المنشورات

إيّاك وحبّ المدح

وإياكَ إذا كُنتَ والياً، أن يكونَ من شأنك حبّ المدحِ والتزكية وأن يعرفَ الناسُ ذلك منكَ، فتكونَ ثلمة من الثلم يتقحمونَ عليك منها، وباباً يفتتحونك منهُ، وغيبةً يغتابونك بها ويضحكون منك لها.
واعلم أن قابل المدحِ كمادحِ نفسهِ. والمرءُ جديرٌ أن يكونَ حبهُ المدحَ هو الذي يحملهُ على ردهِ. فإن الرادّ لهُ محمودٌ، والقابل له معيبٌ.
لتكن حاجتُكَ في الولاية إلى ثلاثة خصالٍ: رضي ربكَ ورضى سلطانٍ، إن كانَ فوقك، ورضى صالحِ من تلي عليهِ.
ولا عليكَ أن تلهو عن المالِ والذكرِ، فسيأتيك منهُما ما يحسنُ ويطيبُ ويُكتفى به.
واجعلِ الخصالَ الثلاثَ منكَ بمكان ما لا بد لك منهُ. واجعل المال والذكر بمكانٍ ما أنتَ واجدٌ منهُ بداً.
اعرف الفضل في أهل الدينِ والمروءةَ في كل كورةٍ وقريةٍ وقبيلةٍ. فيكونوا هم إخوانكَ وأعوانك وأخدانكَ وأصفياءك وبطانتك وثقاتكَ وخلطاءكَ. ولا تقذفن في روعك أنك إن استشرت الرجال ظهر للناسِ منكَ الحاجةُ إلى رأي غيركَ، فإنكَ لست تريدُ الرأي للافتخارِ به، ولكنما تُريدُهُ للانتفاع بهِز ولو أنكَ مع ذلك أردت الذكر، كان أحسنَ الذاكرينِ وأفضلهما عند أهلِ الفضلِ والعقلِ أن يقالَ: لا يتفردُ برأيهِ دونَ استشارةِ ذوي الرأي إنك إن تلتمس رضى جميع الناس تلتمس ما لا يدركُ.
وكيف يتفقُ لك رأي المختلفينَ، وما حاجتكَ إلى رضى من رضاهُ الجورُ، وإلى موافقةِ من موافقتهُ الضلالةُ والجهالةُ؟ فعليك بالتماسِ رضى الأخيارِ منهم وذوي العقلِ. فإنك متى تصب ذلك تضع عنكَ مؤونة ما سواهُ.














مصادر و المراجع :

١- الأدب الكبير والأدب الصغير

المؤلف: عبد الله بن المقفع (المتوفى: 142 هـ)

الناشر: دار صادر - بيروت

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید