المنشورات
الثعالبة
أصحاب ثعلبة بن عامر. كان مع عبد الكريم بن عجرد يدا واحدة إلى أن اختلفا في أمر الأطفال فقال ثعلبة: إنا على ولايتهم صغارا وكبارا حتى نرى منهم إنكارا للحق ورضا بالجور. فتبرأت العجاردة من ثعلبة. ونقل عنه أيضا أنه قال: ليس له حكم في حال الطفولة من ولاية وعداوة، حتى يدركوا ويدعوا، فإن قبلوا فذاك، وإن أنكروا كفروا. وكان يرى أخذ الزكاة من عبيدهم إذا استغنوا، وإعطاءهم منها إذا افتقروا.
"أ" الأخنسية:
أصحاب أخنس بن قيس، من جملة الثعالبة. وانفر عنهم بأن قال: أتوقف في جميع من كان في دار التقية من أهل القبلة؛ إلا من عرف منه إيمان فأتولاه عليه، أو كفر فأتبرأ منه. وحرموا الاغتيال والقتل، والسرقة في السر.
ولا يبدأ أحد من أهل القبلة بالقتال حتى يدعى إلى الدين، فإن امتنع قوتل؛ سوى من عرفوه بعينه على خلاف قولهم. وقيل إنهم جوزوا تزويج المسلمات من مشركي قومهم، أصحاب الكبائر، وهم على أصول الخوارج في سائر المسائل.
"ب" المعبدية:
أصحاب معبد بن عبد الرحمن، كان من جملة الثعالبة. خالف الأخنس في الخطأ الذي وقع له في تزويج المسلمات من مشرك، وخالف ثعلبة فيما حكم من أخذ الزكاة من عبيدهم. وقال: إني لأبرأ منه بذلك، ولا أدع اجتهادي في خلافه. وجوزوا أن تصير سهام الصدقة سهما واحدا في حال التقية.
"جـ" الرشيدية:
أصحاب رشيد الطوسي. ويقال لهم العشرية، وأصلهم أن الثعالبة كانوا يوجبون فيما سقي بالأنهار والقنى نصف العشر. فأخبرهم زياد بن عبد الرحمن أن فيه العشر، ولا تجوز البراءة ممن قال فيه نصف العشر قبل هذا. فقال رشيد: إن لم تجز البراءة منهم فإنا نعمل بما عملوا، فافترقوا في ذلك فرقتين.
"د" الشيبانية:
أصحاب شيبان بن سلمة، الخارج في أيام أبي مسلم1، وهو المعين له ولعلي بن الكرماني على نصر بن سيار، وكان من الثعالبة. فلما أعانهما برئت منه الخوارج. فلما قتل شيبان ذكر قوم توبته. فقالت الثعالبة: لا تصح توبته لأنه قتل الموافقين لنا في المذهب، وأخذ أموالهم، ولا تقبل توبة من قتل مسلما وأخذ ماله إلا بأن يقتص من نفسه، ويرد الأموال، أو يوهب له ذلك.
ومن مذهب شيبان أنه قال بالجبر، ووافق جهم بن صفوان في مذهبه إلى الجبر، ونفي القدرة الحادثة. وينقل عن زياد بن عبد الرحمن الشيباني أبي خالد أنه قال: إن الله تعالى لم يعلم حتى خلق لنفسه علما، وأن الأشياء إنما تصير معلومة له عند حدوثها ووجودها. ونق عنه أنه تبرأ من شيبان، وأكفره حين نصر الرجلين، فوقعت عامة الشيبانية بجرجان، ونسا، وأرمينية. والذي تولى شيبان وقال بتوبته: عطية الجرجاني وأصحابه.
"هـ" الكرمية:
أصحاب مكرم بن عبد الله البجلي، كان من جملة الثعالبة وتفرد عنهم بأن قال: تارك الصلاة كافر، لا من أجل ترك الصلاة ولكن من أجل جهله بالله تعالى، وطرد هذا في كل كبيرة يرتكبها الإنسان، وقال: إنما يكفر لجهله بالله تعالى، وذلك أن العارف بوحدانية الله تعالى، وأنه المطلع على سره وعلانيته، المجازي على طاعته ومعصيته، لا يتصور منه الإقدام على المعصية، والاجتراء على المخالفة ما لم يغفل عن هذه المعرفة، ولا يبالي بالتكليف منه، وعن هذا قال النبي عليه السلام: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن" الخبر.
وخالفوا الثعالبة في هذا القول وقالوا: بإيمان الموافاة، والحكم بأن الله تعالى إنما يتولى عباده ويعاديهم على ما هم صائرون إليه من موافاة الموت، لا على أعمالهم التي هم فيها؛ فإن ذلك ليس بموثوق به إصرارا عليه ما لم يصل المرء إلى آخر عمره، ونهاية أجله، فحينئذ إن بقي على ما يعتقده فذلك هو الإيمان فنواليه، وإن لم يبق فنعاديه. وكذلك في حق الله تعالى: حكم الموالاة والمعاداة على ما علم منه حال الموافاة. وكلهم على هذا القول.
"و" المعلومية والمجهولية:
كانوا في الأصل حازمية، إلا أن المعلومية قالت: من لم يعرف الله تعالى بجميع أسمائه وصفاته فهو جاهل به، حتى يصير عالما بجميع ذلك؛ فيكون مؤمنا. وقالت: الاستطاعة مع الفعل، والفعل مخلوق للعبد. فبرئت منهم الحازمية.
وأما المجهولية فإنهم قالوا: من علم بعض أسماء الله تعالى وصفاته وجهل بعضها، فقد عرفه تعالى, وقالت: إن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى.
"ز" البدعية:
أصحاب يحيى بن أصدم، أبدعوا القول بأن نقطع على أنفسنا بأن من اعتقد اعتقادنا فهو من أهل الجنة، ولا نقول: إن شاء الله؛ فإن ذلك شك في الأعتقاد، ومن قال: أنا مؤمن إن شاء الله؛ فهو شاك، فنحن من أهل الجنة قطعا، من غير شك.
مصادر و المراجع :
١- الملل والنحل
المؤلف: أبو
الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبى بكر أحمد الشهرستاني (المتوفى: 548هـ)
الناشر: مؤسسة
الحلبي
15 يوليو 2024
تعليقات (0)