فأقبلت وقد ارتحلوا، فجلست، ثم غلبتنى عيناى فنمت، وكان صفوان بن المعطل من وراء الجيش، فلما أصبح رأى سوادا، فاسترجع، فاستيقظت باسترجاعه، «2» ثم ركبت راحلته حتى أتيت الجيش بعد ما نزلوا فى نحر الظهيرة، «3» فتكلم المنافقون، والذى تولى كبره عبد الله بن أبى بن سلول، وقدمنا المدينة، واشتكيت شهرا لا أشعر بما يفيض فيه أصحاب الافك، ثم خرجت مع أم مسطح، فعثرت فى مرطها فقالت: تعس مسطح «4» فقلت: بئس ما قلت! أتسبين رجلا شهد بدرا؟ قالت:
يا هنتاه! «5» ألم تسمعى ما يقولون؟ فأخبرتنى بقول أهل الافك، فازددت مرضا.
واحتبس الوحى، فاستشار النبى- صلّى الله عليه وسلم- على بن أبى طالب وأسامة ابن زيد- رحمه الله- فى فراقى، فقال أسامة: ما نعرف الا خيرا، وقال على: يا رسول الله! لا تضيق على نفسك، فان النساء كثير، ثم انزل الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ...
«1» الآيات الى آخر القصة، فأتاها رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فقالت: بحمد الله لا بحمدك، ثم أمر رسول الله بحسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش فجلدوا ثمانين ثمانين.
فهؤلاء أول من جلد فى القذف، ثم قال حسان: يعتذر عما كان منه، ويمدح عائشة- رضى الله عنها-
حصان رزان لا تزنّ بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل «2»
فقالت عائشة:- رضى الله عنها- لكنك يا حسان لست كذلك، وكان أبو بكر- رضى الله عنه- ينفق على مسطح، فحلف ليقطعن عنه النفقة، فأنزل الله تعالى وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى ...
الى قوله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا. أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ
«3» فقال أبو بكر: بلى نحب ذلك، وعاد فى النفقة هذا معنى الحديث.
مصادر و المراجع :
١- الأوائل
المؤلف: أبو هلال
الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)
الناشر: دار
البشير، طنطا
الطبعة: الأولى،
1408 هـ
تعليقات (0)