المنشورات

احفظ المليح والرائع من الأحاديث

اعلم أنه ستمر عليكَ أحاديثُ تُعجبكَ: إما مليحةٌ وإما رائعةٌ.
فإذا أعجبتكَ كنتَ خليقاً أن تحفظها، فإن الحفظ موكلٌ بما ملُح وراعَ. وستحرصُ على أن تعجبَ منها الأقوامُ. فإن الحرصَ على ذلك التعجبِ من شأنِ الناسِ. وليس كل معجبٍ لكَ معجباً لغيركَ.
فإذا نشرتَ ذلك المرةَ والمرتينِ، فلم ترهُ وقعَ من السامعينَ موقعهُ منكَ فازدجر عن العودةِ. فإن العجبَ من غيرِ عجيبٍ سخفٌ شديد.
وقد رأينا من الناسِ من يعلقُ الشيء ولا يُقلعُ عنهُ وعنِ الحديثِ بهِ، ولا يمنعُهُ قلةُ قبولِ أصحابهِ لهُ من أن يعودَ إليه ثم يعودَ.
ثم انظر الأخبار الرائعةَ فتحفظ منها. فإن الإنسان من شأنه الحرصُ على الأخبارِ، ولا سيما ما راعَ منها، فأكثرُ الناسِ من يحدثُ بما سمع، ولا يبالي ممن سمعَ. وذلك مفسدةٌ للصدقِ ومزراةٌ بالمروءةِ، فإن استطعتَ ألا تخبرَ بشيء إلا وأنتَ بهِ مصدقٌ، ولا يكونُ تصديقكَ إلا ببرهانٍ، فافعل. ولا تقل كما يقولُ السفهاء: أخبرُ بما سمعتُ. فإنّ الكذب أكثرُ ما أنتَ سامعٌ، وإن السفهاء أكثرُ من هو قائلٌ. وإنك إن صرتَ للأحاديثِ واعياً وحاملاً كان ما تعي وتحملُ عن العامةِ أكثر مما يخترعُ المخترعُ بأضعافٍ.













مصادر و المراجع :

١- الأدب الكبير والأدب الصغير

المؤلف: عبد الله بن المقفع (المتوفى: 142 هـ)

الناشر: دار صادر - بيروت

المصدر: الشاملة الذهبية

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید