المنشورات

شديد البعد من شرب الشمولِ ... ترنج الهندِ أو طلع النخيلِ

حضر مجلس سيف الدولة في شوال سنة إحدى وأربعين وثلثمائة وبين يديه نارنج وطلعٌ وهو يمتحن الفرسان فقال لابن جش شيخ المصيصة لا تتوهم هذا للشرب فقال

شديد البعد من شرب الشمولِ ... ترنج الهندِ أو طلع النخيلِ
اللغة الصحيحة أترجة وأترج وحكى أبو زيد ترنجة وترنج قال ابن جنى أراد أنت شديد البعد من شرب الشمول وأراد بين يديك ترنج الهند أو في مجلسك فحذف لأنه مشاهد فدلت الحال على ما أراد وقال ابن فورجة أراد شديد البعد من شرب الشمول ترنج الهند لديك فحذف لديك وأتى به في البيت الثاني دالا به على المحذوف والظروف كثيرا ما تضمر وأراد من شرب الناس الشمول عليه وعلى رؤيته وهو من باب إضافة المصدر إلى المفعول كما تقول اعجبني دق هذا الثوب كذلك تقول ترنج الهند بعيد من شرب الشمول أي شرب الناس الشمول عليه والمعنى أن هذا الأترنج الذي حضرك لم يحضرك للشرب عليه لكن كل شيء فيه طيب يحضرك ويكون عندك وهو قوله

ولكن كل شيء فيه طيبٌ ... لديك من الدقيق إلى الجليلِ
وميدان الفصاحة والقوافي ... وممتحن الفوارس والخيولِ
يريد عندك تبين الفصيح من الالكن والشاعر من المفحم فجعل حضرته ميدانا للفصاحة والشعر ويجوز أن يريد بالممتحن المصدر والموضع أيضا وعارض المتننبي بعض الحاضرين في هذه الأبيات وقال كان من حقه أن يقول، بعيد أنت من شرب الشمول، على النارنج أو طلع النخيل لشعلك بالمعالي والعوالي، وكسب الحمد والذكر الجميل، وقدح خواطرِ العلماء فحصاً، ممتحن الفوارسِ والخيولِ، فقال أبو الطيب

أتيت بمنطق العرب الأصيل ... وكان بقدرِ ما عاينت قيلي
يقول الذي أتيت به هو كلام العرب العاربة وكان بياني بقدر العيان لأنه أراد الذي عندك من ترنج الهند بعيد من شرب الشمول عليه أي لم يستحضره ليشرب على رؤيته ولكنه بنى الكلام على ما عاين يقول إنما بنيت البيان على العيان فاغناني عن أن أقول أنت شديدُ البعد وفي مجلسك ترنج الهند

















مصادر و المراجع :      

١- شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي (المتوفى: 468هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید