، ينبيك، في الصّرع، غيرها ... على فمها في مسّها، حيث جنّت (1)
... ومن لغة تبدو بغير لسانها، ... عليه براهين الأدلّة صحّت ... وفي العلم، حقا، أنّ مبدي غريب ما ... سمعت سواها وهي في الحسن أبدت ... فلو واحدا أمسيت أصبحت واجدا ... منازلة، ما قلته عن حقيقة ... ولكن على الشّرك الخفيّ عكفت، لو ... عرفت بنفس عن هدي الحق ضلّت (2)
... وفي حبّه من عزّ توحيد حبّه، ... فبالشّرك يصلى منه نار قطيعة (3)
... وما شأن هذا الشأن منك سوى السّوى ... ودعواه، حقّا، عنك إن تمح تثبت (4)
... كذا كنت حينا، قبل أن يكشف الغطا ... من اللّبس، لا أنفكّ عن ثنويّة (5)
... أروح بفقد، بالشّهود مؤلّفي، ... وأغدو بوجد، بالوجود مشتّتي (6)
... يفرّقني لبّي، التزاما، بمحضري، ... ويجمعني سلبي، اصطلاما، بغيبتي (7)
... أخال حضيضي الصّحو والسكر معرجي ... إليها، ومحوي منتهى قاب سدرتي (8)
... فلمّا جلوت (الغين) عنّي اجتليتني ... مفيقا، ومنّي العين بالعين قرّت (9)
__________
(1) المتبوعة: التي مسها الجان. الصرع: ألم يصيب الرأس والمقصود أثر الجن وتأثيره.
جنت: أصابها الجنون.
(2) الشرك الخفي: الكفر بأن يجعل للََّه شريكا. عكفت: أقبلت. ضلت: تاهت عن الطريق المستقيم.
(3) يصلى نارا: يحرق بها.
(4) شأن: أبغض. السوي: سواك من الناس أي غيرك.
(5) يكشف الغطاء: يظهر نور الله فيظهر الحق. الثنوية: الشرك بالله والقول بوجود إلهين اثنين.
(6) مؤلفي: جامعي من بعد فرقة. الوجد: الحزن. المشتت: المفرق والمباعد.
(7) اللب: العقل. الاصطلام: القطع والاستئصال.
(8) الحضيض: المكان المنخفض. الصحو: اليقظة. المعرج: الوسيلة التي تستعمل للارتقاء إلى الدرجات الروحية العليا. القاب: المقدار ومنها قاب قوسين أو أدنى.
السدرة: سدرة المنتهى. مكان أو شجر في الجنة.
(9) الغين: بالمعنى والمصطلح الصوفي: الخلوة مع صحة الاعتقاد. ويمكن ان يكون الخطأ وقع عن المخطوطة أو النسخة الاصلية فتكون لفظة الغين محرفة عن العين، بحيث يزول الالتباس.
ومن فاقتي، سكرا، غنيت إفاقة ... لدى فرقي الثاني فجمعي كوحدتي (1)
... فجاهد تشاهد فيك منك، وراء ما ... وصفت، سكونا عن وجود سكينة ... فمن بعد ما جاهدت شاهدت مشهدي ... وهاديّ لي إيّاي، بل بي قدرتي (2)
... وبي موقفي، لا بل إليّ توجّهي، ... كذاك صلاتي لي، ومنّي كعبتي (3)
... فلا تك مفتونا بحسنك، معجبا ... بنفسك، موقوفا على لبس غرة (4)
... وفارق ضلال الفرق فالجمع منتج ... هدى فرقة، بالاتّحاد تحدّت ... وصرّح باطلاق الجمال ولا تقل ... بتقييده، ميلا لزخرف زينة (5)
... فكلّ مليح، حسنه، من جمالها، ... معار له، بل حسن كلّ مليحة ... بها قيس لبني هام، بل كلّ عاشق، ... كمجنون ليلى، أو كثيّر عزّة (6)
... فكلّ صبا منهم إلى وصف لبسها، ... بصورة حسن، لاح في حسن صورة (7)
... وما ذاك إلّا أن بدت بمظاهر، ... فظنّوا سواها، وهي فيها تجلّت (8)
... بدت باحتجاب، واختفت بمظاهر ... على صبغ التّلوين في كلّ برزة (9)
(9) الغين: بالمعنى والمصطلح الصوفي: الخلوة مع صحة الاعتقاد. ويمكن ان يكون الخطأ وقع عن المخطوطة أو النسخة الاصلية فتكون لفظة الغين محرفة عن العين، بحيث يزول الالتباس.
ومن فاقتي، سكرا، غنيت إفاقة ... لدى فرقي الثاني فجمعي كوحدتي (1)
... فجاهد تشاهد فيك منك، وراء ما ... وصفت، سكونا عن وجود سكينة ... فمن بعد ما جاهدت شاهدت مشهدي ... وهاديّ لي إيّاي، بل بي قدرتي (2)
... وبي موقفي، لا بل إليّ توجّهي، ... كذاك صلاتي لي، ومنّي كعبتي (3)
... فلا تك مفتونا بحسنك، معجبا ... بنفسك، موقوفا على لبس غرة (4)
... وفارق ضلال الفرق فالجمع منتج ... هدى فرقة، بالاتّحاد تحدّت ... وصرّح باطلاق الجمال ولا تقل ... بتقييده، ميلا لزخرف زينة (5)
... فكلّ مليح، حسنه، من جمالها، ... معار له، بل حسن كلّ مليحة ... بها قيس لبني هام، بل كلّ عاشق، ... كمجنون ليلى، أو كثيّر عزّة (6)
... فكلّ صبا منهم إلى وصف لبسها، ... بصورة حسن، لاح في حسن صورة (7)
... وما ذاك إلّا أن بدت بمظاهر، ... فظنّوا سواها، وهي فيها تجلّت (8)
... بدت باحتجاب، واختفت بمظاهر ... على صبغ التّلوين في كلّ برزة (9)
(1) الفرق الثاني بالمصطلح الصوفي: شهود الخلق بالحق. والفرق الأول: احتجاب الخلق عن الحق.
(2) جاهدت: قمت بالرياضة والمجاهدة الروحية. الهادي: المرشد. إياي: عزة نفسي.
(3) يعبر هذا البيت عن مبدأ الكمال الروحي والرؤى التي يراها المتريض السالك لسبيل المجاهدة الروحية.
(4) اللبس: الشك. الغرة: الغفلة.
(5) صرّح: أعط الاجازة. الزخرف: التزيين.
(6) قيس لبني، وقيس بن الملوح. وكثير عزة شعراء نسبوا إلى اسماء حبيباتهم لشدة تعلقهم بهنّ.
(7) صبا: ذاب من الوجد والعشق.
(8) إشارة إلى ان بعض المتيمين كقيس بن الملوح مثلا كان يرى حبيبته في كل شيء سواها. يراها في جذع النخلة. وفي مقلتي الظبي. حتى إذا دنا منها سأل هل هذه ليلى؟.
(9) بدت: ظهرت. الاحتجاب: الاختفاء. البرزة: الظهور بمظهر الحسن. وهذا البيت يتمم معنى البيت الذي سبقه.
ففي النّشأة الأولى تراءت لآدم ... بمظهر حوّا، قبل حكم الأمومة ... فهام بها، كيما يكون به أبا، ... ويظهر بالزّوجين حكم البنوّة ... وكان ابتدا حبّ المظاهر بعضها ... لبعض، ولا ضدّ يصدّ ببغضة ... وما برحت تبدو وتخفى، لعلّة، ... على حسب الأوقات، في كلّ حقبة ... وتظهر للعشّاق في كلّ مظهر، ... من اللّبس في أشكال حسن بديعة ... ففي مرّة لبني، وأخرى بثينة، ... وآونة تدعى بعزّة عزّت (1)
... ولسن سواها، لا ولا كنّ غيرها ... وما إن لها، في حسنها، من شريكة (2)
... كذاك بحكم الاتّحاد بحسنها، ... كما لي بدت، في غيرها، وتزيّت (3)
... بدوت لها في كلّ صب متيّم، ... بأيّ بديع حسنه وبأيّة (4)
... وليسوا، بغيري في الهوى، لتقدّم ... عليّ لسبق في اللّيالي القديمة ... وما القوم غيري في هواها، وإنّما ... ظهرت لهم، للّبس، في كل هيئة ... ففي مرة قيسا، وأخرى كثيّرا، ... وآونة أبدو جميل بثينة ... تجلّيت فيهم ظاهرا، واحتجبت با ... طنا بهم، فأعجب لكشف بسترة (5)
... وهنّ وهم، لا وهن وهم مظاهر ... لنا، بتجلّينا بحبّ ونضرة (6)
... فكلّ فتى حب أنا هو، وهي حبب ... كلّ فتى، والكلّ أسماء لبسة (7)
(9) بدت: ظهرت. الاحتجاب: الاختفاء. البرزة: الظهور بمظهر الحسن. وهذا البيت يتمم معنى البيت الذي سبقه.
ففي النّشأة الأولى تراءت لآدم ... بمظهر حوّا، قبل حكم الأمومة ... فهام بها، كيما يكون به أبا، ... ويظهر بالزّوجين حكم البنوّة ... وكان ابتدا حبّ المظاهر بعضها ... لبعض، ولا ضدّ يصدّ ببغضة ... وما برحت تبدو وتخفى، لعلّة، ... على حسب الأوقات، في كلّ حقبة ... وتظهر للعشّاق في كلّ مظهر، ... من اللّبس في أشكال حسن بديعة ... ففي مرّة لبني، وأخرى بثينة، ... وآونة تدعى بعزّة عزّت (1)
... ولسن سواها، لا ولا كنّ غيرها ... وما إن لها، في حسنها، من شريكة (2)
... كذاك بحكم الاتّحاد بحسنها، ... كما لي بدت، في غيرها، وتزيّت (3)
... بدوت لها في كلّ صب متيّم، ... بأيّ بديع حسنه وبأيّة (4)
... وليسوا، بغيري في الهوى، لتقدّم ... عليّ لسبق في اللّيالي القديمة ... وما القوم غيري في هواها، وإنّما ... ظهرت لهم، للّبس، في كل هيئة ... ففي مرة قيسا، وأخرى كثيّرا، ... وآونة أبدو جميل بثينة ... تجلّيت فيهم ظاهرا، واحتجبت با ... طنا بهم، فأعجب لكشف بسترة (5)
... وهنّ وهم، لا وهن وهم مظاهر ... لنا، بتجلّينا بحبّ ونضرة (6)
... فكلّ فتى حب أنا هو، وهي حبب ... كلّ فتى، والكلّ أسماء لبسة (7)
(1) لبني: حبيبة قيس وقد مرّ ذكرها. بثينة: حبيبة جميل بن معمر. عزة حبيبة كثير.
عزت: كرمت وغلت.
(2) لسن سواها. أي كلهنّ حواء أو الأنثى. ان حرف نفي بمعنى ليس.
(3) الاتحاد: الوصال الروحي. تزيت: ارتدت وتزينت.
(4) اللهاف: من اللهفة وهي الحرقة والشوق. الصب: العاشق المدنف. والمتيم:
الشديد العشق.
(5) تجليت: برزت وظهرت واضحا. السترة: الاحجاب.
(6) هن وهم: الحبيبات والمحبون. الوهن: الضعف. النضرة: الزينة والبهجة.
(7) هذا البيت والذي يليه وصف لحالة ابن الفارض واتصاله بعالم الروح حيث تجلت له الحقيقة الإلهية فوصل إلى اعلى درجات العشق الإلهي واستعمل المجاز بالحب المعروف ليقول انه سلطان العاشقين.
أسام بها كنت المسمّى حقيقة، ... وكنت لي البادي بنفس تخفّت ... وما زلت إيّاها، وإياي لم تزل، ... ولا فرق، بل ذاتي لذاتي أحبّت ... وليس معي، في الملك، شيء سواي، ... والمعيّة لم تخطر على المعيّة (1)
... وهذي يدي، لا إنّ نفسي تخوّفت ... سواي، ولا غيري، لخيري، ترجّت ... ولا ذلّ إخمال لذكري توقّعت، ... ولا عز إقبال لشكري توخّت (2)
... ولكن لصدّ الضّدّ عن طعنه على ... علا أولياء المنجدين، بنجدتي (3)
... رجعت لأعمال العبادة، عادة، ... وأعددت أحوال الإرادة عدتي (4)
... وعدت بنسكي بعد هتكي، وعدت من ... خلاعة بسطي، لانقباض بعفّة (5)
... وصمت نهاري، رغبة في مثوبة، ... وأحييت ليلي، رهبة من عقوبة (6)
... وعمّرت أوقاتي بورد لوارد، ... وصمت لسمت، واعتكاف لحرمة (7)
... وبنت عن الأوطان، هجران قاطع ... مواصلة الإخوان، واخترت عزلتي (8)
... ودقّقت فكري في الحلال، تورّعا ... وراعيت، في إصلاح قوتي، قوّتي (9)
... وأنفقت من ستر القناعة، راضيا ... من العيش، في الدنيا، بأيسر بلغة (10)
... وهذّبت نفسي بالرياضة، ذاهبا ... إلى كشف ما، حجب العوائد، غطّت
(7) هذا البيت والذي يليه وصف لحالة ابن الفارض واتصاله بعالم الروح حيث تجلت له الحقيقة الإلهية فوصل إلى اعلى درجات العشق الإلهي واستعمل المجاز بالحب المعروف ليقول انه سلطان العاشقين.
أسام بها كنت المسمّى حقيقة، ... وكنت لي البادي بنفس تخفّت ... وما زلت إيّاها، وإياي لم تزل، ... ولا فرق، بل ذاتي لذاتي أحبّت ... وليس معي، في الملك، شيء سواي، ... والمعيّة لم تخطر على المعيّة (1)
... وهذي يدي، لا إنّ نفسي تخوّفت ... سواي، ولا غيري، لخيري، ترجّت ... ولا ذلّ إخمال لذكري توقّعت، ... ولا عز إقبال لشكري توخّت (2)
... ولكن لصدّ الضّدّ عن طعنه على ... علا أولياء المنجدين، بنجدتي (3)
... رجعت لأعمال العبادة، عادة، ... وأعددت أحوال الإرادة عدتي (4)
... وعدت بنسكي بعد هتكي، وعدت من ... خلاعة بسطي، لانقباض بعفّة (5)
... وصمت نهاري، رغبة في مثوبة، ... وأحييت ليلي، رهبة من عقوبة (6)
... وعمّرت أوقاتي بورد لوارد، ... وصمت لسمت، واعتكاف لحرمة (7)
... وبنت عن الأوطان، هجران قاطع ... مواصلة الإخوان، واخترت عزلتي (8)
... ودقّقت فكري في الحلال، تورّعا ... وراعيت، في إصلاح قوتي، قوّتي (9)
... وأنفقت من ستر القناعة، راضيا ... من العيش، في الدنيا، بأيسر بلغة (10)
... وهذّبت نفسي بالرياضة، ذاهبا ... إلى كشف ما، حجب العوائد، غطّت
(1) المعية: المصاحبة. الالمعية: الذكاء.
(2) الإخمال: الكسل. توخت: ارادت أو طلبت.
(3) العلاء: الارتفاع في المقام. المنجدين: العارفين المخلصين. نجدتي: نصرتي.
(4) أعددت: جهزت. العدة: السلاح.
(5) النسك: التعبد. التهتك والهتك: المجون.
(6) المثوبة: العفو. الرهبة: الخوف.
(7) عمّرت اوقاتي: ملأتها. الورد: السقاء. السمت: الطريق والجانب. الاعتكاف:
الاعتزال والامتناع.
(8) بنت: ابتعدت.
(9) التورع: التقوى والخوف من الله. القوت: الطعام.
(10) ايسر بلغة: الحد الأدنى من العيش.
وجرّدت، في التجريد، عزمي تزهّدا ... وآثرت، في نسكي، استجابة دعوتي ... متى حلت عن قولي: أنا هي، أو أقل ... وحاشا لمثلي: إنّها فيّ حلّت (1)
... ولست على غيب أحيلك، لا ولا ... على مستحيل موجب سلب حيلتي ... وكيف، وباسم الحق ظلّ تحقّقي ... تكون أراجيف الضّلال مخيفتي (2)
... وها «دحية»، وافى الأمين نبيّنا، ... بصورته، في بدء وحي النّبوءة (3)
... أجبريل قل لي: كان دحية، إذ بدا ... لمهدي الهدى، في هيئة بشريّة؟ (4)
... وفي علمه، عن حاضريه، مزيّة، ... بماهيّة المرئيّ من غير مرية (5)
... يرى ملكا يوحي إليه، وغيره ... يرى رجلا يدعى لديه بصحبة (6)
... ولي، من أتم الرّؤيتين، إشارة، ... تنزّه، عن رأي الحلول، عقيدتي ... وفي الذكر ذكر اللّبس ليس بمنكر، ... ولم أعد عن حكمي كتاب وسنّة (7)
... منحتك علما، إن ترد كشفه فرد ... سبيلي، واشرع في اتّباع شريعتي (8)
... فمنبع صدّي من شراب، نقيعه ... لديّ، فدعني من سراب بقيعة (9)
... ودونك بحرا خضته، وقف الألى ... بساحله، صونا لموضع حرمتي (10)
... ولا تقربوا مال اليتيم، إشارة ... لكفّ يد صدّت له، إذ تصدّت (11)
(10) ايسر بلغة: الحد الأدنى من العيش.
وجرّدت، في التجريد، عزمي تزهّدا ... وآثرت، في نسكي، استجابة دعوتي ... متى حلت عن قولي: أنا هي، أو أقل ... وحاشا لمثلي: إنّها فيّ حلّت (1)
... ولست على غيب أحيلك، لا ولا ... على مستحيل موجب سلب حيلتي ... وكيف، وباسم الحق ظلّ تحقّقي ... تكون أراجيف الضّلال مخيفتي (2)
... وها «دحية»، وافى الأمين نبيّنا، ... بصورته، في بدء وحي النّبوءة (3)
... أجبريل قل لي: كان دحية، إذ بدا ... لمهدي الهدى، في هيئة بشريّة؟ (4)
... وفي علمه، عن حاضريه، مزيّة، ... بماهيّة المرئيّ من غير مرية (5)
... يرى ملكا يوحي إليه، وغيره ... يرى رجلا يدعى لديه بصحبة (6)
... ولي، من أتم الرّؤيتين، إشارة، ... تنزّه، عن رأي الحلول، عقيدتي ... وفي الذكر ذكر اللّبس ليس بمنكر، ... ولم أعد عن حكمي كتاب وسنّة (7)
... منحتك علما، إن ترد كشفه فرد ... سبيلي، واشرع في اتّباع شريعتي (8)
... فمنبع صدّي من شراب، نقيعه ... لديّ، فدعني من سراب بقيعة (9)
... ودونك بحرا خضته، وقف الألى ... بساحله، صونا لموضع حرمتي (10)
... ولا تقربوا مال اليتيم، إشارة ... لكفّ يد صدّت له، إذ تصدّت (11)
(1) حلت عن قولي: تراجعت عنه. حلّت: نزلت.
(2) أراجيف الضلال: أكاذيب الباطل.
(3) دحية: دحية الكلبي. كان الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) يراه في المنام عند بدء الدعوة.
(4) بدا: ظهر. مهدي الهدى: الرسول الأعظم محمد (صلّى الله عليه وسلّم).
(5) المزية: العلامة والصفة. ماهية المرئي: حقيقة المنظور. المرية: الكذب.
(6) الملك: جبرائيل. الرجل: دحية.
(7) لم اعد: لم اتخط.
(8) ردّ سبيلي: اعد إلى صوابي سلوك الطريق الصحيح. اشرع: أمر من شرع بمعنى بدأ.
(9) النقيع: مكان يجتمع فيه الماء. القيعة: المنبسط بين جبلين.
(10) الألى: الناس. الصون: الحفظ.
(11) كف اليد: منعها. صدّت: منعت. تصدت: واجهت.
وما نال شيئا منه غيري سوى فتى، ... على قدمي، في القبض والبسط، ما فتي (1)
... فلا تعش عن آثار سيري واخش غين ... إيثار غيري، وأغش عين طريقتي (2)
... فؤادي ولاها، صاح، صاحي الفؤاد في ... ولاية أمري، داخل تحت إمرتي ... وملك معالي العشق ملكي وجندي ... المعاني، وكلّ العاشقين رعيّتي ... فتى الحبّ، ها قد بنت عنه بحكم من ... يراه حجابا، فالهوى دون رتبتي ... وجاوزت حدّ العشق، فالحبّ كالقلى ... وعن شأو معراج اتّحادي رحلتي (3)
... فطب بالهوى نفسا، فقد سدت أنفس ... العباد من العبّاد، في كلّ أمّة ... وفز بالعلى، وأفخر على ناسك علا ... بظاهر أعمال، ونفس تزكّت ... وجز مثقلا، لو خفّ طفّ موكّلا ... بمنقول أحكام، ومعقول حكمة (4)
... وحز بالولا ميراث أرفع عارف، ... غدا همّه إيثار تأثير همّة (5)
... وته ساحبا، بالسّحب، أذيال عاشق ... بوصل، على أعلى المجرّة جرّت (6)
... وجل في فنون الاتحاد ولا تحد ... إلى فئة، في غيره العمر أفنت (7)
... فواحده الجمّ الغفير، ومن غدا ... هـ شرذمة، حجّت بأبلغ حجّة (8)
... فمتّ بمعناه، وعش فيه أو فمت ... معنّاه، واتبع أمّة فيه أمّت (9)
... فأنت بهذا المجد أجدر من أخي ... اجتهاد، مجدّ عن رجاء وخيفة ... وغير عجيب هزّ عطفيك دونه ... بأهنا، وأنهى لذّة ومسرّة
(11) كف اليد: منعها. صدّت: منعت. تصدت: واجهت.
وما نال شيئا منه غيري سوى فتى، ... على قدمي، في القبض والبسط، ما فتي (1)
... فلا تعش عن آثار سيري واخش غين ... إيثار غيري، وأغش عين طريقتي (2)
... فؤادي ولاها، صاح، صاحي الفؤاد في ... ولاية أمري، داخل تحت إمرتي ... وملك معالي العشق ملكي وجندي ... المعاني، وكلّ العاشقين رعيّتي ... فتى الحبّ، ها قد بنت عنه بحكم من ... يراه حجابا، فالهوى دون رتبتي ... وجاوزت حدّ العشق، فالحبّ كالقلى ... وعن شأو معراج اتّحادي رحلتي (3)
... فطب بالهوى نفسا، فقد سدت أنفس ... العباد من العبّاد، في كلّ أمّة ... وفز بالعلى، وأفخر على ناسك علا ... بظاهر أعمال، ونفس تزكّت ... وجز مثقلا، لو خفّ طفّ موكّلا ... بمنقول أحكام، ومعقول حكمة (4)
... وحز بالولا ميراث أرفع عارف، ... غدا همّه إيثار تأثير همّة (5)
... وته ساحبا، بالسّحب، أذيال عاشق ... بوصل، على أعلى المجرّة جرّت (6)
... وجل في فنون الاتحاد ولا تحد ... إلى فئة، في غيره العمر أفنت (7)
... فواحده الجمّ الغفير، ومن غدا ... هـ شرذمة، حجّت بأبلغ حجّة (8)
... فمتّ بمعناه، وعش فيه أو فمت ... معنّاه، واتبع أمّة فيه أمّت (9)
... فأنت بهذا المجد أجدر من أخي ... اجتهاد، مجدّ عن رجاء وخيفة ... وغير عجيب هزّ عطفيك دونه ... بأهنا، وأنهى لذّة ومسرّة
(1) القبض والبسط: ضدان بمعنى الضيق والفرج. ما فتي: ما فتئ.
(2) لا تعش: لا تتعام اي تفقد بصرك. الغين في المصطلح الصوفي الاحتجاب عن الشهود مع صحة الاعتقاد وقد مرّ شرحه سابقا. أغش: اقصد.
(3) جاوزت: تخطيت. القلى: البغضاء. الشأو: الغاية.
(4) جز: اعبر. طفّ: اقترب.
(5) حز: احصل. الولا: الولاء للََّه تعالى. الإيثار: التفضيل.
(6) ته: فعل أمر من تاه. المجرة: مجموعة من النجوم لا عدّ ولا حصر لها.
(7) جل: فعل أمر من جال بمعنى طاف.
(8) الجم الغفير: الجمع الكثير. الشرذمة: القليل من الناس.
(9) مت معنّاه: مت من تعبه. أمت: أتبعت.
وأوصاف من تعزى إليه، كم اصطفت ... من الناس منسيّا وأسماه أسمت (1)
... وأنت على ما أنت عنّي نازح، ... وليس الثّريّا، للثّرى، بقرينة (2)
... فطورك قد بلّغته، وبلغت فو ... ق طورك حيث النّفس لم تك ظنّت ... وحدّك هذا، عنده، قف، فعنه لو ... تقدّمت شيئا، لاحترقت بجذوة (3)
... وقدري، بحيث المرء يغبط دونه ... سموّا، ولكن فوق قدرك، غبطتي (4)
... وكلّ الورى أبناء آدم، غير أني ... حزت صحو الجمع، من بين إخوتي (5)
... فسمعي كليميّ، وقلبي منبّأ ... بأحمد، رؤيا مقلة أحمديّة (6)
... وروحي للأرواح روح، وكلّ ما ... ترى حسنا في الكون من فيض طينتي ... فذر لي ما قبل الظّهور عرفته ... خصوصا وبي لم تدر في الذرّ رفقتي (7)
... ولا تسمني فيها مريدا، فمن دعي ... مرادا لها، جذبا، فقير لعصمتي (8)
... وألغ الكنى عني، ولا تلغ ألكنا ... بها، فهي من آثار صيغة صنعتي (9)
... وعن لقبي بالعارف ارجع، فإن تر ... التّنابز بالألقاب، في الذّكر، تمقت (10)
... فأصغر أتباعي، على عين قلبه، ... عرائس أبكار المعارف، زفّت
{وَلََا تَنََابَزُوا بِالْأَلْقََابِ}. العارف: العالم الصوفي. تمقت: تغضب.
جنى ثمر العرفان من فرع فطنة، ... زكا باتّباعي، وهو من أصل فطرتي ... فإن سيل عن معنى أتى بغرائب، ... عن الفهم جلّت، بل عن الوهم دقت (1)
... ولا تدعني فيها بنعت مقرّب، ... أراه بحكم الجمع فرق جريرة (2)
... فوصلي قطعي، واقترابي تباعدي، ... وودّي صدّي، وانتهائي بداءتي ... وفي من بها ورّيت عنّي، ولم أرد ... سواي، خلعت اسمي ورسمي وكنيتي (3)
... فسرت إلى ما دونه وقف الألى، ... وضلّت عقول، بالعوائد ضلّت (4)
... فلا وصف لي والوصف رسم، كذاك ... الاسم وسم، فإن تكني، فكنّ أو انعت (5)
... ومن أنا إياها إلى حيث لا إلى ... عرجت، وعطّرت الوجود برجعتي (6)
... وعن أنا إيّاي لباطن حكمة، ... وظاهر أحكام، أقيمت لدعوتي ... فغاية مجذوبي إليها، ومنتهى ... مراديه ما أسلفته، قبل توبتي (7)
... ومنّي أوج السّابقين، بزعمهم، ... حضيض ثرى آثار موضع وطأتي (8)
... وآخر ما بعد الإشارة، حيث لا ... ترقّي ارتفاع وضع أول خطوتي (9)
... ولا غرو أن سدت الألى سبقوا، وقد ... تمسّكت، من طه بأوثق عروة (10)
... عليها مجازي سلامي، فإنّما ... حقيقته مني إليّ تحيتي ... وأطيب ما فيها وجدت بمبتدا ... غرامي، وقد أبدى بها كلّ نذرة (11)
(1) سيل: سئل. دقّت: صعبت.
(2) النعت: الصفة. الجريرة: الذنب.
(3) وريت: احفيت وسترت. ورّى الشيء ستره وأخفاه. الكنية: اللقب.
(4) الألى: الناس. العوائد: المعارف والعلوم. ضلت: تاهت.
(5) الوسم: الصفة والميزة. كنّ وانعت فعلا أمر من كنّى: سمّى ونعت: وصف.
(6) عرجت: ملت.
(7) غاية مجذوبي: منتهى تعلقي. أسلفته: قدمته سابقا.
(8) الأوج: المنتهى والعز. الحضيض: المكان الأسفل. موضع الوطأة: موطئ القدم.
(9) معنى البيت: انني وصلت إلى موضع لا يمكن ان ترتفع إليه قدم.
(10) سدت الألى: أصبحت سيد الناس. طه: سيدنا ونبينا محمد (صلّى الله عليه وسلّم). العروة:
الصلة.
(11) النذرة: الأنذار.
ظهوري، وقد أخفيت حالي منشدا ... بها، طربا، والحال غير خفيّة ... بدت، فرأيت الحزم في نقص توبتي ... وقام بها عند النّهى عذر محنتي (1)
... فمنها أماني من ضنى جسدي بها، ... أمانيّ آمال سخت، ثمّ شحّت (2)
... وفيها تلافي الجسم، بالسّقم، صحة ... له، وتلاف النّفس نفس الفتوّة (3)
... وموتي بها، وجدا، حياة هنيئة، ... وإن لم أمت في الحبّ عشت بغصّة ... فيا مهجتي ذوبي جوى وصبابة، ... ويا لوعتي كوني، كذاك، مذيبتي (4)
... ويا نار أحشائي أقيمي، من الجوى، ... حنايا ضلوعي، فهي غير قويمة (5)
... ويا حسن صبري، في رضى من أحبّها ... تجمّل، وكن للدّهر بي غير مشمت (6)
... ويا جلدي، في جنب طاعة حبّها ... تحمّل، عداك الكلّ، كلّ عظيمة (7)
... ويا جسدي المضنى تسلّ عن الشّفا، ... ويا كبدي، من لي بأن تتفتّتي (8)
... ويا سقمي لا تبق لي رمقا، فقد ... أبيت، لبقيا العزّ، ذلّ البقيّة (9)
... ويا صحّتي، ما كان من صحبتي انقضى ... ووصلك في الأحشاء ميتا كهجرة ... ويا كلّ ما أبقى الضّنى منّي ارتحل ... فما لك مأوى في عظام رميمة (10)
... ويا ما عسى منّي أناجي، توهّما، ... بياء النّدا، أونست منك بوحشة (11)
(11) النذرة: الأنذار.
ظهوري، وقد أخفيت حالي منشدا ... بها، طربا، والحال غير خفيّة ... بدت، فرأيت الحزم في نقص توبتي ... وقام بها عند النّهى عذر محنتي (1)
... فمنها أماني من ضنى جسدي بها، ... أمانيّ آمال سخت، ثمّ شحّت (2)
... وفيها تلافي الجسم، بالسّقم، صحة ... له، وتلاف النّفس نفس الفتوّة (3)
... وموتي بها، وجدا، حياة هنيئة، ... وإن لم أمت في الحبّ عشت بغصّة ... فيا مهجتي ذوبي جوى وصبابة، ... ويا لوعتي كوني، كذاك، مذيبتي (4)
... ويا نار أحشائي أقيمي، من الجوى، ... حنايا ضلوعي، فهي غير قويمة (5)
... ويا حسن صبري، في رضى من أحبّها ... تجمّل، وكن للدّهر بي غير مشمت (6)
... ويا جلدي، في جنب طاعة حبّها ... تحمّل، عداك الكلّ، كلّ عظيمة (7)
... ويا جسدي المضنى تسلّ عن الشّفا، ... ويا كبدي، من لي بأن تتفتّتي (8)
... ويا سقمي لا تبق لي رمقا، فقد ... أبيت، لبقيا العزّ، ذلّ البقيّة (9)
... ويا صحّتي، ما كان من صحبتي انقضى ... ووصلك في الأحشاء ميتا كهجرة ... ويا كلّ ما أبقى الضّنى منّي ارتحل ... فما لك مأوى في عظام رميمة (10)
... ويا ما عسى منّي أناجي، توهّما، ... بياء النّدا، أونست منك بوحشة (11)
(1) الحزم: البأس والشدة. النهى: مفردها النهية ومعناها العقل. المحنة: الازمة.
(2) الضنى: الضعف. سخت: جادت، شحت: بخلت.
(3) تلاف الجسم: فساده. السقم: العلة والمرض.
(4) الجوى والصبابة: الوجد أو شدة العشق.
(5) حنايا الضلوع: أصلها. قويمة: مستقيمة.
(6) تجمل: اصبر. المشمت: الذي يفرح بمصيبة غيره.
(7) الجلد: الصبر.
(8) الجسد المضني: الجسم المريض.
(9) الرمق: النفس الأخير. أبيت: رفضت. البقيا: البقاء.
(10) العظام الرميمة: الميتة التي لا حياة فيها.
(11) المعنى: أنه لم يبق له إلا المناجاة ومخاطبة الله جل وعلا بالادعية. يا
وكلّ الذي ترضاه والموت دونه ... به أنا راض والصبابة أرضت ... ونفسي لم تجزع، بإتلافها أسى، ... ولو جزعت كانت بغيري تأسّت (1)
... وفي كلّ حيّ كلّ حيّ كميّت ... بها، عنده قتل الهوى خير موتة ... تجمّعت الأهواء فيها، فما ترى ... بها غير صبّ، لا يرى غير صبوة (2)
... إذا سفرت في يوم عيد تزاحمت ... على حسنها أبصار كلّ قبيلة ... فأرواحهم تصبو لمعنى جمالها، ... وأحداقهم من حسنها في حديقة (3)
... وعندي عيدي، كلّ يوم أرى به، ... جمال محيّاها، بعين قريرة ... وكلّ اللّيالي ليلة القدر، إن دنت ... كما كلّ أيّام اللّقا يوم جمعة (4)
... وسعيي لها حجّ، به كلّ وقفة، ... على بابها، قد عادلت كلّ وقفة (5)
... وأيّ بلاد الله حلّت بها، فما ... أراها، وفي عيني حلت، غير مكّة ... وأيّ مكان ضمّها حرم، كذا ... أرى كل دار أوطنت دار هجرة ... وما سكنته فهو بيت مقدّس، ... بقرّة عيني فيه، أحشاي قرّت (6)
... ومسجدي الأقصى مساحب بردها ... وطيبي ثرى أرض، عليها تمشّت (7)
... مواطن أفراحي، ومربى مآربي، ... وأطوار أوطاري، ومأمن خيفتي (8)
... مغان، بها لم يدخل الدّهر بيننا، ... ولا كادنا صرف الزّمان بفرقة (9)
(11) المعنى: أنه لم يبق له إلا المناجاة ومخاطبة الله جل وعلا بالادعية. يا
وكلّ الذي ترضاه والموت دونه ... به أنا راض والصبابة أرضت ... ونفسي لم تجزع، بإتلافها أسى، ... ولو جزعت كانت بغيري تأسّت (1)
... وفي كلّ حيّ كلّ حيّ كميّت ... بها، عنده قتل الهوى خير موتة ... تجمّعت الأهواء فيها، فما ترى ... بها غير صبّ، لا يرى غير صبوة (2)
... إذا سفرت في يوم عيد تزاحمت ... على حسنها أبصار كلّ قبيلة ... فأرواحهم تصبو لمعنى جمالها، ... وأحداقهم من حسنها في حديقة (3)
... وعندي عيدي، كلّ يوم أرى به، ... جمال محيّاها، بعين قريرة ... وكلّ اللّيالي ليلة القدر، إن دنت ... كما كلّ أيّام اللّقا يوم جمعة (4)
... وسعيي لها حجّ، به كلّ وقفة، ... على بابها، قد عادلت كلّ وقفة (5)
... وأيّ بلاد الله حلّت بها، فما ... أراها، وفي عيني حلت، غير مكّة ... وأيّ مكان ضمّها حرم، كذا ... أرى كل دار أوطنت دار هجرة ... وما سكنته فهو بيت مقدّس، ... بقرّة عيني فيه، أحشاي قرّت (6)
... ومسجدي الأقصى مساحب بردها ... وطيبي ثرى أرض، عليها تمشّت (7)
... مواطن أفراحي، ومربى مآربي، ... وأطوار أوطاري، ومأمن خيفتي (8)
... مغان، بها لم يدخل الدّهر بيننا، ... ولا كادنا صرف الزّمان بفرقة (9)
(1) لم تجزع: لم تخف. الإتلاف: الموت. تأست: تعزت.
(2) الأهواء: الأغراض. الصبّ: الشديد العشق والصبوة: حبّ الشباب.
(3) تصبو: تنظر. الأحداق: المقل.
(4) المعنى أنه ينتظر لقياها في كل ليلة كما ينتظر المؤمنون لقاء ليلة القدر في كل عام.
(5) السعي والوقفة: من اعمال الحج والمقصود أن الوقوف على بابها يعادل الوقوف على جبل عرفات.
(6) أحشاي: احشائي. قرّت: هدأت واطمأنت.
(7) مساحب بردها: أطراف ثوبها.
(8) المواطن: المساكن. المآرب: الغايات. الأوطار: الحاجات.
(9) المغاني: الحجرات. كادنا: أصابنا بمكيدة. صرف الزمان: كيده.
ولا سعت الأيّام في شتّ شملنا، ... ولا حكمت فينا الليالي بجفوة (1)
... ولا صبّحتنا النائبات بنبوة، ... ولا حدّثتنا الحادثات بنكبة (2)
... ولا شنّع الواشي بصدّ وهجرة ... ولا أرجف اللاحي ببين وسلوة (3)
... ولا استيقظت عين الرّقيب ولم تزل ... عليّ لها، في الحبّ، عيني رقيبتي ... ولا اختصّ وقت دون وقت بطيبة ... بها كلّ أوقاتي مواسم لذة ... نهاري أصيل كلّه، إن تنسّمت ... أوائله منها بردّ تحيّتي ... وليلي فيها كلّه سحر، إذا ... سرى لي منها فيه عرف نسيمة (4)
... وإن طرقت ليلا، فشهري كلّه ... بها ليلة القدر، ابتهاجا بزورة (5)
... وإن قربت داري، فعامي كلّه ... ربيع اعتدال، في رياض أريضة (6)
... وإن رضيت عني، فعمري كلّه ... زمان الصّبا، طيبا، وعصر الشبيبة ... لئن جمعت شمل المحاسن صورة ... شهدت بها كلّ المعاني الدّقيقة ... فقد جمعت أحشاي كلّ صبابة ... بها، وجوى ينبيك عن كلّ صبوة (7)
... ولم لا أباهي كلّ من يدّعي الهوى ... بها، وأناهي في افتخاري بحظوة (8)
... وقد نلت منها فوق ما كنت راجيا ... وما لم أكن أمّلت من قرب قربتي (9)
(9) المغاني: الحجرات. كادنا: أصابنا بمكيدة. صرف الزمان: كيده.
ولا سعت الأيّام في شتّ شملنا، ... ولا حكمت فينا الليالي بجفوة (1)
... ولا صبّحتنا النائبات بنبوة، ... ولا حدّثتنا الحادثات بنكبة (2)
... ولا شنّع الواشي بصدّ وهجرة ... ولا أرجف اللاحي ببين وسلوة (3)
... ولا استيقظت عين الرّقيب ولم تزل ... عليّ لها، في الحبّ، عيني رقيبتي ... ولا اختصّ وقت دون وقت بطيبة ... بها كلّ أوقاتي مواسم لذة ... نهاري أصيل كلّه، إن تنسّمت ... أوائله منها بردّ تحيّتي ... وليلي فيها كلّه سحر، إذا ... سرى لي منها فيه عرف نسيمة (4)
... وإن طرقت ليلا، فشهري كلّه ... بها ليلة القدر، ابتهاجا بزورة (5)
... وإن قربت داري، فعامي كلّه ... ربيع اعتدال، في رياض أريضة (6)
... وإن رضيت عني، فعمري كلّه ... زمان الصّبا، طيبا، وعصر الشبيبة ... لئن جمعت شمل المحاسن صورة ... شهدت بها كلّ المعاني الدّقيقة ... فقد جمعت أحشاي كلّ صبابة ... بها، وجوى ينبيك عن كلّ صبوة (7)
... ولم لا أباهي كلّ من يدّعي الهوى ... بها، وأناهي في افتخاري بحظوة (8)
... وقد نلت منها فوق ما كنت راجيا ... وما لم أكن أمّلت من قرب قربتي (9)
(1) شت الشمل: الفرقة. الجفوة: القطيعة والتباعد.
(2) النائبات: مفردها النائبة وهي المصيبة والبلاء. النبوة: الجفاء. الحادثات: مفردها الحادثة وهي النكبة.
(3) شنع: كرّه الصد: الجفاء. ارجف اللاحي: أبعد المبغض. البين: الفراق.
السلوى: النسيان.
(4) سرى: أتى ليلا. العرف: الرائحة الطيبة. النسيمة: تصغير لكلمة نسمة.
(5) طرقت: زارت ليلا. الزورة: الزيارة.
(6) الرياض: مفردها الروضة وهي الحديقة الغنّاء. الأريضة: الكثيرة الاخضرار.
(7) الصبابة: شدة العشق الجوى: عذاب الحب. ينبيك: يخبرك.
(8) أناهي: أغالب. الحظوة: اللقية الثمينة.
(9) القربة: ما يتقرب به الإنسان من الله عز وجل.
وأرغم أنف البين لطف اشتمالها ... عليّ، بما يربي على كلّ منية (1)
... بها مثلما أمسيت أصبحت مغرما ... وما أصبحت فيه من الحسن أمست ... فلو منحت كلّ الورى بعض حسنها ... خلا «يوسف»، ما فاتهم بمزيّة (2)
... صرفت لها كلّي، على يد حسنها ... فضاعف لي إحسانها كلّ وصلة (3)
... يشاهد منّي حسنها كلّ ذرة ... بها كلّ طرف جال، في كلّ طرفه (4)
... ويثني عليها فيّ كلّ لطيفة، ... بكلّ لسان، طال في كلّ لفظة ... وأنشق ريّاها بكلّ دقيقة، ... بها كلّ أنف ناشق كلّ هبّة (5)
... ويسمع منّي لفظها كلّ بضعة ... بها كلّ سمع سامع متنصّت (6)
... ويلثم منّي كلّ جزء لثامها ... بكلّ فم، في لثمه كلّ قبلة (7)
... فلو بسطت جسمي رأت كلّ جوهر ... به كلّ قلب، فيه كلّ محبّة ... وأغرب ما فيها استجدت، وجاد لي ... به الفتح، كشفا، مذهبا كلّ ريبة (8)
... شهودي بعين الجمع كلّ مخالف، ... وليّ ائتلاف، صدّه كالمودّة (9)
... أحبّني اللّاحي، وغار، فلا مني، ... وهام بها الواشي، فجار برقبة (10)
... فشكري لهذا حاصل حيث برّها ... لذا واصل، والكلّ آثار نعمتي (11)
(9) القربة: ما يتقرب به الإنسان من الله عز وجل.
وأرغم أنف البين لطف اشتمالها ... عليّ، بما يربي على كلّ منية (1)
... بها مثلما أمسيت أصبحت مغرما ... وما أصبحت فيه من الحسن أمست ... فلو منحت كلّ الورى بعض حسنها ... خلا «يوسف»، ما فاتهم بمزيّة (2)
... صرفت لها كلّي، على يد حسنها ... فضاعف لي إحسانها كلّ وصلة (3)
... يشاهد منّي حسنها كلّ ذرة ... بها كلّ طرف جال، في كلّ طرفه (4)
... ويثني عليها فيّ كلّ لطيفة، ... بكلّ لسان، طال في كلّ لفظة ... وأنشق ريّاها بكلّ دقيقة، ... بها كلّ أنف ناشق كلّ هبّة (5)
... ويسمع منّي لفظها كلّ بضعة ... بها كلّ سمع سامع متنصّت (6)
... ويلثم منّي كلّ جزء لثامها ... بكلّ فم، في لثمه كلّ قبلة (7)
... فلو بسطت جسمي رأت كلّ جوهر ... به كلّ قلب، فيه كلّ محبّة ... وأغرب ما فيها استجدت، وجاد لي ... به الفتح، كشفا، مذهبا كلّ ريبة (8)
... شهودي بعين الجمع كلّ مخالف، ... وليّ ائتلاف، صدّه كالمودّة (9)
... أحبّني اللّاحي، وغار، فلا مني، ... وهام بها الواشي، فجار برقبة (10)
... فشكري لهذا حاصل حيث برّها ... لذا واصل، والكلّ آثار نعمتي (11)
(1) البين: الفراق والبعد. يربي: يزيد.
(2) الورى: الخلق: خلا: عدا. يوسف (ع): ابن يعقوب (ع) الذي كان آية في الحسن والجمال. المزية: الصفة.
(3) صرفت: منحت: الوصلة: الاتصال.
(4) الطرف: النظر. حال: تنقل. الطرفة: النظرة.
(5) أنشق: أشم. رياها: عطرها.
(6) البضعة: القطعة من الجسد. متنصت: مصغ بانتباه.
(7) يلثم: يقبّل. اللثام: غطاء الوجه والفم.
(8) استجدت: اخترت كل جديد. الريبة: الشك.
(9) شهودي: حضوري. الائتلاف: الصلة والمودة. الصد: المنع والهجران.
(10) اللاحي: المبغض. جار: ظلم. الرقبة: الرقابة.
(11) برها: عطاؤها.
وغيري على الأغيار يثني، وللسّوى ... سواي، يثنّي منه عطفا لعطفتي (1)
... وشكري لي، والبرّ منّي واصل ... إليّ، ونفسي، باتّحادي، استبدّت (2)
... وثمّ أمور تمّ لي كشف سترها ... بصحو مفيق عن سواي تغطّت ... وعنّي بالتّلويح يفهم ذائق، ... غنيّ عن التصريح للمتعنّت (3)
... بها لم يبح دمه، وفي ... الإشارة معنى، ما العبارة حدّت (4)
... ومبدأ إبداها اللّذان تسبّبا ... إلى فرقتي، والجمع يأبى تشتّتي (5)
... هما معنا في باطن الجمع واحد، ... وأربعة في ظاهر الفرق عدّت ... وإنّي وإيّاها لذات، ومن وشى ... بها، وثنى عنها صفات تبدّت (6)
... فذا مظهر للرّوح، هاد، لأفقها ... شهودا، بدا في صيغة معنوية ... وذا مظهر للنّفس، حاد، لرفقها ... وجودا، غدا في صيغة صوريّة ... ومن عرف الأشكال مثلي لم يشبه ... شرك هدى، في رفع إشكال شبهة ... وذاتي باللّذّات خصّت عوالمي ... بمجموعها، إمداد جمع، وعمّت (7)
... وجادت ولا استعداد كسب بفيضها ... وقبل التّهيّؤ، للقبول، استعدّت (8)
... فبالنّفس أشباح الوجود تنعّمت ... وبالرّوح أرواح الشّهود تهنّت ... وحال شهودي: بين ساع لأفقه ... ولاح مراع رفقه، بالنّصيحة (9)
... شهيد بحالي، في السّماع لجاذبي، ... قضاء مقرّي، أو ممرّ قضيّتي
(11) برها: عطاؤها.
وغيري على الأغيار يثني، وللسّوى ... سواي، يثنّي منه عطفا لعطفتي (1)
... وشكري لي، والبرّ منّي واصل ... إليّ، ونفسي، باتّحادي، استبدّت (2)
... وثمّ أمور تمّ لي كشف سترها ... بصحو مفيق عن سواي تغطّت ... وعنّي بالتّلويح يفهم ذائق، ... غنيّ عن التصريح للمتعنّت (3)
... بها لم يبح دمه، وفي ... الإشارة معنى، ما العبارة حدّت (4)
... ومبدأ إبداها اللّذان تسبّبا ... إلى فرقتي، والجمع يأبى تشتّتي (5)
... هما معنا في باطن الجمع واحد، ... وأربعة في ظاهر الفرق عدّت ... وإنّي وإيّاها لذات، ومن وشى ... بها، وثنى عنها صفات تبدّت (6)
... فذا مظهر للرّوح، هاد، لأفقها ... شهودا، بدا في صيغة معنوية ... وذا مظهر للنّفس، حاد، لرفقها ... وجودا، غدا في صيغة صوريّة ... ومن عرف الأشكال مثلي لم يشبه ... شرك هدى، في رفع إشكال شبهة ... وذاتي باللّذّات خصّت عوالمي ... بمجموعها، إمداد جمع، وعمّت (7)
... وجادت ولا استعداد كسب بفيضها ... وقبل التّهيّؤ، للقبول، استعدّت (8)
... فبالنّفس أشباح الوجود تنعّمت ... وبالرّوح أرواح الشّهود تهنّت ... وحال شهودي: بين ساع لأفقه ... ولاح مراع رفقه، بالنّصيحة (9)
... شهيد بحالي، في السّماع لجاذبي، ... قضاء مقرّي، أو ممرّ قضيّتي
(1) يثني: يعطف. للسوى: للغير. العطف: الجانب. العطفة: الميل.
(2) استبدت: جارت وظلمت.
(3) التلويح: الإشارة. المتعنت: المتصلب الرأي.
(4) لم يبح: لم يذع. أباح الدم: أهرقه. حدت: حددت.
(5) إبداها: تخفيف لكلمة ابدائها. تشتتي: تفرقي.
(6) ثنى: صرف. تبدت: ظهرت.
(7) امداد جمع: وصول الخير للجميع. عمت: شملت.
(8) الفيض: العطاء الكثير. التهيؤ: الاستعداد.
(9) اللاحي: اللائم.
ويثبت نفي الالتباس تطابق ... المثالين بالخمس الحواس المبينة (1)
... وبين يدي مرماي، دونك سرّ ما ... تلقّته منها النّفس، سرّا، فألقت (2)
... إذا لاح معنى الحسن في أيّ صورة ... وناح معنّى الحزن في أيّ سورة (3)
... يشاهدها فكري بطرف تخيّلي، ... ويسمعها ذكري بمسمع فطنتي (4)
... ويحضرها للنّفس وهمي، تصوّرا ... فيحسبها، في الحسّ، فهمي، نديمتي ... فأعجب من سكري بغير مدامة ... وأطرب في سرّي، ومنّي طربتي (5)
... فيرقص قلبي، وارتعاش مفاصلي ... يصفّق كالشادي، وروحي قينتي (6)
... وما برحت نفسي تقوّت بالمنى، ... وتمحو القوى بالضّعف، حتى تقوّت (7)
... هناك وجدت الكائنات تحالفت ... على أنّها، والعون منّي، معينتي ... ليجمع شملي كلّ جارحة بها، ... ويشمل جمعي كلّ منبت شعرة ... ويخلع فينا، بيننا، لبس بيننا، ... على أنّني لم ألفه غير ألفة (8)
... تنبّه لنقل الحسّ للنّفس، راغبا ... عن الدّرس، ما أبدت بوحي البديهة (9)
... لروحي يهدي ذكرها الرّوح، كلما ... سرت سحرا منها شمال، وهبّت (10)
... ويلتذّ إن هاجته سمعي، بالضّحى ... على ورق ورق، شدت، وتغنّت (11)
(9) اللاحي: اللائم.
ويثبت نفي الالتباس تطابق ... المثالين بالخمس الحواس المبينة (1)
... وبين يدي مرماي، دونك سرّ ما ... تلقّته منها النّفس، سرّا، فألقت (2)
... إذا لاح معنى الحسن في أيّ صورة ... وناح معنّى الحزن في أيّ سورة (3)
... يشاهدها فكري بطرف تخيّلي، ... ويسمعها ذكري بمسمع فطنتي (4)
... ويحضرها للنّفس وهمي، تصوّرا ... فيحسبها، في الحسّ، فهمي، نديمتي ... فأعجب من سكري بغير مدامة ... وأطرب في سرّي، ومنّي طربتي (5)
... فيرقص قلبي، وارتعاش مفاصلي ... يصفّق كالشادي، وروحي قينتي (6)
... وما برحت نفسي تقوّت بالمنى، ... وتمحو القوى بالضّعف، حتى تقوّت (7)
... هناك وجدت الكائنات تحالفت ... على أنّها، والعون منّي، معينتي ... ليجمع شملي كلّ جارحة بها، ... ويشمل جمعي كلّ منبت شعرة ... ويخلع فينا، بيننا، لبس بيننا، ... على أنّني لم ألفه غير ألفة (8)
... تنبّه لنقل الحسّ للنّفس، راغبا ... عن الدّرس، ما أبدت بوحي البديهة (9)
... لروحي يهدي ذكرها الرّوح، كلما ... سرت سحرا منها شمال، وهبّت (10)
... ويلتذّ إن هاجته سمعي، بالضّحى ... على ورق ورق، شدت، وتغنّت (11)
(1) الالتباس: الحيرة والشك في الأمر.
(2) المرمى: الهدف. دونك: اسم فعل أمر بمعنى خذ.
(3) المعنى: المريض. السورة: سورة القرآن الكريم.
(4) الفطنة: النباهة والذكاء.
(5) المدامة: الخمرة.
(6) الشادي: المغني. القينة: الفتاة المغنية.
(7) تتقوت: تتناول الطعام. المنى: الأمل. تقوت: قويت.
(8) يخلع: يمحو ويحطم. بيننا: فرقتنا. اللبس: الشك. لم ألفه: لم أجده.
(9) البديهة: سرعة الخاطر.
(10) الرّوح: الراحة. السحر: أوائل الصباح. الشمال: ريح الشمال الخفيفة.
(11) هاجته: حركته. الضحى: الصباح. الورق: مفردها الورقاء وهي الحمامة. شدت:
تغنت.
وينعم طرفي إن روته، عشيّة، ... لإنسانه عنها بروق، وأهدت (1)
... ويمنحه ذوقي ولمسي أكؤس ... الشّراب، إذا ليلا، عليّ أديرت (2)
... ويوحيه قلبي للجوانح باطنا ... بظاهر ما رسل الجوارح أدّت (3)
... ويحضرني في الجمع من باسمها شدا ... فأشهدها، عند السّماع، بجملتي (4)
... فينحو سماء النّفح روحي ومظهري ... المسوّى بها، يحنو لأتراب تربتي (5)
... فمنّي مجذوب إليها وجاذب ... إليه، ونزع النّزع في كلّ جذبة (6)
... وما ذاك إلّا أنّ نفسي تذكّرت ... حقيقتها، من نفسها، حين أوحت ... فحنّت لتجريد الخطاب ببرزخ ... التّراب، وكلّ آخذ بأزمّتي (7)
... وينبيك عن شأني الوليد، وإن نشا ... بليدا، بإلهام كوحي وفطنة (8)
... إذا أنّ من شدّ القماط، وحنّ، في ... نشاط، إلى تفريج إفراط كربة (9)
... يناغي، فيلغي كلّ كلّ أصابه ... ويصغي لمن ناغاه، كالمتنصّت (10)
... وينسيه مرّ الخطب حلو خطابه ... ويذكره نجوى عهود قديمة (11)
تغنت.
وينعم طرفي إن روته، عشيّة، ... لإنسانه عنها بروق، وأهدت (1)
... ويمنحه ذوقي ولمسي أكؤس ... الشّراب، إذا ليلا، عليّ أديرت (2)
... ويوحيه قلبي للجوانح باطنا ... بظاهر ما رسل الجوارح أدّت (3)
... ويحضرني في الجمع من باسمها شدا ... فأشهدها، عند السّماع، بجملتي (4)
... فينحو سماء النّفح روحي ومظهري ... المسوّى بها، يحنو لأتراب تربتي (5)
... فمنّي مجذوب إليها وجاذب ... إليه، ونزع النّزع في كلّ جذبة (6)
... وما ذاك إلّا أنّ نفسي تذكّرت ... حقيقتها، من نفسها، حين أوحت ... فحنّت لتجريد الخطاب ببرزخ ... التّراب، وكلّ آخذ بأزمّتي (7)
... وينبيك عن شأني الوليد، وإن نشا ... بليدا، بإلهام كوحي وفطنة (8)
... إذا أنّ من شدّ القماط، وحنّ، في ... نشاط، إلى تفريج إفراط كربة (9)
... يناغي، فيلغي كلّ كلّ أصابه ... ويصغي لمن ناغاه، كالمتنصّت (10)
... وينسيه مرّ الخطب حلو خطابه ... ويذكره نجوى عهود قديمة (11)
(1) الطرف: النظر. روته: زارته. انسان العين: بؤبؤها.
(2) أكؤس: جمع تكسير لكأس.
(3) الجوارح: الحشا. أدت: أوصلت.
(4) الشدا: الغناء. بجملتي: لكل جسدي.
(5) ينحو: يتجه. النفح: الريح الطيبة. الأتراب: واحدها الترب وهو الرفيق. التربة:
المقبرة.
(6) المجذوب: المشدود. والجاذب اسم فاعل من جذب بمعنى شد. النزع: الموت.
(7) البرزخ: القناة بين موضعين. الأزمة: مفردها الزمام وهو العنان أو الرسن.
(8) ينبيك: يخبرك. نشا: نشأ وترعرع بليدا: كسولا خاملا.
(9) شد القماط: كناية عن صغر السن. التفريج: الترويح. الإفراط: الكثرة. الكربة:
الهم والضيق.
(10) المناغاة: كلام الحب. الكلّ: التعب. المنصت: المستمع بدقة.
(11) الخطب: الأمر العظيم. النجوى: حديث القلب.
ويعرب عن حال السّماع بحاله ... فيثبت، للرّقص، انتفاء النقيصة (1)
... إذا هام شوقا بالمناغي، وهمّ أن ... يطير إلى أوطانه الأوّليّة (2)
... يسكّن بالتّحريك، وهو بمهده ... إذا، ما له أيدي مربّيه، هزّت (3)
... وجدت، بوجد، آخذي عند ذكرها ... بتحبير تال، أو بألحان صيّت (4)
... كما يجد المكروب في نزع نفسه ... إذا ما له رسل المنايا توفّت (5)
... فواجد كرب في سياق لفرقة ... كمكروب وجد لاشتياق لرفقة (6)
... فذا نفسه رقّت إلى ما بدت به، ... وروحي ترقّت للمبادي العليّة (7)
... وباب تخطّيّ اتّصالي، بحيث لا ... حجاب وصال عنه، روحي ترقّت (8)
... على أثري من كان يؤثر قصده، ... كمثلي، فليركب له صدق عزمة (9)
... وكم لجّة قد خضت قبل ولوجه ... فقير الغنى ما بلّ منها بنغبة (10)
... بمرآة قولي، إن عزمت، أريكه ... فأصغ لما ألقي بسمع بصيرة (11)
... لفظت من الأقوال لفظي، عبرة ... وحظّي، من الأفعال، في كلّ فعلة
(11) الخطب: الأمر العظيم. النجوى: حديث القلب.
ويعرب عن حال السّماع بحاله ... فيثبت، للرّقص، انتفاء النقيصة (1)
... إذا هام شوقا بالمناغي، وهمّ أن ... يطير إلى أوطانه الأوّليّة (2)
... يسكّن بالتّحريك، وهو بمهده ... إذا، ما له أيدي مربّيه، هزّت (3)
... وجدت، بوجد، آخذي عند ذكرها ... بتحبير تال، أو بألحان صيّت (4)
... كما يجد المكروب في نزع نفسه ... إذا ما له رسل المنايا توفّت (5)
... فواجد كرب في سياق لفرقة ... كمكروب وجد لاشتياق لرفقة (6)
... فذا نفسه رقّت إلى ما بدت به، ... وروحي ترقّت للمبادي العليّة (7)
... وباب تخطّيّ اتّصالي، بحيث لا ... حجاب وصال عنه، روحي ترقّت (8)
... على أثري من كان يؤثر قصده، ... كمثلي، فليركب له صدق عزمة (9)
... وكم لجّة قد خضت قبل ولوجه ... فقير الغنى ما بلّ منها بنغبة (10)
... بمرآة قولي، إن عزمت، أريكه ... فأصغ لما ألقي بسمع بصيرة (11)
... لفظت من الأقوال لفظي، عبرة ... وحظّي، من الأفعال، في كلّ فعلة
(1) يعرب: يدلي ويصرح. يثبت للرقص: يميل إلى الرقص وهي عادة بعض الصوفيين أثناء الذكر. النقيصة: العيب.
(2) هام شوقا: أحب بعنف. المناغي: الحبيب. هم: باشر.
(3) يسكن: يهدأ. المهد: السرير.
(4) جدت: تكرمت. الوجد: العشق الشديد. التالي: المقرئ. الصّيت: المرتفع الصوت.
(5) المكروب: المحزون اسم مفعول من كرب. المنايا: مفردها المنية وهي الحتف والموت.
(6) الكرب: الحزن. السياق: السبيل والمجال. مكروب مرّ ذكرها في البيت السابق.
(7) رقت: لانت وحنت. ترقت: سمت وارتفعت.
(8) التخطي: التجاوز. الحجاب: المانع.
(9) يؤثره: يفضله. العزمة: العزيمة أو القوة.
(10) اللجة: الموجة الكبيرة. الولوج: الدخول. النغبة: الجرعة.
(11) أريكه: أريك إياه.
ولحظي على الأعمال حسن ثوابها ... وحفظي، للأحوال، من شين ريبة (1)
... ووعظي بصدق القصد إلقاء مخلص ... ولفظي اعتبار اللّفظ في كلّ قسمة ... وقلبي بيت فيه أسكن، دونه ... ظهور صفاتي عنه من حجبيتي (2)
... ومنها يميني، فيّ ركن مقبّل، ... ومن قبلتي، للحكم، في فيّ قبلتي ... وحولي بالمعنى طوافي، حقيقة، ... وسعيي، لوجهي، من صفائي لمروتي (3)
... وفي حرم من باطني أمن ظاهري ... ومن حوله يخشى تخطّف جيرتي (4)
... ونفسي بصومي عن سواي، تفرّدا ... زكت، وبفضل الفيض عنّي زكّت ... وشفع وجودي في شهودي ظلّ في ... اتّحادي، وترا، في تيقّظ غفوتي (5)
... وإسراء سرّي، عن خصوص حقيقة ... إليّ، كسيري في عموم الشريعة (6)
... ولم أله باللّاهوت عن حكم مظهري ... ولم أنس بالنّاسوت مظهر حكمتي (7)
... فعنّي، على النّفس، العقود تحكّمت ... ومنّي على الحسّ، الحدود أقيمت (8)
... وقد جاءني منّي رسول، عليه ما ... عنتّ، عزيز بي، حريص لرأفة (9)
... بحكمي من نفسي عليها قضيته، ... ولما تولّت أمرها ما تولّت (10)
__________
(1) الشين: العيب. الريبة: الشك.
(2) حجبيتي: اختفائي وتستري.
(3) الطواف والسعي من اعمال الحج. والصفا والمروة: مكانان يطوف الحجاج بينهما.
(4) معنى البيت: ان ما في نفسي من الايمان يمنع الاعتداء على جسدي ويلحق هذا العفو من أحاطني من الجيران.
(5) الشفع: العدد المزدوج والوتر العدد المفرد.
(6) الإسراء: السير ليلا.
(7) اللاهوت والناسوت: تعابير تعبر عن حضرة الخالق.
(8) العقود: العهود والمواثيق. والحدود. إقامة الحد على النفس ومعاقبتها إذا تخطت الحدود الشرعية.
(9) عنت: شديد العناد.
(10) تولت الأولى: أحكمت موضعها. تولت الثانية: بارحت.
ومن عهد عهدي، قبل عصر عناصري ... إلى دار بعث، قبل إنذار بعثة (1)
... إليّ رسولا كنت مني مرسلا، ... وذاتي، بآياتي عليّ، استدلّت ... ولما نقلت النّفس من ملك أرضها ... بحكم الشّرا منها، إلى ملك جنّة (2)
... وقد جاهدت، واستشهدت في سبيلها ... وفازت ببشرى بيعها، حين أوفت (3)
... سمت بي لجمعي عن خلود سمائها، ... ولم أرض إخلادي لأرض خليفتي (4)
... ولا فلك إلّا، ومن نور باطني، ... به ملك، يهدي الهدى بمشيئتي ... ولا قطر إلّا من فيض ظاهري ... به قطرة، عنها السّحائب سحّت (5)
... ومن مطلعي، النور البسط، كلمعة ... ومن مشرعي، البحر المحيط كقطرة (6)
... فكلّي لكلّي طالب، متوجّه، ... وبعضي، لبعضي، جاذب بالأعنّة (7)
... ومن كان فوق التّحت، والفوق تحته ... إلى وجهه الهادي عنت كلّ وجهة (8)
... فتحت الثّرى فوق الأثير لرتق ما ... فتقت، وفتق الرّتق ظاهر سنّتي (9)
(10) تولت الأولى: أحكمت موضعها. تولت الثانية: بارحت.
ومن عهد عهدي، قبل عصر عناصري ... إلى دار بعث، قبل إنذار بعثة (1)
... إليّ رسولا كنت مني مرسلا، ... وذاتي، بآياتي عليّ، استدلّت ... ولما نقلت النّفس من ملك أرضها ... بحكم الشّرا منها، إلى ملك جنّة (2)
... وقد جاهدت، واستشهدت في سبيلها ... وفازت ببشرى بيعها، حين أوفت (3)
... سمت بي لجمعي عن خلود سمائها، ... ولم أرض إخلادي لأرض خليفتي (4)
... ولا فلك إلّا، ومن نور باطني، ... به ملك، يهدي الهدى بمشيئتي ... ولا قطر إلّا من فيض ظاهري ... به قطرة، عنها السّحائب سحّت (5)
... ومن مطلعي، النور البسط، كلمعة ... ومن مشرعي، البحر المحيط كقطرة (6)
... فكلّي لكلّي طالب، متوجّه، ... وبعضي، لبعضي، جاذب بالأعنّة (7)
... ومن كان فوق التّحت، والفوق تحته ... إلى وجهه الهادي عنت كلّ وجهة (8)
... فتحت الثّرى فوق الأثير لرتق ما ... فتقت، وفتق الرّتق ظاهر سنّتي (9)
(1) العهد: الزمان. عهدي: ميثاقي. دار البعث: الآخرة.
(2) الشرا: الشراء.
(3) البشرى: النبأ السار. أوفت: وصلت.
(4) سمت: ارتفعت. الإخلاد: الرضوخ.
(5) القطر: البلد. الفيض: ما تجود به النفس. سحت: سكبت.
(6) المشرع: مورد الماء.
(7) الأعنة: واحدها العنان وهو زمام الامر ورباطه.
(8) في البيت إشارة إلى وجود الله جل وعلا في كل الجهات في الشرق والغرب والشمال والجنوب وفوق وتحت وهي الجهات الست.
(9) الثرى: الأرض. الأثير: الجو أو الفضاء. الرتق: الجمع. فتقت: قسمت أو شقّيت.
ولا شبهة، والجمع عين تيقّن، ... ولا جهة، والأين بين تشتّتي (1)
... ولا عدّة، والعدّ كالحدّ قاطع ... ولا مدّة، والحدّ شرك موقت ... ولا ندّ في الدّارين يقضي بنقض ما ... بنيت، ويمضي أمره حكم إمرتي (2)
... ولا ضدّ في الكونين، والخلق ما ترى ... بهم للتّساوي من تفاوت خلقتي ... ومني بدا لي ما عليّ لبسته، ... وعني البوادي بي إليّ أعيدت (3)
... وفي شهدت السّاجدين لمظهري، ... فحقّقت أني كنت آدم سجدتي (4)
... وعاينت روحانيّة الأرضين، في ... ملائك علّيّين، أكفاء رتبتي (5)
... ومن أفقي الدّاني اجتدى رفقي الهدى ... ومن فرقي الثاني بدا جمع وحدتي (6)
... وفي صعق دك الحسّ خرّت إفاقة ... لي، النّفس، قبل التّوبة الموسويّة (7)
... فلا أين بعد العين، والسّكر منه قد ... أفقت وعين الغين بالصّحو أصحت (8)
... وآخر محو جاء ختمي، بعده، ... كأوّل صحو، لارتسام بعدّة (9)
(9) الثرى: الأرض. الأثير: الجو أو الفضاء. الرتق: الجمع. فتقت: قسمت أو شقّيت.
ولا شبهة، والجمع عين تيقّن، ... ولا جهة، والأين بين تشتّتي (1)
... ولا عدّة، والعدّ كالحدّ قاطع ... ولا مدّة، والحدّ شرك موقت ... ولا ندّ في الدّارين يقضي بنقض ما ... بنيت، ويمضي أمره حكم إمرتي (2)
... ولا ضدّ في الكونين، والخلق ما ترى ... بهم للتّساوي من تفاوت خلقتي ... ومني بدا لي ما عليّ لبسته، ... وعني البوادي بي إليّ أعيدت (3)
... وفي شهدت السّاجدين لمظهري، ... فحقّقت أني كنت آدم سجدتي (4)
... وعاينت روحانيّة الأرضين، في ... ملائك علّيّين، أكفاء رتبتي (5)
... ومن أفقي الدّاني اجتدى رفقي الهدى ... ومن فرقي الثاني بدا جمع وحدتي (6)
... وفي صعق دك الحسّ خرّت إفاقة ... لي، النّفس، قبل التّوبة الموسويّة (7)
... فلا أين بعد العين، والسّكر منه قد ... أفقت وعين الغين بالصّحو أصحت (8)
... وآخر محو جاء ختمي، بعده، ... كأوّل صحو، لارتسام بعدّة (9)
(1) التيقن: التأكد من الأمر. الأين: الآن: التشتت: التفرق.
(2) الند: الشبيه. النقض: المغالطة والإلغاء.
(3) البوادي: الظواهر.
(4) في البيت تورية يقصد بها أنه أول الساجدين للََّه تعالى. بفضل ما أوتيت نفسه من الايمان والاتصال بالعالم الرباني وهذا أمر لم يصل إليه انسان قبله فكان كسيدنا آدم أول من سجد للََّه تعالى.
(5) الأرضين: جمع الأرض. عليين: أعلى اماكن الجنة. الأكفاء: الموازون. الرتبة:
المنزلة.
(6) الداني: القريب. اجتدى: حصل. الفرق الثاني: مصطلح صوفي معناه شهود قيام الخلق بالحق من غير احتجاب.
(7) الدك: الهدم. خرت: تهدمت. الموسوية: نسبة إلى كليم الله سيدنا موسى (ع).
(8) لا أين بعد العين: مجاز معناه لا سؤال بعد ظهور الحقيقة. الغين: تعبير صوفي معناه: الاحتجاب عن الشهود مع صحة الاعتقاد.
(9) المحو: الزوال والمقصود هنا النوم. الصحو: اليقظة ويظهر الطباق واضحا وهذا شأن ابن الفارض في معظم أبيات القصيدة.
وكيف دخولي تحت ملكي كأولياء ... ملكي وأتباعي وحزبي وشيعتي (1)
... ومأخوذ محو الطّمس محقا وزنته ... بمحذوذ صحو الحسّ، فرقا بكفّة (2)
... فنقطة عين الغين، عن صحوي انمحت ... ويقظة عين العين، محوي، ألغت (3)
... وما فاقد بالصّحو، في المحو واحد ... لتلوينه، أهلا، لتمكين زلفة (4)
... تساوى النشاوى والصّحاة لنعتهم ... برسم حضور، أو بوسم حظيرة (5)
... وليسوا بقومي من عليهم تعاقبت ... صفات التباس، أو سمات بقيّة (6)
... ومن لم يرث عنّي الكمال، فناقص ... على عقبيه ناكص في العقوبة (7)
... وما فيّ ما يفضي للبس بقيّة، ... ولا فيء لي يقضي عليّ بفيئة (8)
... وماذا عسى يلقى جنان، وما به ... يفوه لسان، بين وحي وصيغة (9)
... تعانقت الأطراف عندي، وانطوى ... بساط السّوى، عدلا، بحكم السويّة (10)
... وعاد وجودي، في فنا ثنويّة ... الوجود، شهودا في بقا أحديّة (11)
... فما فوق طور العقل أوّل فيضة ... كما تحت طور النّقل آخر قبضة (12)
(9) المحو: الزوال والمقصود هنا النوم. الصحو: اليقظة ويظهر الطباق واضحا وهذا شأن ابن الفارض في معظم أبيات القصيدة.
وكيف دخولي تحت ملكي كأولياء ... ملكي وأتباعي وحزبي وشيعتي (1)
... ومأخوذ محو الطّمس محقا وزنته ... بمحذوذ صحو الحسّ، فرقا بكفّة (2)
... فنقطة عين الغين، عن صحوي انمحت ... ويقظة عين العين، محوي، ألغت (3)
... وما فاقد بالصّحو، في المحو واحد ... لتلوينه، أهلا، لتمكين زلفة (4)
... تساوى النشاوى والصّحاة لنعتهم ... برسم حضور، أو بوسم حظيرة (5)
... وليسوا بقومي من عليهم تعاقبت ... صفات التباس، أو سمات بقيّة (6)
... ومن لم يرث عنّي الكمال، فناقص ... على عقبيه ناكص في العقوبة (7)
... وما فيّ ما يفضي للبس بقيّة، ... ولا فيء لي يقضي عليّ بفيئة (8)
... وماذا عسى يلقى جنان، وما به ... يفوه لسان، بين وحي وصيغة (9)
... تعانقت الأطراف عندي، وانطوى ... بساط السّوى، عدلا، بحكم السويّة (10)
... وعاد وجودي، في فنا ثنويّة ... الوجود، شهودا في بقا أحديّة (11)
... فما فوق طور العقل أوّل فيضة ... كما تحت طور النّقل آخر قبضة (12)
(1) الأتباع والحزب والشيعة: مسميات لمعنى واحد وهو الانصار.
(2) الطمس: زوال الأثر واختفاؤه. المحق: الإفناء. المحذوذ: اسم مفعول من حذ بمعنى قطع.
(3) معنى البيت: إن اتصاله بالعالم الروحاني أصبح وثيقا ولم يعد هناك من عوائق تفصله عن هذا العالم.
(4) الزلفة: القربى للََّه تعالى.
(5) النشاوى: السكارى والمعنى مجازي يراد به نشوة العشق الإلهي. الرسم والوسم العلامة. الحظيرة: مكان الاجتماع.
(6) تعاقبت: توالت. الالتباس: الريبة والشك.
(7) نكص على عقبيه: رجع عمّا كان عليه من خير ولا تستعمل إلّا للخير.
(8) الفيئة: الرجعة.
(9) الجنان: العقل أو القلب. يفوه: ينطق.
(10) السوي: الغير. السوية: العدل.
(11) الثنوية: الشرك بالله والاعتقاد بوجود اله ثان. الأحدية: الإقرار بوحدانية اللََّه الذي لا شريك له.
(12) الفيضة: ما تجود به الروح من تعلقها بأمر الخالق.
لذلك عن تفضيله، وهو أهله، ... نهانا، على ذي النّون، خير البريّة (1)
... أشرت بما تعطي العبارة، والذي ... تغطّى فقد أوضحته بلطيفة (2)
... وليس ألست الأمس غير المن غدا ... وجنحي غدا صبحي، ويومي ليلتي (3)
... وسرّ «بلى» للََّه مرآة كشفها ... وإثبات معنى الجمع نفي المعيّة (4)
... فلا ظلم تغشى، ولا ظلم يختشى ... ونعمة نوري أطفأت نار نقمتي (5)
... ولا وقت إلّا حيث لا وقت حاسب ... وجود وجودي، من حساب الأهلّة ... ومسجون حصر العصر لم ير ما وراء ... سجيّته، في الجنّة الأبديّة (6)
... فبي دارت الأفلاك، فأعجب لقطبها ... المحيط بها، والقطب مركز نقطة (7)
... ولا قطب قبلي، عن ثلاث خلفته ... وقطبيّة الأوتاد عن بدليّة (8)
... فلا تعد خطّي المستقيم، فإنّ في ... الزّوايا خبايا، فانتهز خير فرصة (9)
... فعنّي بدا في الذّرّ فيّ الولا، ولي ... لبان ثديّ الجمع، منّي درّت (10)
... وأعجب ما فيها شهدت، فراعني ... ومن نفث روح القدس في الرّوع روعتي (11)
... وقد أشهدتني حسنها، فشدهت عن ... حجاي، ولم أثبت حلاي لدهشتي (12)
(12) الفيضة: ما تجود به الروح من تعلقها بأمر الخالق.
لذلك عن تفضيله، وهو أهله، ... نهانا، على ذي النّون، خير البريّة (1)
... أشرت بما تعطي العبارة، والذي ... تغطّى فقد أوضحته بلطيفة (2)
... وليس ألست الأمس غير المن غدا ... وجنحي غدا صبحي، ويومي ليلتي (3)
... وسرّ «بلى» للََّه مرآة كشفها ... وإثبات معنى الجمع نفي المعيّة (4)
... فلا ظلم تغشى، ولا ظلم يختشى ... ونعمة نوري أطفأت نار نقمتي (5)
... ولا وقت إلّا حيث لا وقت حاسب ... وجود وجودي، من حساب الأهلّة ... ومسجون حصر العصر لم ير ما وراء ... سجيّته، في الجنّة الأبديّة (6)
... فبي دارت الأفلاك، فأعجب لقطبها ... المحيط بها، والقطب مركز نقطة (7)
... ولا قطب قبلي، عن ثلاث خلفته ... وقطبيّة الأوتاد عن بدليّة (8)
... فلا تعد خطّي المستقيم، فإنّ في ... الزّوايا خبايا، فانتهز خير فرصة (9)
... فعنّي بدا في الذّرّ فيّ الولا، ولي ... لبان ثديّ الجمع، منّي درّت (10)
... وأعجب ما فيها شهدت، فراعني ... ومن نفث روح القدس في الرّوع روعتي (11)
... وقد أشهدتني حسنها، فشدهت عن ... حجاي، ولم أثبت حلاي لدهشتي (12)
(1) ذو النون: النبي يونان، البرية: البشر.
(2) اللطيفة: بالمصطلح الصوفي كل إشارة تفهم دون ان يعبّر عنها بالكلام.
(3) جنحي: ليلي أو ظلامي.
(4) انه صدق بوحدانية الله بكل صفاته وانكر ان يكون مع الله احد.
(5) تغشى: تغطي والمعنى: عند اتصال الروح بعالم خالقها يمتنع الظلم والخوف ويسود نور النعمة في صدر العارف المريد.
(6) سجين: واد في جهنم. ويقال أيضا أنه في اسفل الأرض السابعة حيث ابليس وجنوده.
(7) القطب: المدار وفي المعنى الصوفي القطب هو الرجل العارف الذي ينظر إليه الله في كل زمان ومكان.
(8) خلفته: ورثته. الأوتاد: المنازل الرئيسية الأربعة بين منازل البروج الاثني عشر.
(9) تعدو: تتجاوز وتتخطى.
(10) بدا: ظهر. الذّر: صغار النمل. الولا: ترخيم الولاء. درّت: فاضت لبنا.
(11) راعني: أخافني. النفث: النفخ. الروع: الخوف.
(12) شدهت: دهشت. الحجى: العقل.
ذهلت بها عنّي، بحيث ظننتني ... سواي، ولم أقصد سواء مظنّتي (1)
... ودلّهني فيها ذهولي، فلم أفق ... عليّ ولم أقف التماسي بظنّتي (2)
... فأصبحت فيها والها لاهيا بها، ... ومن ولّهت شغلا بها، عنه ألهت (3)
... وعن شغلي عنّي شغلت، فلو بها ... قضيت ردى ما كنت أدري بنقلتي (4)
... ومن ملح الوجد المدلّه في الهوى، ... المولّه عقلي، سبي سلب كغفلتي (5)
... أسائلها عنّي، إذا ما لقيتها، ... ومن حيث أهدت لي هداي أضلّت (6)
... وأطلبها منّي، وعندي لم تزل، ... عجبت لها بي كيف عنّي استجنّت (7)
... وما زلت في نفسي بها متردّدا ... لنشوة حسّي، والمحاسن خمرتي ... أسافر عن علم اليقين، لعينه، ... إلى حقّه، حيث الحقيقة رحلتي ... وأنشدني عني، لأرشدني، على ... لساني، إلى مسترشدي عند نشدتي (8)
... وأسألني رفعي الحجاب بكشفي ... النّقاب، وبي كانت إليّ وسيلتي (9)
... وأنظر في مرآة حسني كي أرى ... جمال وجودي، في شهودي طلعتي ... فإن فهت باسمي أصغ نحوي، تشوّقا ... إلى مسمعي ذكري بنطقي وأنصت (10)
... وألصق بالأحشاء كفّي عساي أن ... أعانقها في وضعها، عند ضمّتي (11)
(12) شدهت: دهشت. الحجى: العقل.
ذهلت بها عنّي، بحيث ظننتني ... سواي، ولم أقصد سواء مظنّتي (1)
... ودلّهني فيها ذهولي، فلم أفق ... عليّ ولم أقف التماسي بظنّتي (2)
... فأصبحت فيها والها لاهيا بها، ... ومن ولّهت شغلا بها، عنه ألهت (3)
... وعن شغلي عنّي شغلت، فلو بها ... قضيت ردى ما كنت أدري بنقلتي (4)
... ومن ملح الوجد المدلّه في الهوى، ... المولّه عقلي، سبي سلب كغفلتي (5)
... أسائلها عنّي، إذا ما لقيتها، ... ومن حيث أهدت لي هداي أضلّت (6)
... وأطلبها منّي، وعندي لم تزل، ... عجبت لها بي كيف عنّي استجنّت (7)
... وما زلت في نفسي بها متردّدا ... لنشوة حسّي، والمحاسن خمرتي ... أسافر عن علم اليقين، لعينه، ... إلى حقّه، حيث الحقيقة رحلتي ... وأنشدني عني، لأرشدني، على ... لساني، إلى مسترشدي عند نشدتي (8)
... وأسألني رفعي الحجاب بكشفي ... النّقاب، وبي كانت إليّ وسيلتي (9)
... وأنظر في مرآة حسني كي أرى ... جمال وجودي، في شهودي طلعتي ... فإن فهت باسمي أصغ نحوي، تشوّقا ... إلى مسمعي ذكري بنطقي وأنصت (10)
... وألصق بالأحشاء كفّي عساي أن ... أعانقها في وضعها، عند ضمّتي (11)
(1) السواء: الاستقامة. المظنة: الظّن.
(2) دلهني: أصاب قلبي بالهم. الذهول: الدهشة. أقفو: اتتبّع.
(3) والها: شديد العشق.
(4) الردى: الموت والهلاك. النقلة: الانتقال من دار الدنيا إلى دار الآخرة.
(5) الملح: المحاسن. الوجد: شدة العشق. المدلة: معنّى القلب. السبي: الأسر.
(6) أضلت: اضاعت.
(7) استجنت: اختفت.
(8) مسترشدي: دليلي. نشدتي: مطلبي.
(9) أسألني: اسأل نفسي. الحجاب والنقاب: غطاء الوجه.
(10) فهت: نطقت. أنصت: استمع بدقة.
(11) المعنى انه يلعق كفه بأحشائه عسى ان يعانق روحه.
وأهفو لأنفاسي لعلّي واجدي ... بها مستجيزا أنّها بي مرّت (1)
... إلى أن بدا منّي، لعيني، بارق، ... وبان سنا فجري، وبانت دجنّتي (2)
... هناك، إلى ما أحجم العقل دونه ... وصلت وبي منّي اتّصالي ووصلتي (3)
... فأسفرت بشرا، إذ بلغت إليّ عن ... يقين، يقيني شدّ رحل لسفرتي (4)
... وأرشدتني، إذ كنت عني ناشدي ... إليّ، ونفسي بي عليّ دليلتي (5)
... وأستار لبس الحسّ، لما كشفتها ... وكانت لها أسرار حكمي أرخت ... رفعت حجاب النفس عنها بكشفي ... النّقاب، فكانت عن سؤالي مجيبتي ... وكنت جلا مرآة ذاتي من صدا ... صفاتي، ومني أحدقت بأشعّة (6)
... وأشهدني إيّاي، إذ لا سواي، في ... شهودي، موجود، فيقضي بزحمة (7)
... وأسمعني في ذكري اسمي ذاكري، ... ونفسي بنفي الحس أصغت وأسمت (8)
... وعانقتني، لا بالتزام جوارحي ... الجوانح، لكنّي اعتنقت هويّتي ... وأوجدتني روحي، وروح تنفّسي ... يعطّر أنفاس العبير المفتت ... وعن شرك وصف الحسّ كلّي منزه ... وفيّ، وقد وحّدت ذاتي، نزهتي (9)
... ومدح صفاتي بي يوفّق مادحي ... لحمدي، ومدحي بالصفات مذمّتي ... فشاهد وصفي بي جليسي وشاهدي ... به، لاحتجابي، لن يحلّ بحلّتي (10)
(11) المعنى انه يلعق كفه بأحشائه عسى ان يعانق روحه.
وأهفو لأنفاسي لعلّي واجدي ... بها مستجيزا أنّها بي مرّت (1)
... إلى أن بدا منّي، لعيني، بارق، ... وبان سنا فجري، وبانت دجنّتي (2)
... هناك، إلى ما أحجم العقل دونه ... وصلت وبي منّي اتّصالي ووصلتي (3)
... فأسفرت بشرا، إذ بلغت إليّ عن ... يقين، يقيني شدّ رحل لسفرتي (4)
... وأرشدتني، إذ كنت عني ناشدي ... إليّ، ونفسي بي عليّ دليلتي (5)
... وأستار لبس الحسّ، لما كشفتها ... وكانت لها أسرار حكمي أرخت ... رفعت حجاب النفس عنها بكشفي ... النّقاب، فكانت عن سؤالي مجيبتي ... وكنت جلا مرآة ذاتي من صدا ... صفاتي، ومني أحدقت بأشعّة (6)
... وأشهدني إيّاي، إذ لا سواي، في ... شهودي، موجود، فيقضي بزحمة (7)
... وأسمعني في ذكري اسمي ذاكري، ... ونفسي بنفي الحس أصغت وأسمت (8)
... وعانقتني، لا بالتزام جوارحي ... الجوانح، لكنّي اعتنقت هويّتي ... وأوجدتني روحي، وروح تنفّسي ... يعطّر أنفاس العبير المفتت ... وعن شرك وصف الحسّ كلّي منزه ... وفيّ، وقد وحّدت ذاتي، نزهتي (9)
... ومدح صفاتي بي يوفّق مادحي ... لحمدي، ومدحي بالصفات مذمّتي ... فشاهد وصفي بي جليسي وشاهدي ... به، لاحتجابي، لن يحلّ بحلّتي (10)
(1) اهفو: أميل. المستجيز: طالب الاجازة والسماح في الأمر.
(2) البارق: الشعاع. السنا: الضياء. الدجنة: الظلام.
(3) أحجم: امتنع. الوصلة: الوسيلة إلى الأمر.
(4) البشر: الفوز بالسعادة. شد الرحل: التهيؤ للسفر.
(5) ناشدي: طالب نفسي.
(6) جلا: ترخيم جلاء ومعناها وضوح. أحدقت: أحيطت.
(7) واشهدني إياي: أرى نفسي دون سواها.
معنى البيت: لا اردد غير اسمي ونفسي عند ما أنكرت الحس. لم تتلفظ بغير اسمي.
(8) الجوارح: اعضاء الجسد. الجوارح. الحشى والضلوع. هويتي: مذهبي.
(9) الشرك: الكفر. منزّه: مترفع. والنزهة: الترفع عن الأمور الدنيا.
(10) شاهدي: ناظري. احتجابي: اختفائي. يحل: يقيم. حلتي: مقامي.
وبي ذكر أسمائي تيقّظ رؤية، ... وذكري بها رؤيا توسّن هجعتي (1)
... كذاك بفعلي عارفي بي جاهل، ... وعارفه بي عارف بالحقيقة ... فخذ علم أعلام الصفات بظاهر ... المعالم، من نفس بذاك عليمة ... وفهم أسامي الذّات عنها بباطن ... العوالم، من روح بذاك مشيرة ... ظهور صفاتي عن أسامي جوارحي ... مجازا بها للحكم، نفسي تسمّت ... رقوم علوم في ستور هياكل، ... على ما رواء الحسّ، في النّفس ورّت (2)
... وأسماء ذاتي عن صفات جوانحي، ... جوازا لأسرار بها، الرّوح سرّت (3)
... رموز كنوز عن معاني إشارة، ... بمكنون ما تخفي السرائر حفّت (4)
... وآثارها في العالمين بعلمها، ... وعنها بها الأكوان غير غنيّة ... وجود اقتنا ذكر، بأيد تحكّم ... شهود اجتنى شكر بأيد عميمة (5)
... مظاهر لي فيها بدوت، ولم أكن ... عليّ بخاف، قبل موطن برزتي (6)
... فلفظ، وكلّي بي لسان محدّث، ... ولحظ، وكلّي فيّ عين لعبرتي (7)
... وسمع، وكلّي بالنّدى أسمع النّدا، ... وكلّي، في ردّ الرّدى، يد قوّة (8)
... معاني صفات، ما وراء اللّبس أثبتت ... وأسماء ذات، ما روى الحسّ بثّت (9)
(10) شاهدي: ناظري. احتجابي: اختفائي. يحل: يقيم. حلتي: مقامي.
وبي ذكر أسمائي تيقّظ رؤية، ... وذكري بها رؤيا توسّن هجعتي (1)
... كذاك بفعلي عارفي بي جاهل، ... وعارفه بي عارف بالحقيقة ... فخذ علم أعلام الصفات بظاهر ... المعالم، من نفس بذاك عليمة ... وفهم أسامي الذّات عنها بباطن ... العوالم، من روح بذاك مشيرة ... ظهور صفاتي عن أسامي جوارحي ... مجازا بها للحكم، نفسي تسمّت ... رقوم علوم في ستور هياكل، ... على ما رواء الحسّ، في النّفس ورّت (2)
... وأسماء ذاتي عن صفات جوانحي، ... جوازا لأسرار بها، الرّوح سرّت (3)
... رموز كنوز عن معاني إشارة، ... بمكنون ما تخفي السرائر حفّت (4)
... وآثارها في العالمين بعلمها، ... وعنها بها الأكوان غير غنيّة ... وجود اقتنا ذكر، بأيد تحكّم ... شهود اجتنى شكر بأيد عميمة (5)
... مظاهر لي فيها بدوت، ولم أكن ... عليّ بخاف، قبل موطن برزتي (6)
... فلفظ، وكلّي بي لسان محدّث، ... ولحظ، وكلّي فيّ عين لعبرتي (7)
... وسمع، وكلّي بالنّدى أسمع النّدا، ... وكلّي، في ردّ الرّدى، يد قوّة (8)
... معاني صفات، ما وراء اللّبس أثبتت ... وأسماء ذات، ما روى الحسّ بثّت (9)
(1) تيقظ رؤيتي: ساعات الصحو عندي. التوسن من الوسن وهو النعاس. الهجعة: الرقاد والنوم.
(2) رقوم العلوم: الحواس. ستور: مفردها الستر وهو الخباء. ورّت: أخفت.
(3) جوانحي: ضلوعي. سرت: انشرحت.
(4) المكنون: المستتر من الأمور. السرائر: مفردها السريرة وهي الضمير. حفت:
أحيطت.
(5) اقتنا: تخفيف اقتناء استعملت بهذا الشكل لاستقامة الوزن وكذلك الأمر بالنسبة لكلمة اجتنى: اجتناء الايدي العميمة: الايدي المحيطة بكل الأمور: العارفة.
(6) بدوت: ظهرت. برزتي: ظهوري وانكشافي.
(7) اللحظ: النظر. العبرة: الدمعة.
(8) الندا: تخفيف النداء. رد الردى: دفع المنية.
(9) اللبس: الحيرة والشك. بثت: نشرت واشاعت.
فتصرفها من حافظ العهد أوّلا، ... بنفس، عليها بالولاء، حفيظة ... شوادي مباهاة، هوادي تنبّه، ... بوادي فكاهات، غوادي رجيّة (1)
... وتوقيفها من موثق العهد آخرا، ... بنفس، على عزّ الإباء، أبيّة (2)
... جواهر أنباء، زواهر وصلة، ... طواهر أبناء، قواهر صولة (3)
... وتعرفها من قاصد الحزم، ظاهرا، ... سجيّة نفس، بالوجود، سخيّة (4)
... مثاني مناجاة، معاني نباهة، ... مغاني محاجاة، مباني قضيّة (5)
... وتشريفها من صادق العزم، باطنا، ... إنابة نفس، بالشّهود، رضيّة (6)
... نجائب آيات، غرائب نزهة، ... رغائب غايات، كتائب نجدة (7)
... فللّبس منها بالتعلّق في مقام ... الإسلام، عن أحكامه الحكميّة ... عقائق إحكام، دقائق حكمة، ... حقائق إحكام، رقائق بسطة (8)
... وللحسّ منها بالتحقّق في مقام ... الإيمان، عن أعلامه العمليّة ... صوامع أذكار، لوامع فكرة ... جوامع آثار، قوامع، عزّة (9)
(9) اللبس: الحيرة والشك. بثت: نشرت واشاعت.
فتصرفها من حافظ العهد أوّلا، ... بنفس، عليها بالولاء، حفيظة ... شوادي مباهاة، هوادي تنبّه، ... بوادي فكاهات، غوادي رجيّة (1)
... وتوقيفها من موثق العهد آخرا، ... بنفس، على عزّ الإباء، أبيّة (2)
... جواهر أنباء، زواهر وصلة، ... طواهر أبناء، قواهر صولة (3)
... وتعرفها من قاصد الحزم، ظاهرا، ... سجيّة نفس، بالوجود، سخيّة (4)
... مثاني مناجاة، معاني نباهة، ... مغاني محاجاة، مباني قضيّة (5)
... وتشريفها من صادق العزم، باطنا، ... إنابة نفس، بالشّهود، رضيّة (6)
... نجائب آيات، غرائب نزهة، ... رغائب غايات، كتائب نجدة (7)
... فللّبس منها بالتعلّق في مقام ... الإسلام، عن أحكامه الحكميّة ... عقائق إحكام، دقائق حكمة، ... حقائق إحكام، رقائق بسطة (8)
... وللحسّ منها بالتحقّق في مقام ... الإيمان، عن أعلامه العمليّة ... صوامع أذكار، لوامع فكرة ... جوامع آثار، قوامع، عزّة (9)
(1) الشوادي: مفردها الشادي وهو المغني المترنم. المباهاة: التفاخر والاعتزاز. الهوادي مفردها الهادي وهو المرشد. البوادي مفردها البادي وهو الظاهر. الغوادي: مفردها الغادي وهو الآتي في الصباح. الرجية: الأمل.
(2) موثق العهد: العهد الأكيد. الاباء: الشمم.
(3) الزواهر: الورود. الوصلة: الود واللقاء. الصولة: العراك.
(4) السجية: الطبع. السخية: الكريمة.
(5) المثاني: الآيات الكريمة. النباهة: الفطنة والذكاء. المحاجاة: المجادلة بالأحاجي والألغاز.
(6) انابة: توبة. رضية: قانعة.
(7) نجائب: مفردها نجيب ونجيبة. وهنا الآية الكريمة. كتائب: مفردها كتيبة وهي الفرقة من الجيش.
(8) العقائق: مفردها العقيقة وهي شعاع البرق المتبقى في السحاب. الرقائق: الصحائف البيضاء.
(9) الصوامع: مفردها الصومعة وهي مكان العبادة. الأذكار مفردها الذكر وهو التوحيد.
اللوامع: بلغة الصوفية هي الأنوار التي تبدو لأهل البدايات من أرباب النفوس الطاهرة.
القوامع: الروادع.
وللنّفس منها، بالتخلّق، في مقام ... الإحسان عن أنبائه النبويّة ... لطائف أخبار، وظائف منحة، ... صحائف أحبار، خلائف حسبة (1)
... وللجمع من مبدا، كأنّك وانتهى ... فإن لم تكن عن آية النظريّة (2)
... غيوث انفعالات، بعوث تنزّه، ... حدوث اتصالات، ليوث كتيبة (3)
... فمرجعها للحسّ، في عالم الشهادة ... المجتدي، ما النفس منّي أحسّت ... فصول عبارات، وصول تحيّة، ... حصول إشارات، أصول عطيّة ... ومطلعها في عالم الغيب ما وجدت ... من نعم مني، عليّ استجدّت (4)
... بشائر إقرار، بصائر عبرة، ... سرائر آثار، ذخائر دعوة (5)
... وموضعها في عالم الملكوت ما ... خصصت من الإسرا به دون أسرتي (6)
... مدارس تنزيل، محارس غبطة، ... مغارس تأويل، فوارس منعة (7)
... وموقعها من عالم الجبروت من ... مشارق فتح، للبصائر مبهت (8)
... أرائك توحيد، مدارك زلفة، ... مسالك تمجيد، ملائك نصرة (9)
__________
(1) اللطائف: مفردها اللطيفة وهي النادرة الطريفة. الصحائف الأوراق. الأحبار واحدها الحبر وهو العالم العارف. الخلائف مفردها الخليفة وهو الذي يلي المتقدمين.
الحسبة: الثواب.
(2) مبدا: مبدأ.
(3) الغيوث: مفردها الغيث وهو المطر. وهنا مفردها الغائث والمغيث وهو المنجد.
البعوث: الموفدون. الليوث: الأسود وواحدها الليث. الكتيبة: الفرقة من الجيش.
(4) استجدت: طرأت.
(5) البشائر: الاخبار السارة. البصائر: العقول ومفردها البصيرة ومعناها بلغة الصوفيين القلب القوي بنور الله الذي يرى ظواهر الأشياء وبواطنها. السرائر: مفردها السريرة وهي الضمير. الذخائر مفردها: الذخيرة وهي المقتنى من كل شيء.
(6) الإسرا: الإسراء أو السير ليلا. أسرتي: أهلي.
(7) محارس: حراس. الغبطة: السرور. مغارس: زارعون: التأويل: شرح آيات الكتاب.
المنعة: الحمية والقوة.
(8) الجبروت: القوة. المشارف: بدايات الأمر. مبهت: مدهش.
(9) الأرائك: مفردها اريكة وهي المتكأ. مدارك: واحدها مدرك وهو الواصل للأمر العارف فيه. الزلفة: القربى من الله تعالى.
ومنبعها بالفيض، في كلّ عالم، ... لفاقة نفس، بالإفاقة أثرت (1)
... فوائد إلهام، روائد نعمة، ... عوائد إنعام، موائد نعمة ... ويجري بما تعطي الطريقة سائري، ... على نهج ما مني، الحقيقة أعطت ... ولمّا شعبت الصّدع والتأمت فطور ... شمل بفرق الوصف غير مشتّت (2)
... ولم يبق ما بيني وبين توثّقي ... بإيناس ودّي، ما يؤدّي لوحشة (3)
... تحقّقت أنّا، في الحقيقة، واحد، ... وأثبت صحو الجمع محو التشتت (4)
... وكلّي لسان، ناظر، مسمع، يد، ... لنطق، وإدراك، وسمع، وبطشة (5)
... فعيني ناجت، واللّسان مشاهد، ... وينطق مني السمع، واليد أصغت (6)
... وسمعي عين تجتلي كلّ ما بدا، ... وعيني سمع، إن شدا القوم تنصت (7)
... ومنّي، عن أيد، لساني يد، كما ... يدي لي لسان في خطابي وخطبتي (8)
... كذاك يدي عين ترى كلّ ما بدا، ... وعيني يد مبسوطة عند بسطتي (9)
... وسمعي لسان، في مخاطبتي، كذا، ... لساني، في إصغائه، سمع منصت
(9) الأرائك: مفردها اريكة وهي المتكأ. مدارك: واحدها مدرك وهو الواصل للأمر العارف فيه. الزلفة: القربى من الله تعالى.
ومنبعها بالفيض، في كلّ عالم، ... لفاقة نفس، بالإفاقة أثرت (1)
... فوائد إلهام، روائد نعمة، ... عوائد إنعام، موائد نعمة ... ويجري بما تعطي الطريقة سائري، ... على نهج ما مني، الحقيقة أعطت ... ولمّا شعبت الصّدع والتأمت فطور ... شمل بفرق الوصف غير مشتّت (2)
... ولم يبق ما بيني وبين توثّقي ... بإيناس ودّي، ما يؤدّي لوحشة (3)
... تحقّقت أنّا، في الحقيقة، واحد، ... وأثبت صحو الجمع محو التشتت (4)
... وكلّي لسان، ناظر، مسمع، يد، ... لنطق، وإدراك، وسمع، وبطشة (5)
... فعيني ناجت، واللّسان مشاهد، ... وينطق مني السمع، واليد أصغت (6)
... وسمعي عين تجتلي كلّ ما بدا، ... وعيني سمع، إن شدا القوم تنصت (7)
... ومنّي، عن أيد، لساني يد، كما ... يدي لي لسان في خطابي وخطبتي (8)
... كذاك يدي عين ترى كلّ ما بدا، ... وعيني يد مبسوطة عند بسطتي (9)
... وسمعي لسان، في مخاطبتي، كذا، ... لساني، في إصغائه، سمع منصت
(1) الفيض: الجود. الفاقة: الحاجة والعوز. اثرت: اغثنت.
(2) شعبت الصدع: جمعت الكسر. التأمت: اتحدت. الفطور: الشقوق. مشتت:
مفرّق.
(3) توثّقي: يقيني. الإيناس: السلوى.
(4) يعود ابن الفارض في هذا البيت إلى مذهب أو فكرة الحلولية وهي التوحد بين نفس المرء وعالم الروح وفي ذلك حلول الواحد في الكل وعكسه.
(5) كلمات العجز تعود بالترتيب إلى كلمات الصدر فاللسان للنطق والإدراك للنظر والسمع للمسمع والبطشة لليد وهذا الأسلوب يسمى في البلاغة الطيّ والنشر. أو رد العجز على الصدر.
(6) يظهر في هذا البيت وما يليه توحد الأشياء بحيث يصبح السمع مرة بصرا ومرة يدا وكذلك الأمر بالنسبة لبقية الأعضاء.
(7) تجتلي: ترى بوضوح. بدا: ظهر. شدا: ترنم وهنا تكلم.
(8) الأيد: القوة والدعم.
(9) اليد المبسوطة: الممدودة. البسطة: الانشراح.
وللشّمّ أحكام اطّراد القياس في ... اتّحاد صفاتي، أو بعكس القضيّة (1)
... وما فيّ عضو خصّ، من دون غيره ... بتعيين وصف مثل عين البصيرة (2)
... ومني، على أفرادها، كلّ ذرّة، ... جوامع أفعال الجوارح أحصت (3)
... يناجي ويصغي عن شهود مصرّف ... بمجموعه في الحال عن يد قدرة (4)
... فأتلو علوم العالمين، بلفظة، ... وأجلو عليّ العالمين، بلحظة ... وأسمع أصوات الدّعاة وسائر ... اللّغات بوقت، دون مقدار لمحة ... وأحضر ما قد عزّ، للبعد، حمله ... ولم يرتدد طرفي إليّ بغمضة (5)
... وأنشق أرواح الجنان، وعرف ما ... يصافح أذيال الرّياح بنسمة (6)
... وأستعرض الآفاق نحوي، بخطرة، ... وأخترق السّبع الطّباق بخطوة (7)
... وأشباح من لم تبق فيهم بقيّة ... لجمعي، كالأرواح حفّت، فخفّت ... فمن قال، أو من طال، أو صال، إنما، ... يمتّ بإمدادي له برقيقة (8)
... وما سار فوق الماء، أو طار في الهوا ... أو اقتحم النّيران، إلّا بهمّتي (9)
(9) اليد المبسوطة: الممدودة. البسطة: الانشراح.
وللشّمّ أحكام اطّراد القياس في ... اتّحاد صفاتي، أو بعكس القضيّة (1)
... وما فيّ عضو خصّ، من دون غيره ... بتعيين وصف مثل عين البصيرة (2)
... ومني، على أفرادها، كلّ ذرّة، ... جوامع أفعال الجوارح أحصت (3)
... يناجي ويصغي عن شهود مصرّف ... بمجموعه في الحال عن يد قدرة (4)
... فأتلو علوم العالمين، بلفظة، ... وأجلو عليّ العالمين، بلحظة ... وأسمع أصوات الدّعاة وسائر ... اللّغات بوقت، دون مقدار لمحة ... وأحضر ما قد عزّ، للبعد، حمله ... ولم يرتدد طرفي إليّ بغمضة (5)
... وأنشق أرواح الجنان، وعرف ما ... يصافح أذيال الرّياح بنسمة (6)
... وأستعرض الآفاق نحوي، بخطرة، ... وأخترق السّبع الطّباق بخطوة (7)
... وأشباح من لم تبق فيهم بقيّة ... لجمعي، كالأرواح حفّت، فخفّت ... فمن قال، أو من طال، أو صال، إنما، ... يمتّ بإمدادي له برقيقة (8)
... وما سار فوق الماء، أو طار في الهوا ... أو اقتحم النّيران، إلّا بهمّتي (9)
(1) اطّراد القياس: الحكم على أمر مشابه. القضية: الأمر المختلف عليه.
(2) عين البصيرة: صواب العقل.
(3) الذرة: القسم الأصغر من الشيء. الجوارح: الضلوع. أحصت: عدت.
(4) يناجي: يحدث بقلبه. الشهود المصرف: الحقيقة المرئية المطلقة.
(5) يلاحظ ان الشاعر فك ادغام الحرف الأخير في الفعل يرتد وذلك مراعاة للوزن. والطرف هو النظر.
(6) أنشق: أشم وأتنفس. العرف: الرائحة الطيبة.
(7) الخطرة: اللمحة. السبع الطباق: السموات السبع.
(8) البقية: الرمق. حفّت: أحاطت.
في هذا البيت يعزو ابن الفارض الفضل في علوم العارفين إلى نفسه. فكل من قال قولا أن كان له يد فصال وجال كانت له من الشاعر مساعدة.
يمت: يتصل. الرقيقة: اللطيفة أو المساعدة وهي في المعنى الصوفي الواسطة التي تصل بين شيئين ومنها الخيرات التي تصل من الخالق إلى العبد.
(9) في هذا البيت تتمة لما ورد في البيت السابق. فهو يقول أن الطيور والبهائم والناس ما كانت لتقوم بأي عمل ما لم يقدم هو يد المساعدة.
وعنّي من أمددته برقيقة، ... تصرّف عن مجموعه في دقيقة (1)
... وفي ساعة، أو دون ذلك، من تلا ... بمجموعه جمعي تلا ألف ختمة (2)
... ومنّي، لو قامت، بميت، لطيفة، ... لردّت إليه نفسه، وأعيدت ... هي النّفس، إن ألقت هواها تضاعفت ... قواها، وأعطت فعلها كلّ ذرّة (3)
... وناهيك جمعا، لا بفرق مساحتي ... مكان مقيس أو زمان موقّت (4)
... بذاك علا الطّوفان نوح، وقد نجا ... به من نجا من قومه في السفينة ... وغاض له ما فاض عنه، استجادة، ... وجدّ إلى الجودي بها، واستقرّت (5)
... وسار، ومتن الرّيح تحت بساطه، ... سليمان بالجيشين، فوق البسيطة (6)
... وقبل ارتداد الطرف أحضر من سبا ... له عرش بلقيس، بغير مشقّة (7)
... وأخمد إبراهيم نار عدوّه، ... وعن نوره عادت له روض جنّة (8)
... ولمّا دعا الأطيار من كلّ شاهق، ... وقد ذبحت، جاءته غير عصيّة (9)
(9) في هذا البيت تتمة لما ورد في البيت السابق. فهو يقول أن الطيور والبهائم والناس ما كانت لتقوم بأي عمل ما لم يقدم هو يد المساعدة.
وعنّي من أمددته برقيقة، ... تصرّف عن مجموعه في دقيقة (1)
... وفي ساعة، أو دون ذلك، من تلا ... بمجموعه جمعي تلا ألف ختمة (2)
... ومنّي، لو قامت، بميت، لطيفة، ... لردّت إليه نفسه، وأعيدت ... هي النّفس، إن ألقت هواها تضاعفت ... قواها، وأعطت فعلها كلّ ذرّة (3)
... وناهيك جمعا، لا بفرق مساحتي ... مكان مقيس أو زمان موقّت (4)
... بذاك علا الطّوفان نوح، وقد نجا ... به من نجا من قومه في السفينة ... وغاض له ما فاض عنه، استجادة، ... وجدّ إلى الجودي بها، واستقرّت (5)
... وسار، ومتن الرّيح تحت بساطه، ... سليمان بالجيشين، فوق البسيطة (6)
... وقبل ارتداد الطرف أحضر من سبا ... له عرش بلقيس، بغير مشقّة (7)
... وأخمد إبراهيم نار عدوّه، ... وعن نوره عادت له روض جنّة (8)
... ولمّا دعا الأطيار من كلّ شاهق، ... وقد ذبحت، جاءته غير عصيّة (9)
(1) أمددته: وصلته بالمساعدة. الرقيقة: اللطيفة أو المساعدة.
(2) تلا: قرأ القرآن. الختمة هي الختمة أو تلاوة القرآن الكريم بالكامل.
(3) ألقت: رمت وهنا بمعنى وضعت. تضاعفت: ازدادت قوة.
(4) ناهيك: اسم فعل بمعنى زد على ذلك.
(5) غاض: هدأ واستقر. جدّ: سار بعزم. الجودي: الجبل الذي استقرت عنده سفينة نوح (ع) عند الطوفان.
(6) الجيشين: جيش الإنس والجان. وفي البيت إشارة إلى قصة سيدنا سليمان (ع).
البسيطة: الأرض.
(7) في البيت محاكاة للآية الكريمة: {قََالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتََابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}. من الآية 40من سورة النمل والمقصود في القول عرش بلقيس في سبأ».
(8) إشارة إلى قصة سيدنا إبراهيم (ع) حين القي في النار وكانت عليه بردا وسلاما. أخمد:
اطفأ. الروض: الجنة.
(9) الشاهق: المكان المرتفع. غير عصية: مطيعة لأمره.
ومن يده موسى عصاه تلقّفت، ... من السّحر، أهوالا على النّفس شقّت (1)
... ومن حجر أجرى عيونا بضربة ... بها ديما، سقّت، وللبحر شقّت (2)
... ويوسف، إذ ألقى البشير قميصه ... على وجه يعقوب، عليه بأوبة (3)
... رآه بعين، قبل مقدمه بكى ... عليه بها، شوقا إليه، فكفّت (4)
... وفي آل إسرائيل مائدة من ... السّماء، لعيسى، أنزلت ثمّ مدّت (5)
... ومن أكمه أبرا، ومن وضح عدا ... شفى، وأعاد الطّين طيرا بنفخة (6)
... وسرّ انفعالات الظّواهر، باطنا ... عن الإذن، ما ألقت بأذنك صيغتي ... وجاء بأسرار الجميع مفيضها ... علينا، لهم ختما على حين فترة (7)
... وما منهم، إلّا وقد كان داعيا ... به قومه للحقّ، عن تبعيّة ... فعالمنا منهم نبيّ، ومن دعا ... إلى الحقّ منّا قام بالرسليّة (8)
... وعارفنا، في وقتنا، الأحمديّ من، ... أولي العزم منهم، آخذ بالعزيمة (9)
... وما كان منهم معجزا، صار بعده، ... كرامة صدّيق له، أو خليفة
(9) الشاهق: المكان المرتفع. غير عصية: مطيعة لأمره.
ومن يده موسى عصاه تلقّفت، ... من السّحر، أهوالا على النّفس شقّت (1)
... ومن حجر أجرى عيونا بضربة ... بها ديما، سقّت، وللبحر شقّت (2)
... ويوسف، إذ ألقى البشير قميصه ... على وجه يعقوب، عليه بأوبة (3)
... رآه بعين، قبل مقدمه بكى ... عليه بها، شوقا إليه، فكفّت (4)
... وفي آل إسرائيل مائدة من ... السّماء، لعيسى، أنزلت ثمّ مدّت (5)
... ومن أكمه أبرا، ومن وضح عدا ... شفى، وأعاد الطّين طيرا بنفخة (6)
... وسرّ انفعالات الظّواهر، باطنا ... عن الإذن، ما ألقت بأذنك صيغتي ... وجاء بأسرار الجميع مفيضها ... علينا، لهم ختما على حين فترة (7)
... وما منهم، إلّا وقد كان داعيا ... به قومه للحقّ، عن تبعيّة ... فعالمنا منهم نبيّ، ومن دعا ... إلى الحقّ منّا قام بالرسليّة (8)
... وعارفنا، في وقتنا، الأحمديّ من، ... أولي العزم منهم، آخذ بالعزيمة (9)
... وما كان منهم معجزا، صار بعده، ... كرامة صدّيق له، أو خليفة
(1) تلقفت: التهمت. الأهوال: مفردها الهول وهو الأمر العظيم. شقت: صعبت.
(2) إشارة إلى الآية الكريمة: {وَأَوْحَيْنََا إِلى ََ مُوسى ََ إِذِ اسْتَسْقََاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصََاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتََا عَشْرَةَ عَيْناً} من الآية 160سورة الأعراف.
الديم: مفردها الديمة وهي السحابة الماطرة.
(3) محاكاة لقصة سيدنا يوسف بن يعقوب عليهما السلام. عند ما جاءه البشير بقميص يوسف فاستبشر يعقوب بعودته. والأوبة هي العودة.
(4) إشارة إلى ارتداد بصر يعقوب بعد ان عميت عيناه حزنا على فراق ولده يوسف (ع).
(5) إشارة إلى سورة المائدة {رَبَّنََا أَنْزِلْ عَلَيْنََا مََائِدَةً مِنَ السَّمََاءِ}.
(6) إشارة إلى معجزات الأنبياء (ع) في شفاء الأكمه والأبرص.
الأكمه: المولود وهو اعمى. الوضح: الأبرص.
(7) الفترة: المسافة الزمنية بين مجيء نبيّين.
(8) الرسلية: تأدية الرسالة.
(9) الأحمدي: نسبة إلى النبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم). أولي العزم انبياء الله: نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب وموسى وداوود وعيسى عليهم السلام.
بعترته استغنت عن الرّسل الورى ... وأصحابه، والتّابعين الأئمّة (1)
... كراماتهم من بعض ما خصّهم به ... بما خصّهم من إرث كلّ فضيلة ... فمن نصرة الدّين الحنيفيّ بعده ... قتال أبي بكر، لآل حنيفة ... وسارية، الجاه للجبل النّداء ... من عمر، والدّار غير قريبة ... ولم يشتغل عثمان عن ورده، وقد ... أدار عليه القوم كأس المنيّة (2)
... وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا ... عليّ، بعلم ناله بالوصيّة (3)
... وسائرهم مثل النجوم، من اقتدى ... بأيّهم منه اهتدى بالنصيحة ... وللأولياء المؤمنين به، ولم ... يروه اجتنى قرب لقرب الأخوّة ... وقربهم معنى له، كاشتياقه ... لهم صورة، فأعجب لحضرة غيبة ... وأهل تلقّى الروح باسمي، دعوا إلى ... سبيلي، وحجّوا الملحدين بحجّتي (4)
... وكلّهم، عن سبق معناي، دائر ... بدائرتي، أو وارد من شريعتي (5)
... وإنّي، وإن كنت ابن آدم، صورة، ... فلي فيه معنى شاهد بأبوّتي (6)
... ونفسي على حجر التّجلّي، برشدها، ... تجلّت، وفي حجر التجلّي تربّت (7)
... وفي المهد حزبي الأنبياء، وفي ... عناصري لوحي المحفوظ، والفتح سورتي (8)
... وقبل فصالي، دون تكليف ظاهري، ... ختمت بشرعي الموضحي كلّ شرعة (9)
(9) الأحمدي: نسبة إلى النبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم). أولي العزم انبياء الله: نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب وموسى وداوود وعيسى عليهم السلام.
بعترته استغنت عن الرّسل الورى ... وأصحابه، والتّابعين الأئمّة (1)
... كراماتهم من بعض ما خصّهم به ... بما خصّهم من إرث كلّ فضيلة ... فمن نصرة الدّين الحنيفيّ بعده ... قتال أبي بكر، لآل حنيفة ... وسارية، الجاه للجبل النّداء ... من عمر، والدّار غير قريبة ... ولم يشتغل عثمان عن ورده، وقد ... أدار عليه القوم كأس المنيّة (2)
... وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا ... عليّ، بعلم ناله بالوصيّة (3)
... وسائرهم مثل النجوم، من اقتدى ... بأيّهم منه اهتدى بالنصيحة ... وللأولياء المؤمنين به، ولم ... يروه اجتنى قرب لقرب الأخوّة ... وقربهم معنى له، كاشتياقه ... لهم صورة، فأعجب لحضرة غيبة ... وأهل تلقّى الروح باسمي، دعوا إلى ... سبيلي، وحجّوا الملحدين بحجّتي (4)
... وكلّهم، عن سبق معناي، دائر ... بدائرتي، أو وارد من شريعتي (5)
... وإنّي، وإن كنت ابن آدم، صورة، ... فلي فيه معنى شاهد بأبوّتي (6)
... ونفسي على حجر التّجلّي، برشدها، ... تجلّت، وفي حجر التجلّي تربّت (7)
... وفي المهد حزبي الأنبياء، وفي ... عناصري لوحي المحفوظ، والفتح سورتي (8)
... وقبل فصالي، دون تكليف ظاهري، ... ختمت بشرعي الموضحي كلّ شرعة (9)
(1) العترة: العشيرة وذوو القربى. الورى: الخلق.
(2) الورد: تلاوة الجزء من القرآن الكريم.
(3) في هذا البيت والثلاثة التي سبقته تعداد لمآثر الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.
(4) حجوا الملحدين: غلبوا الكفّار بحجتهم. وعقلهم.
(5) دائر بدائرتي: مجاز مفاده آخذ من علمي وارد: شارب. الشريعة: مورد الماء.
(6) يتطرق ابن الفارض في هذا البيت إلى قول الصوفية بوجودهم قبل وجود سيدنا آدم (ع).
(7) الحجر بكر الحاء المنزل والحصن.
(8) في البيت إشارة إلى ثبات العقيدة التي لا يتمتع بها إلا الأنبياء.
(9) الفصال: سن الفطام. التكليف: الوصول إلى سن البلوغ. الموضحي: المبين لي.
فهم والألى قالوا بقولهم على ... صراطي، لم يعدوا مواطئ مشيتي (1)
... فيمن الدعاة السابقين إليّ في ... يميني، ويسر اللّاحقين بيسرتي (2)
... ولا تحسبنّ الأمر عنّي خارجا، ... فما ساد إلّا داخل في عبودتي (3)
... ولولاي لم يوجد وجود، ولم يكن ... شهود، ولم تعهد عهود بذمّة ... فلا حيّ، إلّا من حياتي حياته، ... وطوع مرادي كلّ نفس مريدة (4)
... ولا قائل، إلّا بلفظي محدّث، ... ولا ناظر إلّا بناظر مقلتي (5)
... ولا منصت، إلّا بسمعي سامع، ... ولا باطش إلّا بأزلي وشدّتي (6)
... ولا ناطق غيري، ولا ناظر، ولا ... سميع سوائي من جميع الخليقة (7)
... وفي عالم التركيب، في كلّ صورة، ... ظهرت بمعنى، عنه بالحسن زينت ... وفي كلّ معنى، لم تبنه مظاهري، ... تصوّرت، لا في صورة هيكليّة ... وفيما تراه الرّوح كشف فراسة ... خفيت عن المعنى المعنّى بدقّة (8)
... وفي رحموت البسط، كلّي رغبة ... بها انبسطت آمال أهل بسيطتي (9)
... وفي رهبوت القبض، كلّي هيبة، ... ففيما أجلت العين منّي أجلّت (10)
... وفي الجمع بالوصفين، كلّي قربة ... فحيّ على قربى خلالي الجميلة (11)
... وفي منتهى في، لم أزل بي واجدا ... جلال شهودي، عن كمال سجيّتي (12)
(9) الفصال: سن الفطام. التكليف: الوصول إلى سن البلوغ. الموضحي: المبين لي.
فهم والألى قالوا بقولهم على ... صراطي، لم يعدوا مواطئ مشيتي (1)
... فيمن الدعاة السابقين إليّ في ... يميني، ويسر اللّاحقين بيسرتي (2)
... ولا تحسبنّ الأمر عنّي خارجا، ... فما ساد إلّا داخل في عبودتي (3)
... ولولاي لم يوجد وجود، ولم يكن ... شهود، ولم تعهد عهود بذمّة ... فلا حيّ، إلّا من حياتي حياته، ... وطوع مرادي كلّ نفس مريدة (4)
... ولا قائل، إلّا بلفظي محدّث، ... ولا ناظر إلّا بناظر مقلتي (5)
... ولا منصت، إلّا بسمعي سامع، ... ولا باطش إلّا بأزلي وشدّتي (6)
... ولا ناطق غيري، ولا ناظر، ولا ... سميع سوائي من جميع الخليقة (7)
... وفي عالم التركيب، في كلّ صورة، ... ظهرت بمعنى، عنه بالحسن زينت ... وفي كلّ معنى، لم تبنه مظاهري، ... تصوّرت، لا في صورة هيكليّة ... وفيما تراه الرّوح كشف فراسة ... خفيت عن المعنى المعنّى بدقّة (8)
... وفي رحموت البسط، كلّي رغبة ... بها انبسطت آمال أهل بسيطتي (9)
... وفي رهبوت القبض، كلّي هيبة، ... ففيما أجلت العين منّي أجلّت (10)
... وفي الجمع بالوصفين، كلّي قربة ... فحيّ على قربى خلالي الجميلة (11)
... وفي منتهى في، لم أزل بي واجدا ... جلال شهودي، عن كمال سجيّتي (12)
(1) لم يعدوا: لم يتخطوا. المواطئ: الأماكن التي تدوسها الأقدام.
(2) اليمن: الخير والبركة. اليسر: تيسير الأمر.
(3) ساد: سيطر واستلم القيادة. العبودة: العبودية.
(4) يعزو ابن الفارض وجود الخلق لوجوده. إذ لولاه لما وجدت الدنيا.
(5) المقلة: العين.
(6) الباطش: القوي الجبار. الأزل: الشدة.
(7) سوائي: سواي أو غيري.
(8) الفراسة: النباهة. المعنى المعنّى: المعنى المقصود.
(9) الرحموت: الرحمة. انبسطت: انفرجت. البسيطة: الأرض.
(10) الرهبوت: الرهبة. الهيبة: الوقار. أجلت العين: أدرتها. أجلت: أوضحت.
(11) القربة: التقرب من الله تعالى. الخلال: المزايا والصفات.
(12) في منتهى في: في نهاية كل امر. السّجية: الطبع والخلق.
وفي حيث لا في، لم أزل فيّ شاهدا ... جمال وجودي، لا بناظر مقلتي (1)
... فإن كنت منّي، فانح جمعي وامح فرق ... صدعي، ولا تجنح لجنح الطبيعة (2)
... فدونكها آيات إلهام حكمة، ... لأوهام حدس الحسّ، عنك، مزيلة (3)
... ومن قائل بالنّسخ، والمسخ واقع ... به، ابرأ، وكن عمّا يراه بعزلة (4)
... ودعه ودعوى الفسخ، والرّسخ لائق ... به، أبدا، لو صحّ في كلّ دورة (5)
... وضربي لك الأمثال، منّي منّة، ... عليك بشأني، مرّة بعد مرّة (6)
... تأمّل مقامات السّروجيّ، واعتبر ... بتلوينه تحمد قبول مشورتي (7)
... وتدر التباس النّفس بالحسّ، باطنا، ... بمظهرها في كلّ شكل وصورة ... وفي قوله إن مان فالحقّ ضارب ... به مثلا، والنفس غير مجدّة (8)
... فكن فطنا، وانظر بحسّك، منصفا ... لنفسك في أفعالك الأثريّة (9)
... وشاهد، إذا استجليت نفسك ما ترى ... بغير مراء، في المرائي الصقيلة (10)
... أغيرك فيها لاح، أم أنت ناظر ... إليك بها، عند انعكاس الأشعّة
(12) في منتهى في: في نهاية كل امر. السّجية: الطبع والخلق.
وفي حيث لا في، لم أزل فيّ شاهدا ... جمال وجودي، لا بناظر مقلتي (1)
... فإن كنت منّي، فانح جمعي وامح فرق ... صدعي، ولا تجنح لجنح الطبيعة (2)
... فدونكها آيات إلهام حكمة، ... لأوهام حدس الحسّ، عنك، مزيلة (3)
... ومن قائل بالنّسخ، والمسخ واقع ... به، ابرأ، وكن عمّا يراه بعزلة (4)
... ودعه ودعوى الفسخ، والرّسخ لائق ... به، أبدا، لو صحّ في كلّ دورة (5)
... وضربي لك الأمثال، منّي منّة، ... عليك بشأني، مرّة بعد مرّة (6)
... تأمّل مقامات السّروجيّ، واعتبر ... بتلوينه تحمد قبول مشورتي (7)
... وتدر التباس النّفس بالحسّ، باطنا، ... بمظهرها في كلّ شكل وصورة ... وفي قوله إن مان فالحقّ ضارب ... به مثلا، والنفس غير مجدّة (8)
... فكن فطنا، وانظر بحسّك، منصفا ... لنفسك في أفعالك الأثريّة (9)
... وشاهد، إذا استجليت نفسك ما ترى ... بغير مراء، في المرائي الصقيلة (10)
... أغيرك فيها لاح، أم أنت ناظر ... إليك بها، عند انعكاس الأشعّة
(1) في حيث لا في: حيث لا ينتهي أمر.
(2) انح: أمر من نحا بمعنى سار نحو. الجنح: الجهة.
(3) دونك: اسم فعل أمر بمعنى خذ. الحدس: الشعور بالشيء قبل حصوله وهو ما يسمى بالحاسّة السادسة.
(4) النسخ: انتقال الروح من انسان إلى انسان آخر وهي فكرة شبيهة بالتقمص. والمسخ انتقال ذات الإنسان إلى بدن حيوان.
(5) الفسخ: انتقال النفس الإنسانية من بدن الإنسان إلى الجماد. وأما الرسخ فهو انتقال النفس إلى النبات.
(6) المنة: العطاء والجميل.
(7) السروجي: بطل مقامات الحريري كما ابن هشام بطل مقامات الهمذاني. التلوين:
الانتقال من حال إلى حال وعدم الثبات على موقف.
(8) حان: كذب. المجدّة: الساعية.
(9) الفطن: الداري الذكي. الأفعال الأثرية: الأفعال الباقية بعد زوال الإنسان.
(10) استجليت نفسك: رأيتها بوضوح. مراء مفردها المرآة. الصقيلة: الجيدة الصقل التي تعكس الرؤيا بوضوح.
وأصغ لرجع الصوت، عند انقطاعه ... إليك، بأكناف القصور المشيدة (1)
... أهل كان من ناجاك، ثمّ، سواك، أم ... سمعت خطابا عن صداك المصوّت (2)
... وقل لي: من ألقى إليك علومه، ... وقد ركدت منك الحواس بغفوة (3)
... وما كنت تدري، قبل يومك، ما جرى ... بأمسك، أو ما سوف يجري بغدوة ... فأصبحت ذا علم بأخبار من مضى ... وأسرار من يأتي، مدلا بخبرة (4)
... أتحسب من جاراك، في سنة الكرى ... سواك بأنواع العلوم الجليلة (5)
... وما هي إلّا النّفس، عند اشتغالها ... بعالمها، عن مظهر البشريّة ... تجلّت لها بالغيب، في شكل عالم، ... هداها إلى فهم المعاني الغريبة (6)
... وقد طبعت فيها العلوم، وأعلنت ... بأسمائها، قدما، بوحي الأبوّة (7)
... وبالعلم من فوق السّوى ما تنعّمت، ... ولكن بما أملت عليها تملّت (8)
... ولو أنّها، قبل المنام، تجرّدت ... لشاهدتها مثلي، بعين صحيحة (9)
... وتجريدها العاديّ، أثبت، أوّلا ... تجرّدها الثّاني المعادي، فأثبت ... ولا تك ممّن طيّشته دروسه، ... بحيث استقلّت عقله، واستقرّت (10)
... فثمّ، وراء النّقل، علم، يدقّ عن ... مدارك غايات العقول السليمة (11)
(10) استجليت نفسك: رأيتها بوضوح. مراء مفردها المرآة. الصقيلة: الجيدة الصقل التي تعكس الرؤيا بوضوح.
وأصغ لرجع الصوت، عند انقطاعه ... إليك، بأكناف القصور المشيدة (1)
... أهل كان من ناجاك، ثمّ، سواك، أم ... سمعت خطابا عن صداك المصوّت (2)
... وقل لي: من ألقى إليك علومه، ... وقد ركدت منك الحواس بغفوة (3)
... وما كنت تدري، قبل يومك، ما جرى ... بأمسك، أو ما سوف يجري بغدوة ... فأصبحت ذا علم بأخبار من مضى ... وأسرار من يأتي، مدلا بخبرة (4)
... أتحسب من جاراك، في سنة الكرى ... سواك بأنواع العلوم الجليلة (5)
... وما هي إلّا النّفس، عند اشتغالها ... بعالمها، عن مظهر البشريّة ... تجلّت لها بالغيب، في شكل عالم، ... هداها إلى فهم المعاني الغريبة (6)
... وقد طبعت فيها العلوم، وأعلنت ... بأسمائها، قدما، بوحي الأبوّة (7)
... وبالعلم من فوق السّوى ما تنعّمت، ... ولكن بما أملت عليها تملّت (8)
... ولو أنّها، قبل المنام، تجرّدت ... لشاهدتها مثلي، بعين صحيحة (9)
... وتجريدها العاديّ، أثبت، أوّلا ... تجرّدها الثّاني المعادي، فأثبت ... ولا تك ممّن طيّشته دروسه، ... بحيث استقلّت عقله، واستقرّت (10)
... فثمّ، وراء النّقل، علم، يدقّ عن ... مدارك غايات العقول السليمة (11)
(1) اكناف القصور: ارجاء القصور. المشيدة: العامرة.
(2) ثم: غير. صداك المصوّت: صوت نفسك عند ترجيع الصدى.
(3) ركدت: هدأت. الغفوة: النوم القليل.
(4) المدلّ: المعتدّ.
(5) جاراك: سايرك. السنة: النعاس. الكرى: النوم.
(6) تجلت: ظهرت واضحة.
(7) طبعت فيها العلوم: وجدت بكثرة حتى أصبحت من صفاتها.
(8) السوي: الغير. تنعمت: حصلت على الخير. أملت: نصّت. تملت: شبعت.
(9) تجردت: مجاز معناه ظهرت على حقيقتها. العين الصحيحة: التي لا تشوبها شائبة.
(10) طيشته: أجهلته. استقرت: توطنت. والمعنى لا تكن جاهلا تتحكم اهواؤه بمسار حياته.
(11) يدق: ينم. المدارك: المعالم.
تلقّيته منّي، وعني أخذته، ... ونفسي كانت، من عطائي، ممدّتي (1)
... ولا تك باللّاهي عن اللهو جملة ... فهزل الملاهي جدّ نفس مجدّة (2)
... وإيّاك والإعراض عن كلّ صورة ... مموّهة، أو حالة مستحيلة (3)
... فطيف خيال الظلّ، يهدي إليك، في ... كرى اللهو، ما عنه الستائر شقّت (4)
... ترى صورة الأشياء تجلى عليك، من ... وراء حجاب اللّبس، في كلّ خلعة (5)
... تجمّعت الأضداد فيها لحكمة، ... فأشكالها تبدو على كلّ هيئة ... صوامت تبدي النطق، وهي سواكن، ... تحرّك، تهدي النّور، غير ضويّة (6)
... وتضحك إعجابا، كأجزل فارح ... وتبكي انتحابا، مثل ثكلى حزينة (7)
... وتندب، إن أنّت، على سلب نعمة، ... وتطرب، إن غنّت، على طيب نغمة (8)
... يرى الطير في الأغصان يطرب سجعها ... بتغريد ألحان، لديك، شجيّة ... وتعجب من أصواتها بلغاتها، ... وقد أعربت عن ألسن أعجمية ... وفي البرّ تسري العيس، تخترق الفلا، ... وفي البحر تجري الفلك في وسط لجة (9)
... وتنظر للجيشين في البرّ، مرّة، ... وفي البحر، أخرى، في جموع كثيرة ... لباسهم نسج الحديد لبأسهم ... وهم في حمى حدّي: ظبى وأسنّة (10)
__________
(1) تلقيته: أخذته. الممدّة: المعينة على الأمر.
(2) الهزل: عدم الجد. الجد: السعي. مجدة: ساعية.
(3) الإعراض: الميل. مموهة: غير واضحة المعالم.
(4) الطيف: الخيال أو الصورة الغير واضحة. الكرى: النوم. شقت: فتحت ليظهر ما وراءها.
(5) تجلى: تظهر بوضوح. حجاب اللبس: حجاب الشك. الخلعة: الثوب.
(6) صوامت: ساكتات. سواكن: ساكنات. ضوية: منيرة.
(7) أجزل فارح: أكثر الناس فرحا. انتحابا: بكاء قويا. الثكلى: التي فقدت زوجها أو ابنها.
(8) أنت: توجعت من البكاء والحزن. سلب النعمة: فقدانها.
(9) العيس: الإبل. تخترق: تجتاز. الفلا: الأرض الواسعة كالصحراء. الفلك: السفن.
اللجة: الموج العظيم.
(10) نسج الحديد: الدروع. البأس: الشدة. الظبي والأسنة: السيوف والرماح.
فأجناد جيش البرّ، ما بين فارس ... على فرس، أو راجل، ربّ رجلة (1)
... وأكناد جيش البحر، ما بين راكب، ... مطا مركب، أو صاعد، مثل صعدة (2)
... فمن ضارب بالبيض، فتكا، وطاعن ... بسمر القنا العسّالة السمهريّة (3)
... ومن مغرق، في النار، رشقا بأسهم ... ومن محرق بالماء، زرقا بشعلة (4)
... ترى ذا مغيرا، باذلا نفسه، رذا ... يولّي كسيرا، تحت ذلّ الهزيمة (5)
... وتشهد رمي المنجنيق، ونصبه ... لهدم الصّياصي، والحصون المنيعة (6)
... وتلحظ أشباحا، تراءى بأنفس ... مجرّدة، في أرضها مستجنّة (7)
... تباين أنس الإنس صورة لبسها ... لوحشتها، والجنّ غير أنيسة ... وتطرح في النهر الشّباك، فتخرج ... السّماك يد الصّيّاد منها، بسرعة ... ويحتال، بالأشراك، ناصبها على ... وقوع خماص الطّير فيها بحبّة (8)
... ويكسر سفن اليمّ ضاري دوابه ... وتظفر آساد الشّرى بالفريسة (9)
... ويصطاد بعض الطّير بعضا من الفضا ... ويقنص بعض الوحش بعضا بقفرة (10)
... وتلمح منها ما تخطّيت ذكره، ... ولم أعتمد إلّا على خير ملحة (11)
... وفي الزّمن الفرد اعتبر تلق كلّ ما ... بدا لك، لا في مدّة مستطيلة
(10) نسج الحديد: الدروع. البأس: الشدة. الظبي والأسنة: السيوف والرماح.
فأجناد جيش البرّ، ما بين فارس ... على فرس، أو راجل، ربّ رجلة (1)
... وأكناد جيش البحر، ما بين راكب، ... مطا مركب، أو صاعد، مثل صعدة (2)
... فمن ضارب بالبيض، فتكا، وطاعن ... بسمر القنا العسّالة السمهريّة (3)
... ومن مغرق، في النار، رشقا بأسهم ... ومن محرق بالماء، زرقا بشعلة (4)
... ترى ذا مغيرا، باذلا نفسه، رذا ... يولّي كسيرا، تحت ذلّ الهزيمة (5)
... وتشهد رمي المنجنيق، ونصبه ... لهدم الصّياصي، والحصون المنيعة (6)
... وتلحظ أشباحا، تراءى بأنفس ... مجرّدة، في أرضها مستجنّة (7)
... تباين أنس الإنس صورة لبسها ... لوحشتها، والجنّ غير أنيسة ... وتطرح في النهر الشّباك، فتخرج ... السّماك يد الصّيّاد منها، بسرعة ... ويحتال، بالأشراك، ناصبها على ... وقوع خماص الطّير فيها بحبّة (8)
... ويكسر سفن اليمّ ضاري دوابه ... وتظفر آساد الشّرى بالفريسة (9)
... ويصطاد بعض الطّير بعضا من الفضا ... ويقنص بعض الوحش بعضا بقفرة (10)
... وتلمح منها ما تخطّيت ذكره، ... ولم أعتمد إلّا على خير ملحة (11)
... وفي الزّمن الفرد اعتبر تلق كلّ ما ... بدا لك، لا في مدّة مستطيلة
(1) الفارس: المحارب راكب الفرس. الراجل: المحارب على قدميه. ربّ الرجلة:
قائد الرجال.
(2) الاكناد: واحدها الكند وهو القوي الشرس. مطا: ركب فوق.
(3) البيض: السيوف. سمر القنا: الرماح. العسالة والسمهرية: من صفات الرماح.
(4) الرشق والزرق: رمي النبال.
(5) المغير: المتقدم. المولي: المتراجع. الكسير: المغلوب.
(6) المنجنيق: من آلات الحرب القديمة. الصياصي: القلاع ومفردها الصيصية.
(7) تراءى: تتراءى تظهر. مستجنة: ظاهرة.
(8) الأشراك: واحدها الشرك وهو الفخ. خماص الطير: الطيور الجائعة.
(9) اليم: من أسماء البحر. ضاري الدواب: الوحوش الكاسرة. آساد الشرى: سباع الغاب.
(10) يقنص: يصيد. القفرة: الأرض الخلاء أو الصحراء.
(11) تخطيت: تتبعت. الملحة: الطرفة.
وكلّ الذي شاهدته فعل واحد ... بمفرده، لكن بحجب الأكنة (1)
... إذا ما أزال السّتر لم تر غيره، ... ولم يبق، بالاشكال، إشكال ريبة (2)
... وحقّقت، عند الكشف، أنّ بنوره ... اهتديت، إلى أفعاله، بالدّجنّة (3)
... كذا كنت، ما بيني وبيني، مسهلا، ... حجاب التباس النّفس، في نور ظلمة (4)
... لأظهر بالتدريج، للحسّ مؤنسا ... لها، في ابتداعي، دفعة بعد دفعة (5)
... قرنت بجدّي لهو ذاك، مقرّبا، ... لفهمك، غايات المرامي البعيدة (6)
... ويجمعنا، في المظهرين، تشابه، ... وليست، لحالي، حاله بشبيهة ... فأشكاله، كانت مظاهر فعله، ... بستر تلاشت، إذ تجلّى، وولّت (7)
... وكانت له، بالفعل، نفسي شبيهة ... وحسّي كالإشكال واللّبس سترتي ... فلمّا رفعت السّتر عنّي، كرفعه، ... بحيث بدت لي النفس، من غير حجّة ... وقد طلعت شمس الشّهود، فأشرق ... الوجود، وحلّت بي عقود أخيّة (8)
... قتلت غلام النفس بين إقامتي ... الجدار لاحكامي، وخرق سفينتي ... وعدت بإمدادي على كلّ عالم، ... على حسب الأفعال، في كلّ مدّة ... ولولا احتجابي بالصفات، لأحرقت ... مظاهر ذاتي، من سناء سجيّتي (9)
... وألسنة الأكوان، إن كنت واعيا، ... شهود بتوحيدي، بحال فصيحة
(11) تخطيت: تتبعت. الملحة: الطرفة.
وكلّ الذي شاهدته فعل واحد ... بمفرده، لكن بحجب الأكنة (1)
... إذا ما أزال السّتر لم تر غيره، ... ولم يبق، بالاشكال، إشكال ريبة (2)
... وحقّقت، عند الكشف، أنّ بنوره ... اهتديت، إلى أفعاله، بالدّجنّة (3)
... كذا كنت، ما بيني وبيني، مسهلا، ... حجاب التباس النّفس، في نور ظلمة (4)
... لأظهر بالتدريج، للحسّ مؤنسا ... لها، في ابتداعي، دفعة بعد دفعة (5)
... قرنت بجدّي لهو ذاك، مقرّبا، ... لفهمك، غايات المرامي البعيدة (6)
... ويجمعنا، في المظهرين، تشابه، ... وليست، لحالي، حاله بشبيهة ... فأشكاله، كانت مظاهر فعله، ... بستر تلاشت، إذ تجلّى، وولّت (7)
... وكانت له، بالفعل، نفسي شبيهة ... وحسّي كالإشكال واللّبس سترتي ... فلمّا رفعت السّتر عنّي، كرفعه، ... بحيث بدت لي النفس، من غير حجّة ... وقد طلعت شمس الشّهود، فأشرق ... الوجود، وحلّت بي عقود أخيّة (8)
... قتلت غلام النفس بين إقامتي ... الجدار لاحكامي، وخرق سفينتي ... وعدت بإمدادي على كلّ عالم، ... على حسب الأفعال، في كلّ مدّة ... ولولا احتجابي بالصفات، لأحرقت ... مظاهر ذاتي، من سناء سجيّتي (9)
... وألسنة الأكوان، إن كنت واعيا، ... شهود بتوحيدي، بحال فصيحة
(1) الحجب: الستور واحدها الحجاب. الأكنة: الحجب وهي الهياكل الإنسانية المرخية بين عالم الغيب والحق.
(2) الإشكال: الشك في الأمر. الريبة: الشك.
(3) الدجنة: سواد الليل.
(4) مسبلا: مرخيا.
(5) المؤنس: المسلي. ابتداعي: ابتكاري.
(6) قرنت: مازجت. المرامي: الغايات.
(7) الستر: الحجب وقد مرّ معناها الصوفي قبل أبيات.
(8) عقود أخية: مواثيق ذمة وحرمة.
(9) احتجابي: تستري. السناء: النور. السجية: الطبع.
وجاء حديث، في اتّحادي، ثابت، ... روايته في النقل غير ضعيفة (1)
... يشير بحبّ الحقّ، بعد تقرّب ... إليه بنقل، أو أداء فريضة (2)
... وموضع تنبيه الإشارة ظاهر: ... بكنت له سمعا، كنور الظّهيرة ... تسبّبت في التوحيد، حتى وجدته، ... وواسطة الأسباب إحدى أدلّتي (3)
... ووحّدت في الأسباب، حتى فقدتها، ... ورابطة التّوحيد أجدى وسيلة ... وجرّدت نفسي عنهما، فتجرّدت ... ولم تك يوما، قطّ، غير وحيدة ... وغصت بحار الجمع، بل خضتها على ... انفرادي، فاستخرجت كلّ يتيمة (4)
... لأسمع أفعالي بسمع بصيرة، ... وأشهد أقوالي بعين سميعة ... فإن ناح في الايك الهزار، وغرّدت، ... جوابا له، الأطيار في كلّ دوحة (5)
... وأطرب بالمزمار مصلحه على ... مناسبة الأوتار من يد قينة (6)
... وغنّت من الأشعار ما رقّ فارتقت ... لسدرتها الاسرار في كلّ شدوة (7)
... تنزّهت في آثار صنعي، منزّها ... عن الشرك، بالأغيار جمعي وألفتي (8)
... فبي مجلس الاذكار سمع مطالع ... ولي حانة الخمّار عين طليعة (9)
... وما عقد الزّنّار، حكما، سوى يدي، ... وإن حلّ بالإقرار بي، فهي حلّت ... وإن نار، بالتّنزيل، محراب، مسجد ... فما بار، بالإنجيل، هيكل بيعة (10)
(9) احتجابي: تستري. السناء: النور. السجية: الطبع.
وجاء حديث، في اتّحادي، ثابت، ... روايته في النقل غير ضعيفة (1)
... يشير بحبّ الحقّ، بعد تقرّب ... إليه بنقل، أو أداء فريضة (2)
... وموضع تنبيه الإشارة ظاهر: ... بكنت له سمعا، كنور الظّهيرة ... تسبّبت في التوحيد، حتى وجدته، ... وواسطة الأسباب إحدى أدلّتي (3)
... ووحّدت في الأسباب، حتى فقدتها، ... ورابطة التّوحيد أجدى وسيلة ... وجرّدت نفسي عنهما، فتجرّدت ... ولم تك يوما، قطّ، غير وحيدة ... وغصت بحار الجمع، بل خضتها على ... انفرادي، فاستخرجت كلّ يتيمة (4)
... لأسمع أفعالي بسمع بصيرة، ... وأشهد أقوالي بعين سميعة ... فإن ناح في الايك الهزار، وغرّدت، ... جوابا له، الأطيار في كلّ دوحة (5)
... وأطرب بالمزمار مصلحه على ... مناسبة الأوتار من يد قينة (6)
... وغنّت من الأشعار ما رقّ فارتقت ... لسدرتها الاسرار في كلّ شدوة (7)
... تنزّهت في آثار صنعي، منزّها ... عن الشرك، بالأغيار جمعي وألفتي (8)
... فبي مجلس الاذكار سمع مطالع ... ولي حانة الخمّار عين طليعة (9)
... وما عقد الزّنّار، حكما، سوى يدي، ... وإن حلّ بالإقرار بي، فهي حلّت ... وإن نار، بالتّنزيل، محراب، مسجد ... فما بار، بالإنجيل، هيكل بيعة (10)
(1) الحديث الثابت: المسند الذي لا شك فيه.
(2) الحق: الله جلا جلاله. النقل: الاتصال.
(3) تسببت: أخذت سببا. الأسباب: الحبال.
(4) اليتيمة: الدرّة التي لا مثيل لها.
(5) الأيك: الشجر الكثير الملتف. الهزار: من الطيور وهو البلبل. الدوحة: الشجر الأخضر.
(6) المزمار: من آلات الطرب التي تعتمد على النفخ. القينة: الفتاة المغنية.
(7) ارتقت: ارتفعت. سدرة المنتهى: شجرة في السماء. الشدوة: الغناء والترتيل.
(8) تنزهت: ترفعت. الأغيار: غير الله عز وجل.
(9) مجلس الأذكار: مجلس التلاوة. الحانة: مكان الشرب. العين الطليعة: المتقدمة السابقة لغيرها.
(10) محراب المسجد: مكان التوجه للصلاة. بار: هلك.
وأسفار توراة الكليم لقومه، ... يناجي بها الأحبار في كلّ ليلة (1)
... وإن خرّ للأحجار في البدّ، عاكف ... فلا وجه للإنكار بالعصبيّة (2)
... فقد عبد الدّينار، معنى، منزّه، ... عن العار بالإشراك بالوثنية ... وقد بلغ الإنذار عني من بغى، ... وقامت بي الأعذار في كلّ فرقة ... وما زاغت الأبصار من كلّ ملّة، ... وما زاغت الأفكار من كلّ نحلة (3)
... وما اختار من للشّمس عن غرّة، صبا ... وإشراقها من نور إسفار غرّتي (4)
... وإن عبد النّار المجوس، وما انطفت ... كما جاء في الاخبار في ألف حجّة ... فما قصدوا غيري، وإن كان قصدهم ... سواي، وإن لم يظهروا عقد نيّة ... رأوا ضوء نوري، مرّة فتوهّموه ... نارا، فضلّوا في الهدى بالأشعّة ... ولولا حجاب الكون قلت، وإنّما ... قيامي بأحكام المظاهر مسكتي ... فلا عبث والخلق لم يخلقوا سدى ... وإن لم تكن أفعالهم بالسديدة (5)
... على سمة الأسماء تجري أمورهم ... وحكمة وصف الذات للحكم، أجرت (6)
... يصرّفهم في القبضتين، ولا ولا، ... فقبضة تنعيم، وقبضة شقوة (7)
... ألا هكذا، فلتعرف النّفس، أو فلا، ... ويتل بها الفرقان كلّ صبيحة (8)
... وعرفانها من نفسها، وهي التي، ... على الحسّ، ما أمّلت مني، أملت (9)
... ولو أنني وحّدت، ألحدت، وانسلخت ... من آي جمعي، مشركا بي صنعتي (10)
(10) محراب المسجد: مكان التوجه للصلاة. بار: هلك.
وأسفار توراة الكليم لقومه، ... يناجي بها الأحبار في كلّ ليلة (1)
... وإن خرّ للأحجار في البدّ، عاكف ... فلا وجه للإنكار بالعصبيّة (2)
... فقد عبد الدّينار، معنى، منزّه، ... عن العار بالإشراك بالوثنية ... وقد بلغ الإنذار عني من بغى، ... وقامت بي الأعذار في كلّ فرقة ... وما زاغت الأبصار من كلّ ملّة، ... وما زاغت الأفكار من كلّ نحلة (3)
... وما اختار من للشّمس عن غرّة، صبا ... وإشراقها من نور إسفار غرّتي (4)
... وإن عبد النّار المجوس، وما انطفت ... كما جاء في الاخبار في ألف حجّة ... فما قصدوا غيري، وإن كان قصدهم ... سواي، وإن لم يظهروا عقد نيّة ... رأوا ضوء نوري، مرّة فتوهّموه ... نارا، فضلّوا في الهدى بالأشعّة ... ولولا حجاب الكون قلت، وإنّما ... قيامي بأحكام المظاهر مسكتي ... فلا عبث والخلق لم يخلقوا سدى ... وإن لم تكن أفعالهم بالسديدة (5)
... على سمة الأسماء تجري أمورهم ... وحكمة وصف الذات للحكم، أجرت (6)
... يصرّفهم في القبضتين، ولا ولا، ... فقبضة تنعيم، وقبضة شقوة (7)
... ألا هكذا، فلتعرف النّفس، أو فلا، ... ويتل بها الفرقان كلّ صبيحة (8)
... وعرفانها من نفسها، وهي التي، ... على الحسّ، ما أمّلت مني، أملت (9)
... ولو أنني وحّدت، ألحدت، وانسلخت ... من آي جمعي، مشركا بي صنعتي (10)
(1) الاسفار: الأوراد التي أتت في التوراة. الكليم: موسى (ع). الأحبار: الناسكون.
(2) البد: بيت الصنم. العاكف: العازم على الأمر.
(3) زاغت: حادت أو ضعف نورها. الملة: المذهب. النحلة: البدعة.
(4) الغرة: الجبين. صبا: تطلع. اسفار: ظهور.
(5) العبث: اللهو. السديدة: الصائبة.
(6) السمة: العلامة. أجرت: سارت بالأمر.
(7) ولا في آخر الصدر تخفيف ولاء أي مناصرة. التنعيم: الرخاء. الشقوة: البؤس.
(8) الفرقان: القرآن الكريم.
(9) أمّلت: تعللت بالآمال. أملت: فرضت.
(10) ألحدت: كفرت.
ولست ملوما أن أبثّ مواهبي، ... وأمنح أتباعي جزيل عطيّتي (1)
... ولي من مفيض الجمع، عند سلامه ... عليّ بأو، أدنى إشارة نسبة (2)
... ومن نوره مشكاة ذاتي أشرقت ... عليّ فنارت بي عشائي، كضحوتي (3)
... فأشهدتني كوني هناك، فكنته ... وشاهدته إيّاي، والنّور بهجتي ... فبي قدّس الوادي، وفيه خلعت خلع ... نعلي على النادي، وحدت بخلعتي (4)
... وآنست أنواري، فكنت لها هدى ... وناهيك من نفس عليها مضيئة ... وأسست أطواري، فناجيتني بها، ... وقضّيت أوطاري، وذاتي كليمتي (5)
... وبدري لم يأفل، وشمسي لم تغب ... وبي تهتدي كلّ الدّراري المنيرة (6)
... وأنجم أفلاكي جرت عن تصرّفي ... بملكي، وأملاكي، لملكي، خرّت (7)
... وفي عالم التّذكار للنفس علمها ... المقدّم، تستهديه منّي فتيتي ... فحيّ على جمعي القديم، الذي به ... وجدت كهول الحيّ أطفال صبية (8)
... ومن فضل ما أسأرت شرب معاصري ... ومن كان قبلي، فالفضائل فضلتي (9)
(10) ألحدت: كفرت.
ولست ملوما أن أبثّ مواهبي، ... وأمنح أتباعي جزيل عطيّتي (1)
... ولي من مفيض الجمع، عند سلامه ... عليّ بأو، أدنى إشارة نسبة (2)
... ومن نوره مشكاة ذاتي أشرقت ... عليّ فنارت بي عشائي، كضحوتي (3)
... فأشهدتني كوني هناك، فكنته ... وشاهدته إيّاي، والنّور بهجتي ... فبي قدّس الوادي، وفيه خلعت خلع ... نعلي على النادي، وحدت بخلعتي (4)
... وآنست أنواري، فكنت لها هدى ... وناهيك من نفس عليها مضيئة ... وأسست أطواري، فناجيتني بها، ... وقضّيت أوطاري، وذاتي كليمتي (5)
... وبدري لم يأفل، وشمسي لم تغب ... وبي تهتدي كلّ الدّراري المنيرة (6)
... وأنجم أفلاكي جرت عن تصرّفي ... بملكي، وأملاكي، لملكي، خرّت (7)
... وفي عالم التّذكار للنفس علمها ... المقدّم، تستهديه منّي فتيتي ... فحيّ على جمعي القديم، الذي به ... وجدت كهول الحيّ أطفال صبية (8)
... ومن فضل ما أسأرت شرب معاصري ... ومن كان قبلي، فالفضائل فضلتي (9)













مصادر و المراجع :

١- ديوان ابن الفارض

المؤلف: ابن الفارض، هو أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي (632)

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید