المنشورات

أول رأس ثقف فى الاسلام

أخبرنا أبو القاسم عن العقدى عن أبى جعفر عن أبى الحسن قال: عقد على لقيس بن سعد بن عبادة على مصر، فبايعه أهلها إلا أهل قريات كانوا شيعة لعثمان، قالوا له: نعطيك الخراج، ولا نبايع عليا، حتى يجتمع الناس على إمام، فأعطاهم قيس ذلك، فطمع فيه معاوية، فكتب اليه يدعوه الى مبايعته فأبى، فقال لعمرو بن العاص: ان قياس شديد الرأى، شديد البأس، وله نية فى قتالنا، وإن اجتمع علينا أهل العراق، وأهل مصر لم نقم لهم، فما الرأى؟ قال:
نكتب كتابا على لسانه بالمبايعة لك، فإن عيون على يكتبون اليه بذلك فيعزله، «1» فكتب معاوية: من قيس بن سعد، أما بعد: فان قتل عثمان كان حدثا فى الاسلام عظيما، وإنى نظرت لنفسى فلن يسعنى فى دينى مبايعة أهل البغى، وقد ألقيت اليك التسليم، وأجبتك الى قتال عدوك والسلام. وقرأه معاوية على الناس، فكتب عيون على اليه به.
فقال عبد الله بن جعفر: إن قيسا قد داهن، فاكتب اليه بمناجزة «2» من لم يبايعك، فان فعل، والا فاعزله، فكتب اليه بذلك، فكتب قيس: العجب منك يا أمير المؤمنين! تأمرنى بقتال قوم كافين، ومتى قاتلتهم ظاهروا عليك، فاستجاشوا «3» عليك بأعدائك، فلم تكن لنا بهم طاقة، فاكفف عنهم، فإن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب. فكتب اليه على- عليه السلام- أنا الشاهد، وأنت الغائب، ان عملت برأيى، وإلا فاعتزل.
وقال عبد الله بن جعفر لعلى: ينبغى أن توليها محمد ابن أبى بكر- وكان محمد أخاه لامه، أمهما أسماء بنت عميس- فولاه اياها، فخرج حتى قدم على قيس، فقال قيس: ان صاحبك وان كان قويا فى بدنه، فإنه ليس بذى علم فى الحرب، فان أردت ان تبقى لك مصر، فاعمل فيها عملى، وودعه وخرج الى المدينة، فخير محمد الذين وادعهم قيس بين البيعة لعلى أو القتال أو الجلاء، فتحايشوا «1» عليه، وكانوا اثنى عشر ألفا، فاضطرب أمره، فلما انقضى امر الحكمين، ازدادوا عليه قوة، واختل أمر مصر.
فقال على: ليس لمصر الا قيس أو الاشتر، فكتب معاوية الى جانستان وهو بالقلزم: «2» اذا مر بك الاشتر فاحتل عليه حتى تقتله، فلما حصل عنده سقاه شربة عسل فمات، واشتد أهل مصر على محمد، (فاستمد عليا،) «3» فندب الناس إليه فتثاقلوا، وخرج عمرو بن العاص الى مصر، فى أربعة آلاف، واستعد لهم محمد، فقاتلهم فغلبهم مرارا، ثم كسروه فتفرق عنه أصحابه، وأخذه معاوية ابن خديج، فقال له: أسألك بحق أبى عليك الا خليت عنى! فقال معاوية:
أنا أسأل نفسى بحق الله الا أخلى عنك، وأنت قتلت عثمان، وقدمه فضرب عنقه، وثقف رأسه، «4» وحمله الى معاوية، وأدخله جيفة حمار واحرقها، فما أكلت عائشة شواء حتى ماتت.
وقالوا: أول رأس حمل فى الاسلام رأس عمرو بن الحمق، قالوا: لما قتل على- عليه السلام- بعث معاوية فى طلب عمرو بن الحمق، ففاته فأخذ امرأته فحبسها، ثم ظفر عبد الرحمن بن الحكم بعمرو فقتله، وبعث رأسه الى معاوية، فكان أو رأس حمل فى الاسلام، قال أبو هلال: أيده الله (فان كان حمل رأس ابن أبى بكر صحيحا فهو الاول.) «5»











مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید