المنشورات

حكم أوقليدس:

وهو أول من تكلم في الرياضيات وأفرده علما نافعا في العلوم، منقحا للخاطر، ملقحا للفكر. وكتابه معروف باسمه، وكذلك حكمته.
وقد وجدنا له حكما متفرقة، فأوردناها على سوق مرامنا، وطرد كلامنا. فمن ذلك قوله الخط هندسة روحانية ظهرت بآلة جسمانية.
وقال له رجل يتهدده: إني لا آلو جهدا في أن أفقدك حياتك، قال أوقليدس: وأنا لا آلو جهدا في أن أفقدك غضبك.
وقال: كل أمر تصرفنا فيه وكانت النفس الناطقة هي المقدرة له فهو داخل في الأفعال الإنسانية، وما لم تقدره النفس الناطقة فهو داخل في الأفعال البهيمية.
وقال: من أراد أن يكون محبوبه محبوبك وافقك على ما تحب، فإذا اتفقتما على محبوب واحد صرتما إلى الاتفاق.
وقال: إفزع إلى ما يشبه الرأي العام التدبيري العقلي، واتهم ما سواه.
وقال: كل ما أستطيع خلعه ولم يضطر إلى لزومه المرء, فلم الإقامة على مكروهه؟
وقال: الأمور جنسان: أحدهما يستطاع خلعه والمصير إلى غيره، والآخر توجيه الضرورة فلا يستطاع الانتقال عنه، والاغتمام والأسف على كل واحد منهما غير سائغ في الرأي.
وقال: إن كانت الكائنات من المضطرة, فما الاهتمام بالمضطر إذ لا بد منه؟ وإن كانت غير مضطرة فلم الهم فيما يجوز الانتقال عنه؟
وقال: الصواب إذا كان عاما كان أفضل، لأن الخاص يقع بالتحري وتلقاء أمر ما.
وقال: العمل على الإنصاف ترك الإقامة على المكروه، وقال: إذا لم يضطرك إلى الإقامة عليه شيء فإن أقمت رجعت باللائمة عليك. 
وقال: الحزم هو العمل على أن لا تثق بالأمور التي في الإمكان عسرها ويسرها.
وقال: كل فائت وجدت في الأمور منه عوضا أو أمكنك اكتساب مثله، فما الأسف على فوته؟ وإن لم يكن منه عوض ولا يصاب له مثل، فما الأسف على ما لا سبيل إلى مثله والإمكان في دفعه.
وقال: لما علم العاقل أنه لا ثقة بشيء من أمر الدنيا ألقى منها ما منه بد, واقتصر على ما لا بد منه، وعمل فيما يوثق به بأبلغ ما قدر عليه.
وقال: إذا كان الأمر تمكنا فيه التصرف فوقع بحال ما تحب فاعتده ربحا، وإن وقع بحال ما تكره فلا تحزن، فإنك قد كنت عجلت فيه على غير ثقة بوقوعه على ما تحب.
وقال: لم أر أحدا إلا ذاما للدنيا وأمورها إذ هي على ما هي من التغير والتنقل، فالمستكثر منها يلحقه أن يكون أشد اتصالا بما يذم، وإنما يذم الإنسان ما يكره، والمستقل منها مستقل مما يكره، وإذا أستقل مما يكره كان ذلك أقرب إلى ما يحب.
وقال: أسوأ الناس حالا من لا يثق بأحد لسوء ظنه، ولا يثق به أحد لسوء فعله.
وقال: الجشع بين شرين، فالإعدام يخرجه إلى السفه، والجدة تخرجه إلى الأشر1.
وقال: لا تعن أخاك على أخيك في خصومة، فإنهما يصطلحان عن قليل وتكتسب المذمة.














مصادر و المراجع :      

١- الملل والنحل

المؤلف: أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبى بكر أحمد الشهرستاني (المتوفى: 548هـ)

الناشر: مؤسسة الحلبي

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید