المنشورات
الثوبانية:
أصحاب أبي ثوبان1 المرجئ، الذين زعموا أن الإيمان هو المعرفة والإقرار بالله تعالى، وبرسله عليهم السلام، وبكل ما لا يجوز في العقل أن يفعله، وما جاز في العقل تكره فليس من الإيمان، وأخر العمل كله عن الإيمان.
ومن القائلين بمقالة أبي ثوبان هذا: أبو مروان غيلان2 بن مروان الدمشقي، وأبو شمر3، ومويس بن عمران، والفضل الرقاشي، ومحمد بن شبيب، والعتابي، وصالح قبة.
وكان غيلان يقول بالقدر خيره وشره من العبد، وفي الإمامة إنها تصلح في غير قريش، وكل من كان قائما بالكتاب والسنة كان مستحقا لها، وإنها لا تثبت إلا بإجماع الأمة. والعجب أن الأمة أجمعت على أنها لا تصلح لغير قريش. وبهذا دفعت الأنصار عن قولهم: منا أمير ومنكم أمير. فقد جمع غيلان خصالا ثلاثا: القدر، والإرجاء، والخروج.
والجماعة التي عددناهم اتفقوا على أن الله تعالى لو عفا عن عاص في القيامة، عفا عن كل مؤمن عاص هو في مثل حاله. وإن أخرج من النار واحدا، أخرج من هو في مثل حاله. ومن العجب أنهم لم يجزموا القول بأن المؤمنين من أهل التوحيد يخرجون من النار لا محالة.
ويحكى عن مقاتل بن سليمان: أن المعصية لا تضر صاحب التوحيد والإيمان. وأنه لا يدخل النار مؤمن. والصحيح من النقل عنه: أن المؤمن العاصي ربه يعذب يوم القيامة على الصراط وهو على متن جهنم، يصيبه لفح النار وحرها ولهيبها. فيتألم بذلك على قدر معصيته، ثم يدخل الجنة. ومثل ذلك بالحبة على المقلاة المؤججة بالنار.
ونقل عن بشر بن غياث المريسي1 أنه قال: إذا دخل أصحاب الكبائر النار فإنهم سيخرجون عنها بعد أن يعذبوا بذنوبهم. وأما التخليد فيها فمحال، وليس بعدل.
وقيل إن أول من قال بالإرجاء: الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب، وكان يكتب فيه الكتب إلى الأمصار. إلا أنه ما أخر العمل عن الإيمان كما قالت المرجئة اليونسية، والعبيدية. لكنه حكم بأن صاحب الكبيرة لا يكفر إذ الطاعات وترك المعاصي ليست من أصل الإيمان حتى يزول الإيمان بزوالها.
مصادر و المراجع :
١- الملل والنحل
المؤلف: أبو
الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبى بكر أحمد الشهرستاني (المتوفى: 548هـ)
الناشر: مؤسسة
الحلبي
15 يوليو 2024
تعليقات (0)