المنشورات

أول أطم بنى بالطائف

أخبرنا أبو احمد قال: حدثنا الجلودى قال: حدثنا المغيرة ابن محمد قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا العتبى عن أبيه قال:
خرج أبو سفيان بن حرب وركب من قريش وثقيف يريدون بلاد كسرى بتجارة لهم، فلما ساروا ثلاثا جمعهم أبو سفيان، فقال: انا فى مسيرنا هذا لعلى خطر، قدومنا على ملك لم يأذن لنا بالقدوم عليه، وليس لنا بمتجر، فأيكم يذهب بالعير، فان أصيب فنحن براء من دمه، وان يغنم فله نصف الربح،؟
فقال غيلان بن سلمة الثقفى: أنا أمضى بالعير، فقال:
فلو رآنى أبو غيلان اذ حسرت ... عنّى الامور بأمر ماله طبق
لقال رغب ورهب أنت بينهما ... حبّ الحياة وهول النّفس والشّفق
امّا مسيف على مجد ومكرمة ... او أسوة لك فيمن يهلك الورق «2»
وخرج بالعير، وكان أبيض طويلا جعدا، فتخلق ولبس ثوبين أصفرين، وشهر نفسه، وقعد بباب كسرى، حتى أذن له فدخل عليه، وشباك من ذهب بينه وبينه، فقال له الترجمان: يقول لك الملك: ما أدخلك بابى بغير اذنى؟
فقال: لست من أهل عداوة أكن جاسوسا، وانما حملت تجارة، فان أردتها فهى لك، وأن كرهتها رددتها، قال: وانه ليتكلم اذا سمع صوت كسرى، فخر ساجدا فقال له الترجمان: يقول لك الملك: ما أسجدك؟ فقال: سمعت صوتا مرتفعا حيث لا ترفع الاصواب، فظننته صوت الملك، فسجدت، فشكر ذلك له، وأمر له بمرفقة توضع تحته، فرأى فيها صورة الملك، فوضعها على رأسه، فقال له الحاجب: الملك يقول لك: إنما بعثنا بها اليك لتقعد عليها، فقال: قد علمت، ولكنى رأيت عليها صورة الملك، فوضعتها على أكرم أعضائى، فقال له: ما طعامك فى بلادك؟ قال: الخبز. قال: هذا عقل الخبز، ثم اشترى منه التجارة بأضعاف أثمانها، وبعث معه من بنى له أطما بالطائف، فكان أول أطم بنى بالطائف.
قال أبو هلال- أيده الله-: فى هذا الخبر دليل على ان الامر الذى عقده نوفل بن عبد مناف بين العرب والفرس، كان قد انقضى.
قال: وهذا آخر ما خرج الينا من الاوائل وان خرج شىء آخر ألحقناه به وبالله التوفيق. وفرغنا من أملائه يوم الأربعاء لأربع عشرة خلت من شعبان، سنة خمسة وتسعين وثلاثمائة وحسبنا الله وحده، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الاكرمين وسلم.










مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید