المنشورات

أول أمير مات بالبصرة

أخبرنا أبو أحمد باسناد بعد علىّ إخراجه قال: قال الحسن: قدم علينا بشر بن مروان بالبصرة- وهو أبيض بض- «1» أخو الخليفة، وابن الخليفة، ووالى العراق، فأتيته مسلما عليه، فقال الحاجب: من أنت؟ قلت: الحسن البصرى. قال: الفقيه؟ قلت: نعم. قال: ادخل الى الامير، واياك أن تديم النظر اليه، وإن سألك عن شىء فاحذف الجواب حذفا، «2» ولا يكون كلامك الا جوابا، وتجوز فى المجلس ما استطعت، الا أن يجلسك، فدخلت وهو على سرير، وعليه فرش قد كاد يغوص فيها، ورجل قائم متكىء على سيفه، فسلمت فقال: من أنت أعرفك؟ قلت: الحسن البصرى، قال: فقيه هذه المدرة؟
قلت: نعم. قال: ما تقول فى زكاة أموالنا؟ أندفعها الى الفقراء أم السلطان؟
قلت: أى ذلك فعلت جزا عنك قال: فرفع رأسه الى الرجل وقال: لشىء ما يسود من يسود، ثم أومأ الى بالجلوس، فجلست، فجعل يخالسنى «3» النظر، اذا رميته بطرفى أمال بصره عنى، فاذا خفضت عنه أبرز فى بصره، فتجوزت فى المجلس وقمت، ثم عدت بالعشى، فاذا هو فى صحن مجلسه، والاطباء حواليه، وقالوا: الامير محموم، ثم عدت فى الغد، فاذا الناعية «4» تنعى والدواب قد جزت نواصيها، فحمل ودفن جانب الصحراء وجاء الفرزدق فقال:
أعينىّ أمّا تسعدانى بالبكا ... فما بعد بشر من عزاء ولا صبر
ألم تر أنّ الأرض دكّت جبالها ... وأنّ نجوم اللّيل بعدك لا تسرى
سيأتى أمير المؤمنين مصيبة ... وتنمى الى عبد العزيز «1» الى مصر
فإنّ أبا مروان بشرا أخاكما ... ثوى «2» غير متبوع بذم ولا غدر
وقد كان حيّات العراق يخفنه ... وحيّات ما بين المدينة والنّهر «3»
فما بقى احد كان على القبر إلا خر باكيا، وانصرفت وصليت الى جانب الصحراء ما قدر لى، ورجعت الى القبر، وقد أتى بعبد أسود يحمله أربعة، فدفن الى جانب قبره، فو الله ما فصلت بين القبرين حتى قلت: أيهما قبر بشر؟ وقال الشاعر:
والعطيّات سباب «4» بينهم ... وسواء قبر مثر ومقل











مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید