المنشورات

خطوب

(الوافر)
وجّه هذه القصيدة إلى صديق يسأله فيها عن حال نكبة لحقته.
خطوب لا يقاومها البقاء، ... وأحوال يدبّ لها الضّراء (1)
ودهر لا يصحّ به سقيم، ... وكيف يصحّ، والأيّام داء
وأملاك يرون القتل غنما، ... وفي الأموال لو قنعوا فداء (2)
هم استولوا على النّجباء منّا، ... كما استولى على العود اللّحاء (3)
مقام لا يجاذبه رحيل، ... وليل لا يجاوره ضياء
سيقطعك المثقّف ما تمنّى، ... ويعطيك المهنّد ما تشاء (4)
بلونا ما تجيء به اللّيالي، ... فلا صبح يدوم ولا مساء
وأنضينا المدى طربا وهمّا، ... فما بقي النّعيم ولا الشّقاء (5)
إذا كان الأسى داء مقيما، ... ففي حسن العزاء لنا شفاء
وما ينجي من الأيّام فوت، ... ولا كدّ يطول، ولا عناء
تنال جميع ما تسعى إليه، ... فسيّان السّوابق والبطاء
وما ينجي من الغمرات إلّا ... ضراب، أو طعان، أو رماء (6)
ورمح تستطيل به المنايا، ... وصمصام تشافهه الدّماء (1)
وإنّي لا أميل إلى خليل ... سفيه الرأي شيمته الرّياء
يسوّمني الخصام، وليس طبعي، ... وما من عادة الخيل الرّغاء
أقول لفتية زجروا المطايا، ... وخفّ بهم على الإبل النّجاء (2)
على غوراء تشتجر الأداوي ... بعرصتها، وتزدحم الدّلاء (3)
ردوا واستفضلوا نطفا، فحسبي ... من الغدران ما وسع الإناء (4)
وبعدكم أناخ إلى محلّ ... يطلّق عنده الدّلو الرّشاء (5)
تقلّص عن سوائمه المراعي، ... وتخرز درّة الضّرع الرّعاء (6)
إذا ما الحرّ أجدب في زمان، ... فعفّته له زاد وماء
أرى خلقا سواسية، ولكن ... لغير العقل ما تلد النّساء (7)
يشبّه بالفصيل الطّفل منهم، ... فسيّان العقيقة والعفاء (8)
تصونهم الوهاد، وأيّ بيت ... حمى اليربوع لولا النّافقاء (9)
هم يوم النّدى غيم جهام، ... وفي اللأواء ريح جربياء (1)
قرى لا يستجير به خميص، ... ونار لا يحسّ بها الصّلاء (2)
وضيف لا يخاطبه أديب، ... وجار لا يلذّ له الثّواء (3)
هوى بدر التّمام، وكلّ بدر ... ستقذفه إلى الأرض السّماء
وعلمي أنّه يزداد نورا، ... ويجذبه عن الظّلم الضّياء
أمرّ بداره فأطيل شوقا، ... ويمنعني من النّظر البكاء
تعرّض لي فتنكرها لحاظي، ... معطّلة كما نقض الخباء
كأنّي قائف طلب المطايا ... على جدد تبعثره الظّباء (4)
ديار ينبت الإحسان فيها، ... ونبت الأرض تنّوم وآء (5)
وقد كان الزّمان يروق فيها، ... ويشرب حسنها الحدق الظّماء
ودار لا يلذّ بها مقيم ... ولا يغشى لساكنها فناء
تخيّب في جوانبها المساعي، ... وينقص في مواطنها الإباء
وما حبستك منقصة، ولكن ... كريم الزّاد يحرزه الوعاء
فلا تحزن على الأيّام فينا، ... إذا غدرت، وشيمتنا الوفاء
فإنّ السّيف يحبسه نجاد، ... ويطلقه على القمم المضاء
لئن قطع اللّقاء غرام دهر، ... لما انقطع التّودّد والإخاء
وما بعث الزّمان عليك إلّا ... وفور العرض والنّفس العصاء
ولو جاهرته بالبأس يوما، ... لأبرأ ذلك الجرب الهناء
وكنت، إذا وعدت على اللّيالي، ... تمطّر في مواعدك الرّجاء
وأعجلك الصّريخ إلى المعالي، ... كما يستعجل الإبل الحداء
وأيّ فتى أصاب الدّهر منّا، ... تصاب به المروءة والوفاء
صقيل الطّبع رقراق الحواشي، ... كما اصطفقت على الرّوض الأضاء (1)
ينال المجد وضّاح المحيّا، ... طويل الباع، عمّته لواء
كلام تستجيب له المعالي، ... ووجه يستبدّ به الحياء
فلا زالت همومك آمرات ... على الأيّام يخدمها القضاء
تجول على ذوابلك المنايا، ... ويخطر في منازلك العلاء













مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید