المنشورات
في الوجديات:
جرى الدمع حتى ليس في الجفن مدمع ... وقاسيت حتى ليس في الصبر مطمع
وما أنا من يبكي ولكنه الهوى ... يريد من الأسد الخضوع فتخضع
فلله قلبي ما أجل اصطباره ... وأثبته والسيف بالسيف يقرع
ولله قلبي ما أقل احتماله ... إذا ما نأى عنه الحبيب المودع
إذا لاح لي سيف من الخطب رعتهُ ... وإن لاح لي سيف من اللحظ أجزع
وأقتاد ليث الغاب والليث مخدر ... ويقتادني الظبي الغرير فأتبع
وليل أضل الفجر فيه طريقه ... فلم يدر لما ضل من أين يطلع
سهرتُ به أرعى الكواكب والكرى ... عصي على الأجفان والدمع طيِّع
أود لو ان الطيف مَنَّ بزورة ... وكيف يزور الطيف من ليس يهجع
لقد عشت دهرا ناعم البال خاليا ... من الهم لا أشكو ولا أتوجع
أروح ولي في معهد الغي مربع ... وأغدو ولي في مسرح اللهو مرتع
فما زلت أبغي الحب حتى وجدته ... فلما أردت القرب كان التمنع
فلم يبق لي عن ذلك الحب مهرب ... ولم يبق لي في ذلك القرب مطمع
كأني في جو الصبابة ريشة ... بأيدي السوافي ما لها الدهر موقع
كأني في بحر الهيام سفينة ... أحاط بها موج الردى المتدفع
كأني في بيداء دهماء مجهل ... تضل رخاء في دجاها وزعزع
فلا أنا فيها واجد من يدلني ... ولا نجمها يبدو ولا البرق يلمع
فمهلا رويدا أيها اللائم الذي ... يجرعني في لومه ما يجرع
نصحت فلم أسمع وقلت فلم أطع ... فما نصح حب لا يطيع ويسمع
فيا حب هذا القول لو كان مجديا ... ويا نعم ذاك النصح لو كان ينفع
قضى الله ألا رأى في الحب لامرئ ... وذاك قضاء نافذ ليس يدفع
مررت على الدار التي خف أهلها ... وطال بلاها فهي قفراء بلقع
معاهد كانت آهلات وكان لي ... مصيف تقضَّى في رباها ومربع
فيا ليت شعري هل يعودنَّ عيشنا ... بمعهدها والشمل بالشمل يجمع
فتُقضى لُبانات وتطفى لواعج ... وتبرد أكباد وتنضب أدمع
فما أنس م الأشياء لا أنس ليلة ... تجشمت فيها الهول والهول مفزع
ولا مؤنس إلا ظلام ووحدة ... ولا مسعد إلا فؤاد مروع
ولا صاحب إلا المطية حولها ... ذئاب تعادي في الفلاة وأضبع
ولا عين إلا النجم ينظر باهتا ... ويعجب لي ماذا بنفسي أصنع
إذا ما تشكت من كلال مطيتي ... وقد كلمتها ألسن السوط تسرع
أسير بها سير السحاب كأنني ... بأذرعها عرض الفدافد أذرع
إلى أن تنورت الخيام ولاح لي ... ضياء بدا من جانب الخدر يسطع
فأقدمت نحو الحي والحي هاجع ... وخضت سواد القوم والقوم صرع
ولا عهد لي من قبل أين خباؤها ... ولكن هداني نشرها المتضوع
فبت وباتت يعلم الله لم يكن ... سوى أذن تصغي وعين تمتع
نخال دوي الريح في الجو واشيا ... بنا وضياء البرق عينا فنفزع
ولا عين إلا خوفنا وارتياعنا ... ولا ناظر يرنو ولا أذن تسمع
وأعذب ورد راقٍ ما كان نيله ... عزيزا وأحلى القرب قرب ممنع
فكانت برغم الدهر أحسن ليلة ... رأيت بعمري بل هي العمر أجمع
وما راعنا إلا هدير حمامة ... على فنن عند الصباح ترجِّع
فقمت ولم تعلق بذيلي ريبة ... ولا كان إلا ما يشاء الترفع
وودعتها والحزن يغلب صبرنا ... وأحشاؤنا من حسرة تتقطع
فقالت أهذا آخر العهد بيننا ... وهل لتلاقينا معاد ومرجع
فقلت ثقي يا فوز بالله إنها ... "سحابة صيف عن قليل تقشع"
وسرتُ وقلبي في الخيام مخلَّفٌ ... ولي نحو قلبي والخيام تطلُّع
حنانيك رفقا أيها الدهر واتئد ... فحسبي ما ألقى وما أتجرع
ورحماك بي فالسيل قد بلغ الزبى ... ولم يبق في قوس التصبر منزع
على أنني أصبحت لا متخوفا ... بلاء ولا إن نالني الرزء أجزع
فقد اعتصمت بالصبر نفسي وفوضت ... إلى الله ما يعطي الزمان ويمنع
مصادر و المراجع :
١- النظرات
المؤلف: مصطفى
لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المَنْفَلُوطي (المتوفى: 1343هـ)
الناشر: دار
الآفاق الجديدة
الطبعة: الطبعة
الأولى 1402هـ- 1982م
18 يوليو 2024
تعليقات (0)