المنشورات

أنا السيف

(الطويل)
وضع هذه القصيدة في مدح أبيه، وفيها يهنئه بعيد الفطر سنة 377.
لغام المطايا من رضابك أعذب، ... ونبت الفيافي منك أشهى وأطيب (3)
وما لي عند البيض يا قلب حاجة ... وعند القنا والخيل واللّيل مطلب
أحبّ خليليّ الصّفيّين صارم، ... وأطيب داريّ الخباء المطنّب
ذليل لريب الدّهر من كان حاضرا، ... وحرب لدى الأيّام من يتغرّب
ولي من ظهور الشّدقميّات مقعد، ... وفوق متون اللّاحقيّات مركب (4)
لثامي غبار الخيل في كلّ غارة، ... وثوبي العوالي والحديد المذرّب (5)
أساكت بعض النّاس والقول نافع، ... وأغمد عن أشياء والضّرب أنجب
وأطمعني في العزّ أنّي مغامر، ... جريّ على الأعداء والقلب قلب (1)
وعندي ممّا خوّل الله سابح، ... وأسمر عسّال وأبيض مقضب (2)
وليس الغنى في الخلق إلّا غنيمة ... تحامي عليها، والمعالي تغلّب
إذا قلّ مالي قلّ صحبي، وإن نما ... فلي من جميع النّاس أهل ومرحب
غنى المرء عزّ، والفقير كأنّه ... لدى النّاس مهنوء الملاطين أجرب (3)
تطالبني نفسي بكلّ عظيمة، ... أرى دونها جاري دم يتصبّب
ويأمرني الذّلّان أن لا أطيعها، ... وأعلم من طرق العلى أين أذهب (4)
إذا كان حبّ المرء للشيء ضيعة، ... فأضيع شيء ما يقول المؤنّب
أنا السّيف إلّا أنّني في معاشر ... أرى كلّ سيف فيهم لا يجرّب
ولا علم لي بالغيب إلّا ظليعة ... من الحزم لا يخفى عليها المغيّب
أجرّب من أهواه قبل فراقه، ... فيصدق منه الغدر والودّ يكذب
تغيّر لي أخلاق من كنت أصطفي، ... وتغدرني أيّام من كنت أصحب
فلو لوّحت لي بالبروق سحابة، ... لأغضيت علما أنّ ما بان خلّب (5)
إذا شئت فارقت الحبيب، وبيننا ... من الشّوق ما يملي عليّ وأكتب
وليس نسيبي أنّ في القلب لوعة، ... ولكنّني أبكي زماني وأندب
وما نافعي عند البعيد تقرّبي، ... ولا ضائري عند القريب التّجنّب
قريب الفتى دون الأنام صديقه، ... وليس قريبا منه من لا يقرّب
وما في نجاد السّيف زين لحامل، ... ولا الزّين إلّا للفتى يوم يضرب
أخو الحرب من للسّيف فيه علامة، ... وللطّعن في جنبيه طرق وملعب
وحسب غلام شاهدا بشجاعة ... تغيظ العدى، أنّ القنا منه تخضب
إلى غاية تجري الأنام لنحوها، ... فماش بطيء مشيه ومقرّب (1)
يغرّ الفتى ما طال من حبل عمره، ... وترخي المنايا برهة، ثمّ تجذب
يقولون عنقا مغرب مستحيلة، ... ألا كلّ حيّ مات عنقاء مغرب (2)
يطول عناء العيس ما دمت فوقها، ... وما دام لي عزم ورأي ومذهب (3)
وهوّن عندي ما بقلبي من الصّدى، ... ظماء تجافي مورد الماء لغّب (4)
فما أنا بالواني، إذا كنت صاديا، ... ولا الماء يعطيني قوى يوم أشرب (5)
وما الورد بعد الورد بلّا لغلّتي، ... وإن بلّ ظمأ الداعريّات مشرب (6)
وما لي إلى غير الحسين وسيلة، ... وفي جوده دون الرّغائب أرغب
جريء على الأمر الّذي لا يرومه ... من القوم إلّا حازم الرّأي أغلب
ألا إنّ فحلا ساعدته نجيبة، ... فجاء بنجل كالحسين، لمنجب
وإنّ محلّا حلّ فيه لواسع ... وإنّ زمانا عاش فيه لطيّب
لك الله من مغض على جرم جارم، ... ولو شاء ما استولى على الذّنب مذنب
وفي كلّ يوم أنت طالب غارة ... تجرّر أذيال العوالي وتسحب
تنام على أمر، وهمّك ساهر، ... وتنزل عن أمر، وعزمك يركب
تحقّقت الأحياء أنّك فخرها، ... وأغضت على علم نزار ويعرب
إذا شئت أحيانا شفاك من العدى ... سنان بصير بالطّعان ومضرب
وخيل لها في كلّ شرق ومغرب ... عقير مدمّى أو طعين مخضّب (7)
إذا طلعت نجدا أضاءت وجوهها ... وقدّامها من سائق النّقع غيهب (1)
يصيح القنا في كلّ حيّ ترومه، ... ويردي بك الأعداء يوم عصبصب (2)
ألا ربّ حال ساعدتك وفتكة ... رددت بها قرن الرّدى وهو أعضب (3)
رميت بها قلب العدوّ بخيفة ... وأعرضت، والمغرور يلهو ويلعب
كما خرق الرّامي بسهم رميّه، ... وأعرض علما أنّه سوف يعطب
عدوّان، أمّا واحد فمكاشف ... جريّ، وأمّا آخر فمؤلّب (4)
يمسّح خلف الشّرّ ذاك بخيفة، ... وهذا طويل الباع يمري فيحلب
يرومون غيّا، والعوائق دونهم، ... ويرمون بغيا، والمقادير تحجب
سما بك طلّاعا إلى العمر مشرق، ... وأدبر بالباغي إلى الموت مغرب
فذاك كما شاء الفسوق مبغّض، ... وأنت كما شاء العفاف محبّب
أهنّيك بالعيد الجديد تعلّة، ... وغيرك بالأعياد واللهو يعجب
فلا زال ممدودا عليك ظلاله، ... ولا زلت في نعمائه تتقلّب
ولا ظفر الباغي عليك بفرصة، ... ولا طلب الأعداء ما كنت تطلب
غمامك فيّاض، وريحك غضّة، ... وحوضك ملآن، وروضك معشب
إذا قلت فيك الشّعر جوّد مادح، ... وأكثر وصّاف، وأعرق مطنب (5)
وغيرك لا أطريه إلّا تكلّفا، ... وغير حنيني عند غيرك مصحب (6)
بغيض إلى الأيّام أنّك لي حمى، ... وغيظ بني الأيّام أنّك لي أب
أبعد النّبيّ والوصيّ تروقني ... مناسب من يعزى لمجد وينسب
يقرّ بفضلي كلّ باد وحاضر، ... ويحسدني هذا العظيم المحجّب
ومن لي بأن يشتاق ما أنا قائل، ... ويسمع مني ما يروق ويعجب
ولولا جزاء الشّعر ممّن يريده، ... وجدت كثيرا من أغنّي ويطرب
ألا إنّ راعي الذّود يعنى بذوده ... حفاظا وراعي الناس حيران مغرب (1)
أحبّكم ما دمت أعزى إليكم، ... وما دام لي فيكم مراد ومطلب
وإنّي عن الرّبع الذي لا يضمّكم ... على كلّ حال نازح الودّ أجنب
فلا تتركنّي عاطلا من مروّة، ... ولا قانعا بالدّون أرضى وأغضب
فما أنا بالواني، إذا ما دعوتني، ... ولا موقفي عمّا شهدت مغيّب (2)
أما لي قرار في نعيم ولذّة، ... فإنّي في الضّرّاء أطفو وأرسب
أريد من الله القضاء بحالة ... تقرّ بها عين وقلب معذّب
وأسأل أن يعطيك في العمر فسحة، ... لعلمي أنّ العمر يعطى ويوهب













مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید