المنشورات

ليل التمام نجوبها

(الطويل)
نظم هذه القصيدة وهو في طريق نجد، في شهر صفر سنة 394، وكان الدليل يسمى كعبا من بني كلاب. وهو يذكر المودّة بينه وبين الوزير أبي علي الحسن بن حمد بن أبي الزمان في طريق مكة. كما يصف ما لقياه في ذهابهما وإيابهما وعدولهما إلى البحر.
ترى نوب الأيّام ترجي صعابها، ... وتسأل عن ذي لمّة ما أشابها (4)
وهل سبب للشّيب من بعد هذه، ... فدأبك يا لون الشّباب ودابها
شربنا من الأيّام كأسا مريرة، ... تدار بأيد لا نردّ شرابها
نعاتبها، والذّنب منها سجيّة، ... ومن عاتب الخرقاء ملّ عتابها (5)
وقالوا: سهام الدّهر خاط وصائب، ... فكيف لقينا، يا لقوم، صيابها
أبت لقحة الدّنيا درورا لعاصب، ... ويحلبها من لا يعاني عصابها (1)
وقد يلقح النّعماء قوم أعزّة، ... ويخسر قوم عاجزون سقابها (2)
وكنت إذا ضاقت مناديح خطّة، ... دعوت ابن حمد دعوة فأجابها (3)
أخ لي إن أعيت عليّ مطالبي، ... رمى لي أغراض المنى، فأصابها (4)
إذا استبهمت علياء لا يهتدى لها ... قرعت به دون الأخلّاء بابها
به خفّ عنّي ثقل فادحة النّوى، ... وحبّب عندي نأيها واغترابها
ثمانون من ليل التّمام نجوبها ... رفيقين تكسونا الدّياجي ثيابها
نؤمّ بكعب العامريّ نجومها، ... إذا ما نظرناها انتظرنا غيابها
نقوّم أيدي اليعملات وراءه، ... ونعدل منها أين أومى رقابها (5)
كأنّا أنابيب القناة يؤمّها ... سنان مضى قدما، فأمضى كعابها
كذئب الغضا أبصرته عند مطمع، ... إذا هبط البيداء شمّ ترابها
بعين ابن ليلى لا تداوى من القذى، ... يريب أقاصي ركبه ما أرابها
تراه قبوعا بين شرخي رحاله، ... كمذروبة ضمّوا عليها نصابها (6)
فمن حلّة نجتابها وقبيلة ... نمرّ بها مستنبحين كلابها (7)
ومن بارق نهفو إليه، ونفحة ... تذكّرنا أيّامها وشبابها
ولهفي على عهد الشّباب ولمّة ... أطرّت غداة الخيف عنّي غرابها
ومن دار أحباب نبلّ طلولها ... بماء الأماقي أو نحيّي جنابها (1)
ومن رفقة نجديّة بدويّة، ... تفاوضنا أشجانها واكتئابها
ونذكرها الأشواق حتى تحنّها، ... وتعدي بأطراف الحنين ركابها
إذا ما تحدّى الشّوق يوما قلوبنا ... عرضنا له أنفاسنا والتهابها
وملنا على الأكوار طربى، كأنّما ... رأينا العراق، أو نزلنا قبابها (2)
نشاق إلى أوطاننا، وتعوقنا ... زيادات سير ما حسبنا حسابها
وكم ليلة بتنا نكابد هولها، ... ونمزق حصباها، إذا الغمر هابها
وقد نصلت أنضاؤنا من ظلامها، ... نصول بنان الخود تنضو خضابها (3)
وهاجرة تلقي شرار وقودها ... على الرّكب أنعلنا المطيّ ظرابها (4)
إذا ما طلتنا بعد ظمء بمائها، ... وعجّ الظّوامي أوردتنا سرابها
تمنّى الرّفاق الورد والرّيق ناضب، ... فلا ريق إلّا الشّمس تلقي لعابها (5)
إلى أن وقفنا الموقفين وشافهت ... بنا مكّة أعلامها وهضابها
وبتنا بجمع، والمطيّ موقّف، ... نؤمّل أن نلقى منى وحصابها (6)
وطفنا بعاديّ البناء محجّب ... نرى عنده أعمالنا وثوابها
وزرنا رسول الله ثمّ بعيده ... قبور رجال ما سلونا مصابها
وجزنا بسيف البحر والبحر زاخر ... بلجّته حتّى وطئنا عبابها (1)
خطوب يعنّ الشّيب في كلّ لمّة، ... وينسين أيّام الصّبا ولعابها
عسى الله أن يأوي لشعث تناهبوا ... هباب المطايا نصّها وانجذابها (2)
وجاسوا بأيديها على علل السّرى ... حرار أماعيز الطّريق ولابها (3)
فيرمي بها بغداد كلّ مكبّر، ... إذا ما رأى جدرانها وقبابها
فكم دعوة أرسلتها عند كربة ... إليه فكان الطّول منه جوابها (4)













مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید