المنشورات

أين الجياد

(الطويل)
يرثي الشريف في هذه القصيدة أبا حسان المقلد بن المسيب، وقد قتله غلمانه غيلة في داره بالأنبار، وذلك في صفر سنة 391.
أعامر! لا لليوم أنت، ولا الغد، ... تقلّدت ذلّ الدّهر بعد المقلّد
وأصبحت كالمخطوم من بعد عزّة ... متى قيد مشّاء على الضّيم ينقد
فإن سار للأعداء غيرك فاربعي ... وإن قام للعلياء غيرك فاقعد (1)
وقل للحمى لا حامي اليوم بعده ... ولا قائم من دون مجد وسؤدد
وللبيض لا كفّ لماض مهنّد، ... وللسّمر لا باع لعال مسدّد (2)
وقل للعدى أمنا على كلّ جانب ... من الأرض أو نوما على كلّ مرقد
فقد زال من كانت طلائع خوفه ... تعارضكم في كلّ مرعى ومورد
فأين الجياد الملجمات على الوحى ... سراعا إلى نقع الصّريخ المندّد (3)
وأين الطّوال الزّاعبيّات لو يشا ... لنال بها ما بين نسر وفرقد (4)
وأين الظّبى ما زال منها بكفّه ... رداء عظيم، أو عمامة سيّد
وأين المطايا تذرع البيد والدّجى ... إلى أقرب من نيل عزّ وأبعد
وأين الجفان الغرّ من قمع الذّرى ... هجان الأعالي بالسّديف المسرهر (5)
وأين القدور الرّاسيات كأنّها ... سماوات ربلات النّعام المطرّد (6)
وأين الوفود الماتحون ببابه ... بسجلين من بحري وعيد وموعد (7)
مرمّون من قبل اللّقاء مهابة، ... إذا رمقوا باب الطّراف الممدّد (1)
يشيرون بالتّسليم من خلل القنا ... إلى واضح من عامر غير قعدد (2)
يحيّون مرهوبا كأنّ رواقه ... وليجة مفتول الذّراعين ملبد
إذا همّ أمضى الرّأي غير ملوّم، ... وإن قال أجرى القول غير مفنّد (3)
حسام نكا فيه كهام بغرّة ... وأولى له لو هزّه غير مغمد
لئن فلّل الذّلّان منه، فربّما ... تحيّف من ماضي الظّبى شقّ مبرد (4)
فلا نعم الباغون يوما بعيشة ... ولا حضروا إلّا بألأم مشهد
ولا صادفوا في الدّهر منجى لخائف ... ولا وجدوا في الأرض مأوى لمطرد
ولا شربوا إلّا دما بعده ولا ... تحابوا بغير الزّاعبيّ المقصّد (5)
ولا نظروا إلّا بعمياء بعده ... ولا ارتضعوا إلّا بخلف مجدّد (6)
أبعد الطّوال الشّمّ من آل عامر ... إلى البيض والأدراع والخيل والنّدي
وأهل القباب الحمر يرخى سدولها ... على سؤدد عود ومجد موطّد (7)
إذا فزعوا للأمر ألجوا ظهورهم ... إلى كلّ طود من نزار عطوّد (8)
لهم جامل داجي المراح كأنّما ... تراغين عن قطع من اللّيل أسود (9)
تروح لهم حمر الهوادي كأنّها ... قواني عروق العندم المتورّد (10)
كأنّ الرّياض الغرّ حول بيوتهم ... ذئاب الغضا يمرحن في كلّ مرود (1)
إذا ما انتشوا هزّوا رؤوسا كريمة، ... لها طرب بالجود قبل التّغرّد
تراموا بها حمراء تحسب شربها ... ذوي قرّة حفّوا جوانب موقد (2)
لهم سامر تحت الظّلام وراكد ... على النّار يذكيها بضال وغرقد (3)
يقول الفتى منهم لراعي عشاره: ... ألا لا تقيّدها بغير المهنّد
مضى النّجباء الأطولون كأنّهم ... صدور القنا في الشّرعبيّ المعضّد (4)
رمت فيهم بعد التئام وألفة ... يد الأربى، صدع البلاط الممرّد (5)
تشظّوا تشظّي العود تجري فروعه ... على ثغرها خرقاء مجنونة اليد (6)
تكبّهم الأيّام عن جمحاتها ... كما كبّ أعجاز الهديّ المقلّد
خلت بهم الأجداث عنّا وأطبقت ... على المجد منهم كلّ بيداء قردد (7)
فمن يعدل الميلاء أو يرأب الثّأى ... ويأخذ من ريب الزّمان على يد (8)
تفانوا على كسب العلى، وتجرّعوا ... بأيديهم كأس الرّدى جرع الصّدي (9)
كما رضّ في مرّ السّيول عشيّة ... ذرى جلمد صعب الذّرى قرع جلمد
الا في سبيل المجد ثاوون لم تكن ... قبورهم غير الدّلاص المسرّد (1)
وكانوا أحاديث الرّفاق، فأصبحوا ... أغاني للغوريّ والمتنجّد (2)
لعا لكم من عاثرين تتابعوا ... على زلل الأقدام عثر المقيّد (3)
أفي كلّ يوم قطرة من دمائكم ... تمسّحها من ظفر شنعاء موئد (4)
ملوك وإخوان كأنّي بعدهم ... على قرب من خمس يوم عمرّد (5)
عراعر ينزو القلب عند ادّكارهم ... نزاء الدّبى بالأمعز المتوقّد (6)
سقاكم، ولولا عادة عربيّة، ... لقلّ لكم قطر الحبيّ المنضّد
من المزن رجراج العباب، كأنّه ... من البطء ترجاف الكسير المقوّد (7)
تخال على هام الرّبى من ربابه ... عناصي هامات الحجيج الملبّد (8)
ترادف يزجي كلكلا بعد كلكل، ... تطلّع ركب من أبانين منجد (9)
خفى برقه ثمّ استطار كأنّه ... يشقّق هدّاب الملاء المعمّد (10)
لجأنا من الدّنيا إلى مستقرّة ... تنوّلنا عذب الجنى وكأن قد (11)
علقنا جماد النّبل ناقصة الجدا، ... تروح علينا بالغرور وتغتدي (1)
أمن بعدهم أرجو الخلود وهذه ... سبيلي ومن تلك الشّرائع موردي
فإن أنج من ذا اليوم قاطع ربقة، ... فقصري من ريب المنون على غد (2)
سواء مخلّى للمنايا أكيلة، ... ومن راح منّا في التّميم المعقّد (3)
فقل للّيالي بعدهم: هاك مقودي ... تقضّى إيابي، فاصدري بي أو ردي
ودونك من ظهري وقد غال أسرتي ... طريق الرّدى، ظهر الذّلول المعبّد (4)
بأيّ يد أرمي الزّمان وساعد، ... وكانوا يدي أعطيتها الخطب عن يدي
وما كان صبري عنهم من جلادة، ... أبى الوجد لي بل عادة من تجلّدي













مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید