المنشورات

رثاء شاعر النيل حافظ إبراهيم

ألقيت في حفلة أقيمت لتمجيد شاعرية حافظ بقاعة الخلدونية في حاضرة تونس الخضراء في شهر جمادى الأولى سنة 1351 وناب عنه في إلقاءها طالب جزائري لعدم تمكن الشاعر من الحضور بنفسه. وقد اشترك في هذه الحفلة شعراء من أقطار الغرب العربي: الجزائر، تونس، ليبيا.
•---------------------------------•
قم عز مصر وعز الشرق أقطارا …*… ففحل مصر خبا كالنجم وانهارا
خطب جرى في ضفاف النيل زلزلة …*… وثار ملء جواء الشرق اعصارا
وطار كالبرق ينعى شاعرا لبقا …*… الى أقاليم فيها صيته طارا
يا ويح مصر خلت (من حافظ) وخلا …*… في الهامدين كأن لم يثوها دارا
كأنه لم يجدها كالحيا أدبا …*… جما ولم يروها كالنيل أشعارا
يا موت فاجأت من لو ضفت ساحته …*… مهلا لوفاك ترحيبا واكبارا
وطبت نزلا بأخلاق مهذبة …*… أذكى بها النورللأضياف لا النارا
يا موت عدت بنفس خصبة نبتت …*… فيها المبرات مثل الروض أنهار
وغلت ليثا بجنب النيل كان له …*… زأر به أوسع (التاميز) إنذارا
يا موت طفت من الأيدي على عضد …*… فذ وحطمت في الأسياف بتارا
ونلت بالقطع في الأدواح باسقة …*… زكت ظلالا وأفنانا وأثمارا
نزلت كالجيش في ثار أغار على …*… أرض ثرية أمن تجهل الثارا
وانهلت كالسيل في سد تعرضه …*… فاجتاحه وعلى أنقاضه سارا
ورحت تقتحم الدنيا كما اقتحمت …*… دبابة الحرب أنجادا وأغوارا
كأنما أنت لم تستثن من أجل …*… جابي المغارم لم يستثن ديارا
يا شاعرا حن بالفصحى ورن مدى …*… كالطير زقزقة والعود أوتارا
عربت في مصر شمسا وارتجحت بها …*… ركنا وصوحت في إكليلها غارا
أبعد ما كنت صدرا في محافلها …*… وسدت أتربة فيها وأحجارا؟
نآى بك الموت عن اشهادها فدهى …*… منهم قلوبا وأسماعا وأبصارا
طواك سفرا على الأخبار محتويا …*… وبث نعيك في الآفاق أخبارا
أجلاك عن دار كتب كنت ناظرها …*… وجارها فأراع الدار والجارا
قد عاود (البؤساء) اليوم بؤسهم …*… فمن يواسيهم عطفا وإيثارا؟
ولم يتح (لسطيح) النيل راوية …*… عدل كمثلك يروي عنه أسرارا
يا راحلا ونوادي الشرق تندبه …*… ولهى وترفعه كالشمس مقدارا
بالله ما حال فكر كان غادية …*… في فيضة ولسان كان قيثارا؟
وأين منه قريض صاغه نغما …*… فهز مصرا به بل هز أمصارا؟
وأين عهدك بالدار التي عهدت …*… منك المعري بالشكوى وبشارا؟
وكيف حالك في دار نزلت بها …*… ضيفا عساك بها للخلد مختارا؟
عزاء مصر عزاء الشرق في ملك …*… ساس القريض فما استخذى ولا خارا
أقام مأتمه الدنيا وأقعدها …*… ودام فيها عشيات وأبكارا
وفي الجزائر من وجد بمأتمه …*… هول عليها طغى كالموج تيارا
وابن الجزائر بابن الشوق مرتبط …*… وإن أحاطت به الأشواك أسوارا
يا رحمة الله هبي نفحة وهمي …*… غيثا على حافظ في القبر مدرارا
في ذمة الله لا أنساه ثانية …*… حسبي بحبي له عهدا وتذكارا














مصادر و المراجع :

١- ديوان محمد العيد آل خليفة

المؤلف: محمد العيد بن محمد علي خليفة (المتوفى: 1399هـ)

الناشر: دار الهدى، عين مليلة - الجزائر

عام النشر: 2010

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید