المنشورات

يأس العاشق

لامه أبوه على تماديه في حب بثينة، فقام وهو يبكي، فبكى أبوه ومن حضر جزعًا لما رأوا منه. فقال في ذلك:
البحر: طويل
(ألا من لقلبٍ لا يمَلّ فيَذهَلُ، ** أفقْ، فالتعزي عن بثينةَ، أجملُ)
(سلا كلٌّ ذي ودٍ، علمتُ مكانهّ، ** وأنتَ بها حتى المماتِ موكلُ)
(فما هكذا أحببتَ من كان قبلها، ** ولا هكذا، فيما مضى، كنتَ تفعلُ)
(أعن ظُعُنِ الحيِّ الأُلى كنتَ تسألُ، ** بليلٍ، فردوا عيرهمَ، وتحملوا)
(فأمسوا وهم أهلُ الديار، وأصبحوا، ** ومن أهلِها الغِربانُ بالدارِ تَحجِل)
(على حين ولّى الأمرُ عنّا، وأسمَحتْ ** عصا البينِ، وانبتّ الرجاءُ المؤمَّل)
(وقد أبقت الأيامُ منيّ، على العدى، ** حُساماً، إذا مسَّ الضريبةَ، يَفصِل)
(ولستُ كمن إن سِيمَ ضَيماً أطاعَهُ، ** ولا كامرىء ٍ، إن عضّهُ الدهرُ يَنكُل)
(لعمري، لقد أبدى ليَ البينُ صَفحَهُ، ** وبيّنَ لي ما شئت، لو كنتُ أعقِل)
(وآخرُ عهدي، من بثينَة نظرةٌ، ** على مَوقِفٍ، كادت من البَينِ تقتلُ)
(فللهِ عينا من رأى مثل حاجةٍ، ** كتَمتُكِها، والنفسُ منها تَمَلمَلُ)
(وإني لأستبكي، إذا ذُكِر الهوى، ** إليكِ، وإني، من هواكِ، لأوجِل)
(نظرتُ ببِشرٍ نظرةً ظَلْتُ أمْتري ** بها عَبرةً، والعينُ بالدمعِ تُكحَل)
(إذا ما كَررتُ الطرفَ نحوكِ ردّه، ** من البُعدِ، فيّاضٌ من الدمعِ يَهمِل)
(فيا قلبُ، دع ذكرى بثينةَ إنها، ** وإن كنتَ تهواها، تَضَنّ وتَبخَل)
(قناةٌ من المُرّان ما فوقَ حَقْوِها، ** وما تحتَه منها نَقاً يَتهيّل)
(وقد أيأستْ من نيلها، وتجهمتْ، ** ولَليأسُ، إن لم يُقدَر النّيْلُ، أمثَل)
(وإلاّ فسلها نائلاً قبلَ بينها، ** وأبخِلْ بها مسؤولةً حين تُسأل)
(وكيف تُرجّي وصلَها، بعد بُعدِها، ** وقد جذُّ حبلُ الوصلِ ممن تؤملُ)
(وإنّ التي أحببتَ قد حِيلَ دونَها، ** فكن حازماً، والحازِمُ المُتحوِّل)
(ففي اليأسِ ما يُسلي، وفي الناس خُلّةٌ، ** وفي الأرضِ، عمنّ لا يؤاتيكَ، معزلُ)
(بدا كلفٌ مني بها، فتثاقلت، ** وما لا يُرى من غائبِ الوجدِ أفضَل)
(هبيني بريئاً نلتهُ بظلامةٍ، ** عفاها لكمُ، أو مذنباً يتنصلُ)













مصادر و المراجع :

١- ديوان جميل بثينة

المؤلف: أبا عمرو، جميل بن عبد الله بن مَعْمَر العُذْري القُضاعي (82 هـ / 701 م)

الناشر: دار صادر، بيروت

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید