المنشورات

يموت الهوى مني

البحر: طويل
(ألا ليتَ ريعانَ الشبابِ جديدُ ** ودهراً تولى، يا بثينَ، يعودُ)
(فنبقى كما كنّا نكونُ، وأنتمُ ** قريبٌ وإذ ما تبذلينَ زهيدُ)
(وما أنسَ، مِ الأشياء، لا أنسَ قولها ** وقد قُرّبتْ نُضْوِي: أمصرَ تريدُ؟)
(ولا قولَها: لولا العيونُ التي ترى، ** لزُرتُكَ، فاعذُرْني، فدَتكَ جُدودُ)
(خليلي، ما ألقى من الوجدِ باطنٌ ** ودمعي بما أخفيَ، الغداةَ، شهيدُ)
(ألا قد أرى، واللهِ أنْ ربّ عبرةٍ ** إذا الدار شطّتْ بيننا، ستَزيد)
(إذا قلتُ: ما بي يا بثينةُ قاتِلي، ** من الحبّ، قالت: ثابتٌ، ويزيدُ)
(وإن قلتُ: رديّ بعضَ عقلي أعشْ بهِ ** تولّتْ وقالتْ: ذاكَ منكَ بعيد!)
(فلا أنا مردودٌ بما جئتُ طالباً، ** ولا حبها فيما يبيدُ يبيدُ)
(جزتكَ الجواري، يا بثينَ، سلامةً ** إذا ما خليلٌ بانَ وهو حميد)
(وقلتُ لها: بيني وبينكِ، فاعلمي ** من الله ميثاقٌ له وعُهود)
(وقد كان حُبّيكُمْ طريفاً وتالداً، ** وما الحبُّ إلاّ طارفٌ وتليدُ)
(وإنّ عَرُوضَ الوصلِ بيني وبينها، ** وإنْ سَهّلَتْهُ بالمنى، لكؤود)
(وأفنيتُ عُمري بانتظاريَ وَعدها، ** وأبليتُ فيها الدهرَ وهو جديد)
(فليتَ وشاةَ الناسِ، بيني وبينها ** يدوفُ لهم سُمّاً طماطمُ سُود)
(وليتهمُ، في كلّ مُمسًى وشارقٍ، ** تُضاعَفُ أكبالٌ لهم وقيود)
(ويحسَب نِسوانٌ من الجهلِ أنّني ** إذا جئتُ، إياهنَّ كنتُ أريدُ)
(فأقسمُ طرفي بينهنّ فيستوي ** وفي الصّدْرِ بَوْنٌ بينهنّ بعيدُ)
(ألا ليتَ شعري، هلَ أبيتنّ ليلةً ** بوادي القُرى؟ إني إذَنْ لَسعيد!)
(وهل أهبِطَنْ أرضاً تظَلُّ رياحُها ** لها بالثنايا القاوياتِ وئِيدُ؟)
(وهل ألقينْ سعدى من الدهرِ مرةً ** وما رثّ من حَبلِ الصّفاءِ جديدُ؟)
(وقد تلتقي الأشتاتُ بعدَ تفرقٍ ** وقد تُدرَكُ الحاجاتُ وهي بعِيد)
(وهل أزجرنْ حرفاً علاةً شملةً ** بخرقٍ تباريها سواهمُ قودُ)
(على ظهرِ مرهوبٍ، كأنّ نشوزَهُ، ** إذا جاز هُلاّكُ الطريق، رُقُود)
(سبتني بعيني جؤذرٍ وسطَ ربربٍ ** وصدرٌ كفاثورِ اللجينَ جيدُ)
(تزيفُ كما زافتْ إلى سلفاتها ** مُباهِيةٌ، طيَّ الوشاحِ، مَيود)
* * *
(إذا جئتُها، يوماً من الدهرِ، زائراً، ** تعرّضَ منفوضُ اليدينِ، صَدود)
(يصُدّ ويُغضي عن هواي، ويجتني ** ذنوباً عليها، إنّه لعَنود!)
(فأصرِمُها خَوفاً، كأني مُجانِبٌ، ** ويغفلُ عن مرةً فنعودُ)
(ومن يُعطَ في الدنيا قريناً كمِثلِها، ** فذلكَ في عيشِ الحياةِ رشيدُ)
(يموتُ الْهوى مني إذا ما لقِيتُها، ** ويحيا، إذا فرقتها، فيعودُ)
(يقولون: جاهِدْ يا جميلُ، بغَزوةٍ، ** وأيّ جهادٍ، غيرهنّ، أريدُ)
(لكلّ حديثِ بينهنّ بشاشةُ ** وكلُّ قتيلٍ عندهنّ شهيدُ)
(وأحسنُ أيامي، وأبهجُ عِيشَتي، ** إذا هِيجَ بي يوماً وهُنّ قُعود)
(تذكرتُ ليلى، فالفؤادُ عميدُ، ** وشطتْ نواها، فالمزارُ بعيدُ)
(علقتُ الهوى منها وليداً، فلم يزلْ ** إلى اليومِ ينمي حبه ويزيدُ)
(فما ذُكِرَ الخُلاّنُ إلاّ ذكرتُها، ** ولا البُخلُ إلاّ قلتُ سوف تجود)
(إذا فكرتْ قالت: قد أدركتُ ودهُ ** وما ضرّني بُخلي، فكيف أجود!)
(فلو تُكشَفُ الأحشاءُ صودِف تحتها، ** لبثنةَ حبُ طارفٌ وتليدُ)
(ألمْ تعلمي يا أمُ ذي الودعِ أنني ** أُضاحكُ ذِكراكُمْ، وأنتِ صَلود؟)
(فهلْ ألقينْ فرداً بثينةَ ليلةً ** تجودُ لنا من وُدّها ونجود؟)
(ومن كان في حبي بُثينةَ يَمتري، ** فبرقاءُ ذي ضالٍ عليّ شهيدُ)













مصادر و المراجع :

١- ديوان جميل بثينة

المؤلف: أبا عمرو، جميل بن عبد الله بن مَعْمَر العُذْري القُضاعي (82 هـ / 701 م)

الناشر: دار صادر، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید