المنشورات

بانقيا

بزيادة ألف بين الباء والنون، وكسر النون، بعدها قاف وياء معجمة باثنتين من تحتها: أرض بالنّجف دون الكوفة؛ قال الأغشى:
فما نيل مصر إذ تسامى عبابه ... ولا بحر بانقيا إذا راح مفعما
وقال أيضا:
قد طفت ما بين بانقيا إلى عدن ... وطال فى العجم ترحالى وتسيارى
وقال أحمد بن يحيى ثعلب فى شرحه لشعر الأعشى، عند ذكر هذا البيت:
سبب بانقيا الذي سمّيت به، أن إبراهيم «2» ولوطا عليهما السلام مرّا بها، يريدان بيت المقدس مهاجرين، فنزلا بها، وكانت تزلزل فى كلّ ليلة، وكانت ضخمة «3» جدّا، فراسخ، فلمّا باتا بها لم تزلزل، فمشى بعضهم إلى بعض، تعجّبا من عافيتهم فى ليلتهم «4» . فقال صاحب منزل إبراهيم: ما دفع عنكم إلّا بشيخ بات عندى، كان يصلّى ليله ويبكى؛ فاجتمعوا إليه، فسألوه المقام عندهم، على أن يجمعوا له من أموالهم، فيكون أكثرهم مالا؛ فقال: لم أومر بذلك، وإنما أمرت بالهجرة. فخرج حتّى أتى النّجف، فلمّا رآه رجع أدراجه، فتباشروا برجوعه، وظنّوا أنه رغب فيما عندهم، فقال: لمن تلك الأرض؟ يعنى النّجف. قالوا: لنا. قال: فتبيعونيها «1» ؟ قالوا: هى لك، فو الله ما تنبت شيئا. فقال: لا أحبّ إلّا أن تكون شراء؛ فدفع إليهم غنيمات كنّ معه، والغنم بالنبطية يقال لها نقيا. وذكر إبراهيم عليه السلام أنّه يحشر من ولده من ذلك الظهر سبعون ألف شهيد. فاليهود تنقل موتاها إلى بانقيا، لمكان هذا الحديث.
ثم نزل إبراهيم القادسية، فغسل بها رأسه، ثم دعا لها أن يقدّسها الله، فسمّت القادسية؛ ثم أخذ فضل الماء، فصبّه يمنة ويسرة، فحيث انتهى ذلك الماء منتهى العمران؛ ثم ارتحل إلى البيت الحرام. قال: وزعم «2» الكلبى أن القادسية سمّيت بالنّريمان الهروىّ، وكان من أهل قادس هراة، أنزله كسرى بها فى أربعة آلاف، مسلحة بينه وبين العرب، وقال له: لا ترى قادس هراة أبدا.
وروى أبو عبيد فى كتاب الأموال، عن عبّاد بن العوّام، عن حجّاج عن الحكم، عن عبد الله بن مغفل «3» ، أنّه قال: لا تشترين «4» من أرض السواد إلّا من أهل «5» الحيرة وأهل بانقيا وأهل ألّيس. يعنى أن أرض السواد افتتحت عنوة، إلّا أن أهل الحيرة كان خالد بن الوليد «6» صالحهم فى «7» خلافة أبى بكر رضى الله عنه. وأمّا أهل بانقيا وألّيس فإنهم دلّوا أبا عبيد وجرير بن عبد الله على مخاضة، حتّى عبروا إلى فارس، فذلك كان صلحهم وأمانهم، وفيه أحاديث، وأبو عبيد هذا هو أبو «8» المختار، وكان له هنالك مشاهد وآثار.

 

مصادر و المراجع :

١- معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع

المؤلف: أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي (المتوفى: 487هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید