المنشورات

دوام الهوى

(المتقارب)
دوام الهوى في ضمان الشّباب، ... وما الحبّ إلّا زمان التّصابي
أحين فشا الشّيب في شعره، ... وكتّم أوضاحه بالخضاب (1)
تروعين أوقاته بالصّدود، ... وترمين أيّامه بالسّباب
تخطّى المشيب إلى رأسه، ... وقد كان أعلى قباب الشّباب
كذاك الرّياح إذا استلأمت ... تقصّف أعلى الغصون الرّطاب (2)
مشيب كما استلّ صدر الحسا ... م، لم يرو من لبثه في القراب (3)
نضي، فاستباح حمى الملهيات، ... وراع الغواني بظفر وناب
وألوى بجدّة أيّامه، ... فأصبح مقذى لعين الكعاب (4)
تستّر منه مجال السّوار ... إذا ما بدا ومناط النّقاب
وكان، إذا شردت نيّة، ... يردّ رقاب الخطوب الغضاب (5)
وكنت أرقرق ماء الوصال، ... وبحر الشّبيبة طاغي العباب
وكأسي معوّدة بالسّماع ... تركض بين القلوب الطّراب
إذا نصفت فهي في مئزر، ... وتبرز إن أترعت في نقاب (6)
سمائي مذهّبة بالبروق ... وأرضي مفضّضة بالحباب
وروضي مطارفه غضّة، ... تطرّز أطرافها بالذّهاب (7)
وليل ترى الفجر في عطفه، ... كما شاب بعض جناح الغراب
يغار الظّلام على شمسه، ... إلى أن يواريها بالحجاب
وتصقل أنجمه العاصفات، ... إذا صديت من غمود السّحاب (1)
وبرق ينفّض أطرافه، ... كما رمحت بلق خيل عراب
وماء يضارع خيط السّقاء، ... ويرمى به في وجوه الشّعاب
تزعزع ريح الصّبا متنه، ... كما لطم المزج خدّ الشّراب
وذود يغادر وجه الصّعيد م ... ن حلّة العشب عاري الإهاب (2)
فما تطلب البيد من ساهم ... يثير عليها رقاب الرّكاب (3)
يساعدها في احتمال الصّدى، ... ويشركها في ورود السّراب (4)
يذكّره أخذ أوتاره، ... صهيل السّوابق حول القباب (5)
دفعن بخضخضة للمزاد، ... نجاء، وخشخشة للعياب (6)
لبلّ أنابيبه بالطّعان، ... وأنحل أسيافه بالضّراب (7)
يبيت وثوب الدّجى شاحب، ... طموح المعالم سامي الشّهاب
وما كنت أجري إلى غاية ... فأسألها: أين وجه الإياب؟
إذا استنهضت هممي عزمة ... عصفت بأيدي المطيّ العراب
تحرّيت أعجازها بالسّياط، ... فخاضت صدور الأمور الصّعاب
فكم قائف قد هدت لحظه ... بدور مناسمها في التّراب (8)
إذا مات في وخدهنّ المدى ... لطمن خدود الرّبى والرّحاب
فداؤك نفسي يا من له ... من القلب ربع منيع الجناب
فلولاك ما عاق قلبي الهوى، ... وعزّ على كلّ شوق طلابي
إذا ما صددت دعاني الهوى، ... فملت إلى خدعات صحابي
دفعت بكفّي زمامي إليك، ... وقد كنت أبطي على من حدا بي
فلا تحسبنّي ذليل القياد، ... فإنّي أبيّ على كلّ آبي
وساع إلى الودّ شبّهته، ... ويرتع مع أهله في جناب (1)
يؤمّن سطوة ليث العرين، ... ومضجعه بين غيل وغاب
حمته مذلّته سطوتي، ... وكيف ينال ذبابا ذبابي (2)
وملتثم قال لي لثمه ... عذاب الهوى في الثّنايا العذاب
نعاقر بالضّمّ كأس العناق، ... ونسفك باللّثم خمر الرّضاب (3)
عناق كما ارتجّ ماء الغدير، ... ولثم كما استنّ ولغ الذّئاب
غدونا على صهوات الخطوب ... جوادي رهان وسيفيّ قراب
صقيلين تستلّنا النّائبات، ... فتثلم فيهنّ، والدّهر ناب
وغصنين يلعب فينا النّسيم، ... وتنطف عنّا نطاف الرّباب (4)
ونجمين يقصر عن نيلنا ... من الطّالعات الذّرى والرّوابي
وكنّا، إذا مسّنا حادث ... نقلّم بالصّبر ظفر المصاب
إليك تخطّت فروج القلوب ... بكر من الآنسات العراب
أشبّب فيها بذكر المشيب، ... وما استيأست لمّتي من شبابي















مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید