المنشورات

لا تسأل السلطان ولا تتدل عليه

لا يكونن طلبكَ ما عند الوالي بالمسألةِ، لا تستبطئهُ، وإن أبطأ عليكَ. وليس أطلبُ ما قبلهُ بالاستحقاق لهُ، واستأنِ به وإن طالتِ الأناةُ منهُ. فإنك إذا استحققتهُ أتاكَ عن غيرِ طلبٍ، وإن لم تستبطئهُ كان أعجلَ لهُ.
لا تخبرنَ الوالي أن لكَ عليهِ حقاً، وأنكَ تعتد عليهِ ببلاء وإنِ استطعتَ ألا ينسى حقك وبلاءك فافعل. وليكن ما يذكره بهِ من ذلك تجديدكَ لهُ النصيحةَ والاجتهادَ، وألا يزالَ ينظرُ منكَ إلى آخرٍ يذكرهُ أول بلائكَ.
واعلم أن السلطانَ إذا انقطعَ عنهُ الآخرُ نسي الأولَ، وأن الكثير من أولئكَ أرحامهم مقطوعةٌ وحبالهم مصرومةٌ، إلا عمن رضوا عنهُ وأغنى عنهم في يومهم وساعتهم.
إياك أن يقع في قلبك تعتبٌ على الوالي أو استزراءٌ لهُ.
فإنهُ إن وقعَ في قلبك بدا في وجهكَ، إن كنت حليماً، وبدا على لسانكَ، إن كنتَ سفيهاً.
فإن لم يزد ذلكّ على أن يظهر في وجهكَ لآمنِ الناس عندك فلا تأمنن أن يظهرّ ذلك للوالي.
فإنّ الناس إلى السلطان بعوراتِ الإخوانِ سراعٌ، فإذا ظهر ذلك للوالي كان قلبهُ هو أسرع إلى النفورِ والتغيرِ من قلبكَ فمحقَ ذلك حسناتكَ الماضية، وأشرفَ بكَ على الهلاك، وصرتَ تعرفُ أمركَ مستدبراً وتلتمسُ مرضاةَ سلطانك مستصعباً.
ولو شئت كنتَ تركتهُ راضياً وازددت من رضاهُ دُنُواً.














مصادر و المراجع :

١- الأدب الكبير والأدب الصغير

المؤلف: عبد الله بن المقفع (المتوفى: 142 هـ)

الناشر: دار صادر - بيروت

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید