المنشورات

تفقد الوالي لرعيته وتجنبه الحسد

حق الوالي أن يتفقد لطيفَ أمورِ رعيتهِ، فضلاً عن جسيمها، فإن للطيفِ موضعاً ينتفعُ به، وللجسيم موضعاً لا يتسغني عنهُ.
ليتفقد الوالي، في ما يتفقدُ من أمورِ رعيتهِ، فاقةَ الأخيارِ الأحرار منهم، فليعمل في سدها، وطغيانَ السفلةِ منهم فليقمعهُ، وليستوحش من الكريمِ الجائعِ واللئيم الشبعانِ، فإنما يصولُ الكريمُ إذا جاعَ، واللئيم إذا شبعَ.
لا ينبغي للوالي أن يحسدَ الولاة إلى على حسنِ التدبيرِ.
ولا يحسدن الوالي من دونه فإنه أقل في ذلك عذراً من السوقةِ التي إنما تحسدُ من فوقها، وكلٌّ لا عذر لهُ.
لا يلومن الوالي على الزلة من ليس بمتهمٍ عندهُ في الحرصِ على رضاهُ إلا لوم أدبٍ وتقويم، ولا يعدلن بالمجتهد في رضاهُ البصيرِ بما يأتي أحداً.
فإنهما إذا اجتمعا في الوزير والصاحبِ نام الوالي واستراح، وجلبت إليه حاجاتهُ، وإن هدأ عنها، وعمل لهُ فيما يهمهُ وإن غفلَ.
لا يولعنَ الوالي بسوءٍ الظنّ لقولِ الناسِ، وليجعل لحسنِ الظنّ من نفسهِ نصيباً موفوراً يروحُ بهِ عن قلبهِ ويُصدرُ عنه في أعمالهِ.
لا يُضيعن الوالي التثبت عندما يقولُ، وعندما يُعطي، وعندما يعملُ.
فإنّ الرجوعَ عن الصمتِ أحسنُ من الرجوعِ عن الكلامِ، وإن العطيةَ بعد المنعِ أجملُ من المنعِ بعد الإعطاء، وإن الأقدامَ على العمل بعد التأني فيه أحسنُ من الإمساكِ عنهُ بعد الإقدام عليه.
وكل الناسِ محتاجٌ إلى التثبت.
وأحوجهم إليهِ ملوكهمُ الذين ليس لقولهم وفعلهم دافعٌ، وليس عليهم مستحث.













مصادر و المراجع :

١- الأدب الكبير والأدب الصغير

المؤلف: عبد الله بن المقفع (المتوفى: 142 هـ)

الناشر: دار صادر - بيروت

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید