المنشورات

طرب الحمام بذي الأراك فهاجني ... لازلت في غلل وأيك ناضر

قال جرير أيضًا:
1 طرب الحمام بذي الأراك فهاجني ... لازلت في غلل وأيك ناضر
الغلل: ما تغلَّل من الماء الجاري بين الشجر. والأيك: الشجر الملتف.
2 شبَّهت منزلة براح وقد أتى ... حول المحيل خلال جفن داثر
راح: موضع. والجفن: جفن السيف. والمحيل: الذي قد أتى عليه حول. والداثر: الدارس.
3 نشرت عليك فبشَّرت بعد البلى ... ريح ثمانية بيوم ماطر
إذا هبَّت الريح يوم مطر ويوم غيم فهو نشر.
4 إن قال صحبتك الرواح فقل لهم ... حيوا الغزيز ومن به من حاضر
الغزيز: ماء لبني تميم معروف.
5 نهوى الخليط ولو أقمنا بعدهم ... إن المقيم مكلف بالسائر
6 إن المطيَّ بنا يخدن ضحى غد ... واليوم يوم لبانة وتزاور
7 سنح الهوى فكتمت صحبى حاجة ... بلغت تجلُّد ذي العزاء الصابر
8 جزعًا بكيت على الشباب وشاقني ... عرفان منزلةٍ بجزعي ساجر
سلَّي وساجر: موضعان، ساجر ببلاد ضبة وبهما يومان لباهلة.
9 أما الفؤاد فلن يزال متيّمًا ... بهوى جمانة أو بريّا العاقر
المتيم: المتعبد، والتيم: العبد، وتيم الله: عبد الله. وجمانة وريا: امرأتان والعاقر: موضع.
10 طرقت بمخترق الفلاة مشرَّدًا ... جعل الوساد ذراع حرف ضامر
11 يا أم طلحة ما لقينا مثلكم ... في المنجد بن ولا بغور الغائر
12 رهبان مدين لو رأوك تنزلوا ... والعصم من شعف العقول الغادر
العصم: الوعول، وإنما سمّيت عصمًا لبياض في أيديها، والبياض: العصمة والعصم جميعًا. والغادر والبدن، واللِّهم والجول: المسن منها، يقال: لهم ولهوم وجول وجؤول، وبدن وبدون وفادر وفدور. والعقول المتحرِّزة في شعف الجبال، وشعف كل شيء: أعلاه. والبدن الكبير المسنّ أيضًا من الناس، يقال قد بدَّن الرجل تبدينًا: إذا كبر، وقال حميد الأرقط:
وخلت أن الشيب والتبدينا
والنأي مما يذهل القرينا
وقال الأسود بن يعفر:
هل لشباب فات من مطلب ... أم ما بكاء البدن الأشيب
13 لمن الحمول من الإياد تحملت ... كالدَّوم أو كلل السفين العابر
14 يحدو بهنَّ مشمِّر عن ساقه ... مثل المنيح نحا قداح الياسر
المنيح: قدح لا غنم له ولا غرم والياسر: الذي يضرب بالقداح.
ونحاه: صكَّه ودفعه كما ينحو إلى الشيء: يقصد إليه.
15 قرَّبن مفرعة الكواهل بزَّلًا ... من كل مطَّرد الجديل عذافر
العذافر: الشديد. يريد أن عنقه طالت فاستوفى جديله فيه فلا استرخاء فيه ولا اضطراب. واضطرابه: امتداده. والمفرع: المرتفع.
16 نهد المحال إذا حدين مفرَّج ... سبط المشافر مخلف أو فاطر
المفرَّج: البعيد العضدين من زوره. والمخلف: الذي قد أخلف عامًا بعد بزوله. والفاطر: الذي قد فطر نابه بازلا.
17 منه بمجتمع الأخادع نابع ... يغشى الذُّفارى كالكحيل القاطر
18 وإذا الأزمة أعلقت أزرارها ... جرجنت بين لهًا وبين حناجر
19 زال الجمال بنخل يثرب بالضحى ... وبالرواجج من أباض العامر
أباض: واد باليمامة به قتل زيد بن الخطاب.
20 ليت الزبير بنا تلبَّس حبله ... ليس الوفيُّ لجاره كالغادر
21 وجد الزبير بذي السباع مجاشعًا ... للجيثلوط ونزوةً من ضاطر
الجيثلوط: عبد. وضاطر: عبد كثير اللحم، نسبهم إليه.
22 عرقت وجوه مجاشع فكأنها ... عفل تدلَّع دون مدري الشاصر
الشاصر: الظبي حين ارتفع قرنه شيئًا، يقال شصر وشاصر.
23 باتوا وقد قتل الزبير كأنهم ... خور صوادر عن نجيل قراقر
النجيل: الحمض. يريد أنهم باتوا يسلحون من الخزير، كما تثلط الإبل من الحمض.
24 ولدت قفيرة أم صعصعة ابنها ... فوق المزنَّم بين وطبى حازر
المزنم: أن تشق أذن البعير شقًّا أو شقين ثم تترك تنوس: وهو أحد سمات الإبل. والتزنيم والترعيل واحد. أراد: أنها راعية وإنما ولدته وهي ترعى الإبل.
25 تمردي القعود وثنيه تحت استها ... دون الذراع وفوق شبر الشابر
تمرى برجليها: تحرك رجليها لتستخرج ما عنده والمري: مسح
الضرع ليدرَّ لبنها. وقوله: وثنيه تحت استها: يعني ثني بظرها: يقول: قد ثنته تحتها من طوله لتستره.
26 غزبت قفيرة في العزيب وراوحت ... بالكف بين قوادم وأواخر
أراد: قوادم الضروع وأواخرها.
27 جعلت قفيرة ليلتين لهرمز ... والزَّيِّبان وليلة لقنابر
هؤلاء عبيد رماها بهم.
28 علق الأخيطل في حبالي بعدما ... عشر الفرزدق لا لعًا للعاثر
يقول: لا ارتفاع له ولا انتعاش: وأنشد لرؤبة:
وإن هوى العاثر قلت دعدعا
منا وعالينا بتنعيش لعا
29 لقى الفرزدق ما لقيت وقبله ... طاح البعيث بغير عرض وافر
30 وإذا رجوا أن ينقضوا مني قوى ... مرست قواي عليهم ومرائري
31 ومنوا بملتهم العنان مناقل ... عند الرهان مقرِّب ومحاضر
32 إني نزلت بمفزع من خندف ... في أهل مكرمة وملك قاهر
33 كانت فضائلنا عليك عظيمة ... من سيب مقتدر عزيز قادر
34 ماذا تقول وقد عرفت فخندف ... زهر النجوم وكل بحر زاخر
35 كان الفرزدق شاعرًا فخصيته ... ناك الفرزدق أمه من شاعر
36 أمسى الأخيطل للفرزدق ضرَّةً ... فيم المراء وقد نكحت ضرائري
37 إن القصائد قد وطئن مجاشعًا ... ووطئن تغلب ما لها من زاجر
38 نبِّئت تغلب يعبدون صليبهم ... بالرَّقَّتين إلى جنوب الماخر
الرقتان: السوداء والبيضاء. والماخر: موضع.
39 يستنصرون بمار سرجس وابنه ... بعد الصليب وما لهم من ناصر
40 كذب الأخيطل ما توقَّف خيلنا ... عند اللقاء وما نرى في السامر
يقول: لا نقيم في الحي نلعب سمرًا ولكنا متشاغلون بالغزو.
41 رجعً نقصُّ لها الحديد من الوجى ... بعد ابتراء سنابك ودوابر
الرجع: جماعة رجيع: وهو النَّقض. نقضُّ لها الحديد: نتخذ لها منه نعالًا. والوجى الحفا. والسنابك: أطراف الحوافر من مقاديمها. ودوابرها: مآخيرها.
42 سائل بهن أبا ربيعة كلَّهم ... واسأل بني غبر غداة الحائر
بنو أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان، وهذا يوم فيحان وهو في يوم ذي قار الأصغر: حين أغار عتيبة بن الحارث بن شهاب فأخذ ألف ناقة، ويوم الحائر يوم حائر ملهم وهو باليمامة.
43 وطئت جياد بني تميم تغلبًا ... يوم الهذيل ويوم حيَّي هاجر
هذا يوم ذي بهدي وقد مر حديثه. وهاجر من ولد ثعلبة بن سعد بن ضبة. وهذا يوم الحائر:
وكان من حديث يوم حائر ملهم أن علقمة بن الحارث بن عاصم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع وعبد الله أخاه أبا مليل انطلقا في طلب إبل لهما حتى وردا على أهل ملهم - وهي قرية وملهم لبني يشكر بن بكر بن وائل، فأرادوا أسرها فامتنعا، فقتل علقمة، وأسر عبد الله، فنسبوه، فأخبرهم، فقال بعضهم لبعض: والله ما طلبنا هؤلاء القوم بدم، وما لنا في حرب قومهم من حاجة، فأخذوا على عبد الله أن لا يخبرهم ولا يعلم بهم أحدًا، فأطلقوه، فانطلق حتى ورد على قومه، فسألوه عن أخيه المقتول، فلم يكلمهم، فقال نويرة: أقسم بالله لقد قُتل أخوه، وإنّّ على صاحبكم ليمينًا، فسكت، فلم يكلمهم. فلما رأى ذلك بنو ثعلبة اقتصوا أثره، حتى وردوا على أهل ملهم وهم بنو غبر بن غنم بن يشكر. فلما رآهم أهل ملهم تحصنوا، فلما رأت ذلك بنو ثعلبة أحرقوا النخل، فلما رأى أهل ملهم إحراق النخل، نزلوا إليهم فاقتتلوا، فهزم أهل ملهم، وقتل عمرو بن صابر، قتلوه صبرا. وقتل حمران بن عمرو والمثلَّم بن عبد عمرو وكان رئيس بني ثعلبة يومئذ شهاب بن عبد قيس بن كباس بن جعفر بن ثعلبة، وقبل ذلك كانوا اختلفوا واختلفت عبيد وجعفر، فقال شهاب: ارجعوا، فقال نويرة بن حمرة بن شداد:
لا نرجع حتى نثأر بصاحبنا. فمضت بنو عبيد بن ثعلبة. فرأسوا عليهم نويرة، ورجعت بنو جعفر، فلما تباعدوا التفت إليهم عتيبة وهو يومئذ مشنَّف: عليه شنف من حداثته، فلما نظر إليهم في السراب أرسل عينيه فبكى، فقال له جده شهاب: ما يبكيك يا مشنف؟ قال: لهذه العصابة التي خذلتها ورجعت عنها. ومحلوفه لئن هم ظفروا ورجعوا لا ينصرونك ولا يتبعونك في ذنب تلعة أبدًا، ولئن ظفر بهم إنك وقومك بعدهم أذلاء. فقال له شهاب: فما تقول؟ قال: أقول: أن ترجع فتلحق بهم، فرجع هو وقومه حتى لحقوا ببني عبيد، فسرهم ذلك ورأسوا عليهم شهابًا، فانطلقوا حتى أشرفوا على أهل ملهم، فلما انحدروا من ثنيَّة ملهم أقعدوا عليها رجلًا من بني عاصم يقال له أطيط بن قرط بن عاصم. فقالوا: لا يمرَّنَّ عليك رجل منا ولا من غيرنا منهزمًا إلا قتلته، ففعل، فلما قُتل من قُتل قالت امرأة منهم في ذلك:
لعمري لقد كان الرئيس ابن جعفر ... شهاب على أهل القرى مثل تبَّع
أتيح لهم من أرضه وسمائه ... فأهلك منها كل مبنى ومزرع
أخو الحرب يسديها ويلحم أمرها ... لجنِّيِّة جاءت بخرق سميدع
وقال مالك بن نويرة في ذلك اليوم:
طلبنا بيوم مثل يومك علقما ... لعمري لمن يسعى به كان أكرما
قتلنا بجنب العرض عمرو بن صابر ... وحمران أقصدناهما والمثلمّا
وقال في ذلك داود بن متمم بن نويرة:
ويوم أبى جزء بملهم لم نكن ... لنقلع حتى يدرك الذحل ثائره
لدى جدول البئرين حيث تفجرت ... عليه نحور القوم واحمر حائره
الحائر: الماء المتحير المحتبس.
له زبد من كلّ نجلاء نازعت ... دم الجوف حتى خالط الأرض مائره
وقال مالك بن نويرة يهجو فراس بن عدس بن عقال بن محمد ويذكر يوم ملهم:
جمعنا الجياد الحوَّ والكمت والقنا ... وكلَّ دلاص نسجها متضائل
لأعدائنا في الحرب إن عتادكم ... مرائـ في أطرافهن الزواجل
وما كنتم في الحرب أهلا لتفخروا ... وللحرب رأس من تميم وكاهل
سواكم وأنياب حداد وضرسكم ... إذا أنقدته الحرب أنسخ ناصل
أسنخ: أي انقلع من سنخه.
وأرماحنا صبَّحن عمرو بن صابر ... وعصبته سمَّا وهن مقاتل
44 وإذا رجعن وقد وطئن عدونا ... قرِّبن بين أجلَّة وأياصر
الأيصر: الكلأ المحتش.
45 حدرتك من شرفي خزاز خيلنا ... والحرب ذات تقحم وتراتر
التراتر والتلاتل واحد: وهي الشدائد.
46 خسر الأخيطل والصليب وتغلب ... ويكال ما جمعوا بمدٍّ خاسر
47 وابتعت ويل أبيك ألأم شربة ... بفساد تغلب، بئس ربح التاجر
48 أدِّ الجزي ودع الفخار بتغلب ... واخسأ بمنزلة الذليل الصاغر
49 أنبئت تغلب بعدما جدَّعتهم ... يتعذَّرون وما لهم من عاذر
50 والتغلبية حين غبَّ غبيبها ... تهوى مشافرها لشر مشافر
غبيبها: أمرها. يقول: من غد يوم شربت تهوى مشافرها للخنزير تقبله.
51 صماء عن سور الكتاب وذكره ... بعد الهجِّوع سميعة بالصافر
الصافر: الذي يصفر بها للريبة.
52 تفترُّ عن قرد المنابت لطلط ... مثل المعجان وضرسها كالحافر
تفتر: تبسم وتضحك، والقرد: قصر الأسنان ولصوقها باللِّثة وهو كقرد الصوف والشعر. واللِّطلط: الذي لصقت أسنانه بلثته.
53 إن الأخيطل لن يقوم لبزل ... أنيابها كشبا الزجاج قساور
54 فينا الخلافة والنبوة والهدى ... وذوو المشورة كلَّ يوم تشاور
55 ورجا الأخيطل أن يكدِّر بحرنا ... فأصاب حومة ذي لجاج غامر
لجاج: جمع لجة.
56 بين الحواجب واللِّحى من تغلب ... لؤم توورث كابرًا عن كابر
57 يابن الخبيثة أين من أعددتم ... لبني فزارة أو لحيَّي عامر
حيا عامر: كعب وكلاب ابنا ربيعة بن عامر بن صعصعة.
58 وإذا لقيت قروم فرعى خندف ... يبذخن بعد تزايف وتخاطر
فرعا خندف: مدركة وطابخة ابنا إلياس بن مضر.
59 خلَّيت عن سنن الطريق ولم تزل ... فيهم ملوك أسرَّة ومنابر













مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید