المنشورات

أنت المعين

(البسيط)
في هذه القصيدة يمدح الوزير أبا نصر سابور بن أزدشر وقد قدم مع شرف الدولة إلى بغداد سنة ست وسبعين وثلاثمئة.
ما يصنع السّير بالجرد السّراحيب ... إن كان وعد الأماني غير مكذوب (4)
لله أمر من الأيّام أطلبه، ... هيهات أطلب أمرا غير مطلوب
لا تصحب الدّهر إلّا غير منتظر، ... فالهمّ يطرده قرع الظّنابيب (1)
واقذف بنفسك في شعواء خابطة، ... كالسّيل يعصف بالصّوّان واللّوب (2)
إن حنّت النّيب شوقا، وهي واقفة، ... فإنّ عزمي مشتاق إلى النّيب (3)
أو صارت البيض في الأغماد آجنة، ... فإنّما الضّرب ماء غير مشروب (4)
متى أراني ودرعي غير محقبة، ... أجرّ رمحي، وسيفي غير مقروب (5)
أيد تجاذب دنيا لا بقاء لها، ... خباؤها بين تقويض وتطنيب
قد كنت غرّا وكان الدّهر يسمح لي، ... إنّ الرّقيب على دنياي تجريبي
وعدت يا دهر شيئا بتّ أرقبه، ... وما أرى منك إلّا وعد عرقوب
وحاجة أتقاضاها وتمطلني، ... كأنّها حاجة في نفس يعقوب
لأتعبنّ على البيداء راحلة، ... واللّيل بالرّيح خفّاق الجلابيب
ما كنت أرغب عن هوجاء تقذف بي ... هام المرورى وأعناق الشّناخيب (6)
في فتية هجروا الأوطان واصطنعوا ... أيدي المطايا بإدلاج وتأويب (7)
من كلّ أشعث ملتاث اللّثام، له ... لحظ تكرّره أجفان مدؤوب (8)
يوسّد الرّحل خدّا ما توسّده ... قبل المطالب غير الحسن والطّيب
إليك طارت بنا نجب مدفّعة، ... تحت السّياط، رميضات العراقيب (1)
وردن منك سحابا غير منتقل ... عن البلاد، وبدرا غير محجوب
ما زلت ترغب في مجد تشيّده ... عفوا وغيرك في كدّ وتعذيب
حتى بلغت من العلياء منزلة، ... تفدى الأعاجم فيها بالأعاريب
إنّي رأيتك ممّن لا يخادعه ... حثّ الزّجاجة بالغيد الرّعابيب (2)
ولا تحلّ يد الأقداح حبوته، ... إذا احتبى بين مطعون ومضروب (3)
يهاب سيفك مصقولا ومختضبا، ... وأهيب الشّعر شيب غير مخضوب
يأوي حسامك إن صاح الضّراب به ... إلى لواء من العلياء منصوب
ويرتمي بك، والأرماح والغة ... طماح كلّ أسيل الخدّ يعبوب (4)
لم يسل همّك من مال تفرّقه ... إلّا تعشّق أطراف الأنابيب
إذا منحت العوالي كفّ مستلب ... أقطعت بذل العطايا كفّ مسلوب
لا يركب النّدب إلّا كلّ معضلة، ... كأنّ ظهر الهوينا غير مركوب (5)
ولا يرى الغدر أهلا أن يلمّ به، ... وإنّما الغدر مأخوذ عن الذّيب
ما نال مدحي أبو نصر بنائلة، ... ولا بسلطان ترغيب وترهيب (6)
إلّا بشيمة بسّام وتكرمة ... غرّاء تعدل عندي كلّ موهوب
أنت المعين على أمر تصاوله، ... وحاجة شافهتنا بالأعاجيب (7)
ومثل سمعك يدعوه إلى كرم، ... قول تشيّعه أنفاس مكروب
سبى فناؤك آمالا لطينتها، ... سبي الأزمّة أعناق المصاعيب (1)
يا خير من قال بلّغ خير مستمع ... عنّي وحسبك من وصف وتلقيب
لولاك يا ملك الأملاك سال بنا ... من النّوائب عرّاص الشّآبيب (2)
زجرت عنّا اللّيالي، وهي رابضة ... تقرو بأنيابها عقر المخاليب (3)
أرعيتنا الكلأ الممطور ننشطه ... نشط الخمائل بعد المربع الموبي (4)
فكنت كالغيث مسّ المحل ريّقه ... فهذّب الأرض منه أيّ تهذيب (5)
هذا أتى قائلا، والصّدق ينصره، ... أقال عنقي وكان السّيف يغري بي
صدقت ظنّ العلى فيه، وحاسده ... يعطي الحقائق أطراف الأكاذيب
تركته زاهدا في العيش منقطعا ... عن القراين منّا والأصاحيب (6)
وكان بالحرب يلقى من ينافره، ... فصار يلقى الأعادي بالمحاريب (7)
ما قلت ما كان صرف الدّهر أدّبه، ... بلى قديما، وهذا فضل تأديب
الحمد لله لا أشكو إلى أحد، ... قلّ الوفاء من الشبّان والشّيب
هيّأت مجدك يستوفي الزّمان به ... عزما حساما، ورأيا غير مغلوب
ولا صبرت على ذلّ ومنقصة، ... ولا حذرت على عذل وتأنيب
خطبت شعري إلى قلب يضنّ به، ... إلّا عليك، فباشر خير مخطوب
شببت بالعزّ، إذ كان المديح له، ... فما أصول بمدحي دون تشبيب
لا علّق الموت نفسا أنت صاحبها ... إنّ الحمام محبّ غير محبوب















مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید