المنشورات

نصافي المعالي

(الطويل)
في هذه القصيدة يمدح الشريف الرضي والده ويذكر مجلسه مع المطهر بن عبد الله وزير عضد الدولة حين قبض عليه وحمل الى فارس فحبس في القلعة هو وابن معروف قاضي القضاة. وكان عمر الشريف دون العشرين بكثير.
نصافي المعالي، والزّمان معاند، ... وننهض بالآمال، والجدّ قاعد (1)
تمرّ بنا الأيّام غير رواجع، ... كما صافحت مرّ السّيول الجلامد
وتمكننا من مائها كلّ مزنة، ... وتمنعنا فضل السّحاب المزاود (2)
وما مرضت لي في المطالب همّة، ... وأحداثه في كلّ يوم عوائد
عوائد همّ لا يحيّين غبطة ... بهنّ، ولا تلقى لهنّ الوسائد
ولله ليل يملأ القلب هوله، ... وقد قلقت بالنّائمين المراقد
يقرّ بعيني أن أرى أرض بابل ... تخوض مغانيها الجياد المذاود (3)
وأسحب فيها برد جذلان شامت، ... إذا شاء غنّته الرّقاق البوارد (4)
سللنا رقاب العيس من خلل الدّجى ... تلاعبها أشطانها والمقاود (5)
وقد حفّ بالبدر النّجوم كأنّه ... هديّ تهاداه الإماء الولائد (6)
وفي أعين القوم انضمام من الكرى، ... وطرف السّرى بين الأزمّة شاهد
فمضطرب في غرزه مترنّح، ... وآخر مكبوب على الرّحل ساجد
وغائرة قد وقّر النّوم لحظها ... تسفّه جفنيها الهموم العوائد
تقود جيادا ما اتّهمن على مدى، ... بلى، ربّما ارتابت بهنّ الأوابد (7)
إذا جال في أشداقها الظّمء قلّصت ... لها الأرض وانقادت إليها الموارد (8)
أبحنا لها تجتاز من عذر الرّبى، ... فكرّت عليها بالعجاج الفدافد (1)
طرائق بيد يعسل الآل بينها، ... كما اضطرب السّرحان واللّيل بارد (2)
هجمنا على غول الطّريق وبعده ... وما ركضت فيه الرّياح الصّوارد (3)
أأرسل خيل اللّحظ في طلب الهوى، ... ومن ظنّها أنّ الخدود طرائد (4)
ولي شغل في طالب ضلّ قصده، ... أسائل عنه ما يقول المقاصد
أقول لدهر تاه إذ صيد ليثه: ... كذاك يصاد اللّيث واللّيث راقد
أثلّم هذا النّصل بالضّرب ضارب، ... وزعزع هذا الطّود بالوطء صاعد
تعزّ، فما كلّ المصائب قادم ... عليك، ولا كلّ النّوائب عائد
ينال الفتى من دهره قدر نفسه، ... وتأتي على قدر الرّجال المكايد
فدى لك يا مجد المعالي وبأسها، ... فعال جبان شجّعته الحقائد
فما تركت منك الصّوارم والقنا، ... ولا أخذت منك الحسان الخرائد (5)
عزلت ولكن ما عزلت عن النّدى، ... وجودك في جيد العلى لك شاهد
بوجهك ماء العزّ في العزل ذائب، ... ووجه الذي ولّي من الماء جامد
فأنت ترجّي الملك، وهو زواله، ... بغير جلاد فيه، وهو مجالد
فلا يفرح الأعداء فالغزل معرض ... إذا راح عنه صادر جاء وارد
وما كنت إلّا السّيف يمضي ذبابه، ... ولا ينصر العلياء من لا يجالد
نضي فقضى حقّ الضّرائب في الوغى، ... وأثنت عليه حين ردّ المغامد
فأعطوا عنان الضّرّ غيرك إذ رأوا ... يمينك تستولي عليها الفوائد
وما كنت يوما في الزّمان بممسك ... عرى المال إن ضجّت إليك المواعد
ولا كنت ترضى أن تصحّ ببلدة، ... إذا قيل: عضو من زمانك فاسد
أيا غدوة ساء الحسين صباحها، ... وسرّ العدى فيها الزّمان المعاند
لحققت عندي أنّ كلّ صبيحة ... مجاجة سمّ، واللّيالي أساود (1)
يعرّفك الإخوان كلّ بنفسه، ... وخير أخ من عرّفتك الشّدائد
وطاغ يعير البغي غرب لسانه، ... وليس له عن جانب الدّين ذائد (2)
شننت عليه الحقّ حتّى رددته ... صموتا، وفي أنيابه القول راقد (3)
يدلّ بغير الله عضدا وناصرا، ... وناصرك الرّحمن، والمجد عاضد (4)
تعيّر ربّ الخير بالي عظامه، ... ألا نزّهت تلك العظام البوائد
ولكن رأى سبّ النّبيّ غنيمة، ... وما حوله إلّا مريب وجاحد
ولو كان بين الفاطميّين رفرفت ... عليه العوالي والظّبى والسّواعد
ألا إنّ جدب الحلم عندك مخصب، ... وإنّ لئيم المجد عندك رافد (5)
ضجرت من العلياء فاخترت عزلها، ... كأنّك قد أفنت نداك المحامد
تركت قلوصا بالفلاة ووحشها، ... تجاذبه عن نفسه وتراود
ستذكرك الأرماح وهي قوارب، ... وليس لها إلّا القلوب موارد (6)
حوى المجد يا قيس بن عيلان ماجد، ... وجلّ، فما يلقى له فيه حاسد
فتى يحتوي أرماحكم، وهو صارم، ... ويسري جيوشا نحوكم، وهو واحد
ويوم عويث، والسّيوف بوارق، ... تظلّ المنايا، والقسيّ رواعد
رددتهم، والسّمر بين ظهورهم ... تعقّل فيه الموت، والموت شارد (7)
وقد خلقت فيها عيونا قريحة، ... ينامون عمر اللّيل، وهي سواهد
أسنّة فهر في صدور جيادهم، ... كأنّ قناها للجياد مقاود
هم ذخروا أعمارهم لسيوفه، ... فأولى لها والحرب عذراء ناهد (1)
رأيت فيافي تقتضي هبواته، ... وترغب أرساغ الجياد القوادد (2)
مدى يمخض الأشواط حتّى يعيدها، ... ولا زبدة إلّا الجواد المجاود (3)
لنعم حريم العزم أنت وثغره، ... إذا رجّح الرّأي الألدّ المجالد (4)
ألست من القوم الذين إذا سطوا ... تبرّى من التّاج العظيم المعاقد
سياطهم بيض الظّبى وسجونهم ... إذا غضبوا دون العلاء الملاحد
رقاب العدى والعيس فيهم ذليلة، ... وللبيض ما نيطت عليه القلائد (5)
يعشّش طير الخضب في حجراتهم، ... وتعقل منهنّ البيوت الشّوارد (6)
وما والد مثل ابن موسى لمولد ... قريب تجافاه الرّجال الأباعد
حمى الحجّ واحتلّ المظالم رتبة، ... على أنّ ريعان النّقابة زائد
فأقبل، والدّنيا مشوق وشايق، ... وأعرض، والدّنيا طريد وطارد
وساعده، يوم استقلّ ركابه، ... أخوه، وقال البين: نعم المساعد
هما صبرا، والحقّ يركب رأسه ... عشيّة زالت بالفروع القواعد
تفرّد بالعلياء عن أهل بيته، ... وكلّ يهاديه إلى المجد والد
وتختلف الآمال في ثمراتها، ... إذا شرقت بالرّيّ، والماء واحد
ومدّ على الجوزاء أطناب منزل ... يلوذ بحقويه السّها والفراقد (1)
فقرّ لنيران البوارق مصطل ... وظمء لأحواض الغمائم وارد
أحقّ بلاد الله بالمزن أرضه، ... إذا شام أقصى خطرة البرق رائد
كأنّي به، والعزّ ينضو همومه، ... وقد خضعت تلك الخطوب النّواكد (2)
أعاد إليه الله ماضي سروره، ... وردّ اللّيالي وهي بيض أماجد
منيت بشوق ينحر الدّمع سيفه، ... إذا حادثته بالصّقال المعاهد
أآل هذيم هل تقرّ قلوبكم ... وقلب ابن عدنان على الدّهر واجد
إذا جحدوا نعماك لوّت رقابهم ... لمنّك أطواق بها وقلائد
ولا زالت الأسياف تسبي حريمهم، ... وتسبي حريم المال منك القصائد













مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید