المنشورات

أرقّ القبائل

(المتقارب)
نظم الشريف الرضي هذه القصيدة مفتخرا بقريش ونزار على قحطان واليمن. وقد وضعها في رمضان سنة 385.
أراك ستحدث للقلب وجدا، ... إذا ما الظّعائن، ودّعن نجدا

بواكر يطلعن نقب الغوير، ... شأون النّواظر نأيا وبعدا (1)
تتبّعهم نظرات الصّقور ... آنسن هفهفة الطّير جدّا (2)
على قنوين، ألا من رأى ... ظعائن بالطّعن والضّرب نجدا (3)
نخالسها من خلال القنا ... سلاما، ونعلم أن لا تردّا
كأنّ هوادجها والقباب ... يثنين منهنّ بانا ورندا (4)
فما شئت تنسم بالقلب نشرا، ... وما شئت تقطف بالعين وردا
كأنّ قواني أنماطها ... قطوع رياض من الطّلّ تندى (5)
يصدّون عنّا بلمع الخدود، ... ويمنعنا وجدنا أن نصدّا
كأنّا بنجد غداة الوداع ... نصادي عيونا من الدّمع رمدا (6)
وأيسر ما نال منّا الغليل ... أن لا نحسّ من الماء بردا
أثاروا زفيرا يلفّ الضّلوع ... لفّ الرّياح أنابيب ملدا (7)
فكلّ حرارة أنفاسه ... تدلّ على أنّ في القلب وقدا
وإنّي للشّوق من بعدهم ... أراعي الجنوب رواحا ومغدى (8)
وأفرح من نحو أوطانهم ... بغيث يجلجل برقا ورعدا
إذا طلع الرّكب يمّمته ... أحيّي الوجوه كهولا ومردا
وأسألهم عن جنوب الحمى ... وعن أرض نجد ومن حلّ نجدا
نشدتكم الله، فليخبرنّ ... من كان أقرب بالرّمل عهدا
هل الدّار بالجزع مأهولة، ... أنار الرّبيع عليها وأسدى (1)
وهل حلب الغيث أخلافه ... على محضر من زرود ومبدا؟
وهل أهله عن تنائي الدّيار، ... يراعون عهدا ويرعون ودّا؟
لئن أقرض الله ذاك النّعيم ... فيهم، لقد كان فرضا مؤدّى
أعار الزّمان، ولكنّه ... تعقّب إعطاءه، فاستردّا
أنا ابن العرانين من هاشم، ... أرقّ القبائل راحا وأندى (2)
أكنّهم للمراميل ظلّا، ... وأثقبهم للمطاريق زندا (3)
سراع إلى نزوات الخطوب، ... يهزّون سمرا، ويمرون جردا (4)
كأنّ الصّريخ يهاهي بهم، ... أسودا تهبّ من الغيل ربدا (5)
إذا أغرقوا بيضهم في الطّلى ... وساموا القنا من دم الطعن وردا
على القبّ تشغلهنّ السّياط ... أمام الرّعيل عنفا وشدّا
رمين السّخال، وقين النّفوس ... حتّى بلغن لغوبا وجهدا (6)
فما أومأوا بصدور الرّماح ... يوما إلى القرن إلّا تردّى (7)
سيوف تطيل قراعا وقرعا، ... وخيل تعيد طرادا وطردا
وتغلق فيهم رهون الملوك ... قتلا بيوم طعان وصفدا
وكم صاف من دارهم سيّد، ... وقاظ يعالج في الجيد قدّا
كأنّ الفتى منهم في النّزال ... يرى أكبر الغنم إن قيل أودى
ولا يحمد العيش في يومه، ... إذا لم يلاق من السّيف هدّا (1)
يبيت على ظبتي همّة ... يجاثي خصوما من النّوم لدّا (2)
إذا غلّ أيدي الرّجال النّعاس، ... شدّ على العضب باعا أشدّا
وأصبح تزفيه ريح العجاج ... غضبان أعجل أن يستعدّا (3)
وسيّان من جرّ عزماته ... وحيدا إلى الرّوع أو جرّ جندا
يرى مهربا، فيلاقي الرّدى ... لقاء امرئ لا يرى منه بدّا
مضيء المحيّا كأنّ الجمال، ... إذا هبّ منه، جبينا وخدّا (4)
ترى وجهه في حضور النّدى ... كالعضب رقرقت فيه الفرندا
ينير ويلحم في خفية، ... إلى أن يحوك من الرّأي بردا
بني عمّنا أين قحطانكم، ... إذا عبّ بحر نزار ومدّا
مضغناكم إذ عددنا قريشا، ... ونلهمكم إذ بلغنا معدّا
هم ألدغوكم حماة الرّماح ... ولدّوكم بظبى البيض لدّا (5)
حموكم منابت عشب البلاد، ... تحلّوا من النّور سبطا وجعدا (6)
وساموا بنجد مطاياكم، ... لما نشطت منه بالغور ردّا
لنا من تعجّ الورى باسمه، ... إلى الله ندعوه في المجد جدّا
وبيت تهاوى إليه المطيّ، ... تهزّ الدّلاء ذميلا ووخدا (7)
بنا أنقذ الله هذا العريب، ... حتّى استقام إلى الدّين قصدا
وذلّ غواشيه من بعد ما ... سعى في الضّلالة سعيا مجدّا
وأخفت زمجرة المشركين، ... يفري الجماجم قطّا وقدّا
فأكثر بما طلّ تلك الدّماء، ... وأعظم بما جرّ بدرا وأحدا
وإنّ لنا بضّ تلك العروق، ... إذا عدن ينبضن كيّا معدّا
فلا تشمخن يا ابن أمّ الضّلال، ... بجدّي وجدت من النّار بردا
أجار على عجل أخمصيك ... من زلق الغيّ إذ كدت تردى
وأعتق عنقك من سيفه، ... فأصبح رأسك حرّا وعبدا
يزيد على مشتهى الجود جودا، ... ويبني على غاية المجد مجدا
نلين عطائفنا للقريب، ... ونولي المجانب قربا أجدّا (1)
وليس لنا شبخ الرّاحتين، ... إذا جاد أعطى قليلا وأكدى (2)
لقد زجر المجد حتّى أصاب ... بنا مطلع النّجم لا بل تعدّى
كذاك مناقبنا، فانظروا: ... أأحصيتم رمل يبرين عدّا
سبقنا إلى المجد من كان قبلا ... فكيف نقاس بمن جاء بعدا













مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید