المنشورات

ورثوا المعالي

(الكامل)
بعض الملام فقد غضضت طماحي، ... وكفيت من نفسي العذول اللّاحي (3)
من بعد ما خطر الصّبا بمقادتي، ... وجرى إلى الأمد البعيد جماحي (4)
عشرون أوجف في البطالة خلفها ... عامان غلّا من يديّ مراحي (5)
زمن يخفّ به الجناح إلى الصّبا، ... لمّا ظفرت به خفضت جناحي
أغضي عن المرأى الأنيق زهادة ... فيه، وأدفع لذّتي بالرّاح
أمعاهد الأحباب! هل عود إلى ... مغدى نبلّ به الجوى ومراح (6)
يكفيك من أنفاسنا ودموعنا ... أن تمطري من بعدنا وتراحي
فلربّ عيش فيك رقّ نسيمه، ... كالماء رقّ على جنوب بطاح
وتغزّل كصبا الأصائل أيقظت ... ريّا خزامى باللّوى وأقاح (1)
كم فيك من صاحي الشّمائل منتش ... بالذّلّ، أو مرضى العيون صحاح
فسقى اللّوى صوب الغمام ودرّه، ... وسقى النّوازل فيه صوب الرّاح (2)
وغدا فروّح ذاك عن تلك الرّبى، ... وسرى فروّح ذا عن الأرواح
فلطالما أقصدنني ظبياته، ... وأرقت فيه لبارق لمّاح (3)
والتحت من كمد إليه، وورده ... ناء يعذّب غلّة الملتاح
أيّام في صبغ الشّباب ذوائبي، ... وإلى التّصابي غدوتي ورواحي
قومي أنوف بني معدّ والذّرى ... من واضح فيهم ومن وضّاح
السّابقون إلى على ومفاخر، ... والغالبون على ندى وسماح (4)
ذهبوا بشأو المجد ثمّ تلفّتوا ... هزءا إلى الطّلّاع والطّلّاح (5)
شوس الحواجب مغضبين وفي الرّضى ... ما شئت من بيض الوجوه صباح (6)
ورثوا المعالي بالجدود، وبعدها ... بضراب مرهفة وطعن رماح
وقياد مخطفة الخصور كأنّها ... العقبان تحت مجلجل دلّاح (7)
يغبقن ليلا بالغبوق وتارة، ... يصبحن بالغارات كلّ صباح (8)
ضربت بعرقي دوحة نبويّة، ... في منصب واري الزّناد صراح
ينمى إلى أعياص خير أرومة، ... ليست بعشّات الفروع ضواح (1)
وأبي الذي حصد الرّقاب بسيفه، ... في كلّ يوم تصادم ونطاح
ردّت إليه الشّمس يحدث ضوءها ... صبحا على بعد من الإصباح
سائل به يوم الزّبير مشمّرا، ... يختال بين ذوابل وصفاح
واسأل به صفّين إنّ زئيره ... أودى بكبش أميّة النّطّاح (2)
واسأل شراة النّهروان، فإنّهم ... ضربوا بمنذلق اليدين وقاح (3)
كم من طعين يوم ذاك مرمّل، ... وحريم عزّ بالطّعان مباح (4)
ومناقب بيض الوجوه مضيئة، ... أبدا، تكاثر ألسن المدّاح
من قاس ذا شرف به، فكأنّما ... وزن الجبال القود بالأشباح (5)
قد قلت للعادي عليّ ببغيه: ... مهلا، فما يلحو القتادة لاحي (6)
فحذار إن مطرت عليك صواعقي ... وحذار إن هبّت عليك رياحي
أوفى الصّباح فشقّ كلّ دجنّة، ... وعلا الزّئير فغضّ كلّ نباح
أنا من علمت، على المكاشح مرهف ... نابي، وشاك في الخصام سلاحي
وأبيت أن أعطي الأعادي مقودي، ... أو أن تدرّ على الهوان لقاحي
من بعد ما أوضعت في طرق العلى، ... وأضرّ بالأعداء طول كفاحي (7)
وسحبت من خلع الخلائف طارفا ... لحظات كلّ معاند طمّاح
ووليت في السّنّ القريبة أسرتي، ... فوكلت فاسدهم إلى إصلاحي
بمهابة عمّت بغير تكبّر، ... وصرامة أدمت بغير جراح
حلم كحاشية الرّداء، ودونه ... بأس يدقّ عوامل الأرماح
فلئن علوتهم، فليس بمنكر ... إمّا علت غرر على أوضاح (1)
فالآن أمدح غير مولى نعمة، ... لو كنت أنصف كان من مدّاحي (2)
بعدا لدهر خاض بي أهواله، ... وأجازني غمرا إلى ضحضاح (3)
لا درّ درّي إن رضيت بذلّة ... تلوي يدي وتردّ غرب طماحي
من دون قود الجرد تمري جريها ... ربلات كلّ مغامر جحجاح (4)
عنقا على عنق الطّلاب تحثّها ... همم ضمنّ عوائد الإنجاح (5)
فظع البلاد وراء قاضية العلى ... متغرّبا عن موطني ومراحي
أشهى إليّ من النّعيم يدوم لي، ... وألذّ من نعم عليّ مراح
إنّي إلى العذب النّمير أصابني ... بيد الهوان شربت بالأملاح
دعني أخاطر بالحياة، وإنّما ... طلب الرّجال العزّ ضرب قداح
إمّا لقاء الملك قسرا، أو كما ... لقي ابن حجر من يد الطّمّاح















مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید