المنشورات

توضح

بضم أوّله، وبالضاد المعجمة المكسورة، والحاء المهملة: موضع ما بين رمل السّبخة وأود. وقال الحربى: توضح من الحمى، وأنشد للنّابغة:
الواهب المائة الأبكار «2» زيّنها ... سعدان توضح فى أوبارها اللّبد
وقال أبو زيد عمر بن شبّة، عن هشام، قال: حدثنى محمد بن عبد الرحمن الأنصارىّ، عن عمرو «3» بن الصامت، بن شداد «4» بن يزيد بن مرداس السّلمى، عن أشياخ من بنى تميم قد أدركوا الجاهلية، قالوا:
وجدنا بالجزيرة زمن عمر بن الخطّاب شيخا قديما، قد كفّ بصره، فسألناه عن مياه بالبادية، فقال: هل وجدتم توضح، التى يقول فيها امرؤ القيس:
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ... لما نسجتها من جنوب وشمأل
وهى بين رمل السّبخة وأود، التى يقول فيها مالك بن الرّيب:
دعانى الهوى من أهل أود وصحبتى ... بذى الطّبسين فالتفتّ «1» ورائيا
قلنا: لا والله. قال: أما «2» والله لو جئت فى ليلة مظلمة، لوقفت علم فم طويّها. قال: فقالوا له «3» إنّ فيها لشجراء «4» ، ولم توجد توضح إلى اليوم.
قال: فهل وجدتم السّمينة؟ قلنا: نعم. قال: أين؟ قلنا: بين النّباج والينسوعة، كالفضّة البيضاء، على الطريق. قال: ليست تلك السّمينة، ولكن تلك زغر «5» ، والسّمينة بينها وبين مغيب الشمس، حيث لا «6» تبيّن أعناق الركاب تحت الرحال «7» : أحمر هى أم صفر «8» . قال: فوجدنا السّمينة بعد ذلك حيث نعت.
قال: فهل وجدتم شرجا؟ قلنا: نعم. قال: أين؟ قلنا: بالصّحراء، بين الجواء وناظرة. قال: ليس ذلك بشرج، ولكن ذاك ربض «9» ، وإنما شرج بينه وبين مطلع الشمس، فى كفّة الشجر، عند النّوط ذات الطلح.
قال: فوجدت شرجا بعد ذلك حيث نعت. قال: فهل وجدتم طويلعا؟ قلنا: نعم. قال: أين؟ قلنا: بين الصّمّان والدّوّ، عند القامة «1» الشرقية. قال: نعم، ذاك طويلع. أما والله إنه ما علمت لطويل الرّشاء، بعيد العشاء، مشرف على الأعداء.
وطويلع هو الذي يقول فيه ضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل:
لو كنت حربا ما وردت طويلعا ... ولا جوفه إلّا خميسا عرمرما
قال: فهل وجدتم الجأب؟ قلنا: نعم. قال: أين؟ قلنا: على الشّقيقة حيث تقطّعت. قال: اخطوا «2» قليلا، ليس ذاك بالجأب، ولكن ذاك المريرة، وإنما الجأب بين المغرة الحمراء وعقدة الحبل «3» . ثم قال: قاتل الله الأسود، يعنى عنترة، حيث يقول:
فكأنّ مهرى ظلّ منغمسا ... بشبا الأسنّة مغرة الجأب «4»
قال: فوجد الجأب بعد ذلك فى ديار بنى تميم كما ذكر.
والجأب والمكر: المغرة «5» .
قال: فهل وجدتم عنيزة؟ قلنا: نعم. قال: أين؟ قلنا: عند قفا الظّرب، الذي قد سدّ الوادى. قال: ليس تلك عنيزة، ولكن تلك الشّجا؛ ولكنّ عنيزة بينها وبين مطلع الشمس، عند الأكمة السوداء. قال: فاستخرجها محمد بن سليمان أمير البصرة، حيث وصف الشيخ، وقال:
إنّ امرأ القيس كان عالما حيث يقول:
تراءت لنا بين النّقا وعنيزة ... وبين الشّجا ممّا أحال على الوادى
وبعث الحجّاج رجلا من بنى سليم، يقال له عضيدة، لحفر المياه بين البصرة ومكّة، فقال: احفروا بين عنيزة والشّجا، حيث تراءت للملك الضّليل، فإنها والله لم تراء له إلّا على ماء؛ فحفروا فاستخرجوها.
والشّجا: ظرب قد شجى به الوادى، فلذلك سمّى الشجا. وقال سالم بن قحفان «1» العنبرىّ:
و «2» قد بدا لى فى اللّوى المنطّق ... رأس الشجا مثل الفلوّ الأبلق
وقال عبد باجر الإيادىّ:
أنهلت من شرج فمن يعلّ ... يا شرج لا فاء عليك الظّلّ
فى قعر شرج حجر يصلّ
قال: وكانت لصاف لإياد، وفيها يقول عبد باجر:
إنّ لصافا لا لصاف فاصبرى ... إذ حقّق الرّكبان موت المنذر
وكانت هذه المياه كلّها وما يليها لإياد، ثم نزلتها بنو تميم بعد، فأنبأك أنّ جميع المياه المذكورة لبنى تميم.
 

مصادر و المراجع :

١- معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع

المؤلف: أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي (المتوفى: 487هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید