المنشورات

الأكنواطرية، أي عباد النار:

ومن ذلك الأكنواطرية؛ أي عباد النار: زعموا أن النار أعظم العناصر جرما، وأوسعها حيزا، وأعلاها مكانا، وأشرفها جوهرا، وأنورها ضياءً وإشراقا، وألطفها جسما وكيانا. والاحتياج إليها أكثر من الاحتياج إلى سائر الطبائع، ولا كون في العالم إلا بها، ولا حياة، ولا نمو، ولا انعقاد إلا بممازجتها. 
وإنما عبادتهم لها أن يحفروا أخدودا مربعا في الأرض، ويؤججو النار فيه، ثم لا يدعون طعاما لذيذا، ولا شرابا لطيفا، ولا ثوبا فاخرا، ولا عطرا فائحا، ولا جوهرا نفيا إلا طرحوه فيها، تقربا إليها وتبركا بها, وحرموا إلقاء النفوس فيها، وإحراق الأبدان بها خلافا لجماعة أخرى من زهاد الهند.
وعلى هذا المذهب أكثر ملوك الهند وعظائها. يعظمون النار لجوهرها تعظيما بالغا، ويقدمونها على الموجودات كلها.
ومنهم زهاد وعباد يجلسون حول النار صائمين يسدون منافسهم حتى لا يصل إليها من أنفاسهم نفس صدر عن صدر محرم.
وسنتهم: الحث على الأخلاق الحسنة، والمنع من أضدادها، وهي الكذب، والحسد، والحقد، واللجاج، والبغي، والحرص، والبطر. فإذا تجرد الإنسان عنها قرب من النار، وتقرب إليها.














مصادر و المراجع :      

١- الملل والنحل

المؤلف: أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبى بكر أحمد الشهرستاني (المتوفى: 548هـ)

الناشر: مؤسسة الحلبي

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید