المنشورات

العروبة أمتنا الكبرى

ألقيت هذه القصيدة، في الاحتفال الذي أقيم بمدينة (باتنة) على شرف البعثة الأزهرية ونشرت بمجلة المعرفة لوزارة الأوقاف. عدد (14) ربيع الثاني 1384هـ أوت 1964م.
•---------------------------------•
بشرى لشعب بالعوارف …*… يرفد وإليه أعلام المعارف توفد
ألقى السلاسل كلها متحررا …*… ولطالما آدته وهو مقيد
باهى بثورته الشعوب ولم يزل …*… لله بعد نجاحها يتحمد
يجزى جميع الأوفياء له بها …*… شكرا وأوفى الأوفياء المسعد
وأخصهم بالشكر جمهورية …*… عربية في حكمها تتوحد
يا مصر أنشأك الاله كنانة …*… مثلى سهامك للسداد تسدد
إن الذي حلاك حلية خلده …*… لك بالحضارة من قديم يشهد
ما أنت الا ربوة بقرارها …*… ومعينها تحلو الحياة وتسعد
هذا قديمك كان يزخر بالغنى …*… وبسدك العالي غدا سيجدد
فالنيل سوف ينيل أرضك ثروة …*… كبرى بها شأن الصعيد سيصعد
إن (الكناني) (1) المبارك عندنا …*… ليحج كالبيت العتيق ويقصد
كم فيه من متعلم يجني لنا …*… ثمر العلوم وناسك يتعبد
لا زال (شلتوت) الامام يديره …*… وينيره تفكيره المتوقد
شكرا له ولكل تلميذ له …*… يروي فنون العلم عنه ويسند
من كل منطيق اللسان كأنه …*… سحبان يرغي بالبيان ويزبد
أو كل صديق الجنان كأنه …*… لقمان يوصى بالعظات ويرشد
والأزهري إذا انبرى متكلما …*… فله الكلام موطأ وموطد
يبري القلوب الغلف من صدإ الهوى …*… نصحا كما يبري الحديد المبرد
ويعالج المهج المراض بوعظه …*… متطببا يأسو الجراح ويضمد
ما أجدر العلماء ان يعنى لهم …*… ويطاع أمرهم الأسد الأرشد
فهم الملوك ولاؤهم لا ينقضى …*… والأغنياء ثراؤهم لا ينفد
في كل عهد غابر أو حاضر …*… عرش يشاد لهم وتاج يعقد
يا موكب العلم المنير تحية …*… من شاعر يرعى الصنيع ويحمد
أهل الجميل لديه أهل جزائه …*… لا كان من ينسى الجميل ويجحد
فنضالكم ردء لنا و (جمالكم) …*… في زحفنا علم لدينا مفرد
نعماؤكم نصب العيون فشكرها …*… أبدى المحيا عنه والفم واليد
إني أرى بكم الجزائر أخصبت …*… رغدا وتثقيف المدارك مرعد
وارى بكم تغريبها متبخرا …*… وأرى بكم تعريبها يتجسد
وأرى جميع ربوعها قالت لكم …*… أهلا وسهلا فالمقام ممهد
ورياضها رفعت إليكم زهرها …*… وهفا إليكم غصنها المتأود
وغياضها حفت بكم أشجارها …*… وحمى حماكم شعبها المستأسد
أنتم بباتنة دعائم حكمة …*… رسخت فباتنة بكم تتمجد
الرأس منها للعلا متشامخ …*… والوجه منها بالرضى متورد
قد ضمكم (أوراسها) متعطفا …*… متألفا وهو الأشم الأصيد
أنتم ضيوف رحابه وبحسبكم …*… أن المضيف (مصطفاه) (1) الأمجد
الثائر الفادى الذي سن الفدى …*… لبني الجزائر فاقتفوه وقلدوا
هذا الحمى حرم له ولكل من …*… في ظله اغتنموا الفدى واستشهدوا
ثاروا على الأعداء أعظم ثورة …*… تاريخها سامي الجلال مخلد
ضحوا على أعتابها أرواحهم …*… لله قربانا ونعم المعبد
هجروا لها ابناءهم ونساءهم …*… وديارهم ولما رجوه تجردوا
وزكت سرائرهم بها وقلوبهم …*… فكأنما في كل قلب مسجد
شهداؤنا الأبرار أعلام الهدى …*… ومعالم الحسنى بهم نسترشد
تمضي السنون وذكرهم أنشودة …*… في كل حنجرة لنا تتردد
إن الشهيد مخلد الذكرى له …*… نصب لدينا في القلوب مشيد
حسب الشهيد رضى الإله كرامة …*… ورضى الإله هو العلا والسؤدد
تسمو إلى الافاق رفعة قدره …*… فترى الثريا دونه والفرقد
يروى لنا القران قصة فضله …*… لا (الأصمعي) يقصها أو (عجرد)
فحياته في النشأتين حياته …*… يحيا ويرزق وهو ميت ملحد
وثوابه عند الإله مضاعف …*… بشرى ومغفرة وعيش أرغد
يا سادة سادوا الزمان وأهله …*… علما ومن هو دون علم سيد؟
غذوا المدارك بالمعارف إنها …*… ضمأى وبعثة مصر نعم المورد
وتعهدونا بالنصائح إننا …*… لنجل كل أخ بها يتعهد
فاجلوا بإثمدها بصائر شعبنا …*… إن النصيحة للبصيرة مرود
مرت بنا محن لنا في طيها …*… منح يفوز بكسبها من يصمد
لم يرض فيها أن يطاطئى رأسه …*… شعب لغير إلاهه لا يسجد
مهما اصطلى بلوى بدا ياقوته …*… فهو المبيد لنارها والمخمد
حتى جنى استقلالها متكاهلا …*… نضجا كما يهوى النضال وينشد
ونجا بقوة صبره مستنجدا …*… والصبر في البأساء منج منجد
واذا نما الإيمان ذل لبأسه …*… بأس الحديد وذاب منه الجلمد
لستم هنا غرباء بل في أرضكم …*… ودياركم إن الغريب المبعد
ما نحن إلا إخوة من أسرة …*… كرمت أرومتها وطاب المحتد
الملة السمحاء آصرة لنا …*… فوق الأواصر والعروبة مولد
هيهات تقدر أن تفرقنا يد …*… والله يجمع شملنا ومحمد
إن العروبة امنا الكبرى التي …*… في الأمهات نظيرها لا يوجد
قد أنجبتنا كالسيوف مواضيا …*… في الضرب عضب كلنا ومهند
إنا بنو الهيجاء نصلي نارها …*… من يستبد من العدى أو يفسد
مهما جبهناهم بها ذاقوا الردى …*… وأصحابهم منا المقيم المقعد
نبني العروبة من جديد قلعة …*… من حولها قصف المدافع يرعد
فلتحي وحدتنا بها في منعة …*… ومن المحيط إلى الخليج تمدد
ولتحي مصر مع الجزائر في رضى …*… ومحبة وصداقة تتأكد
وليحي شعبانا كشعب واحد …*… وكلاهما متقرب متودد
وليحي في ظل العروبة ودنا …*… ملء القلوب وعهدنا المتأبد













مصادر و المراجع :

١- ديوان محمد العيد آل خليفة

المؤلف: محمد العيد بن محمد علي خليفة (المتوفى: 1399هـ)

الناشر: دار الهدى، عين مليلة - الجزائر

عام النشر: 2010

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید