المنشورات

استقلال السودان

يتجاوب الشاعر محمد العيد مع الأحداث العربية في كل جزء من الوطن العربي، وهذه إحدى قصائده يحي فيها استقلال السودان الشقيق.
وقد نشرت في العدد (355) من جريدة البصائر سنة 1956م.
•---------------------------------•
فوز سرت بحديثه الركبان …*… فالشرق مغتبط به جذلان
والسمحة البيضاء تعلن بشرها …*… ولو ازدرت بحقوقها الأديان
والنيل يجري صاخبا ومصفقا …*… طربا فترقص حوله الشطان
وبنو العروبة يهتفون لمركب …*… في النيل أبحر ركبه العربان
والأزهر المعمور يدعو بالهدى …*… (للأزهري) فإنه الربان
ما أسعد السودان باستقلاله …*… فاليوم يرفع رأسه السودان
اليوم يعقد تاجه من أنجم …*… أرضية تسمو بها التيجان
وتظل رايته القباب كأنها …*… قوس السحاب تزينها الألوان
ما الرأى إلا ما يرى زعماؤه …*… ما الجيش الا قومه الشجعان
البائعون نفوسهم لله لا …*… فشل يساورهم ولا خذلان
الذاكرين الله عند حدوده …*… ذكرا يطيب بطيبه الوجدان
أما النهار فهم به أسد وان …*… جن الظلام فهم به رهبان
علماؤه لصالحهم عظماؤه …*… فهم الولاة عليه والأعيان
وهم الهداة المنشدون لحذقهم …*… صقل القلوب اذا علاها الران
شبوا على حب الرسول فجلهم …*… بجماله وجلاله هيمان
حفلات ذكراه السعيدة عندهم …*… سوق بضاعتهم بها الاحسان
فإلى الموائد تبسط الأيدي بها …*… وإلى القصائد ترهف الاذان
كم موسرأعطى بها متشكرا …*… ما لا يكاد يحده الحسبان
أو شاعر هز المشاعر منشدا …*… مدح الرسول كانه حسان
هل كان كالسودان شعب صالح …*… فيه استقام الشيب والشبان
أنسابهم كالشهب تلمع في الدجى …*… فبها إليهم يهتدي الحيران
كم فيه من بيت نماه محمد …*… أوعمه العباس أو قحطان
أنى لنا أن نستقل جهاده …*… وقد استقل فحسبه البرهان
أم كيف ننسى فيه أعظم ثورة …*… اثارها لم تمحها الأزمان
ما كاد حاكمه يسوء حكومة …*… ويسود فيه الجور والطغيان
حتى بدا (المهدي) يعلن دعوة …*… في (كردفان) قوامها الإيمان
طلعت طلوع الفجر يجلو نورها …*… سجف الدجى فاستيقظ الوسنان
لما رماها (الأنكليز) بكيده …*… طافت عليه كأنها طوفان
وتمخض السودان عن عهد نما …*… فيه الحجى وتدفق العرفان
وحضارة في قلب (إفريقية) …*… دهشت لها في (لندن) البيضان
شاد الشيوح به المدارس مثلما …*… أم المعاهد نشؤه الفتيان
وتقدمت فيه التجارة وأرتقت …*… فيه الصناعة وازدهى العمران
فإذا الصحاري جنة مخضرة …*… غناء فيها الروح والريحان
بالأمس نال الزبر من أفنانها …*… واليوم أتت أكلها الأفنان
ما أمة السودان إلا أمة …*… عربية وكتابها القرآن
الأكثرية للحنيفيين في …*… أبنائها فلهم بها الرجحان
فاعجب لتصريح الوزير (مبارك) …*… من بعد كيف تقره الأذهان
هلا اقتفى دستور مصر فإنه …*… لكتاب مصر ودينها عنوان
من مبلغ السودان عنا أننا …*… شيع له بشعورنا خلان
نتبادل القبلات باستقلاله …*… فرحا وإن طافت بنا الأحزان
متسائلين عن (الجزائر) هل دنا …*… تحريرها أم حظها الحرمان؟
ومتى تقرر كالشعوب مصيرها …*… فقد اقتضى تقريره الإبان؟
ومتى يكف عن الخصومة خصمها …*… أو يرعوي محتلها الغضبان؟
ومتى تفوز بنعمة استقلالها …*… فقد استقلت دونها الأوطان؟
...
يا أمة السودان دولتكم رست …*… طبتم وطاب لكم بها السلطان
ضمت لجامعة لنا عربية …*… أعضاؤها عرب بها خلصان
لا تنقضوها بالخلاف فإنه …*… لا يستقيم به لكم بنيان
فعن الشقاق تنزهوا وتمسكوا …*… بعرى الوفاق فكلكم إخوان
يا مصر حلاك الرئيس بحكمه …*… لا غرو فهو (جمالك) المزدان
صان الأمانة ثم أداها إلى …*… أهل الأمانة ما بها نقصان
حييه عني واقرئيه نصيحتي …*… والقدر منه معظم والشان
لا تنس للسودان سالف عهده …*… واعطف عليه فإنكم جيران
ولعله أسوان مما جد من …*… سد تقيم بناءه أسوان
سو المشاكل كلها معه ولا …*… تنس المنافس إنه يقظان
وأعد على (سر هغرى) ما قاله …*… للأنجليز (محمد) المعوان (1)
لا يترك السودان مصر ولو بد …*… ترك له من مصر أو هجران
النيل يغمر أرضكم بنعيمه …*… ونزاعكم لجميله نكران
والدين والتاريخ والدم كلها …*… لبناء شامخ مجدكم أركان
والناس من بدء الخليقة بعضهم …*… في الصالحات لبعضهم أعوان
هذا لهذا مرشد أو مسند …*… وبمثل ذلك يكمل الإنسان













مصادر و المراجع :

١- ديوان محمد العيد آل خليفة

المؤلف: محمد العيد بن محمد علي خليفة (المتوفى: 1399هـ)

الناشر: دار الهدى، عين مليلة - الجزائر

عام النشر: 2010

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید