المنشورات

مثال عينيك

(البسيط)
في هذه القصيدة يمدح أباه ويظهر ألمه لبعده عنه. وكان والده قد قصد فارس للاصلاح بين الملكين بهاء الدولة وصمصام الدولة ابني عضد الدولة، وبين العسكرين البغدادي والفارسي. ثم أقام يماطل بالعودة مدة طويلة، وكان ذلك في سنة 387.
مثال عينيك في الظّبي الذي سنحا، ... ولّى، وما دمل القلب الذي جرحا
فرحت أقبض أثناء الحشا كمدا، ... وراح يبسط أثناء الخطا مرحا (1)
صفحت عن دم قلب طلّه هدرا ... بقيا عليه، فما أبقى ولا صفحا
حمى له كلّ مرعى سهم مقلته ... ومورد الماء مغبوقا ومصطبحا
أماتح أنت غرب الدّمع من كمد ... على الظّعائن، إذ جاوزن مطّلحا (2)
أتبعتهم نظرا تدمى أواخره، ... وقد رملن على رمل العقيق ضحى (3)
فيهنّ أحوى غضيض الطّرف رعيته ... حبّ القلوب إذا ما راد أو سرحا (4)
عندي من الدّمع ما لو كان وارده ... مطيّ قومك يوم الجزع ما نزحا
غادرن أسوان ممطورا بعبرته ... ينحو مع البارق العلويّ أين نحا (5)
يروعه الرّكب مجتازا ويزعجه ... زجر الحداة تشلّ الأينق الطّلحا (1)
هل يبلغنّهم النّفس التي ذهبت ... فيهم شعاعا، أو القلب الذي قرحا (2)
إن هان سفح دمي بالبين عندهم، ... فواجب أن يهون الدّمع إن سفحا
قل للعواذل: مهلا فالمشيب غدا ... يغدو عقالا لذي القلب الذي طمحا
هيهات أحوج مع شيبي إلى عذل، ... فالشّيب أعذل ممّن لامني ولحا
قف طالعا أيّها السّاعي ليدركني، ... فبعدك الجزع المغرور قد قرحا
لا عزّ أخبثنا عرقا، وأهجننا ... أمّا، وأصلدنا زندا إذا قدحا
أظنّ رأسك قد أعياك محمله، ... وربّ ثقل تمنّاه الذي طرحا
كم المقام على جيل سواسية، ... نرجو النّدى من إناء قلّ ما رشحا
تشاغل النّاس باستدفاع شرّهم ... عن أن يسومهم الإعطاء والمنحا
في كلّ يوم يناديني لبيعته ... مشمّر في عنان الغيّ قد جمحا
إن تمنينّ لمنديل، إذا لكم ... متى يشا ماسح منكم بها مسحا
إلام أصفيكم ودّي على مضض، ... وكم أنير وأسدي فيكم المدحا (3)
يروم نصحي أقوام وروا كبدي، ... والعجز أن يجعل الموتور منتصحا
أرى جناني قد جاشت حلائبه، ... ما يمنع القلب من فيض وقد طفحا
شمّر ذويلك، واركبها مذكّرة، ... واطلب عن الوطن المذموم منتدحا
وحمّل الهمّ، إن عنّاك نازله ... غوارب اللّيل والعيرانة السّرحا (4)
وانفض رجالا سقوك الغيظ أذنبة ... وأورثوك مضيض الدّاء والكشحا (5)
إن عاينوا نعمة ماتوا بها كمدا ... وإن رأوا غمّة طاروا بها فرحا
أوهت أكفّهم بيني وبينهم ... فتقا بغير العوالي قلّ ما نصحا (1)
نالوا المعالي، ولم تعرق جباههم ... فيها لغوبا، وما نال الذي كدحا (2)
سائل عن الطّود لم خفّت قواعده ... وكان إن مال مقدار به رجحا
قد جرّبوه، فما لانت شكيمته، ... وحمّلوه فما أعيا ولا رزحا
رموا به الغرض الأقصى، فشافهه، ... مرّ القطاميّ جلّى بعدما لمحا (3)
من العراق إلى أجبال خرّمة ... يا بعده منبذأ عنّا ومطرّحا (4)
ليس الملوم الذي شدّ اليدين به، ... بل الملوم المرزّا من به سمحا
هو الحسام، فمن تعلق يداه به ... يضمم على الصّفقة العظمى وقد ربحا
إن أغمدوه فلم تغمد فضائله ... ولا نأى ذكره الدّاني، وقد نزحا
أهدى السّلام إليك الله ما حملت ... غوارب الإبل الغادين والرّوحا
ولا أغبّ بلادا أنت ساكنها ... مسرى نسيم يميط الداء إن نفحا
أغدو على سبل الأنواء مشترطا ... سقياك في البلد النّائي ومقترحا
أفردت للهمّ صدرا منك متّسعا ... على الهموم، وقلبا منك منشرحا
كساهم البهمة الدّهماء عجزهم، ... والعزم ألبسك التّحجيل والفرحا (5)
علّ اللّيالي أن تثنى بعاطفة، ... فيستقيل زمان بعدما اجترحا
كما رمى الدّاء عضوا بعد صحّته ... كذا إذا التاث عضو ربّما اصطلحا (6)
فكم تلاحك باب الخطب ثمّ رمي ... بقارع من يمين الله، فانفتحا (7)
وكم تلاحم كرب عند معضلة ... فانجاب عن قدر لله، وانفسحا
أرى رجالا كبهم القاع عندهم ... سيّان من مزّق الآراء أو صرحا (1)
يعلو على قلل الأعناق بينهم ... من غشّ رئيا ويوطا عنق من نصحا (2)
تظاهروا بنفاق الغيّ عندهم ... حتّى ادّعاه على مكروهه الفصحا














مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید