المنشورات

ضحك الدهر

(المتقارب)
طلوع هداه إلينا المغيب، ... ويوم تمزّق عنه الخطوب
لقيتك في صدره شاحبا، ... ومن حلية العربيّ الشّحوب
إليه تمجّ النّفوس الصّدور، ... وفيه تهنّي العيون القلوب
تعزّيت مستأنسا بالبعاد، ... واللّيث في كلّ أرض غريب
وأحرزت صبرك للنّائبات، ... وللدّاء يوما يراد الطّبيب
لحا الله دهرا أرانا الدّيا ... ر يندب فيها البعيد القريب
وما كان موتا، ولكنّه ... فراق تشقّ عليه الجيوب
لئن كنت لم تسترب بالزّمان، ... فقد كان من فعله ما يريب
رمى بك، والأمر ذاوي النّبات، ... فآل، وغصن المعالي رطيب
ولمّا جذبت زمام الزّمان، ... أطاع، ولكن عصاك الحبيب
ولمّا استطال عليك البعاد، ... وذلّل فيك المطيّ اللّغوب (1)
رجوت البعاد على أنّه ... كفيل طلوع البدور الغروب
رحلت، وفي كلّ جفن دم ... عليك، وفي كلّ قلب وجيب (2)
ولا نطق إلّا ومن دونه ... عزاء يغور ودمع ربيب
وأنت تعلّلنا بالإيا ... ب، والصّبر مرتحل لا يؤوب
وسرّ العدى فيك نقص العقول، ... وأعلم أن لا يسرّ اللّبيب
أما علم الحاسد المستغرّ ... أنّ الزّمان عليه رقيب (3)
قدمت قدوم رقاق السّحا ... ب تخطّ والرّبع ربع جديب
فما ضحك الدّهر إلّا إلي ... ك مذ بان في حاجبيه القطوب
حلفت بما ضمّنته الحجون ... وما ضمّ ذاك المقام الرّحيب (4)
لقد سرّك الدّهر في الغادرين، ... بعذر تضاءل فيه الذّنوب
وأجلى رجوعك عن حاسدي ... ك هذا قتيل وهذا سليب
تحرّق منك قلوب العدا ... ة غيظا، وأنت ضحوك قطوب (5)
وأجهل ذا النّاس مستنهض ... دعاء إلى سمع من لا يجيب
زعانف يستصرخون العلى، ... وما استلب العزّ إلّا نجيب (6)
وطال مقامك في منزل، ... تطلّع من جانبيه الحروب
بضرب كما اشترطته السّيوف، ... وطعن كما اقترحته الكعوب (7)
ونجل تغلغل فيها الطّعا ... ن، وانشقّ عنها النّجيع الصّبيب (1)
وصحبة كلّ غلام علي ... هـ من سمة العزّ حسن وطيب
إذا خضب الرّمح أدمى به، ... كأنّ السّنان بنان خضيب (2)
وقطعك كلّ بعيد النّياط، ... كأنّ الجواد به مستريب (3)
وأرضا، إذا ما اجتلاها الهجي ... ر طلّقها من يديه الضّريب (4)
وما زال منك على النّائبات ... مقام عظيم ويوم عصيب
فيوم حسامك فيه الخطيب ... ويوم لسانك فيه الخطيب
طلبت لنفسك، فاطلب لنا ... من العزّ، إنّ المحامي طلوب
وإن كنت تأنف من حبّه، ... فإنّ العلاء إلينا حبيب
وما نحن أنت، وكلّ إلى ... دعاء العلى طرب مستجيب
ونحن قسام إلينا الشّباب ... وأنت قسام إليك المشيب (5)
على أنّه أنت عين الزّمان، ... وعيش بلا ناظر لا يطيب
ولولاك ما لذّ طعم الفخار، ... ولا راق برد العلاء القشيب
أترضى لمجدك أن لا يكون ... لنا من عطايا المعالي نصيب
فلا يقعدنّك كيد الحسو ... د، وانهض فكلّ مرام قريب
وحثّ الطّلاب، فإنّا نجدّ، ... وأمض الأمور، فإنّا نتوب (6)
ولم لا يضيف العلى من له ... غدير معين ومرعى خصيب
لحيّاك منّي، عند اللّقا ... ء، خلق عجيب وخلق أديب
وخلّفتني غرس مستثمر، ... فطال وأورق ذاك القضيب
ذخرت لك الغرر السّائرات، ... يعبّر عنها الفؤاد الكئيب (1)
تصون مناقبك الشّاردا ... ت أن تتخطّى إليها العيوب
إذا نثرتها شفاه الرّوا ... ة راقك منها النّظام العجيب
وإنّي لأرجوك في النّائبات، ... إذا جاءني الأمل المستثيب (2)














مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید