المنشورات

أول خليفة بخل عبد الملك بن مروان

أخبرنا أبو احمد عن الصولى عن الغلابى عن محمد بن عبد الله العتبى من ولد عتبة بن أبى سفيان عن أبى خالد القرشى من ولد أمية بن خالد قال: قال عبد الملك- وكان أول خليفة بخل- اى الشعراء أفضل؟ فقال له كثير بن هراسة يعرض به، أفضلهم المقنع الكندى حيث يقول:
إنّى أحرّص أهل البخل كلّهم ... لو كان ينفع أهل البخل تحريضى
ما قلّ مالى إلّا زادنى كرما ... حتّى يكون برزق الله تعويضى
فالمال ينفع من لولا دراهمه ... امسى يقلّب فينا طرف محفوض
لن تخرج البيض «1» عفوا من اكفّهم ... الّا على وجع منهم وتمريض
كأنّها من جلود الباخلين بها ... عند النّوائب تحذى «2»
بالمقاريض
فقال عبد الملك- وقد عرف ما أراد- الله أصدق من المقنع حيث يقول: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا
«3»
وكان عبد الملك يسمى رشح الحجارة لبخله، ويكنى أبا الذّبان لبخره. «4»
اخبرنا أبو القاسم عن العقدى عن أبى جعفر عن المدائنى قال: نظر عبد الملك الى خالد بن يزيد- وقد شابت عنفقته «5»
- فقال: كأنك عاض على حجر فقال: لأنهن يلثمن فاى ولا يشممن قفاى، يعرض به أنه أبخر، فالنساء يشممن قفاه دون وجهه، والناس يرون ان انفاس النساء وانفاس الطيب تشيب قال الشاعر:
انّما شيّبنى الطّيب وانفاس الغوانى
وأخبرنا أبو القاسم عن العقدى عن أبى جعفر عن المدائنى قال: قال سعيد بن عثمان- ولم يكن بالحصيف- للحسن بن على- عليهما السلام- ما بال أصداغنا تشيب قبل عنافقنا؟ وعنافقكم تشيب قبل أصداغكم؟ فقال: ان أفواهنا عذبة، فنساؤنا لا يكرهن لثامنا، ونساؤكم يكرهن لثامكم، فيصرفن وجوههن، فيتنفسن فى أصداغكم.
وكان المنصور فى ولد العباس كعبد الملك بن مروان فى بنى أمية فى بخله، ورأى بعضهم عليه قميصا مرقوعا فقال: سبحان من ابتلى أبا جعفر بالفقر فى ملكه، وأجاز سلمان الحادي «1»
بنصف درهم، فشتان ما هو والمأمون أو غيره من خلفاء بنى العباس.
سمع مرة بعض ولده يقول لوكيله قد رأيت فى السوق بقلا حسنا فاشتر لنا منه بنصف درهم، فقال: أما أنك إذا عرفت للدرهم نصفا، فانك لا تفلح أبدا.
واستعمل الحسن البصرى رجلا فى شىء، ودفع اليه درهما، فقيل له:
كان يجزيه نصف درهم، فقال: أو يقاسم المؤمن أخاه درهما؟
وأنشد ابن هرمة المنصور:
له لحظات فى حفافى سريره ... اذا كرّها فيها عقاب ونائل «2»
فأما الّذى أمّنت أمّنه الرّدى ... وأما الّذى حاولت «3»
بالثّكل ثاكل
فدفع اليه عشرة آلاف درهم، وقال: يا إبراهيم احتفظ بها فليس لك عندنا مثلها، فقال: يا أمير المؤمنين، انى ألقاك بها على الصراط بختم الجهبذ «4» .














مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید