المنشورات
رعد البشائر
هذا لحن عبقري من ألحان محمد العيد، جاشت به قريحته على اثر أعمال ودروس قام بها الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رئيس جمعية العلماء الجزائريين، في مدينة باتنة.
ولكي نتيح القارئ فرصة الاستمتاع بالقصيدة، نستغني بما جاء فيها من إشارات ونكت وأعلام.
وقد نشرت في العدد 3 من البصائر سنة 1947.
•---------------------------------•
بباتنة رعد البشائر لعلعا …*… فأطرب (أوراسا) بها (والشلعلعا) (1)
وجادت غيوث البر كل رحابها …*… فجادت وعادت للمبرات مرتعا
وأخصبت الآمال فيها وأينعت …*… كما أخصب الروض الجديب وأينعا
فلا غرو أن تزهى بعهد مبارك …*… لها وتهز الرأس فيه وترفعا
بمدرسة دينية عربية …*… أعدت لإرواء المدارك منبعا
نمت ونمى النشئ الصغير على الهدى …*… بها ووعى فيها من العلم ما وعى
وشبت فأمست للشباب كقلعة …*… محصنة فيها الشباب تمنعا
الى جامع لاذ الهداة بظله …*… وفاؤوا اليه قانتين وخشعا
وناد بديع لو ينادى شبابه …*… الى المثل العليا للبى وأسرعا
وجو عجيب ينثر الثلج ناصعا …*… كذوب لجين أو يرى منه أنصعا
وشمس خلال السحب تبدو وتختفي …*… حياء ويرجوها النبات لتسطعا
ودور لإكرام الضيوف تفتحت …*… وشعب الى صوت (البشير) تطلعا
فأهلا وسهلا بالبشير متوجا …*… بتاج تحلى بالنهى وترصعا
إمارة عرفان يسوس أمورها …*… أمير على دست البيان تربعا
يواليه شعب للعروبة ينتمي …*… ويصبو كما والى اليمانون تبعا
يبايع قلبي قبل كفي عالما …*… على الملك أربى قدره وترفعا-
تغذى من الفصحى بمحض لبانها …*… وشب على آدابها وترعرعا
أدرك من فقه الشريعة سؤله …*… وأصل في شتى العلوم وفرعا
وسار الى الستين يحمل عبئها …*… وعبء المعالي ما ونى أو تزعزعا
لقد عن لي من درسه أن عقله …*… بفلسفة دينية قد تشبعا
أراه بها يرقى المراقي فكرة …*… وينزع فيها (للغزالي) منزعا
ويكشف عن صوفية سلفية …*… الى وردها الصافي (القشيري) ألمعا
وقد عن لي من لطفه أن قلبه …*… كمسك تزكى طيبة وتضوعا
أشاهد منه العطف مهما لقيته …*… وألمس فيه الرفق بي والرضى معا
ويرجز (كالعجاج) لي أو كرؤبة …*… وذاكرة في حفظ ما شئت أطوعا
فلو شئت شأو (الشنفرى) لبلغته …*… ولم تقتنع حتى تبز (المقنعا)
ولو شئت إحصاء لما قد حفظته …*… لفاخرت (حمادا) به (وابن أصمعا)
رحلت الينا فاحصا متفقدا …*… ضنانا وأحكمت الدواء لينجعا
فيا ليتنا نرمي الدسائس جانبا …*… ويا ليتنا ننفي الخسائس أجمعا
وجزت إلى (أرض النخيل) (1) مبادرا …*… لها لتحل المشكلات وتدفعا
فهل نخلت أرض النخيل شؤنها …*… وهل شرعت مشروعها المتوقعا
رفيقك معمار عرفناه ماهرا (2) …*… تفنن في دار (الحديث) (3) وأبدعا
كأنك في استصحابه لك عارض …*… على نشئنا أعلى مثال ليتبعا
وما نال مجدا غير من كان دونه …*… تجرع مرا راضيا ما تجرعا
ولا يلحق الأحرار من لم يكن إلى …*… منازلهم بالصالحات تذرعا
وما الحر إلا من تيمم معهدا …*… ليقتبس العلم الصحيح فينفعا
وإلا من اعلولى عن النفس همة …*… وأعرض عن أغراضها وتورعا
وإلا من اختاض الوغى في كتيبة …*… ليفتح مصرا أو يلاقي مصرعا
فيا أيها الشعب الذليل أما ترى …*… لجارك هما بالسيادة مولعا
بنو الغرب حازوا عالم الأرض كله …*… وإن لهم في عالم النجم مطمعا!
فهل حزت في الأرض التي أنت نجلها …*… من الحكم شبرا أو من الملك إصبعا
بلادك في الدنيا تلادك فارعها …*… وحاذر على أكنافها أن تروعا
وأرضك في الأوطان أمك فاحبها …*… ببر ففي أخلافها عشت مرضعا
ودينك في الأديان كنزك فاحتفظ …*… به إنه ما انفك منك مضيعا
حياتك حرب للضعيف فكن بها …*… قويا أبيا أن تذل وتخضعا
ولم أر فيها كالمصانع عدة …*… فيا ويح شعب ليس يملك مصنعا
وحسن بأهل العلم ظنك إنهم …*… عطاش لكي تروى جياع لتشبعا
معاذ الهدى أن يستطيب أخو الهدى …*… خبيثا وحاشا أن يخون ويخدعا
يهددنا ريب الزمان بخطبه …*… ولم نك من ريب الزمان لنفجعا
سل الدهر عنا كم صمدنا لشدة …*… بها شن غارات علينا وشنعا
فلم نتصنع غير ما في قلوبنا …*… ويأبى لنا الإسلام أن نتصنعا
وبشر أخا يخشى الوعيد بما به …*… علمنا (جريرا) قبل بشر (مربعا) (1)
رأينا ولم نعذل مخالف رأينا …*… فمن كان ذا رأي إليه تشيعا
لقد خلق الله النفوس عنيدة …*… وفاضل ما بين العقول ونوعا
وكيف يروم الناس للطبع وحدة …*… وقد جعل الله الطبائع أربعا
جزى الله عنا من سعى لصلاحنا …*… ومن كان عونا في الصلاح لمن سعى
لقد رضي الاسلام عن كل فاضل …*… (بباتنة) استدعى الضيوف فأمتعا
وعن محسن في المسلمين بداره …*… على العلماء المسلمين تبرعا
وعن أي حر كان من أي فرقة …*… أعان على نشر العلوم وشجعا
وما نحن الا امة ذات نسبة …*… سماوية الأسباب لن تتقطعا
وذرية للأطلس الفخم لو به …*… تصدت لنا ذرية ما تصدعا
اذا ما دعا (توقر) ابن أجابه …*… (بجرجرة) (1) ابن ليس يخذل من دعا
وعفوا اذا عفنا القريض فلم نجب …*… صديقا دعانا للقريض فأسمعا
فيا أسفا يدعى الحمام عشية …*… ليسجع لكن لا يميل ليسجعا
ترى؟ خاف بعض الصائدين يصيبه …*… فيسقط مكسور الجناح مضعضعا
أم التاث من بعض الزوابع لوثة …*… بها لم يعد يدري الهديل المرجعا
لقد صدنا عن قالة الشعر أننا …*… نرى جلهم قد خاب في جل ما ادعى
وما الشعر إلا محنة طي منحة …*… لذا قل من بالشعر فينا تمتعا
فقد جر قدما (لامرئى القيس) حتفه …*… وشتت فكر (ابن الحسين) ووزعا
وأعرى من الأنس (المعري) فامترى …*… الى أن نعى حينا على الإنس ما نعى
وعذرا اذا طال القصيد فإننا …*… وجدنا مجالا للتسابق أوسعا
خببنا وأوضعنا على متن ضامر …*… ومن دخل المضمار خب وأوضعا
وأجدر خلق الله بالفوز مؤمن …*… إلى الله أدى فرضه وتطوعا
ويا أيها الوفد الموفق رحلة …*… أراك من الجوزاء أبهج مطلعا
وأقم في حمانا باللطائف مكرما …*… وغادر حمانا بالقلوب مشيعا
مصادر و المراجع :
١- ديوان محمد العيد آل
خليفة
المؤلف: محمد
العيد بن محمد علي خليفة (المتوفى: 1399هـ)
الناشر: دار
الهدى، عين مليلة - الجزائر
عام النشر: 2010
27 يونيو 2024
تعليقات (0)