المنشورات

الأشعر

على وزن أفعل، من كثرة الشعر، وهو أحد جبلى جهينة؛ سمّى بذلك لكثرة شجره والثانى هو الأجرد، وقد تقدّم ذكره فى حرف الهمزة والجيم، سمّى بذلك لانجراده؛ ويقال له الأقرع أيضا. والأشعر يمان وراء المدينة، ينزله قوم من مزينة. والأجرد شآم. وقال أبو حنيفة: يقال لجماعة الشجر شعار، لا واحد لها، وللأرض إذا كثر بها الشجر: شعراء. والأشعر:
جبل بالحجاز كثير الشجر. وجبل آخر يقال له شعران. قال: وسمّيت بذلك كلها «2» لكثرة شجرها، واشتقاق ذلك من الشّعر.
ع: وشعران سأذكره وأحدّده فى حرف الشين «3» إن شاء الله تعالى «4» .
روى عبد الله بن سلمان الأغرّ «5» ، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا وقعت الفتن فعليكم بجبلى جهينة.
وبحذاء الأشعر من شقّه اليمانى وادى الرّوحاء، ومن شقّه الشامى بواطان:
الغورىّ والجلسىّ، وهما جبلان متفرّقا الرأسين، أصلهما واحد، وبينهما ثنيّة سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة ذى العشيرة من ينبع، فأهل بواط الجلسىّ بنو دينار موالى بنى كليب «6» بن كثير، وكان دينار طبيبا لعبد الملك بن مروان، وهم «1» إخوة الرّبعة من بنى «2» جهينة. ومن أودية الأشعر حورتان: الشامية واليمانية، وهما لبنى كليب بن كثير المذكورين، وبنى عوف بن ذهل الجهنيّين أيضا. وبحورة اليمانية واد يقال له ذو الهدى، سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك أنّ شدّاد بن أميّة الذّهلى، قدم عليه بعسل أهداه له، فقال: من أين شرت هذا؟ فقال: من واد يقال له ذو الضلالة، فقال: بل ذو الهدى. وبها «3» المخاضة، وهى بقاع كانت لقوم من جهينة، ثم صارت لعبد الرحمن بن محمد بن غرير «4» ، وهى التى يقول فيها ابن بشير الخارجىّ:
ألا أبلغا أهل المخاضة أنّنى ... مقيم بزورا آخر الدهر معتمر
وكانت وعرة، وبها غرض يستخرج منه الشّبّ؛ والغرض: شقّ فى أعلى الجبل، أو فى وسطه، قال الشاعر:
يا كاس ما ثغب «5» برأس ممنّع ... نزل أضرّ غروضه شؤبوب
بألذّ منك شريعة وبشامه ... نديان «6» يقصر دونه «7» اليعقوب
هكذا نقل السّكّونى؛ والمعروف عند اللّغويّين، أن الغرض بفتح الغين المعجمة، وإسكان الراء المهملة: الشّعيبة فى الوادى، والجمع غرضان. والعرض بفتح العين المهملة: صفح الجبل وناحيته. وكان عبد الملك قد اتّخذ فى خلافته بحورة الشامية منزلا يقال له ذو الحماط، لأنّ موضعه كان شجيرا بالحماط. وبحورة الشامية هذه كان ينزل محمّد بن جعفر الطالبىّ، فى بقاع بنى دينار، أيّام كان يقاتل ابن المسيّب. والحورة: الشّعب فى الوادى. ومن أودية الحورة واد ينزع فى الفقارة، سكّانه بنو عبد الله بن الحصين الأسلميّون والخارجيّون، رهط الخارجىّ الشاعر، وهم من عدوان، تزعم جهينة أنهم حالفوهم فى الجاهلية. وبأسفل الحورة عين عبد الله بن الحسن، التى تدعى سويقة، ثم تنفذ بين السفح والمشاش. وبها ذات الشّصب. وبها المليحة.
وبأسفل المليحة هضبة يقال لها الحياء «1» ، لكثرة نحلها- والجياء: موضع بيوت النحل- وهى بين شويلة وبين الحورة، فيها نقب يقال له العويقل، وفى العويقل يقول ابن أذينة:
ليت العويقل سدّته بجمّتها ... ذات الجياء عليه ردم ماجوج «2»
فيستريح ذوو الحاجات من غلظ ... ويسلكوا السهل ممشى «3» كلّ منتوج
فأجابه الخارجىّ:
خلّوا الطريق إليه إنّ زائره ... والساكنين به الشّمّ الإباليج
ما زال منذ أزال الله موطئه ... ومنذ أذّن أنّ البيت محجوج
يهدى له الوفد وفد الله مطربة ... كأنها شطب بالقدّ «4» منسوج
وكيف يوثقه سدّا وهم لهم ... لبّيك لبّيك تكبير وتثجيج المطربة: الطريق الضيّق فى الجبل، لا يكون إلا به أو بالحرّة. ويلى حورة الشامية، ينازعها من شقّها الشامى، حراض؛ وبها «1» بئر يقال لها بئر حراض؛ ولعمران بن عبد الله بن مطيع بفرع حراض قصر. وهناك أيضا حريض، وهو لبنى الرّبعة، فيه ماء يسيح، لا يفضى إلى شىء ينتفع به. وبلى حريضا ظلم، وصدره لبنى الحارث، بطن من مرّة من بنى الرّبعة. وبأسفل ظلم بئر يقال لها بئر عطيل المليحىّ، ومليح: من الرّبعة. وبفرع ظلم الصّهوة، صدقة عبد الله بن عبّاس على زمزم، يفتل رقيقها الخزم من الصّهوة لزمزم، ورقيقها متناسلون بها إلى اليوم. ويلى ظلما من شقّه الشامى مليحتان:
مليحة الرّمث، ومليحة الحريص، لأنّ بها شعبا ضيّقا، يحرص الإبل، أى يقشّر جلودها، يسد بخشبة. وهناك جبل سمار، الذي يقول فيه الشاعر:
لئن ورد السّمار لنقتلنه ... فلا وأبيك لا أرد السّمارا
وهناك أيضا عويسجة. وبين ظلم والمليحتين الدّحلان: دحل ودحل «2» .
وعذمر، وهو جبل عظيم، بين مليحة وصعيد ظلم. وبطرف هذا الجبل الشامى ماء يقال له الوشل. وبطرفه الغربىّ ردهة عاصم. ثم يلى مليحتين بواطان المذكوران. ومن أودية الأشعر طاسى، وهو يصبّ على الصّفراء، وهى لبنى عبد الجبّار الكليبييّن «3» ، وهم يزعمون أن لهم دعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلّم فى أموالهم. ومن أوديته عباثر، وهو لبنى عثم «4» ، من جهينة، وفيه يقول الخارجىّ: خليلىّ دلّانى «1» عباثر إنّها ... يمرّ على قيس بن سعد طريقها
هدتنا لها مشبوبة يهتدى بها ... يضيء ذرا ذات العظوم حريقها
يعنى قيس بن سعد بن زيد الأنصارى. وقد ذكرنا «2» ذات العظوم.
وفى عباثر طريق يفضى إلى ينبع، ومن أودية الأشعر الغوريّة نملى، وهى تصبّ على ينبع، وبها بئران يقال لهما بئرا الصّريح، واحدة لبنى زيد بن خالد الحراميين «3» ، والأخرى للكليبيّين «4» . وبأسفل نملى عيون لحسين بن على بن حسين، منها ذات الأسيل. وبأسفل نملى البلدة والبليد، وبهما عينان لبنى عبد الله بن عنبسة بن سعيد بن العاصى، وقد ذكر كثيّر البليد وذكر ظعنا، فقال فى ذلك:
فأتبعتهم عينىّ حتّى تلاحمت ... عليها قنان من خفينن جون
وقد حال من حزم الحماتين دونهم ... وأعرض من وادى البليد شجون
وفاتتك ظعن الحىّ لمّا تقاذفت ... ظهور بها من ينبع وبطون
 

مصادر و المراجع :

١- معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع

المؤلف: أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي (المتوفى: 487هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید