المنشورات

زمان الهوى

(الطويل)
في هذه القصيدة يمدح الشاعر أباه ويذم بعض أعدائه، وذلك سنة 374.
زمان الهوى ما أنت لي بزمان، ... ولا لك من قلبي أعزّ مكان
أبعد القباب اللّاء زلن عن الحمى ... أراعي الهوى في أربع ومغان
وسيري أمام الحيّ واللّيل حابس ... على الظّعن من جدل لنا ومثاني (3)
وملتبس بالرّكب بادرت خلفه، ... ألوّح بالأردان، وهو يراني
وآخر هزّتني إليه ارتياحة، ... ومن دونه ذو صفصف ورعان (1)
تحمّلت سهما أوّلا من فراقه، ... فلمّا رآني لا أخور رماني (2)
أقول له، والدّمع يأخذ ناظري ... بأبيض من ماء الشّؤون، وقاني:
أترضى عن الدّنيا ومولاك ساخط، ... وتمضي طليقا وابن عمّك عاني؟
وفي ذلك الوادي الذي أنبت الهوى ... جنابان من نوّاره، أرجان
وماء تشيه الرّيح كلّ عشيّة، ... كما رقم البرد الصّبيغ يماني (3)
مررت بغزلان على جنباته، ... فأطلقن دمعي واختبلن جناني
وعاجلني يوم الرّفيقين في الهوى، ... عشيّة ما لي بالفراق يدان
يقولان أحيانا: بقلبك نشوة، ... وما علما أنّ الغرام سقاني
وكم غادر البين المفرّق من فتى ... يمسّح قلبا دائم الخفقان
ومنتزع من بين جنبيه زفرة، ... تخلّي دموع العين في الهملان
وما الحبّ إلّا فرقة بعد ألفة، ... وإلّا حذار بعد طول أمان
هو الشّغل استولى على كلّ مهجة، ... وألقى ذراعيه بكلّ جنان
سلوت الهوى والشّوق إلّا ذؤابة ... تراجع قلبي من نوى وتداني (4)
وصرت أرى أنّ الشّجون علاقة، ... تليق بقلب العاجز المتواني
فها أنا ذا لا أمتع العين بالكرى، ... وتأمل قود النّوم بعد حران
تقلّص عن مسّ النّعاس جفونها، ... كما قلّصت للبارد الشّفتان (5)
تجمجم للأطماع في كلّ ليلة، ... وتقلع عن قلبي بغير بيان (1)
غرضت من العلياء وهي تطول بي، ... كما غرض المقصوص بالطّيران (2)
ولو شئت جلّى بي إلى غاية العلى ... جوادي، ولكنّي أردّ عناني
ومولى دعا غيري إلى ما يريده، ... ولو أنّني ممّن يجيب دعاني
وحاول أمرا يعصب الرّيق دونه ... بناجد مزؤود الفؤاد جبان (3)
ينازعني الشّحناء أنّى لقيته، ... ولو أنّني يوما حذرت رقاني (4)
وعوراء لم أنصت إليها، ولم أرد ... جوابا لها، والقول ليس بوان (5)
ولكنّني أغضيت عنها كأنّما ... أقول بسمعي، أو أعي بلساني
أرى السّرح أولى بي من الكور في الوغى، ... وما ناقتي إلّا فداء حصاني (6)
ولمّا تعاطينا النّزال انبرى لنا ... ملبّ على أعواده بلبان (7)
فسدّد رمحا لم يكن بمثقّف، ... وجرّد عضبا لم يكن بيماني
حذار، بني العنقاء، من متطاول ... إلى الحرب لا يخشى جناية جان
وداهية تصمي القلوب كأنّما ... تمطّر عن قوس من الشّريان (8)
فهذا وعيد سطوتي من ورائه، ... وعنوان ناري أن يبين دخاني
فلا يحسب الأعداء كيدي غنيمة، ... ولا أنّني في الشرّ غير معان
فإنّي بحمد الله أقوى على الأذى، ... وأنمى على البغضاء والشّنآن (1)
وأبيض من عليا معدّ، كأنّما ... تلاقى على عرنينه القمران
إذا رمت طعنا بالقريض حميته ... وإن رمت طعنا بالرّماح حماني
يجود، إذا ضنّ الجبان، بنفسه ... ويمضي، إذا ما زلّت القدمان
بصير بتصريف الأعنّة إن سرى ... ليوم نزال، أو ليوم رهان
ترامى به الأيّام، وهو مصمّم، ... كما يرتمي بالماتح الرّجوان (2)
إذا ما احتبى يوم الخصام كأنّما ... يحدّثنا عن يذبل وأبان (3)
أبا أحمد! أنت الشّجاع، وإنّما ... تجرّ العوالي عرضة لطعان
ولمّا غوى الغاوون فيك، وفرّجت ... ضلوع على الغلّ القديم حواني
نجوت عن الغمّاء، وهي قريبة، ... نجاء الثّريّا من يد الدّبران (4)
وغيرك غضّ الذّلّ من نجواته، ... وطامن للأيّام شخص مهان (5)
وحال الأذى بين المراد وبينه، ... كما حيل بين العير والنّزوان (6)
وكان كفحل البيت يطمح رأسه، ... فألقى على حكم الرّدى بجران (7)
وآخر راخى من قواك ببدعة، ... ستشرد في الدّنيا بغير عنان
فأشهد أن ما عرّقت فيه هاشم، ... ولا علّ يوما من لبان حصان (8)
إذا المرء لم يحفظ ذماما لقومه، ... فأحج به أن لا يفي بضمان (1)
ونازعك العلياء من آل غالب ... شعوب، ومن أدّ، ومن غطفان (2)
فوارس يلقون الرّدى بنفوسهم ... سراعا، ولا يدعون يا لفلان
ولو شئت لمّا طالعتك رماحهم، ... وأطرافها عوج إليك دواني
هرقت دماء ما لها، الدّهر، طالب، ... كما هرقت خرقاء قعب لبان (3)
وحيّ بثثت الخيل بين بيوتهم، ... وكانوا على أمن من الحدثان
أقمتهم من روعة عن شوائهم ... يمشّون بالأعراف كلّ بنان (4)
أأغضي على ضيم، وعزّك ناصري، ... وباعي طويل من وراء سناني؟
إذا، فعداني الضّيف في كلّ ليلة، ... وكبّت بأعجاز البيوت جفاني (5)
وما ارتاع مطلوب يكون وراءه ... بأغلب من آل النّبيّ هجان (6)
لك الخير لا أرضى بغيرك حاكما ... عليّ، ولا أعطي القياد زماني
وإن أطلب الضّخم اللّغاديد غايتي، ... فربّ جماد عدّ في الحيوان (7)











مصادر و المراجع :

١- ديوان الشريف الرضي

المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید