المنشورات

وفيت له

(الكامل)
نظم هذه القصيدة في رثاء الطائع لله.
أترى السّحاب، إذا سرت عشراؤه، ... يمرى على قبر ببابل ماؤه (1)
يا حادييه قفا ببزل مطيّه، ... فإلى ثرى ذا القبر كان حداؤه (2)
يسقي هوى للقلب فيه ومعهدا، ... رقّت منابته ورقّ هواؤه (3)
قد كان عاقدني الصّفاء فمل أزل ... عنه، وما بقّى عليّ صفاؤه
ولقد حفظت له، فأين حفاظه ... ولقد وفيت له، فأين وفاؤه
أوعى الدّعاء، فلم يجبه قطيعة، ... أم ضلّ عنه من البعاد دعاؤه
هيهات أصبح سمعه وعيانه ... في التّرب قد حجبتهما أقذاؤه
يمسي، ولين مهاده حصباؤه ... فيه، ومؤنس ليله ظلماؤه
قد قلّبت أعيانه، وتنكّرت ... أعلامه، وتكسّفت أضواؤه
مغف، وليس للذّة إغفاؤه ... مغض، وليس لفكرة إغضاؤه
وجه كلمح البرق غاض وميضه ... قلب كصدر العضب فلّ مضاؤه (1)
حكم البلى فيه، فلو يلقى به ... أعداءه لرثى له أعداؤه
إنّ الّذي كان النّعيم ظلاله ... أمسى يطنّب بالعراء خباؤه
قد خفّ عن ذاك الرّواق حضوره ... أبدا، وعن ذاك الحمى ضوضاؤه
كانت سوابقه طراز فنائه ... يجلو جمال روائهنّ رواؤه (2)
ورماحه سفراؤه، وسيوفه ... خفراؤه، وجياده ندماؤه (3)
ما زال يغدو، والرّكاب حداؤه، ... بين الصّوارم والعجاج رداؤه
انظر إلى هذا الأنام بعبرة ... لا يعجبنّك خلقه وبهاؤه (4)
بيناه كالورق النّضير تقصّفت ... أغصانه وتسلّبت شجراؤه (5)
أنّى تحاماه المنون، وإنّما ... خلقت مراعي للرّدى خضراؤه
أم كيف تأمل فلتة أجساده ... من ذا الزّمان، وحشوها أدواؤه (6)
لا تعجبنّ، فما العجيب فناؤه ... بيد المنون، بل العجيب بقاؤه
إنّا لنعجب كيف حمّ حمامه، ... عن صحّة، ويغيب عنّا داؤه (7)
من طاح في سبل الرّدى آباؤه، ... فليسلكنّ طريقه أبناؤه
ومؤمّر نزلوا به في سوقة، ... لا شكله فيهم ولا قرناؤه (1)
قد كان يفرق ظلّه أقرانه، ... ويغضّ دون جلاله أكفاؤه (2)
ومحجّب ضربت عليه مهابة، ... يغشي العيون بهاؤه وضياؤه
نادته من خلف الحجاب منيّة ... أمم، فكان جوابها حوباؤه (3)
شقّت إليه سيوفه ورماحه، ... وأميط عنه عبيده وإماؤه
لم يغنه من كان ودّ لو انّه ... قبل المنون من المنون فداؤه
حرم عليه الذّلّ، إلّا أنّه ... أبدا ليشهد بالجلال بناؤه
متخشّع بعد الأنيس جنابه ... متضائل بعد القطين فناؤه (4)
عريان تطرد كلّ ريح تربه، ... وتطيع أوّل أمرها حصباؤه
ولقد مررت ببرزخ، فسألته: ... أين الأولى ضمّتهم أرجاؤه (5)
مثل المطيّ بواركا أجداثه، ... تسفى على جنباتها بوغاؤه (6)
ناديته، فخفي عليّ جوابه ... بالقول إلّا ما زقت أصداؤه (7)
من ناظر مطروفة ألحاظه، ... أو خاطر مطلولة سوداؤه (8)
أو واجد مكظومة زفراته، ... أو حاقد منسيّة شحناؤه
ومسنّدين على الجنوب، كأنّهم ... شرب تخاذل بالطّلا أعضاؤه (1)
تحت الصّعيد لغير إشفاق إلى ... يوم المعاد تضمّهم أحشاؤه
أكلتهم الأرض التي ولدتهم ... أكل الضّروس حلت له أكلاؤه (2)
حيّاك معتلج النّسيم، ولا يزل ... سحرا تفاوح نوره أصباؤه (3)
يمري عليك من النّعامى خلفه ... من عارض متبزّل أنداؤه (4)
فسقاك ما حمل الزّلال سجاله، ... ونحاك ما جرّ الزّحوف لواؤه (5)
لولا اتّقاء الجاهليّة سقته ... ذودا تمور على ثراك دماؤه (6)
وأطرت تحت السّيف كلّ عشيّة ... عرقوب مغتبط يطول رغاؤه
لكن سيخلف عقرها ودماءها، ... أبد اللّيالي، مدمعي وبكاؤه
أقني الحياء تجمّلا لو أنّه ... يبقى مع الدّمع اللّجوج حياؤه
وإذا أعاد الحول يومك عادني، ... مثل السّليم يعوده آناؤه (7)
داء بقلبي لا يعود طبيبه ... يأسا إليّ، ولا يصاب دواؤه
فاذهب، فلا بقي الزّمان، وقد هوى ... بك صرفه وقضى عليك قضاؤه
















مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید