المنشورات

البشاشة بالإخوان والصبر على تألف قلوب ذوي الأضغان

قال الله عز وجل لنبيه، صلى الله عليه وسلم: " ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ".
وقال تعالى: " ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم، واستغفر لهم، وشاورهم في الأمر ".
وقال عز وجل: " واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ".
وروي عن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: رأس العقل بعد الإيمان التودد إلى الناس.
وسئل الحسن عن حسن الخلق، فقال: الكرم، والبذلة، والتودد إلى الناس.
وروينا عن جرير بن عبد الله البجلي، فقال: ما حجبني رسول الله منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي.
وقال المنصور: إذا أحببت المحمدة من الناس بلا مؤونة، فالقهم ببشر حسن.
وروي عن كعب الأحبار قال: مكتوب في التوراة: ليكن وجهك سبطاً تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم الذهب والفضة.
وأنشدني أبو علي العنزي:
إلق بالبشر من لقيت من النا ... س جميعاً، ولاقهم بالطَّلاقه
تجن منهم به جنيَّ ثمار ... طيب طعمه، لذيذ المذاقه
ودع التيه والعبوس عن النا ... س، فإن العبوس رأس الحماقه
كلما شئت أن تعادي عادي ... ت صديقاً، وقد تعز الصداقة
أنشدني لبعض بني طيء:
خالق الناس بخلق واسع، ... لا تكن كلباً على الناس يهرّ
والقهم منك ببشر ثم كن ... للذي تسمع منهم مغتفر
وقال أبو العتاهية:
وألن جناحك تعتقد ... في الناس محمدة بلينه
فلربما احتقر الفتى ... من ليس في شرف بدونه
وكان يقال: أول المروة طلاقة الوجه؛ والثانية التودد إلى الناس؛ والثالثة قضاء حوائج الناس.
وروي أن أعرابياً قال: يا رسول الله، إنا من أهل البادية، فنحب أن تعلمنا عملاً لعل الله أن ينفعنا به، قال: لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تُفرغ من دلوك في إناء المستقي، وأن تكلم أخاك ووجهك إليه منطلق.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم ببسط الوجه، والخلق الحسن.
وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: تمام تحياتكم المصافحة.
وقال الحسن البصري: المصافحة تزيد في المودة.
وروى مجاهد عن معاذ قال: إن المسلمين، إذا التقيا فضحك كل واحد منهما في وجه صاحبه ثم أخذ بيده تحاتت ذنوبهما كما يتحات ورق الشجر.
واعلم أنه إذا صلحت النيات، وخلصت السريرات، صلحت أصفية المودة، وثبتت المحبة، واتفقت القلوب، واغتفرت الذنوب؛ وإذا فسدت النيات، وخبثت السريرات، بطل خالص الإخاء، وانحلت عُرى المودة والصفاء. وقد شرحت في ذلك باباً تقف عليه، إن شاء الله تعالى.

















مصادر و المراجع :      

١- الموشى = الظرف والظرفاء

المؤلف: محمد بن أحمد بن إسحاق بن يحيى، أبو الطيب، المعروف بالوشاء (المتوفى: 325هـ)

المحقق: كمال مصطفى

الناشر: مكتبة الخانجي، شارع عبد العزيز، مصر - مطبعة الاعتماد

الطبعة: الثانية، 1371 هـ - 1953 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید