المنشورات

قنعت

(الطويل)
هل الطّرف يعطي نظرة من حبيبه، ... أم القلب يلقى راحة من وجيبه (1)
وهل للّيالي عطفة بعد نفرة، ... تعود فتلهي ناظرا عن غروبه
ولله أيّام عفون كما عفا ... ذوائب ميّاس العرار رطيبه (2)
أحنّ إلى نور الرّبى في بطاحه، ... وأظما إلى ريّا اللّوى في هبوبه (3)
وذاك الحمى يغدو عليلا نسيمه ... ويمسي صحيحا ماؤه في قليبه (4)
حببت لقلبي ظلّه في هجيره ... إذا ما دجا أو شمسه في ضريبه (5)
وعهدي بذاك الظّبي إبّان زرته، ... رعاني، ولم يحفل بعيني رقيبه
وحكّم ثغري في إناء رضابه، ... وأدنى جوادي من إناء حليبه
هو الشّوق مدلولا على مقتل الفتى ... إذا لم يعد قلبا بلقيا حبيبه
تهيّرني تلويح وجهي، وإنّما ... غضارته مدفونة في شحوبه
فربّ شقاء قد نعمنا بمرّه، ... وربّ نعيم قد شقينا بطيبه
ولولا بواقي نائبات من الرّدى ... غفرت لهذا الدّهر ماضي ذنوبه
وإنّي لعرفان الزّمان وغدره ... أبيت وما لي فكرة في خطوبه (6)
وأصبح لا مستعظما لعظيمه ... بقلبي، ولا مستعجبا لعجيبه
يغمّ الفتى ذكر المشيب، وربّما ... ليلقى انقضاء العمر قبل مشيبه
وينسيه بدء العيش ما في عقيبه، ... وجيئته تبدي لنا عن ذهوبه
إلى كم أشقّ اللّيل عن كلّ مهمه، ... وأرعى طلوع النّجم حتى مغيبه (1)
أخطّ بأطراف القنا كلّ بلدة، ... وأملي جلابيب الملا من ندوبه (2)
وكنت إذا خوّى نجيب تركته ... أسير عقال مؤلم من لغوبه (3)
رجاء لعزّ أقتنيه وحالة ... تزيد عدوّي من غواشي كروبه
وبزلاء من جند اللّيالي لقيتها ... بقلب بعيد العزم فيها قريبه (4)
نصبت لها وجهي، وليس كعاجز ... يوقّيه حرّ الطّعن من يتّقي به
وخيل كأمثال القنا تحمل القنا ... على كلّ عنق عاقد من سبيبه (5)
حملت عليها كلّ طعّان سربة ... كما نهز السّاقي بجنبي قليبه (6)
قضى وطر العلياء من ركب القنا، ... وأولغ بيضا من دم في صبيبه
ولمّا ركبت الهول لم أرض دونه، ... ومن ركب اللّيث اعتلى عن نجيبه
تريح علينا ثلّة المجد شزّب ... تغالي، وأيد من قنا في صليبه (7)
وأبيض من عليا معدّ، بنانه ... مقاوم ريّان الغرار خصيبه
أخفّ إلى يوم الوغى من سنانه، ... وأمضى على هام العدى من قضيبه (8)
هل السّيف إلّا منتضى من لحاظه، ... أو البدر إلّا طالع من جيوبه
إذا سئل انهال النّدى من بنانه، ... كما انهال أذيال النّقا من كثيبه
جواد، إذا ما مزّق الذّود عضبه ... أذاع النّدى من جرده بعد نيبه (1)
يسير أمام النّجم عند طلوعه، ... ويهوي أمام النّجم عند غروبه
رضيت به في صدر يوم عجاجه ... على شمسه عاريّة من سهوبه (2)
مضى يحرس الأقران بالطّعن في الطّلى، ... وقد لجّ نعّاب القنا في نعيبه
أنا ابن نبيّ الله، وابن وصيّه ... فخار علا عن ندّه وضريبه (3)
تأدّب منّي رائع الخطب بعدما ... تجلّى سفيه الجدّ لي عن أديبه
فو الله لا ألقى الزّمان بذلّة، ... ولو حطّ في فوديّ أمضى غروبه (4)
قنعت، فعندي كلّ ملك نزوله ... عن العزّ والعلياء مثل ركوبه
وما أسفي إلّا على ما جلوته ... على سمع منزور النّوال نضوبه (5)
إذا ما رآني قطّع اللّحظ طرفه، ... وعنون لي إطراقه عن قطوبه
ومن لم يكن حمدي نصيبا لبشره ... جعلت ضروب الذّمّ أدنى نصيبه
ولو أنّ عضبي ممكن ما ذممته، ... وكان مكان الذّمّ ردع جيوبه (6)
وإنّ عناء النّاظرين كليهما، ... إذا طمعا من بارق في خلوبه (7)
أعاب بشعري، والّذي أنا قائل ... يقلقل جنبي عائب من معيبه
وكلّ فتى يرنو إلى عيب غيره ... سريعا وتعمى عينه عن عيوبه
وما قولي الأشعار إلّا ذريعة ... إلى أمل قد آن قود جنيبه (1)
وإنّي، إذا ما بلّغ الله منيتي، ... ضمنت له هجر القريض وحوبه (2)
فهل عائبي قول عقدت بفضله ... فخاري، وحصّنت العلى بضروبه
سأترك هذا الدّهر يرغو رغاؤه، ... وتصرف من غيظي بوادي نيوبه (3)
وأجعل عضبي دون وجهي وقاية، ... ليأمن عندي ماؤه من نضوبه














مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید