المنشورات

مناجاة البحر! (2)

وقد كان لقربي من البحر ومجاورتي اياه أثر عميق في نفسي إلى درجة أنه جعلني أشعر بأنني بقرب صديق أطارحه الحديث وافضي إليه بذات نفسي وأسأله عن ذات نفسه وكثيرا ما أوثره على الأصدقاء الذين لا تربط بينهم إلا مصالح مادية تافهة وأخصه،- من غير ملق- بكل ثنات واعجاب.
ففي ذات أمسية ساحرة حالمة من أمسيات الصيف جلست إليه على صخرة مرتفعة تداعبها الامواج الرقيقة الرخية من كل جهة، وجعلت أتأمله وأحدوا نظري فيه غير شاعر بمن حولي وإذا بي أقول، كأنني أنطر في صحيفة:

يا صامتا يتكلم … وضاحكا يتألم!
ويا خطيبا بليغا … ومعربا وهو أعجم!
ومانحا كل سر … لشاعر يترنم!
لكنه عن سواه … بسيره يتكتم!
يا راضيا مطمئنا … وساخطا يتبرم
ويا حليما وقورا، … وثائرا ليس يرحم
يا شاديا يتغنى! … وشاكيا يتظلم
يا مودعا كل لغز … يا حاويا كل مبهم
حتى كأنك لوح! … فيه الحقائق ترسم
يا بحر يا خير دنيا … فيها الجمال تجسم
هذي قلوب صوادى … على ضفافك حوم
مطيفة بك كادت … من شوقها تتحطم
يا بحر يا إلف روحي … وأنسها حين تسأم
نجواك دنيا خيالي … إذا دجا الليل خيم
ففي هديك شعر … به النسيم ترنم
وفي صفائك سحر … كأنه سحر مبسم
وفي هدوئك سر … من الحقيقة أعظم
يا بحر حسبك أني … بكل ما فيك مغرم
فأنت للشعر وحي … وأنت للحزن بلسم











مصادر و المراجع :

١- ديوان الشيخ أحمد سحنون

المؤلف: أحمد سحنون

الناشر: منشورات الحبر (الجزائر)

الطبعة: الطبعة الثانية، 2007

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید