المنشورات

سأدّرع الصوارم

(الوافر)
نظم هذه القصيدة مفتخرا بأهل البيت، وفيها يذكر قبورهم وبنشوقها.
ألا لله بادرة الطّلاب، ... وعزم لا يروّع بالعتاب (6)
وكلّ مشمّر البردين يهوي ... هويّ المصلتات إلى الرّقاب (1)
أعاتبه على بعد التّنائي، ... ويعذلني على قرب الإياب
رأيت العجز يخضع للّيالي، ... ويرضى عن نوائبها الغضاب
ولولا صولة الأيّام دوني، ... هجمت على العلى من كلّ باب
ومن شيم الفتى العربيّ فينا، ... وصال البيض والخيل العراب
له كذب الوعيد من الأعادي، ... ومن عاداته صدق الضّراب
سأدّرع الصّوارم والعوالي، ... وما عرّيت من خلع الشّباب
وأشتمل الدّجى والرّكب يمضي ... مضاء السّيف شذّ عن القراب (2)
وكم ليل عبأت له المطايا، ... ونار الحيّ حائرة الشّهاب
لقيت الأرض شاحبة المحيّا ... تلاعب بالضّراغم والذّئاب
فزعت إلى الشّحوب وكنت طلقا، ... كما فزع المشيب إلى الخضاب
ولم نر مثل مبيضّ النّواحي ... تعذّبه بمسودّ الإهاب (3)
أبيت مضاجعا أملي، وإنّي ... أرى الآمال أشقى للرّكاب
إذا ما اليأس خيّبنا رجونا، ... فشجّعنا الرّجاء على الطّلاب
أقول إذا استطار من السّواري ... زفون القطر رقّاص الحباب (4)
كأنّ الجوّ غصّ به، فأومى ... ليقذفه على قمم الشّعاب
جدير أن تصافحه الفيافي، ... ويسحب فوقها عذب الرّباب (5)
إذا هتم التّلاع رأيت منه ... رضابا في ثنيّات الهضاب (6)
سقى الله المدينة من محلّ، ... لباب الماء والنّطف العذاب (1)
وجاد على البقيع وساكنيه ... رخيّ الذّيل ملآن الوطاب (2)
وأعلام الغريّ، وما استباحت ... معالمها من الحسب اللّباب (3)
وقبرا بالطّفوف يضمّ شلوا، ... قضى ظما إلى برد الشّراب (4)
وسامرّا، وبغدادا، وطوسا، ... هطول الودق منخرق العباب (5)
قبور تنطف العبرات فيها، ... كما نطف الصّبير على الرّوابي (6)
فلو بخل السّحاب على ثراها ... لذابت فوقها قطع السّراب
سقاك فكم ظمئت إليك شوقا ... على عدواء داري واقترابي (7)
تجافي يا جنوب الرّيح عنّي، ... وصوني فضل بردك عن جنابي
ولا تسري إليّ مع اللّيالي، ... وما استحقبت من ذاك التّراب
قليل أن تقاد له الغوادي، ... وتنحر فيه أعناق السّحاب (8)
أما شرق التّراب بساكنيه ... فيلفظهم إلى النّعم الرّغاب
فكم غدت الضّغائن وهي سكرى ... تدير عليهم كأس المصاب
صلاة الله تخفق كلّ يوم ... على تلك المعالم والقباب
وإنّي لا أزال أكرّ عزمي، ... وإن قلّت مساعدة الصّحاب
وأخترق الرّياح إلى نسيم، ... تطلّع من تراب أبي تراب (1)
بودّي أن تطاوعني اللّيالي، ... وينشب في المنى ظفري ونابي
فأرمي العيس نحوكم سهاما، ... تغلغل بين أحشاء الرّوابي
ترامى باللّغام على طلاها، ... كما انحدر الغثاء عن العقاب (2)
وأجنب بينها خرق المذاكي، ... فأملي باللّغام على اللّغاب (3)
لعلّي أن أبلّ بكم غليلا ... تغلغل بين قلبي والحجاب
فما لقياكم إلّا دليل ... على كنز الغنيمة والثّواب
ولي قبران بالزّوراء أشفي ... بقربهما نزاعي واكتئابي
أقود إليهما نفسي وأهدي ... سلاما لا يحيد عن الجواب
لقاؤهما يطهّر من جناني، ... ويدرأ عن ردائي كلّ عاب
قسيم النّار جدّي يوم يلقى ... به باب النّجاة من العذاب (4)
وساقي الخلق والمهجات حرّى، ... وفاتحة الصّراط إلى الحساب
ومن سمحت بخاتمه يمين ... تضنّ بكلّ عالية الكعاب (5)
أما في باب خيبر معجزات ... تصدّق، أو مناجاة الحباب
أرادت كيده، والله يأبى، ... فجاء النّصر من قبل الغراب
أهذا البدر يكسف بالدياجي، ... وهذي الشمس تطمس بالضّباب
وكان إذا استطال عليه جان، ... يرى ترك العقاب من العقاب
أرى شعبان يذكرني اشتياقي، ... فمن لي أن يذكّركم ثوابي
بكم في الشّعر فخري لا بشعري، ... وعنكم طال باعي في الخطاب
أجلّ عن القبائح غير أنّي ... لكم أرمي وأرمى بالسّباب
فأجهر بالولاء، ولا أورّي، ... وأنطق بالبراء، ولا أحابي
ومن أولى بكم منّي وليّا، ... وفي أيديكم طرف انتسابي
محبّكم ولو بغضت حياتي، ... وزائركم ولو عقرت ركابي
تباعد بيننا غير اللّيالي، ... ومرجعنا إلى النّسب القراب (1)















مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید